حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

جزئية من باب حُسن الخُلق


قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)،وقال تعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ )(آل عمران:134).
1/621- وعن أنس رضي الله عنهُ قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً). متفق عليه.


الشرح

قال الحافظ النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب حسن الخلق، يعني باب الحث عليه، وفضيلته، وبيان من اتصف به من عباد الله، وحسن الخلق يكون مع الله ويكون مع عباد الله.
أما حسن الخلق مع الله: فهو الرضا بحكمه شرعاً وقدراً، وتلقي ذلك بالانشراح وعدم التضجر، وعدم الأسى والحزن، فإذا قدر الله على المسلم شيئاً يكرهه رضي بذلك واستسلم وصبر، وقال بلسانه وقلبه: رضيت بالله رباّ، وإذا حكم الله عليه بحكم شرعي؛ رضي واستسلم، وانقاد لشريعة الله عزّ وجلّ بصدر منشرح ونفس مطمئنة، فهذا حسن الخلق مع الله عزّ وجلّ.
أما مع الخَلق: فيحسن الخُلق معهم بما قاله بعض العلماء: كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقه الوجه، وهذا حسن الخلق.
كف الأذى: بألا يؤذي الناس لا بلسانه ولا بجوارحه، وبذل الندى يعني العطاء، يبذل العطاء من مال وعلم وجاه وغير ذلك، وطلاقة الوجه بأن يلاقي الناس بوجه منطلق، ليس بعبوس، ولا مصعّرٍ خده، وهذا هو حسن الخلق.
ولا شك أن الذي يفعل هذا؛ فكيف الأذى ويبذل الندى ويجعل وجه منطلقاً؛ لا شكل أنه سيصبر على أذى الناس أيضاً، فإن الصبر على أذى الناس لا شك أنه من حسن الخُلق، فإن من الناس من يؤذي أخاه، وربما يعتدي عليه بما يضرّه؛ بأكل ماله، أو جحد حق له، أو ما أشبه ذلك، فيصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، والعاقبة للمتقين، وهذا كله من حسن الخلق مع الناس.
ثم صدّر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بقوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4) ،وهذا معطوف على جواب القسم(نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) (القلم:1-4). إنك : يعني يا محمد، لعلى خلق عظيم لم يتخلق أحد بمثله، في كل شيء؛ خلق مع الله، خلق مع عباد الله، في الشجاعة والكرم وحسن المعاملة وفي كل شيء، وكان عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن يتأدب بآدابه؛ يمتثل أوامره ويجتنبُ نواهيه.
ثم ساق المؤلف جزءاً من آية آل عمران في قوله:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) ( آل عمران134)،وهذه من صفات المتقين الذين أعد الله لهم الجنة، كما قال تعالى:(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 133-134).
( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ )يعني الذين يكظمون غضبهم، إذا غضب، ملك نفسه وكظم غيظه، ولم يتعد على أحدٍ بموجب هذا الغضب.
(َ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس): إذا أساءوا إليهم،

* * *


قال الله تعالى:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُم يعني صرت ليناً لهم (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (آل عمران:159).
يقول خادم الرسول عليه الصلاة والسلام : ولقد خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أفّ قط، يعني ما تضجر منه أبداً، عشر سنوات يخدمه ما تضجر منه، والواحد منا إذا خدمه أحد أو صاحبه أحد لمدة أسبوع أو نحوه لابد أن يجد منه تضجراً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنوات وهذا الرجل يخدمه، ومع ذلك ما قال له أفّ قط.
ولا قال لشيءٍ فعلت لما فعلت كذا؟ حتى الأشياء التي يفعلها أنس اجتهاداً منه ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤنبه أو يوبخه أو يقول لما فعلت كذا، مع أنه خادم، وكذلك ما قال لشيء لم أفعله لم لم تفعل كذا وكذا؟ فكان عليه الصلاة والسلام يعامله بما أرشده الله سبحانه وتعالى إليه في قوله:(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199).
والعفو ما عفا من أخلاق الناس وما تيسر، يعني خذ من الناس ما تيسر، ولا تريد أن يكون الناس لك على ما تريد في كل شيء، من أراد أن يكون الناس له على ما يريد في كل شيء فاته كل شيء، ولكن خذ ما تيسر، عامل الناس بما إن جاءك قبلت وإن فاتك لم تغضب، ولهذا قال: ما قال لشيء لم أفعله لِمَ لَم تفعل كذا وكذا، وهذا من حسن خلقه عليه الصلاة والسلام.

اللهم ارزقنا الدرجات العلا من الجنة بحسن أخلاقنا يارب العالميييييين:23:
 
التعديل الأخير:
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

جزاك الله خيرا
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

بَأَرََكَ الله فيك وجَزَّاك خَيَّرَا

أسعد الله أيامك وملأها بالفرح والسرور
والطاعة والقرب من الرحمن والأنس به تبارك وتعالى

بارك الله جهودك ورزقك البر والتقوى وتوجك بتاج الوقار وألبسك من حلل الإيمان

ووفقك الله في الدنيا والآخرة
شكرا لك تقبلي مروري وتقديري لجهدك
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

بَأَرََكَ الله فيك وجَزَّاك خَيَّرَا


أسعد الله أيامك وملأها بالفرح والسرور
والطاعة والقرب من الرحمن والأنس به تبارك وتعالى

بارك الله جهودك ورزقك البر والتقوى وتوجك بتاج الوقار وألبسك من حلل الإيمان

ووفقك الله في الدنيا والآخرة


شكرا لك تقبلي مروري وتقديري لجهدك





وفقك الله وبارك بعمرك وأسعدك .. اسعدني مرورك الجميل اخوي سراجي
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

اللهم حسن اخلاقنا يا كريم
آمين يارب العالمين ... ألف شكر لمرورك الغالي يابسبوسه وفقك الله وبارك فيك ..وربي يسعد ايامك ولياليك بكل خير
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

اشكر الجميع على مرورهم العاطر
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم!
وما أجمل وأروع أن نتخلق بأخلاق القرآن فلقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما تروي عائشة رضي الله عنها قرآنا يمشي على الارض! والحقيقة أن أخلاقنا هي ترمومتر شخصيتنا ولا يجدي أبدا تدين بدون أخلاق وقد قال الحبيب...جئت لأتمم مكارم الاخلاق.
اللهم كما حسنت خلقنا حسن أخلاقنا!
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم!
وما أجمل وأروع أن نتخلق بأخلاق القرآن فلقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما تروي عائشة رضي الله عنها قرآنا يمشي على الارض! والحقيقة أن أخلاقنا هي ترمومتر شخصيتنا ولا يجدي أبدا تدين بدون أخلاق وقد قال الحبيب...جئت لأتمم مكارم الاخلاق.
اللهم كما حسنت خلقنا حسن أخلاقنا!
ألف شكر عزيزتي متحدية واحد شرفني مرورك الرائع وكلماتك الرائعة وشكرا على الاضافه ربي يسعدك ويحقق امنياتك
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

وفيك بارك الله........لا تنسينا من دعاءك وأنت بنت البقاع المقدسة!
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

وفيك بارك الله........لا تنسينا من دعاءك وأنت بنت البقاع المقدسة!
ابشري يا أختي الغالية.. لنا أنساك من دعواتي ان شاء الله
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

جزاك الله خيراً
جعله الله فى ميزان حسناتك
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

جزاك الله خيرا غاليتي
الف شكر على مرورك الغالي عزيزتي وفقك الله لكل خير وأسعد ايامك ولياليك
 
رد: حُسن الخُلق.. من كتاب رياض الصالحين

أشكركم على مروركم الجميل وفقكم الله وبارك فيكم وحقق أمانيكم
 

عودة
أعلى