مجهولـــــة الهويـــــة

بحر الأمل

Well-known member
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضع بين أيديكم أول محاولة لكتابة قصة أقوم بنشرها
أتمنى أن يكون للنقد مكان في ردودكم


مجهولـــــة الهويـــــة

أمينة وناصر زوجان متحابان شاء الله لهما أن يحرما من الانجاب ولكن حب الأمومة لا يزال يعتصر فؤاد أمينة
حتى أقنعت زوجها ناصر بتبني أحد الأطفال فكان أن احتضنا طفلا جميلا أولياه عناية كبيرة حتى أنهم لم يريدا أن يظل "فريد" وحيدا فما كان منهما إلا أن توجها إلى المستشفى ليتكفلا بطفلين آخرين "حسين" و"رحمة"...

أمينة امرأة صالحة يشهد لها القريب والبعيد بحسن خلقها وجموح مشاعرها نحو الأطفال
وقد كانت لهم خير مربي بل إنهم حضوا بما قد لا يحضى به الأطفال من أمهاتهم اللاتي ولدنهم
أما ناصر فكان رجلا لينا هينا حنونا يسهر على توفير كل ما يحتاجه الأطفال من متطلبات الحياة
حتى أنه اجتهد في جمع مبلغ من المال ليهبه إلى فريد حتى يتمكن من السفر إلى فرنسا للإقامة هناك
وواصل ناصر مشوار جهاده مع رحمة وحسين فكان يستنزف من طاقته لتتمكن رحمة من مواصلة دراستها
فقد كان همه الشاغل هو وزوجته أن تنال "ابنتهما" وظيفة محترمة تحفظ لها كرامتها بين الناس
ذلك أن الجيران والأقارب يعلمون جميعهم أن رحمة طفلة لا يعرف لها أب أو أم تماما كــ ""حسين"
ولكن الفارق هو أن حسين رجل لا يُعيَّر بنسبه أما هي ففتاة يتجرأ كل الأطفال على نعتها باللقيطة
برغم أنها كانت متخلقة واكتسبت من المبادئ أجملها فقد زرعت فيها أمها كل جميل
وكانت تعود بالجراح في كل مرة فتبكي بكاءا مريرا وترفض الأكل والشرب بل وحتى اللجوء إلى أمها
ولم يكن يسعها سوى اغلاق باب الغرفة على نفسها وهي تناشد أباها وأمها أن يخبراها عن نسبها
ولكنهما كانا يتقطعان ألما ويحاولان بشتى الوسائل أن يجعلا رحمة لا تبالي بهذا الموضوع
هكذا كانت تمر أيام رحمة ولياليها وبرغم أنها كانت محبوبة جدا بين صديقاتها اللواتي ما يفتأن يواسينها دون جدوى فقد كانت ترى مستقبلها مظلما أمام نظرة المجتمع التي لا ترحم فتاة مجهولة الهوية...

يتبع
 
التعديل الأخير:
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

يسلمووووووووووووووووو
نحن بالانتظاااااااااااااار
متاااااااابع
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

"بحر الامل"
بداية جميله
وشهادتي بكـِ مجروحه
فأحرفك تداعب من يقرأها في كل مره ليصل إلى سطور النهاية
تابعي البقية لنستمر في المتابعه

دمتي بسلام
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

قصة مؤثرة وحزينة بنفس الوقت تجمع الحنان والمحبة والرحمة بارك الله فيك ننتظر المزيد شكرا لك ودمتي لنا
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

بنت التحدي... سلمك الله ومتابعة ممتعة ... بارك الله فيك على التشجيع والحضور

شوق نجد... سعيدة بمتابعتك ولن يتأخر القادم بإن الله... بوركت على الحضور

الأمل مع الله... شكرا على الإطراء وأتمنى أن أكون عند حسن الظن... بوركت على المتابعة

الأخ أبو شهد... فعلا هي قصة مؤثرة جدا ولا تخلو من الرحمة فمن فضل الله علينا أن الناس مختلفة
منهم الرحيم ومنهم القاسي... بوركت على متابعتك
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

مجهولــة الهويــــة

تلك النظرة لم يبالي بها حسين ولم يكن يهتم بأمر معرفة أمه وأبيه "البيولوجيين" بل كبر على اللعب والمرح والتغيب على المدرسة لمجالسة العم سالم النجار في ورشته أين تعلم صنعة النجارة فساعده والده على فتح محل قام بتوسيعه شيئا فشيئا بعد أن تزوج وأقام مع زوجته في إحدى الغرف بمنزل العم ناصر
...

لم يعد البيت ساكنا كما عهدته رحمة فها هي زوجة أخيها تنافسها كل الأماكن وترمقها بنظراتها الجارحة ولسان حالها يقول "لن يكون لكِ مكانا معنا أيتها اللقيطة". هذا ما كانت تقرأه رحمة بحزن متزايد يحمل ذل الإنكسار بعد أن كبر العم ناصر والخالة أمينة واستقر الخوف في فؤادها المهزوم ينهش السكينة كلما حاولت الإقتراب في لحظة سهو أو نسيان إلا أن رحمة كانت أرقى من أن ترد الفعل فقد كانت تحاول التقرب من زوجة أخيها بحذر شديد يجعل الاستمرار بمذاق الحنضل فلم تكن "نجوى" زوجة حسين بالصديقة ولا بالقريبة التي يذاع لها السر ويفضفض لها القلب...

ذاك القلب... قلب رحمة لكم كان كبيرا ليحمل خوف فتاة في العشرين لا تقوى على البوح ولا على الكتمان وليتحمل وجع أنثى لا تقوى على رسم أحلام شرعتها الفطرة وحرمتها نظرة مجتمع يحاسب الناس على أقدارهم
"وااه يا دنيا" تقولها رحمة بحرقة لو خرج دخانها لأغشى الأعين على النظر فتهرع صديقتها لترضيها بصورة لأحد الفنانين تظنها هدية ثمينة، تبتسم رحمة ابتسامة مجاملة وتضع الصورة في الكتاب الذي بحوزتها لتعود إلى البيت وتضعه على المكتب ثم تعود للمعهد بعد الغداء وأخذ مستلزمات حصة المساء

ويجيء العم ناصر ليفتح جهاز التلفزة كي يشاهد الأخبار كعادته فتتعثر يده في كتاب رحمة ليسقط الكتاب أرضا وتسقط صورة الفنان الذي لا يعرفه العم ناصر فيشتد غضبه وتهاجمه الهلوسات وتخترق تفكيره خواطر لم يتوقعها مطلقا ويظل يتمتم بكلمات لا تكاد تميز وهو يتحرك بخطواته في البيت ذهابا وإيابا منتظرا قدوم رحمة

يتبــع
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

مجهولـــــة الهويــة

ها هي رحمة تعود ليمتلئ قلبها المرهف خوفا ورعبا وليصفر وجهها وتخر قواها حد الجلوس على أقرب كرسي أمامها كيف لا وهي لم تلحظ بحياتها وجه أبيها بهذه التقاسيم الغاضبة وهو يكرر أسئلته "هل يوجد أحد بحياتك"، "هل تعرفين أحدا دون علمي" وكلما حاولت التكلم والنفي وهي مجهشة بالبكاء يقاطعها أباها اصدقيني القول يا رحمة "من ضحك على عقلك" ومن هو ذاك الشاب الذي تعلقت بهِ" ولكن رحمة تنفي بكل تعجب وحيرة وتقسم أنها لا تعلم عن الموضوع شيئا إلى أن أخرج العم ناصر الصورة المشؤومة ليواجهها بها فتسمرت رحمة قائلة يا أبي هذه صورة "فلان" الفنان

العم ناصر لا يعلم عن ميدان الفن إلا القديم فهو لم يسمع من قبل بهذا الفنان حتى أن رحمة طلبت منه أن يأخذ الصورة إلى أي أحد ليتأكد ويطمئن ولكنها وفي ذات الوقت أحست بمرارة الإتهام وقهر الأيام وقسوة الأقدار ودخلت غرفتها والدموع تملأ عيناها ولا زال في القلب الكثير من التراكمات والذكريات التي تجددت لهذا الموقف الأليم

هذه المرة لا أحد يواسي رحمة ولو من وراء الباب الذي اعتادت أن تغلقه كلما غضبت فالخالة أمينة قد انتقلت إلى جوار ربها بعد أن أوصت زوجها بابنتها الحبيبة وماتت دون أن تراها عروسا في فستانها الأبيض كما كانت تتمنى منذ احتضنتها أول مرة

تتوالى الجراح وتغرس في فؤاد رحمة خناجر من شتى الأنواع تجعلها تمقت وجودها في حياة تفقد فيها كل يوم شيئا مما جاد به الأمس وتجعلها تحتاج أكثر إلى ذاك الحضن الذي فقدته وهي في ريعان شبابها. وتتكالب الخواطر لتحدث ضجيجا بأعماقها لا تقوى على سماعه وتشتد رغبتها لمعرفة والداها "البيلوجيين" وتلجأ إلى أقرب صديقاتها وتطلب مساعدتها في الأمر فتحاول هذه الأخيرة باقناعها بأن معرفتهم لن تضيف أو تغير وتنشدها بأن تنسى الأمر وتعتبر أن أمها قد ماتت قبل أن تخرج هي إلى الحياة، ولكن رحمة تصر فهي التي تحترق بجمر اللانسب وليس الآخرون


يتبــــــــع
 
التعديل الأخير:
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

شقيقتي الطيبة .
اعذريني على تأخري بالمرور على عملكِ الأدبي الأول .
لست أديباً ولا ناقداً ادبياً , لكنني متذوق للكتابة ... وقراءة الأقلام الواعدة .

تمكنكِ من اللغة العربية , وطريقة كتابة القصة , واختيارك لموضوع حساس ,تجعلني أستبشر بكِ كاتبة واعدةً .
الأنثى في مجتمعاتنا ... واقعها . معاناتها , أحلامها وطموحاتها , نظرة المجتمع لها , حتى لو لم تكن لقيطة . فما بالك لو كانت كذلك ؟؟
طرحتِ موضوعاً محدداً يلامس شريحة بدأت تزداد في بعض مجتمعاتنا , قليلون من الكتاب من اهتم بها .
ننتظر باقي الحلقات .
سؤال واحد : هل أحداث القصة من الواقع بشكل كامل ؟؟؟ أم للخيال دور فيها ؟؟؟
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

بحر الامل انا هنا وكلي شوق لتكملي مابداتي فيه
من مجهولة الهويه
الموضوع مهم وسردك للقصه جدا جدا رائع
مازلت هنا ومازلت بشغف الانتظار للقادم
ادامك الله بيننا غاليتي
حفظك الله ورعاك
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

الأخ الفاضل فارس عمر... بورك لك على تشجيعك وأنا مع كل ما جاء في مداخلتك المميزة
بخصوص سؤالك أقول بأن جوهر القصة من الواقع وكذلك بعض مشاهدها ولكن بها الكثير من الخيال
والذي يشابه الواقع كثيرا شكرا لك على متابعتك ومداخلتك

شوق نجد... تسعدني متابعتك جدا وأشكرك على جميل حرفك ورقي مداخلتك
شكرا لكِ على المتابعة وأتمنى أن تكون ممتعة
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

مجهولـــــة الهويـــــة


أصبحت رحمة كثيرة التردد على بيت صديقتها رفيقة فهي التي احتضنت ألمها واحتوت دموعها ولا زالت تحاول اقناعها بالعدول عن البحث عن نسبها والتركيز على دراستها حتى لا تعاود الرسوب ولكن الخواطر تأز رحمة أزا وتأمرها أن لا تتراجع حتى تعلم إن كانت ثمرة علاقة شرعية أم قدر علاقة غير شرعية أحلت للقريب والبعيد أن يلقبها باللقيطة ولا يزال الصراع يتعمق بداخلها ويلطم كل حلم يحاول الاقتراب من قلبها ليقذفه بعيدا عن أولوياتها

كانت "رفيقة" تسعد بقربها من رحمة فقد وجدت فيها الأخت التي لم تنجبها أمها فكانت لا تحرمها أبدا من الأطباق التي تجهزها والدتها ولا من حضور المناسبات العائلية حتى أنها باتت تشاركها بعض المهام المنزلية وبعض الواجبات الأسرية كأن تأخذ الغداء إلى محل والد رفيقة القريب من البيت وكان ذلك يسعد رحمة جدا فقد كان الحاج محمود يلقبها ببنيتي وقد كان صديقا حميما لوالدها وهو ما جعل العم ناصر مطمئنا على ابنته وسط تلك العائلة ولا يمانع مكوث رحمة طوال اليوم هناك على أن تعود قبل آذان المغرب مهما كانت الظروف وقد كانت خير مستجيب

هذه المرة عادت رحمة على غير عادتها قبيل العصر بقليل إنها لا تصدق ما يحدث معها كيف ينبض قلبها ويخفق فؤادها وتخالجها تلك المشاعر التي ظنت أنها دفنتها في أعماق أرض الكتمان كيف بتلك الأحاسيس تجتاح كيانها وتشوش تفاصيل أفكارها

"وااااه يا دنيا" تكاد رحمة تصرخ بها وهي حبيسة غرفتها تدافع الأحلام التي تحاول غزو فؤادها والسيطرة على تفكيرها وهي بين مد وجزر تتساءل هل يحق لها أن تعيش أنثى عفيفة، أم أن قدرها أن تحيى على هامش ذاك المجتمع الذي لطالما ظلمها بتحميلها وزرا دون اقترافها لخطيئة

ما أقساك أيتها الحياة على قلب صبية تجتهد في تمزيق مشاعرها وقتلها سرا قبل أن تقتلها جهرا ودون رأفة

ها هي رحمة تستجمع قواها وتلبس ثوب جَلَد لا يناسبها وتجلس على المكتب لمراجعة الدروس ولكن هيهات فصورة عاطف لا تزال عالقة بعينيها وقلبها لقد كان شابا خلوقا ولم تكن هذه المرة الأولى التي أمدها فيها بأواني الغداء من محل الحاج محمود

يتبــــــع
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

أختي بحر الامل...أنت فعلا مبدعة ...سلمت يداك وبورك قلمك!
نحن ننظر المزيد ونسأل الله لك تألقا مميزا في عالم الكتابة!
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

عزيزتي... بورك لكِ على حضورك الباذخ وجمال حروفك
أشكرك على كلمات التشجيع وأتمنى لكِ متابعة شيقة
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

أتابع بشغف .......
تلك قدرة بالكاتب , تجعل القاريء متعلق بأحداث القصة .
أهنئكِ مرة أخرى .
على عملك الأدبي الموفق ..
نجاح العمل الأدبي الواقعي يتطلب لمسات الخيال من قبل الكاتب , وخاصة في قدرته على نقل المنولوج الداخلي لشخصياته .
وقد أبدعتِ في ذلك ..
ما زلت أنتظر القادم .
وفقكِ الله ... وأنار دروبكِ
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

اني اكاد ارى
كاتبا واديبا واعدا

لك مستقبل مشرق
فاضلتي بحر الامل
وكيف لا
ولك هذه الفطرة الادبية

لقد جعلتني اتشوق واعصف شوق نفسي
لاتابع قصتك الرائعة

بانتظارك
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

أخي الكريم فارس عمر... أشكر لك حسن متابعتك وممتنة لتشجيعك
تعقيب يسعدني واطراء أتمنى أن أرقى لاستحقاقه
كل تمنياتي لك بمتابعة شيقة دون ملل أو كلل وبذات الشغف

حلم الطفولة... أسعدني حضورك السخي وابتهجت لاطلالتك
شكرا على حروفك الندية وكل التمنيات بمتابعة شيقة
بوركتِ يا غالية

شوق نجد... مرحبا بخطوكِ الذي أحب وأنتظر
أسعد بكل حروفك وكلماتك وأعدكِ أن أحاول جاهدة أن لا أتأخر حتى أتم القصة
بوركت على شغف المتابعة
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

مجهولـــــة الهويـــــة



تزاحمت الخواطر وتدافعت لتنبش في أقاصي الأعماق عن مشاعر كبلتها قيود الظلم حتى أحدثت تباريح يتجدد نزفها في كل حين ليعكر صفو لحظات تغفل خلالها ذاكرة رحمة عن الخوض في تفكير يذبح الأمل على بوابة حياتها
وهاهي تلك الخواطر تجعل الخيال ينتفض فيجعل من رحمة عروسا تشيعها الأنظار وسط الزغاريد وهي تودع بيت أبيها الذي يوصي بها زوجها خيرا ودموع الفرح تترقرق في أحداقها والبسمة تعم وجهها وتعلو محياها
وسرعان ما يفزعها صوت تلك الدمعة الحارقة حين سقطت على كراسها وأيقظتها من حلم لطالما رأته عقيما...

يخيم الصمت على غرفتها وترفع يدها في خشوع المذهول لتمسح دموعا صارت وعيناها خليلان حميمان، تقف بعد أن اسجمعت ما تبقى لديها من طاقة هشة لتتسمر أمام مرآتها تطيل النظر إلى تقاسيمها الحزينة وتطيل التفكير في تفاصيل مستقبلها ثم تخرج في سرعة الملبي لنداء يتلهفه وتتوجه إلى والدها "أبي لن أنجح هذه السنة أرجوك أن تساعدني في إيجاد عمل"

لم يستغرب العم ناصر ما اخترق سمعه بل إنه كان يفكر في الأمر نفسه فهو الذي أحس بقرب أجله وكان يسأل الله أن لا يدع رحمة دون وظيفة تحفظ لها كرامتها وسط المجتمع وتمكنها من استقلالية مالية تجنبها ذل الحاجة في غياب من يعطي بلا ثمن...

وتمضي أيام قليلة تتقدم بعدها رحمة للامتحانات وهي خاوية من الزاد الذي يمكنها من النجاح ومعبأة بوجع يحرمها التركيز والانتباه برغم ذكائها وحبها للتعليم وها هي النتائج تعلق على جدران المعهد ويتهافت عليها التلاميذ ولكن رحمة تجلس في غرفتها وحيدة تغط في بكاء عميق ولا تقوى حتى على الذهاب لمعرفة النتيجة ولا حتى على الذهاب إلى بيت رفيقة الذي عاهدت نفسها على عدم زيارته إلا حين يكون محل الحاج محمود مغلقا حتى تتمكن من صرف نظرها على فكرة قد تؤرقها ولا تسعدها

وتأتي رفيقة متحسرة ومواسية فقد أظهرت النتائج أن رحمة كان تحصيلها قريب جدا مما يؤهلها للنجاح ولكن سبقها قدرها فزاد تحمسها لإيجاد وظيفة سعى لها العم ناصر بكل ما أوتي من جهد وطرق أبواب الأخيار من القريبين والبعيدين وفي كل مرة يعود مثقلا بالوعود يتجرعها كمسكنات لوجع بات يلازم خاطره ويشاركه كل لقمة تدخل فاه ولا يخلصه منه حتى الخلود إلى النوم فكيف له أن يرتاح وهو يتوسد جراح رحمة ويستقظ على وصية زوجته بها.


يتبـــــــــع
 
رد: مجهولـــــة الهويـــــة

مجهولـــــة الهويـــــة




وتمر الأيام ويكبر الصراع داخل القلب الحزين بين احساس بالوحدة يتفاقم ويزداد واحساس باللا انتماء يخنق الأحلام ويئدها على ضفاف الفؤاد قبل أن تخترقه، وتظل رحمة تأبى الخضوع لكل خطو يسوقها لزرع الأماني،كيف تجرؤ وفي قلبها غصة تحبس حتى الآه...

أَرَقٌ ووحدة تلك كانت مقومات السهر في ليالي رحمة الصيفية لا ينتشلها منها سوى صوت العم ناصر وهو يرتل ما تيسر من القرآن قبل التوجه إلى المسجد وقبل أن يطرق بابها موقظا إياها للصلاة ظنا منه أنها قد نامت ليلتها بسلام

صوت الأذان يصدع في جوف الصمت وخشوع صوت المؤذن يجعل رحمة تهُب للصلاة كالفارِّ من الحر إلى الظل، تسلم يمينا وشمالا وترفع يداها بالدعاء "يارب ضاقت عليا الأرض بما رحبت وليس لي سواك ملجأ وملاذا" وتجهش ببكاء يكاد يسمعه الجيران وهي تحاول كف الدموع المتمردة دون جدوى...

وتستيقظ نجوى زوجة أخيها لترمقها بنظرة المغتاظ من ازعاجها، نظرة تجعلها تتوقف وكأنها تأمر القلب أن يتجرد من الإحساس فيستجيب.
نظرت رحمة في ساعة الحائط فإذا بها السادسة والربع صباحا، يا الهي لقد تأخرت عن ترتيب الغرف وتحضير القهوة ولكن العم ناصر تأخر أيضا فقد اعتاد أن يعود قبل هذا الموعد بنصف ساعة تقريبا، "لعل المانع خير".
تضع رحمة فنجاني القهوة وحبات من التمر وقليل من الخبز والزبدة في الطبق وتحمله إلى قاعة الجلوس منتظرة عودة العم ناصر ليرتشف قهوتهما كالعادة وهما يتابعان برنامج "صباحكم سعيد"... ولكن البرنامج قارب على النهاية والقهوة بردت والعم ناصر لم يعد بعد من المسجد... وفجأة تسمع رحمة طرقا على الباب فتسرع لفتحه والطرق لا يهدأ وكأن الطارق يحمل خبرا "مهلا مهلا أنا آتية، خير يا رب"


يتبـــــــع
 

عودة
أعلى