التصفح للزوار محدود

قصص نبوية

السلام عليكم ورحمه الله وبركته

سوف اضع هنا بين ايديكم احاديث نبويه وشروحاتها مع كتابه قصه هذا الحديث

ومن ثم وقفات مع هذا الحديث اتمنى ان يكون مفيد باذن الله


الحديث الاول

لأتصدقن بصدقة


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال رجل : لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق على سارق، فقال : اللهم لك الحمد !، لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق الليلة على زانية، فقال : اللهم لك الحمد على زانية !، لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق على غني، فقال : اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني !، فأُتي فقيل له : أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني، فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله ) متفق عليه .



معاني المفردات


يستعف عن سرقته: يمتنع عن سرقة الناس.



تفاصيل القصّة


النيّة والصدقة، كلمتان تربطهما علاقةٌ وطيدة، وصلةٌ أكيدة، تجعل من الأولى ( النيّة ) سبباً في قبول الثانية ( الصدقة ) عند الله تعالى، حتى لو لم تقع في مكانها الصحيح .



ومسألة الخوف من عدم وصول المال إلى مستحقّيه كانت ولا تزال قضيّة تؤرّق الكثيرين من المحسنين وأصحاب الأيادي البيضاء، وتشكّل هاجساً لديهم، إلا أن الحديث الذي بين يدينا جاء مطمئناً ومبشّراً، أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عمله وأخلص نيّته، ومؤكّداً في الوقت ذاته أن المقصود الأعظم هو البذل والإنفاق بقطع النظر عن وصول الصدقة إلى أهلها .



وقد اشتمل الحديث الشريف على قصّة تدور أحداثها في غابر الزمان، وبطلها رجلٌ من الصالحين، حرص على معاني الجود والعطاء بعيداً عن أعين الناس وكلامهم، وزهد في مدحهم وثنائهم، وقصد بنفقاته وإحسانه رضا الخالق وحده .



وفي ليلةٍ من الليالي، كان يحضّر نفسه للمشاركة في مضمار من مضامير الخير، فقد عزم على أن يتصدّق بصدقة لا يعلم عنها إلا علاّم الغيوب، فخرج مستتراً بظلام الليل، وعلى حين غفلةٍ من الناس، يبحث عن محتاج أعوزه الفقر إلى المال، ومنعه الحياء من السؤال، فوجد في طريقه فقيراً تبدو على محيّاه معاني البؤس، وفي هيئته دلائل الحاجة، فسارع إلى دفع المال إليه ثم استدار مبتعداً عنه، حفاظاً على مشاعره وأحاسيسه .



وأصبح الرّجل الصالح راضياً بما قام به في الليلة السابقة، يرى بعين الخيال فرحة الفقير بالمال وهو بين أهله، وبينما هو غارقٌ في أفكاره إذا بالأخبار تصله أن رجلاً قد تصدّق على سارقٍ البارحة، فعلم أنه المقصود بذلك، فراودته مشاعر مختلطة من خيبة الأمل والحسرة على عدم تحقّق مراده وضياع صدقته، إلا أنّه حمد الله على كلّ حالٍ فقال : ( اللهم لك الحمد على سارق ) .



وعندما جاء الليل قرّر أن يصحّح خطأه، ويضع الصدقة في موضعها، فخرج من بيته، واجتهد في البحث عن محتاج، فأبصر امرأة تقف في قارعة الطريق، وتوسّم فيها الحاجة، فدفع إليها صُرّة المال ثم انصرف .



وجاء اليوم التالي يحمل الخبر الذي أزعجه، فقد وقعت صدقته في يد امرأةٍ من بائعات للهوى وباذلات الشرف، فازداد الرجل غمّاً بغمّ، وقال والألم يعصر فؤاده : "الحمد لله على زانية ".



وللمرّة الثالثة، يتكرّر المشهد، ويتصدّق الرجل ولكن هذه المرّة على غني، ليصبح والناس يتندّرون بفعله، عندها سلّم الرجل أمره لله، ورضي بقضائه وقدره، وحمَد من لا يُحمد على مكروهٍ سواه .



ولعل الرجل لم يرَ أعماله إلا في صورة الهباء الذي تذروه الرياح، ولكن رحمة الله واسعة وفضله أكبر، فجاءته الرؤيا تحيّي موقفه وتشيد بإخلاصه، وتبشّره بقبول صدقاته الثلاثة، رؤيا لا تقف عند الأبعاد المألوفة لمواقف الحياة وسننها، ولكنها تكشف عن البُعد المخبوء للحكمة الإلهيّة : ( أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني، فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله ) .



وقفات مع القصة


الحديث غنيٌّ بالمعاني والدلائل التي تجدر الإشارة إليها، وأوّل محطّاتنا هي بيان الارتباط الوثيق بين العمل والنيّة، وأن قبول الأعمال عند الله يكون على قدر ما تحقّق فيها من التجرّد والإخلاص، وقد أكّد النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه .



ولنا أن نستوحي مما سبق أنه ليس من المهم أن تقع الصدقة في موضعها الصحيح، إنما المهم هو حسن القصد وتصحيح النيّة، ولا يعني ذلك بالطبع الامتناع عن التحرّي في حال السائلين، وكشفِ الصادق من الكاذب، ولكنّ المذموم هو المبالغة في ذلك والتكلّف فيه .



ومن الآثار الحميدة للإخلاص – والتي أشار إليها الحديث بشكلٍ عابر -، أن صاحبها قد ينتفع بأعمال أناسٍ لم يكن له توجيهٌ مباشر إلى الخير، بل كان مجرّد سبب ساقه الله إليهم، فتغيّرت أحوالهم به، فالسارق والزانية والغنيّ – كما في القصة -، قد ينصلح حالهم وتحسن فعالهم، فينال المتصدّق بسببهم أجراً عظيماً .



كما جاء ذكر الرؤيا في سياق القصّة، وتُطلق على ما يراه النائم، وتكون حقّاً من عند الله تعالى بما تحمله من بشارة أو نذارة، ولذلك يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( الرؤيا الصادقة من الله ) رواه البخاري .



وفي الحديث دلالةٌ على فضل التسليم بالقضاء والقدر، وحمد الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال : في المنشط والمكره، والعسر واليسر، اقتداءً بالنبي – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يكثر من الثناء على الله والتمجيد له، مهما نزلت به من صروف الحياة وابتلاءاتها .


الى اللقاء مع حديث اخر باذن الله

اسلام ويب
 
رد: قصص نبوية

بارك الله فيك ولا حرمك الاجر
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
رد: قصص نبوية

بارك الله فيك ولا حرمك الاجر
تقديري
بنت التحدي
 
رد: قصص نبوية

لم يعمل خيرا قط



عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال رجل لم يعمل خيرا قط : فإذا مات فحرقوه ، واذروا نصفه في البر ، ونصفه في البحر ؛ فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ، فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ، ثم قال : لم فعلت ؟ ، قال من خشيتك وأنت أعلم ، فغفر له ) متفق عليه .



وفي رواية للبخاري : ( أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا ، فقال لبنيه لما حضر : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب ، قال : فإني لم أعمل خيرا قط ) .



وفي رواية أخرى : ( فإنه لم يبتئر عند الله خيرا)



معاني المفردات


واذروا نصفه : أي ارموا نصفه، يُقال : اذرت الريح الشيء إذا فرقته بهبوبها.

لم يبتئر عند الله خيرا : أي لم يدخر عملاً ينفعه في آخرته.

رغسه الله مالا : رزقه الله مالاً وفيراً.



تفاصيل القصّة


في يومٍ عاصف، وجوِّ شديد الحرارة، تقدّمت جنازةٌ مهيبة محمولة على الأكتاف، والذي باشر حملها وسار على إثرها هم ذريّة الميّت وأولاده، وقد ألقى الحزن بظلاله على الجميع.



وكان من المتوقّع مع المشاعر الصادقة والأحاسيس المخلصة التي أبداها الحضور، أن يتمّ دفن الميّت وإكرامه في مثواه، لكننا نفاجأ بأنهم كانوا يتوجّهون بالجنازة إلى أتونٍ مشتعلٍ فيقذفونها فيه، لتلتهمها النيران وتحيلها إلى جثّة متفحّمة ، وبعد ذلك قاموا بأخذ ما بقي من الرّفات وسحقه حتى صار رماداً، ثم أخذوا هذا الرماد فرموا نصفه في البرّ، والنصف الآخر في البحر.



والمفارقة التي تثير العجب هنا، أن الحاضرين الذين باشروا هذا العمل القاسي في ظاهره، كانوا يرونه قمّة البرِّ والوفاء لصاحبه، ولم تخالج نفوسهم قطّ مشاعر الندم وتأنيب الضمير، وهنا يحقّ لنا أن نتساءل : ما الذي دفعهم إلى فعل ذلك ؟ وكيف برّروا لأنفسهم أن يُقدموا على فعلتهم الشنيعة ؟ ولماذا اختاروا هذه الكيفيّة العجيبة في التعامل مع تلك الجنازة ؟ .



أسئلة كثيرة وأسرارٌ عجيبة، لن نعلم جوابها أو نكشف ملابساتها إلا بالرجوع إلى أصل الحادثة، المرويّة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي صحّ عنه .



ومبدأ القصّة أن رجلاً ممن كان قبلنا، أنعم الله عليه بالمال الوفير، وبدلاً من شكر هذه النعمة واستخدامها فيما يُرضيه عزّ وجل، جعل يبعثرها في شهوات نفسه ورغبات أهوائه، حتى لم يترك باباً من أبواب المعاصي إلا ولجه، فكانت صفحات حياته سوداء مظلمة ليس فيها بارق خير.



وتمرّ الأيام وتتعاقب السنون، والرجل سادرٌ في غيّه وطغيانه، وعندما أوشكت النهاية، استعرض الرّجل حياته، فلم يجد فيها ما يسرّ الحال، فدبّ الخوف في نفسه، واستعظم أن يقابل الله جلّ وعلا بهذا الكمّ الهائل من الذنوب، وتفكّر فيما ينتظره من أهوال القيامة وشدائدها، وعذاب النار وسعيرها.



وظلّ الرّجل يؤرّقه هذا الخاطر، ويفكّر في طريق الخلاص، حتى اهتدى إلى فكرة عجيبة، ما أن استقرّ عليها حتى جمع أولاده بين يديه، ثم قال لهم : ( أي أب كنت لكم ؟ ) فقالوا : ( خير أب ) ، عندها ألقى عليهم وصيّته الأخيرة : ( إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح ) ، وجاء في رواية أخرى للحديث قوله : ( ثم اذروا نصفي في البحر ونصفي في البرّ؛ فإني لم أعمل خيراً قط ) .



ونسي الرّجل في غمرة خوفه أن الذي خلق السماوات والأرض، وما فيهما من النجوم والكواكب، والدوابّ والخلائق، لن يعجزه أن يعيد واحداً من عباده إلى سيرته الأولى، ولو تفرّق رفاته في الهواء.



وكذلك كان الحال، وبكلمة (كن) عاد الرّجل كما كان، فسأله ربّه عزّ وجل : ( ما حملك على الذي صنعت ؟ ) .



لم يكن السؤال متعلّقاً بمعاصيه السابقة وذنوبه الفائته، إنما توجّه إلى وصيّته التي أوصى بها قبل موته، ويأتي جوابه : ( خشيتك وأنت أعلم ) ليدلّ على أن الخوف قد ملك على الرّجل قلبه فأعماه عن إدراك حدود قدرة الله المطلقة وإرادته الشاملة، ونظراً إلى ما قام في قلبه من التعظيم والهيبة تجاوز الله عنه فغفر له .



وقفات مع القصّة



دار خلافٌ طويل بين العلماء حول توجيه قول الرّجل : ( لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا ) مع استشكال حصول المغفرة بالرّغم مما صدر عنه، وحاصل أقوالهم كالتالي :



القول الأوّل : أن قوله : ( لئن قدر علي ربي ) إنما هو بتشديد الدال : (قدّر) ، فتكون من باب القضاء والقدر، ومثل هذا القول يخرج الحديث عن معناه؛ إذ لو كان هذا هو مقصود قوله، لما كان في طلب إحراقه وطحنه فائدةٌ تذكر، لعلمه أن العذاب لاحقٌ به في كلّ الأحوال.



القول الثاني : أن قوله : ( لئن قدر علي ربي ) بمعنى (ضيّق) ، واستدلّ القائلون بذلك بالآية الكريمة : { ومن قدر عليه رزقه } (الطلاق : 7 )، والآية الأخرى : { وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه } ( الفجر : 14 ) وفي كلتيهما جاءت كلمة (قدر) بمعنى (ضيّق)، وهذا المعنى لا يتناسب كذلك مع السياق، لأن الرّجل قد عبّر بفاء السببيّة فقال : ( فوالله لئن قدر الله علي ) ولا تناسب بين الأمر بتحريقه وبين الخوف من تضييق الله عليه، بخلاف ما لو جعلنا اللفظ (قَدَرَ) على حقيقته –أي مأخوذ من القدرة- فالمناسبة حينها ظاهرة .



القول الثالث : أن الرّجل لما قال ذلك كان في حال دهشته وغلبة الخوف عليه، حتى لم يعد يعقل حقيقة ما يقول، ولو رجعنا إلى ألفاظ الحديث برواياته المختلفة وجدنا أن الرّجل قد حدّد لأولاده بدقّة ما يجب عليهم القيام به، وأنّه قد أخذ عليهم العهود والمواثيق، ومثل ذلك لا يصدر عن المذهول والمدهوش.



القول الرابع : أنه كان في شرع أولئك القوم جواز المغفرة للكافر، ولا يخفى بطلان هذا القول لمناهضته أصل دعوة التوحيد التي قامت عليها السماوات والأرض.



القول الخامس : وهو أقربها للصواب ، أن الرّجل لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات، ولا مدركاً للقدرة الإلهيّة على وجه التفصيل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفرٌ باتفاق المسلمين، لكنه كان جاهلاً لا يعلم ذلك، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه، فغفر له بذلك "، ويكون الحديث بذلك دليلاً على مسألة الإعذار بالجهل في بعض التفاصيل المتعلّقة بقضايا الإيمان.



والحديث بسياقه دليلٌ على ما قاله بعض أهل العلم من أن أعمال القلوب في بعض المواقف قد تكون أعظم عند الله من أعمال الجوارح؛ فالرّجل لم يكن له نصيبٌ يُذكر من أفعال الخير، إنما كان عنده الخوف من الله تعالى، وهو عملٌ قلبيٌّ محض.



ويرشد الحديث إلى أن بعض العصاة قد يحسنون إلى أولادهم ويتعاهدونهم بالتربية، كما حصل مع صاحب القصّة، ولذلك لما سألهم : ( أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب ) فاعترفوا بفضله عليهم وإحسانه إليهم.


الى اللقاء مع حديث اخر باذن الله

اسلام ويب
 

عودة
أعلى