التصفح للزوار محدود

الساحر والراهب والغلام

دكتور مجدى

إختصاصي علاج طبيعى
هذا الحديث المشهورفي قصة الاخدود والساحر والراهب والغلام الحديث رقم/3005 كتاب الزهد والرقائق من صحيح مسلم:

حدثنا ‏ ‏هداب بن خالد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن سلمة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏ ‏عن ‏ ‏صهيب ‏‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال ‏: ‏((كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إنيقد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه
فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليهوسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتىالساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهليوإذا خشيت أهلك فقل
حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى علىدابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم ‏ ‏آلساحر أفضل أم الراهب أفضلفأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذهالدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهبفأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرىوإنك ‏ ‏ستبتلى ‏ ‏فإن ‏ ‏ابتليت ‏ ‏فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ ‏ ‏الأكمه ‏ ‏والأبرص ‏ ‏ويداويالناس من سائر ‏ ‏الأدواء ‏ ‏فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهداياكثيرة فقال ما هاهنا لك ‏ ‏أجمع ‏ ‏إن أنت شفيتني فقال إني لا ‏ ‏أشفيأحدا إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوت اللهفشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال لهالملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك رب غيري قال ربي وربك الله فأخذهفلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قدبلغ من سحرك ما تبرئ ‏ ‏الأكمه ‏ ‏والأبرص وتفعل وتفعل فقال إني لا ‏‏أشفي أحدا إنما ‏ ‏يشفي الله فأخذه فلم يزليعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا ‏‏بالمئشار ‏ ‏فوضع ‏ ‏المئشار ‏ ‏في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيءبجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع ‏ ‏المئشار ‏ ‏في مفرق رأسهفشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلىنفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذابلغتم ‏ ‏ذروته ‏ ‏فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه
فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم ‏‏اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال لهالملك ما فعل أصحابك قال ‏ ‏كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقالاذهبوا به فاحملوه في ‏ ‏قرقور(قيل معناها السفينه الصغيره) ‏ ‏فتوسطوا بهالبحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم ‏ ‏اكفنيهم بماشئت ‏ ‏فانكفأت ‏ ‏بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملكما فعل أصحابك قال ‏ ‏كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ماآمرك به قال وما هو قال تجمع الناس في ‏ ‏صعيد ‏ ‏واحد وتصلبني على جذع ثمخذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في ‏ ‏صدغه ‏‏فوضع يده في ‏ ‏صدغه ‏ ‏في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلامآمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قدوالله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر ‏ ‏بالأخدود ‏ ‏في أفواه السكك ‏‏فخدت ‏ ‏وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه ‏ ‏فأحموه فيها(اطرحوه)‏ ‏أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ‏‏فتقاعست ‏(توقفت) ‏أن تقع فيها فقال لها الغلام يا ‏ ‏أماه اصبري فإنك علىالحق((

من الدروس المستفادة من هذا الحديث كيف الحكام (في غيرالإسلام) يسيطروا على شعوبهم، حيث كان يسيطر عليه بالسحر، وهكذا حكىالقرآن أيضا عن فرعون "فإستخف قومه فأطاعوه"، فالتحذر الشعوب وتنتبه لمايراد لها من التغييب.

وأيضا ما قد يظن أنه سئ في الظاهر، لربما يكون فيه صالحالإنسان، فكما رأينا ان الصبي قد تم إختياره لتعلم السحر وهو شئ سئ، ولكنالله غالب على أمره، وعليه فقد كان ذهابه إلى الساحر سبب في تعريفهبالراهب، وكان ذلك سبب هدايته مع ما أعده الله له من كرامة في الدنياوالآخرة، وكذا كما حكى القرآن عن سيدنا يوسف عليه السلام، فإن ساقي الملكنسيه ولكن كان هذا بجانب أنه تعليم له كنبي ألا يلجأ لغير الله، فهو أيضاكأنه حفظ له حتى حينما يحلم الملك حلمه ويتذكر الساقي، فإنه سوف يجد سيدنايوسف في السجن، وبالتالي يخرج إلى ما أعده الله له من الكرامة والرفعة فيالدنيا، أما إذا خرج فسوف يرجع إلى أهله في منطقة أخرى ولن يجدوه.

وأيضا لابد أن يعمل الإنسان عقله فيما يسمع ولا يأخذه علىعلاته، وهكذا فعل الغلام "مع صغر سنه" فإنه حينما سمع كلام الراهب وأعجبه صار يستزيد منه ليعرف أكثر.

وأيضا نرى عقله الراجح أنه لما كان يتأخر على الساحرفيضربه، فإنه لم يذكر للساحر سبب تأخره، لأنه علم أنه سوف يمنعه لأن الحقوالباطل لا يتفقان.

وأيضا لا مانع من أن يطلب الإنسان النصيحة ولا يكابر،فهكذا فعل الغلام حينما لم يجد حل لمعاقبة الساحر له، فإنه سأل الراهبماذا يفعل، فأرشده إلى الحل.

وأيضا نرى كيف هداه عقلة الراجح لكيفية معرفة الحق منالباطل حينما وجد الدابة تعترض طريق الناس، ولأنه كان يشعر أن الراهبأفضل، ولكيلا يقع في قلبه الشك، فإنه جعل موت الدابة بحجر "وهو الإختيارالأصعب" معناه أن الراهب أفضل، لأن الطبيعي ألا تموت الدابة الكبيرة التيتخيف الناس من ضربه بيده الضعيفة وهو بعده غلام.
ثم نرى ذكاء الراهب وعلمه بسنن الله في الإبتلاء، حيث أنسنة الله أنه كلما إرتفع المرء في الإيمان كلما كثر إبتلائه، فمن رحمةالله أنه لا يضيع إيمان أحد، فلا يدعي أحد أن الله إبتلاه بأكثر من قدرته،ولذا فإن الراهب ذكر للغلام أنه سيبتلى.

أيضا من السنة ألا نتمنى لقاء العدو، ولكن إذا لقيناهنثبت، فإن الراهب طلب من الغلام ألا يدل على إسمه، ولكن حينما مسكه الملكالظالم وعذبه ليكفر، فإنه رفض الكفر وصبر على التعذيب حتى مات، برغم أنهنشر بالمناشير.

أيضا نرى كيف كان الصبي يدعوا إلى الله بكل الطرق الشرعيةالمتاحة، حيث كان يشترط على من يريد منه المساعدة من علاجه من الأمراض أنيؤمن بالله أولا.

وأيضا نرى كيف لم يصب الغلام بالغرور نتيجة إستجابة اللهلدعائه في شفاء المرضى، وإنما كان يقول أن الشافي هو الله، وذلك تأسيابسنن الأنبياء والصالحين مثل نبي الله سليمان حينما رأي عرش ملكة بلقيسأمامه فإنه قال"فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِنفَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَفَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّكَرِيمٌ".

أيضا نرى كيف كان الغلام يبتغي بما يفعل رضى الله ولم يغتربالأموال التي أتى بها جليس الملك له، وإنما طلب منه لكي يدعوا له بالشفاءأن يؤمن بالله أولا، ولأنه قال له أن الشافي هو الله ولم يدعي أنه هوالشافي، وقد أراد الله له الكرامة، لذا فقد آمن الجليس بالله حقا، ودليلذلك ذكره للملك أن من شفاه هو ربه ورب الملك، كما انه تحمل العذاب لفترةقبل أن يدل على الغلام، وكذلك صبر حتى مات شهيدا.

أيضا نرى كيف أن الملك بدأ الحديث مع الغلام باللين "أي بني" لأنه يريده كساحر لمساعدته في خداع شعبه.

أيضا نرى كيف أن الغلام برغم قوة إيمانه وكراماته وإستجابةالله لدعائه في شفاء الأمراض، إلا أنه لم يتحمل العذاب ودل على الراهب،لأنه بشر في النهاية وهذا لا يقدح في إيمانه، وهكذا قال الرسول صلى اللهعليه وسلم لعمار إبن ياسر رضى الله عنه حينما أبلغه انه تحت التعذيب قدقال للكفار ما أرادوا فقال له "إن عادوا فعد" أي إن عادوا لتعذيبك ولمتستطع الإحتمال فعد إلى القول الذي يريدون مادام قلبك عامر بالإيمان، ولكنههنا فائدة أنه لم يدل على الراهب حتى عذبوه ولم يستطع الإحتمال، وهكذاعمار "إن عادوا فعد".

وهنا فائدة أيضا انه لما تعلق الأمر بنطق كلمة الكفر فإنقدرات الناس تتفاوت، ولذا نرى الغلام الذي لم يتحمل العذاب ليدل علىالراهب، فإنه تحمل العذاب لكي لا يقول كلمة الكفر "التخويف الذي تعرض لههو نوع من العذاب النفسي الشديد"، وأيضا تحمل الراهب العذاب ليكي لا يقولكلمة الكفر برغم وجود رخصة في إمكانية قولها إذا لم يتحمل العذاب، وهذا هوحال كبار الدعاة في تحملهم العذاب ليكونوا قدوة لمن بعدهم.

نرى أيضا من رحمة الله بالغلام الصغير الذي لربما لا يتحملالعذاب الجسدي، أن الملك كان عنده أمل في أن يرجع عن دينه ويتبع الملكلأنه يرى فيه ساحر كبير يساعده في خداع شعبه، لذلك أراد تخويفه بالعذابالنفسي بدلا من العذاب الجسدي، ولكن إستشعار الغلام بمعية ربه، جعله يدعوهويتوكل عليه، وهذا هو حال المسلم ولكن لا يدفعه ذلك إلى التواكل وعدمالعمل، فأنت تأخذ بالأسباب مع ثقتك بأنها أسباب وأن رب الأسباب هو منتدعوه وترجوه.

نرى أيضا أن الغلام برغم صغر سنه علم أن له رسالة يؤديهافي الحياه، لذلك حينما أنجاه الله من الجبل لم يهرب وإنما عاد مرة ثانيةوثالثة وثبت على موقفه حتى بلغ الرسالة فآمن كل من حضر لحظة إستشهاده،ويالها من لحظة!!

نرى أيضا قوة الغلام في الحق وشعوره بعلو المؤمن علىالكافر "إن الإنسان لفي خسر، إلا اللذين آمنوا"، وذلك حين قال للملك " إنكلست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به" فمن كان الملك ومن الضعيف في هذا الموقف؟نرى أيضا كيف ذكائة في توصيل دعوته للناس عن طريق تأليفهوشرحه للطريقة التي من الممكن للملك أن يقتله بها، ومن خلال مشاهدة الناسلهذه الطريقة آمنوا جميعا، وهو في هذا لربما يقتفي أثر سيدنا موسى عليهالسلام حينما طلب مبارزة سحرة فرعون أمام الناس في يوم العيد فكان الأثرعظيم وإنتشرت دعوته في كل البلد.

أيضا نرى جبروت الطواغيت في كل عصر لايهم كم من عدد منشعبهم سيموت في سبيل بقاء هؤلاء الطواغيت في مكانهم، وذلك حينما حفرالأخدود ليرمي فيه الناس أحياء إن لم يرجعوا عن إيمانهم بالله.

ثم أخيرا نرى رحمة الله بعباده وأنه سبحانه لا يضيعإيمانهم، ولذا نرى أنه لأن المرأة تريد حقا الإيمان ولا يهمها الموت فيسبيله، فإنها لما ترددت رحمة بصبيها، فإنه تكلم وهو في المهد ليصبرها،وليس هذا فقط بل إن فعله وفعلها قد سطره التاريخ في ملحمة جميلة تقرأ حتىالآن وإلى قيام الساعة إن شاء الله.

ونختم بالتنويه على لطيفة جميلة أنه إن كانت هذه هى رحمةإمرأة "من مخلوقات الله" بوليدها، فكيف هى رحمة الله بنا، وإنما يتراحمالناس برحمة واحدة من مائة رحمة خلقها الله، ولذلك قال رسولنا عليه الصلاةوالسلام "كلكم يدخل الجنة إلا من أبى، فقالوا: ومن يأبى يارسول الله، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".

وهكذا نرى كيف هذا الغلام الصغير غير التاريخ في بلده حينآمن وعلم أن له رسالة عليه أن يؤديها في هذه الحياه، وهكذا فلنربي أولادناعلى علو الهمة والمعالي من الأمور.

دمتم أعزائي بكل الخير،
 
إن كانت هذه هى رحمة إمرأة "من مخلوقات الله" بوليدها، فكيف هى رحمة الله بنا، وإنما يتراحم الناس برحمة واحدة من مائة رحمة خلقها الله، ولذلك قال رسولنا عليه الصلاةوالسلام "كلكم يدخل الجنة إلا من أبى، فقالوا: ومن يأبى يارسول الله، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".

وهكذا نرى كيف هذا الغلام الصغير غير التاريخ في بلده حين آمن وعلم أن له رسالة عليه أن يؤديها في هذه الحياه، وهكذا فلنربي أولادنا على علو الهمة والمعالي من الأمور
.


لنربي اجيال اليوم وشباب الغد ورجال المستقبل
كلام رائع جدآ
وفيه معاني عظيمه
لك الشكر والتقدير
 
بارك الله فيك

موضوع أكثر من رائع وفيه من العبر الكثير
 
جزاك الله خيرا
 
بااااااااااااااارك الله فيك
موضووووووووووووع قيم
احترامي
بنت التحدي
 
موضوع رائع ..

يعطيك ربي العافيه دكتور مجدي ..

ودمت بأطيب حال ..












..........................
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
 

عودة
أعلى