التصفح للزوار محدود

هل تعرف من هو بايزيد الاول؟

ابو فيصل

التميز
كان من سلاطين الدولة العثمانية العظام : السلطان "
بايزيد الأول" ، سلطان الروم ، وصاعقة الإسلام ، والفاتح الكبير ، والمجاهد العظيم




كان رحمه الله عَلَمَاً من أعلام الجهاد ، وهو الذي بلغت الدولة في عهده من العزة والمجد ما ذَكَّرَ المسلمين بأيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ فهو صاحب النصر في معركة "نيكوبولس" التي كانت من أيام المسلمين الخالدة



فمن هو السلطان "بايزيد الأول" ؟!!!



دعونا نقف وقفات سريعة مع سيرة هذا البطل







السلطان "بايزيد الأول" هو رابع سلاطين الدولة العثمانية ، وُلد سنة 761هـ ، وبُويع له في ميدان الحرب بعد استشهاد أبيه السلطان "مراد الأول" في معركة "قوصوة" (كوسوفو) ، وأصبح سلطاناً على ما تحته من البلاد سنة 791هـ وهو ابن ثلاثين سنة .. هكذا كانت البداية : في ميدان الحرب



كانالسلطان "بايزيد الأول" مُحباً للجهاد ، مُعِزَّاً لدين الله ، مُذِلاً للكفار وأعوانهم ، مُحَطِمَّاً هَامَات المتكبرين ، مُدَمِّراً لأعداءِ الله ... وكان على قدرٍ كبير من الشجاعة ، ومن أقوى السلاطين بأساً .. جَرَّدَ الدولة البيزنطية من جميع ممتلكاتها إلا العاصمة "القسطنطينية" ، وضَرَبَ حولها حصاراً شديداً حتى كادت أن تُفتح على يديه ، وانتظر العالم الإسلامي والنصراني سقوط "القسطنطينية" بين ساعةٍ وأخرى ، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان كما سيأتي إن شاء الله تعالى







كان مجرد ذكر اسم "بايزيد" كافياً أن يوقع الرعب في نفوس النصارى في "أوروبا" عموماً وأهل "القسطنطينية" خاصة ، كانت ترتجف منه ملوك "أوروبا" رعباً ، وكان رحمه الله سريعاً في انقضاضه على أعدائه ، حتى لقبوه "يلديرم" أي "الصاعقة" ،وظل هذا الاسم يرعب "أوروبا" بأسرها



كان رحمه الله عادلاً حازماً ، يُحِب العلماء ويُقَّربهم ويُعَظِّم شأنهم ، وكان شديد التواضع مع ما جَمَعَ الله له من الهيبة والملك والقوة ، وله في ذلك قصة شهيرة لها دلالتها ، فقد تم استدعاء السلطان "بايزيد الأول" إلى المحكمة للإدلاء بشهادته في أمرٍ ما !! فهل جاء السلطان أم اعتذر ؟! بل جاء السلطان ، ووقف أمام القاضي الإمام "شمس الدين فناري" في تواضع شديد ، فإذا بالقاضي ينظر إلى السلطان ثم يفاجئ الجميع بقوله : ((هذا الرجل لا تُقبل شهادته ؛ لأنه لا يحضر صلاة الجماعة مع المسلمين في المسجد ، ومن لا يصلي في المسجد جماعة دون عذرٍ شرعي لا تُقبل شهادته))



يا إلهي !!



نزلت كلمات القاضي على الحاضرين كالصاعقة ، وأمسك الجنود قبضات السيوف وانتظروا إشارة واحدة من السلطان لتطير عنق القاضي في لحظة ، لكن كانت المفاجأة الثانية : أومأ السلطان "بايزيد" برأسه في تواضع شديد ثم خرج ، وأمر ببناء مسجد ملاصق لقصره كي يحضر مع المسلمين صلاة الجماعة



هذا ما سجله المؤرخ "عثمان نزار" في كتابه "حديقة السلاطين" المؤلف قبل مئات السنين



بالله عليكم : هل سمعتم بسلطانٍ رُفضت شهادته ؟!! ألا يذكركم هذا السلطان بالفاروق "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ؟!!



عندما جلس السلطان "بايزيد الأول" على كرسي السلطنة كانت "الأناضول" يحكمها مثل ملوك الطوائف ، واستطاع "بايزيد الأول" أن يوحد "الأناضول" كلها تحت إمرته بسرعة ومهارة حربية عجيبة أذهلت النصارى في "أوروبا" .. وبعدما توحدت "الأناضول" ابتدأ جهاده ضد الإمبراطورية البيزنطية ، وبالفعل قضى على شوكتهم ، ووَهَّن كيدهم ، وسلب بلادهم وضمها للدولة العثمانية ، فأصبحت "القسطنطينية" م حاطة من كل جانب بالدولة العثمانية






ولم يكتفِ السلطان "بايزيد الأول" بذلك ، بل واصل جهاده حتى فتح "بلغاريا" و"البوسنة" و"الأفلاق" (جنوب رومانيا) ومعظم بلاد أوروبا الشرقية !! وقاتل "الصرب" وانتصر عليهم ، وأرغم ملك "الصرب" أن يدفع له جزية سنوية وبناء مساجد ومحاكم إسلامية !!!










الأمر الذى أرعب المماك المسيحية فى أوربا والذى أدى الى إعلان البابا "بونيفاس التاسع" الحرب الصليبية على الدولة العثمانية السلطان "بايزيد الأول" تحديداً ، ومنح غفرانه لجميع النصارى الذين سيقاتلون في تلك الحملة لإنقاذ "المجر" والممالك النصرانية في "أوروبا"



معركة نيكوبولس – 800هـ



اجتمعت لدعوة البابا 15 دولة أوروبية ومعظم أمراء وملوك أوروبا "المجر - النمسا - إنجلترا – فرنسا – البندقية - أسبانيا – إيطاليا – ألمانيا – رومانيا - سويسرا – بولندا" ، ومنذ قيام الحملة الصليبية الأولى في بداية القرن الحادي عشر الميلادي لم تجتمع هذه الأعداد الضخمة ، فكانت من أخطر الحملات الصليبية على الإسلام على الإطلاق



وكانت قيادة تلك الجيوش لملك المجر "سيجسومند" ، وافتخر النصارى بالقوات الكثيفة التي تم حشدها حتى تملكهم الغرور ، حتى أن الملك "سيجسموند" قال في كبر : ((لو سقطت علينا السماء لأمسكناها بحرابنا))



واجتمعت الجيوش في "بودا" عاصمة "المجر" ، وانعقد مجلس الحرب في صيف عام 1396م لرسم الخطط ووضع التكتيكات الحربية





وبدأ هجوم الجيوش الصليبية نحو "بلغاريا" ، واستعادوا بعض المدن ، وأبادوا الحامية الإسلامية فيها ، الأمر الذي أدى إلى ترك السلطان "بايزيد الأول" محاصرة "القسطنطينية" وتوجه نحو "أوروبا" في سرعته المعهودة ، وجمع مائة ألف مقاتل بالإضافة إلى قوات ضخمة أمده بها ملك "الصرب" رغماً عنه حسب الإتفاقية التي بينهما ، وتقابل الفريقين في منطقة "نيكوبولس< /span>"



قبل بداية المعركة اقترح الملك "سجسموند" أن يتخذ وضعية الدفاع ، لكن خالفه باقي الأمراء في الجيش ، واقترحوا مهاجمة العثمانيين والتوغل في "الأناضول" والتوجه بعدها إلى بلاد الشام وبيت المقدس



وأثناء مسير القوات الصليبية الضخمة وتقدمهم ظهرت فجأة الجيوش الإسلامية بقيادة "الصاعقة" كأنها خرجت من باطن الأرض ، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب الصليبيين ، وبدأت المعركة التي تُعد من أشرس معارك التاريخ ، وقاتل المسلمون يومها قتال من لا يخشى الموت ، وأنزل الله على المسلمين الرحمة والسكينة وأيدهم بجندٍ من عنده وقذف في قلوب الذين كفروا الرعب ، وانتهت المعركة بنصرٍ مبين للمسلمين ذكرهم بأيام المسلمين الأولى في بدر واليرموك .. أما الملك "سجسموند" فقد وَلَّى هارباً ومعه رئيس فرسان "رودس" ، ولما بلغا في فرارهما شاطئ البحر الأسود = وجدا هناك الأسطول النصراني ، فوثبا على إحد ى السفن التي فرت بهما مسرعة لا تلوي على شيء .. وتضاءلت مكانة "المجر" في عيون المجتمع الأوروبي بعد معركة "نيكوبوليس" ، وتبخر ما كان يحيط بها من هيبة ورهبة











وعلى الرغم من القضاء على القوات الصليبية ، إلا أن السلطان "بايزيد الأول" انزعج لكثرة قتلى المسلمين في المعركة التي قدرت بثلاثين ألف شهيد ، وتذكر السلطان "بايزيد" ما فعله الصليبيون بالحاميات الإسلامية في "بلغاريا" و"المجر" ، فأمر السلطان "بايزيد" بقتل الأسرى كلهم ، وكان عددهم ثلاثة آلاف أسير ، وفي رواية أخرى عشرة آلاف ، ولم يُبقِ إلا أكابر وعلية القوم ؛ للحصول على فدية ضخمة منهم











موقف من مواقف العزة



كان ممن وقع في الأسر الكونت "دي نيفر" بنفسه ، وقد كان أحد أكبر الأمراء في الجيش الصليبي ، فأقسم للسلطان بأغلظ الأيمان ألا يعود لمحاربة المسلمين ، وكاد أن يقبل قدم السلطان ، لكن كان رد السلطان "بايزيد الأول" المعتز بدينه أن قال له : ((إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين ، فأنت في حِلٍّ من الرجوع إلى محاربتي وقت ما شئت)) ، ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التي خلدها له التاريخ وكتبها بحروف من ذهب : ((إذ أنه ما من شيءٍ أحب إليَّ من محاربة جميع مسيحي أوروبا والانتصار عليهم))







نزل الخبر على نصارى أوروبا مثل الصاعقة ، وانتظر النصارى سقوط الممالك النصرانية واحدة تلو الأخرى في قبضة السلطان "بايزيد" ، وعلى النقيض : أرسل السلطان "بايزيد" الرسائل إلى ملوك وسلاطين المسلمين في "القاهرة" و"بغداد" وبلاد ما وراء النهر ومعها بعض الأسرى كدليل مادي على النصر المبين ، وخلع عليه الخليفة "أبو عبد الله محمد بن المعتضد المتوكل على الله" لقب "سلطان الروم" ، وأهدى إليه أمير "بخارى" سيفاً على سبيل التكريم ، وعُلقت الزينة في البلاد الإسلامية فرحاً بذلك النصر المبين ، واتجهت أنظار المسلمين إلى تلك الدولة التي أيد الله جهادها بالنصر على أعدائها ، وارتحل كثير من شباب المسلمين إلى "الأناضول" ليكونوا تحت إمرة السلطان "بايزيد الأول" في جهاده ضد الروم نصارى أوروبا



وتعتبر معركة "نيكوبولس" بالنسبة للنصارى أعظم كارثة على الإطلاق في العصور الوسطى ، وبلغ السلطان "بايزيد الأول" قمة مجده بعد تلك المعركة ، حتى أنه أعلن أنه سيفتح "إيطاليا" بإذن الله ، وسيطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما



أي رجل كان هذا الرجل!!!



ولكن الله قدر شيئاً آخر



بعد الانتصار العظيم الذي حققه العثمانيون في هذه المعركة = ثَبَّتَ العثمانيون أقدامهم في البلقان ، حيث انتشر الخوف والرعب بين الشعوب البلقانية ، وخضعت "البوسنة" و"بلغاريا" للدولة العثمانية ، واستمر الجنود العثمانيون يتتبعون فلول النصارى في ارتدادهم ، وعاقب السلطان "بايزيد" حكام شبه جزيرة "المورة" الذين قدموا مساعدة عسكرية للحلف الصليبي



وعقاباً للامبراطور البيزنطي على موقفه المعادي : طلب "بايزيد" منه أن يُسَلِّم "القسطنطينية" ، وإزاء ذلك استنجد الامبراطور "مانويل" بأوروبا دون جدوى ، والحق أن فتح "القسطنطينية" كان هدفاً رئيسياً في البرنامج الجهادي للسلطان "بايزيد الأول" ، ولذلك فقد تحرك على رأس جيوشه وضرب حصاراً محكماً حول العاصمة البيزنطية وضغط عليها ضغطاً لا هوادة فيه ، واستمر الحصار حتى أشرفت المدينة في نهايتها على السقوط ، وبينما كانت أوروبا تنظر سقوط العاصمة العتيدة بين يومٍ وآخر = إذا السلطان ينصرف ع ن فتح "القسطنطينية" ؛ لظهور خطر جديد على الدولة العثمانية











كارثة تيمورلنك



ظهرت أثناء تلك الفترة قوة بشرية ضخمة يقودها رجل من أقسى الناس قلباً وأخبثهم عملاً ، هو "تيمورلنك" الشيعي الرافضي الخبيث الذي كان يدعي الإسلام ويظهر حبه الشديد لآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم .. استطاع هذا الرجل أن يؤسس إمبراطورية ضخمة مترامية الأطراف ، حيث جلس على عرش "خراسان" وقاعدته "سمرقند" عام 1369م ، ثم ضَمَّ بلاد ما وراء النهر والهند وموسكو وآسيا الصغرى وبلاد الشام ، واستطاع بجيوشه الرهيبة أن يهيمن على القسم الأكبر من العالم الاسلامي ؛ فقد انتشرت قواته الضخمة في آسيا من "دلهي" إلى "دمشق" ، ومن بحر "آرال" إلى الخليج العر بي ، واحتل "فارس" و"أرمينيا" وأعالي "الفرات" و"دجلة" والمناطق الواقعة بين بحر "قزوين" إلى "البحر الأسود" ، وفي "روسيا" سيطر على المناطق الممتدة بين أنهار "الفولجا" و"الدون" و"الدنيبر" ، وأعلن بأنه سيسيطر على الأرض المسكونة ويجعلها ملكاً له ، وكان يردد : ((يجب ألا يوجد سوى سيد واحد على الأرض طالما أنه لا يوجد إلا إله واحد في السماء))



واستباح "تيمورلنك" بعض البلاد مثل "بغداد" و"حلب" وغيرها ، فعمل فيها التخريب والقتل .. وكان يأخذ الصناع والحرفيين إلى عاصمته "سمرقند" .. ولم يستطع أحد أن يقوم في وجه هذا الطاغية ؛ لعظمة جيوشه وأعدادها الضخمة التي لا نبالغ إذا قلنا أنها تجاوزت المليون جندي !!



وكان هذا الطاغية يصنع أهراماً من جماجم ضحاياه وعظامهم ، فكان من أشد الناس ظلماً وقهراً .. وكان قبحه الله يصبغ حملاته تلك بصبغة دينية لتسهيل احتلاله للبلاد



ما فرح ملوك أوروبا بشىء مثل فرحهم بظهور "تيمورلنك" الذي وجدوا فيه خلاصهم الوحيد من السلطان "بايزيد الأول"



كما ارتحل كثير من أمراء "الأناضول" الذين طردهم "بايزيد" إلى خدمة "تيمورلنك" ، واحتموا به .. وبلغ ذلك إمبراطور "بيزنطة" وأمراء أوروبا : فأرسلوا إلى "تيمورلنك" يستنجدون به من "بايزيد" ، ويوقدون العداوة بينهما ، ويمنونه بأملاك العثمانيين .. وبالفعل طمع "تيمورلنك" في أملاك الدولة العثمانية ، وبدأ بالهجوم على أطرافها في آسيا الصغرى ، وانضم إليه الأمراء الفارين من "بايزيد الأول" ، الأمر الذى أزعج السلطان "بايزيد" جداً ، فصمم على ملاقاة هذا الطاغية وقتله ، خصوصاً بعد رسالة "تيمورلنك" إليه ؛ حيث أهانه ضمنياً حين ذَكَّرَه بغموض أصل أسرته واستصغار شأنه ، ولكنه ختم الرسالة بأن عرض عليه العفو على اعتبار الخدمات الجليلة التى قام بها "آل عثمان" لخدمة الإسلام !!



فصمم السلطان بايزيد على محاربة الطاغية "تيمورلنك" ، ثم بعد ذلك يتفرغ لفتح "القسطنطينية" الذي كان وشيكاً جداً



معركة أنقرة 1402م



في عام 1400م احتل "تيمورلنك" "سيواس" في "الأناضول" ، وأباد حاميتها هناك التي كان يقوها "أرطغرل" ابن السلطان "بايزيد" .. ولم يكتفي بذلك ، بل أخذ الفرسان وأحنى رؤسهم بين أرجلهم وألقاهم في خنادق واسعة وردمهم بالتراب !!



انزعج السلطان "بايزيد" جداً ، واستصوب رفع الحصار عن "القسطنطينية" وملاقاة هذا الطاغية .. فاجتمع الجيشان فى سهل "أنقرة" في 19 ذي الحجة 804هـ / 1402م ، وكان جيش السلطان "بايزيد" حوالي 120000 مجاهد ، وكان من قواد الجيش 5 من أولاد السلطان "بايزيد" هم: "محمد" و"مصطفى" و"سليمان" و"عيسى" و"موسى" ، وكانت قوات "تيمورلنك" كثيرة جداً تجاوزت الـ 800000 مقاتل !! هذا بالإضافة إلى وجود آلاف من التتر فى جيش "بايزيد" والذين أرسل لهم "تيمورلنك" سراً كتاباً يطلب منهم فيه أن ينضموا إليه ويتركوا السلطان "بايزيد" قائلاً : ((نحن جنس واحد ، وهؤلاء تركمان ندفعهم من بيننا ، ويكون لكم الروم عوضهم)) ، فأجابوه وواعدوه أنهم عند اللقاء يكونون معه !! وبالفعل انضم جنود التتر إلى صفوف "تيمورلنك" عند بداية المعركة ، وكان عددهم خمسين ألفاً .. فكان مصير المعركة معروف مسبقاً



وبدأت المعركة شرسة ضارية تشبه في شدتها وضراوتها حروب هذا العصر مع اختلاف نوع الأسلحة المستخدمة !! وانهزم جيش "بايزيد" ، وبدأ الجنود في الانسحاب ، أما "بايزيد الأول" فلم ييأس وهو الذي تعود على النصر وعُرف بالشجاعة والإقدام ، فأخذ مجموعة من الفرسان من خواص رجاله وصعدوا على ربوة عالية ليكونوا في موقع جيد للقتال ، ولكن قَدَّرَ الله أن يقع السلطان بايزيد في الأسر



وكانت الهزيمة بسبب اندفاع وعجلة "بايزيد" ؛ فلم يُحسن اختيار المكان الذي نزل فيه بجيشه الذي لم يكن يزيد عن مئة وعشرين ألف مقاتل بينما كان جيش خصمه لا يقل عن ثمانمائة ألف ، ومات كثير من جنود "بايزيد" عطشاً لقلة الماء وكان الوقت صيفاً شديد القيظ ، ولم يكد يلتقي الجيشان حتى فر الجنود التتار الذين كانوا في جيش "بايزيد" وجنود الإمارات الآسيوية التي فتحها منذ عهد قريب وانضموا إلى جيش "تيمورلنك" ، فلم يجد السلطان بعد ذلك إلا ما أظهره هو وبقية جيشه من الشجاعة والاستماتة في القتال حتى أُسر



نعم ، وقع السلطان "بايزيد الأول" في الأسر عند "تيمورلنك" .. واختلفت الروايات فى كيفية معاملة "تيمورلنك" للسلطان المجاهد العظيم "بايزيد الأول" ، فمنهم من قال أنه أهانه ووضعه في قفص وأخذ يطوف به البلاد ، ومنهم من قال أنه أكرمه وعظم شأنه ، ولا ندري حقيقةً كيف عُومل السلطان المجاهد الصاعقة "بايزيد الأول" في أسره ، إلا أن مرارة الأسر وحدها كافية ، لاسيما إذا كان الأسير مثل هذا الرجل العظيم







بعد أسر السلطان "بايزيد" استباح "تيمورلنك" أملاك الدولة العثمانية لجنوده فخربوها وهدموا أكثر منشآتها



وفاة الصاعقة – 15 شعبان 805هـ



أتدرون كيف مات السلطان المجاهد العظيم الصاعقة "بايزيد الأول" ؟!!



مات السلطان "بايزيد" بعد ثمانية شهور كمداً في أسره .. ظل يرسف في أغلاله حتى مات رحمه الله تعالى ... لم يتحمل (رحمه الله) الذل والهوان والأسر ، كيف لا وهو السلطان المجاهد العظيم الصاعقة الذي تعود على النصر والذي لم يركن إلى الراحة يوماً واحداً وظل في جهادٍ دامَ أكثر من أربعة عشر عاماً حتى وصلت جيوشه أماكن لم تُرفع فيها راية للمسلمين من قبل ، ورُفع الأذان في عهده في "القسطنطينية" التي كادت أن تُفتح على يديه ، وهو السلطان الذي كانت ترتعد فرائص ملوك الروم عند ذكر اسمه فقط



وعندما مات السلطان "بايزيد الأول" سمح "تيمورلنك" لابنه الأمير "موسى" بأخذ جثمان أبيه ودفنه بجوار مسجده في مدينة "بروصة" في "الأناضول" ، وقبره بها مازال معلوماً إلى الآن



لقد فرحت الدول النصرانية في الغرب بنصر "تيمورلنك" ، وهزها الطرب لمصرع "بايزيد" وما آلت إليه دولته من التفكك والانحلال ، وبَعَثَ ملوك "إنجلترا" و"فرنسا" و"قشتالة" وإمبراطور "القسطنطينية" إلى "تيمورلنك" يهنئونه على ما أحرز من النصر العظيم والظفر المجيد ، واعتقدت أوروبا أنها قد تخلصت إلى الأبد من الخطر العثماني الذي طالما روعها وهددها



وكانت الصدمة شديدة جداً على المسلمين في أنحاء الأرض ، حتى أن "تيمورلنك" قام بفتح بعض البلاد الساحلية الصليبية وانتزعها من أيدي فرسان القديس "يوحنا" مُحاولاً بذلك أن يُبرر موقفه أمام الرأي العام الإسلامي الذي اتهمه بأنه وَجَّهَ ضربة قاضية وشديدة للإسلام حين قضى على الدولة العثمانية وقضى على السلطان المجاهد العظيم الصاعقة "بايزيد الأول"



لكن أبى الله إلا أن يُخَلِّد ذكر الصاعقة "بايزيد الأول" ، ويأتي من نسله أبطال عظماء لطالما استمتعنا بقراءة سيرهم وبطولاتهم ، مثل "محمد الثاني" فاتح القسطنطينية ؛ فهو "محمد الفاتح" بن "مراد الثاني" بن "محمد جلبي" بن السلطان "بايزيد الأول" ، ذرية بعضها من بعض



مات السلطان بايزيد الأول وقد بلغ من العمر 44 عاماً



وظلت سيرة السلطان "بايزيد الأول" وستظل دائماً نوراً ونبراساً يُضيء لنا الدرب إلى الجهاد وإلى نصرة دين الله



قال الإمام الحافظ المحدث العلامة "ابن حجر العسقلاني" (رحمه الله) عن السلطان "بايزيد الأول" : ((كان من أكبر ملوك الإسلام ، وأتمهم يقينا ، وأيمنهم نقيبة ، وأكثرهم غزواً في بلاد الكفار ، وكان يُنكر على ملوك عصره تقاعدهم عن الجهاد وأخذهم المكوس)) .. وقال رحمه الله : ((وكان أبو يزيد بن عثمان (بايزيد الأول) من خيار ملوك الأرض ، ولم يكن يلقب بلقب ولا أحد من آبائه وذريته ، ولا دُعي بسلطان ولا ملك ، وإنما يُقال "الأمير" تارة و"خوند خان" تارة ، وكان مُهاباً يحب العلم والعلماء ويُكرم أهل ا لقرآن)) .. وقال رحمه الله : ((وكان يجلس بكرة النهار فى براحٍ متسع ، وتقف الناس بالبعد عنه بحيث يراهم = فمن كانت له ظِلامة رفعها إليه فأزالها في الحال)) .. وقال رحمه الله : ((وكان الأمن فى بلاده فاشياً بحيث يمر الرجل بالحمل مطروحاً بالبضاعة فلا يتعرض له أحد))



سبحان الله !!!



أرأيتم كيف كان السلطان "بايزيد الأول" (رحمه الله) وكيف كان ثناء الإمام الحافظ "ابن حجر العسقلاني" (رحمه الله) عليه ؟!!!





(هناك صور كثيره له ولمسجده ولكني اعتذر صراحه ماعرفت كيف انزلها)
 
شكرا على المعلومات
بارك الله فيك
 



مشكور أخي على نقل تلك المعلومات القيمة والمعرفة

الكبيرة في اشخاص عاركت التاريخ ولها ماضي كبير
 
مع اني مااحب التاريخ

لكن معلوماتك مفيده

وشكرا لك اخي عليها
 
السلام عليكم ورحمة الله

كالمعتاد اخي الكريم موضوع متميز في تميز شخصكم الكريم ومعلومات دقيقة ماشاء الله بارك الله فيكم تحياتي
 
مشكور ابو فيصل على المعلومات
وفقك الله
 
موضوع رائع بصراحة أول مرة أسمع عنه وهذا جهل مني .

سيرة رائعة عن صاعقة الإسلام والمجاهد الكبير والقائد العظيم بايزبد الأول .

فعلا سيرته يذكرنا بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .

أحسنت الإختيار الفاضل أبو فيصل دمت متألقا بمواضيعك المفيدة.
 
اخواتي الفاضلات
امل/خاتون/ندو/مهتمه
شكرا لمروركم الذي اسعدني جدا
اختي الفاضله ام محمد
السلطان بايزيد له فضل بعد الله على سنة العراق
في مثل هذه الظروف اللتي يمر فيها عراقنا الحبيب دخل الصفويون عاصمة الخلافه الاسلاميه بغداد المحروسه واخذو يفعلون مايفعلون اليوم باهل السنه والجماعه ولكن كان لهم السلطان بايزيد بالمرصاد وطردهم شر طرده ولكن اليوم بغداد المحروسه ليس لها الا الله ثم دماء ابناءها الشرفاء
شكرا لمرورك وتعليقك اختي الفاضله
 
مشكور اخوي على المعلومات القيمه
 
موضوع رائع جداً وشيق

رحم الله
بايزيد الأول وأسكنه فسيح جناته

اما مثل هذا
تيمورلنك فكثير الهزائم التي يصاب بها العالم الاسلامي ان لم تستطيع يد الغرب هزيمتها تهزم من الداخل من قبل الخونه كأمثال تيمورلنك وما كثر احفاده هذه الايام

اما مثل المجاهد البطل
بايزيد الأول ما احوجنا لمثل هذا القائد العظيم
في عصر صار حب وتقديس الكرسي اكبر من تقديس دين الاسلام واهله

بارك الله فيك اخي الفاضل ابو فيصل
 
الإمبراطورية العثمانية
دولة الخلافة العثمانية

osman.jpg

يقول المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر و أبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي "آسيا الصغري" في أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، ثم امتدَّت فتوحاتها إلى ثلاث قارات هي : آسيا وأوربا وإفريقية. وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم عامة والإسلام خاصة، فكيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟ ومَنْ هم؟ ومن أين جاءوا؟
إن أصل العثمانيين هو من منطقة أسيا الوسطى ( التركستان) حيث ينتمون الى عشيرة قايي التركمانية والتي هي بدورها جزء من قبيلة الأوغوز التركية العريقة.
وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
كيف تكونت دولة الأتراك العثمانيين؟
في حوالي سنة 622هـ/1224م كانت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان تتقدم إلي الغرب في اتجاه الدولة العباسية.
ومن بين الذين فروا أمام الزحف التتري مجموعة من الترك كانت تسكن منطقة "خُوارزم"، فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري بالقرب من دولة "سلاجقة الروم" سنة 1250م تقريبًا. وهناك اتصل قائدهم "أرطغرل" بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم (وهم فرع آخر من نفس الجنس التركي)، فوافق علاء الدين علي وجودهم، ومنحهم منطقة حول أنقرة ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين. فلما وصلت جيوش المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف "أرطغرل" إلي جانب "علاء الدين"، حيث تمكنا من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة.

بعد وفاة "أرطغرل" سنة 688هـ/1288م، عُيّن ابنه "عثمان" خلفًا له، فكان قويّا محبوبًا بين أهله، ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛ مما أثار حسد وزرائه.
فلما مات علاء الدين كثرت المؤامرات، وضعفت الدولة، فاغتنم عثمان الفرصة، واستقل عن السلاجقة، وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه، وهكذا تأسست الدولة العثمانية، وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.
وبذا فقد نسبت تلك المجموعة من الأتراك إلى هذا الرجل العظيم "عثمان" فسموا الأتراك العثمانيين وكان الإسلام هدف العثمانيين وشعارهم، له يعملون، وفي سبيله يجاهدون ويحاربون.

فتوحاتهم المباركة:
كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛ فلم يكن هناك ما يقف في طريق توسعها؛ حيث إن الإمبراطورية البيزنطية خرجت بعد الحروب الصليبية وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.
ويذكر المؤرخون أَنَّ حملة من الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية نفسها سنة 602هـ/1204م ، ولم تتخلص عاصمة البيزنطيين منهم إلا بعد أكثر من ستين عامًا، فلما شرع عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية وجد الطريق مفتوحًا أمامه.
وقد واصل ابنه "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية" وخضعت له آسيا الصغرى (تركيا)، كما تمكن من عبور "الدردنيل"، والوصول إلى "مقدونيا" غير أنه لم يتقدم نحو أوربا.
وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته، فأنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية (أى الجنود الجدد) .وكان هذا الجيش مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.
فتم تدريبهم منذ الصغر على الإسلام والعسكرية، وأعدت لهم معسكرات وثكنات يعيشون فيها حتى لا يختلطون بغيرهم، مهمتهم التي أعدوا لها هي الدفاع عن الإسلام مع الفرسان من العثمانيين، فيشبون أقوياء الجسم، مطيعين لقوادهم الذين لايعرفون غير الطاعة الكاملة.. وأول من استخدم هذا الجيش استخداما فعالا هو السلطان مراد الأول.

السلطان مراد الأول
إنه السلطان "مراد الأول" ابن "أورخان" وكان مراد نفسه جنديّا شجاعًا قرر أن يشن حربًا على أوربا بأسرها.
لقد أراد أن ينتقم من الأوربيين لاعتدائهم على الإسلام والشرق أثناء الحروب الصليبية.هذا بالإضافة إلى حماسه للإسلام، وحبه له وللدفاع عنه ضد أعدائه، ورغبته في نشر الإسلام في بلاد الكفر، وتبليغ دعوة الله إلى العالمين، فمن المعروف أن الأتراك من أقوى الشعوب حماسة، ومن أقواهم عاطفة تجاه الإسلام والمسلمين، وكان سمتهم في تعاملهم مع الأسرى سمتًا إسلاميّا يدل على فهمهم للإسلام ولمبادئ الحرب والقتال في الإسلام، وهذا ما شهد به أعداؤهم.
لقد عبرت جيوشه الدردنيل (كما فعل والده من قبل)، واحتل مدينة "أدرنة"، وجعلها عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة "بروسّة"، وبذلك يكون قد نقل مقر قيادته إلى أوربا استعدادًا لتأديب وإخضاع تلك القارة المعتدية!
شملت فتوحات "مراد": مقدونيا، وبلغاريا، وجزءًا من اليونان والصرب، كما هدد القسطنطينية، وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.
لكن واأسفاه، قتل مراد في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م، في الوقت الذي كانت فيه جيوش المسلمين الظافرة تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.

السلطان بايزيد
فمن يا تُرى يخلفه؟ لقد خلفه ابنه "بايزيد" ومن شابه أباه فما ظلم.كانوا يلقبونه (بالصاعقة)، وذلك لسرعة تحركاته في ميادين القتال وانتصاراته الخاطفة.أتدري ماذا حقق من انتصارات بعد أبيه؟ لقد أتم فتح اليونان. أما الدولة البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية وحدها.
لقد بلغ "بايزيد" من القوة ما جعله يمنع إمبراطور القسطنطينية من إصلاح أحد حصون المدينة فيذعن الإمبراطور لأمره، وينزل عند رأيه. وكانت نتيجة هذا الجهاد المقدس انتشار الذعر في جميع أنحاء أوربا، فقام البابوات في روما ينادون بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة 489هـ/1095م، وتجمعت فرق المتطوعين من فرنسا وألمانيا وبولندا وغيرها وقادهم سِجِسْمُنْد المجري.
وفي سنة 799هـ/1396م اشتبك معهم "بايزيد" في معركة "نيقوبولس" وهزمهم هزيمة نكراء، فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك الكارثة، وانتابها الذعر والقلق. وراحت أوربا تخشى مصيرها الأسود القاتم إذا تقدم ذلك القائد المظفر نحو الغرب.
أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش بايزيد!

هجوم التتار

في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة العثمانية إلى هجمات التتار، وكانت هذه هي الموجة الثانية (بعد تلك التي قام بها هولاكو) جاء على رأسها تيمورلنك، فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من سوريا، ثم اتجه شمالا نحو الدولة العثمانية.
ولما شعر بايزيد بذلك الخطر أوقف تقدمه في أوربا كما رفع الحصار عن القسطنطينية، واتجه جنوبًا لملاقاة العدو.
وفي سنة 805هـ/1402م تقابل بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من أنقرة، ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصر فيها حليفًا لقوات التتر! ووقع "بايزيد" في أسر عدوه تيمورلنك .
ترى هل كانت هذه الهزيمة نهايةً للأتراك العثمانيين؟ لا؛ فقد انتعشوا مرة ثانية، وقاموا بأعمال تفوق تلك التي قام بها "عثمان" و"مراد" و"بايزيد".

سقوط القسطنطينية
مرت على الدولة العثمانية فترتان بين إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.كانت الفترة الأولى واقعة بين استقلال عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة 805هـ/1402م.
أما الفترة الثانية، فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة 816هـ/1412م حتى فتح القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.
وكانت المدة الواقعة بين هاتين الفترتين -وهي عشر سنوات- مدة قلاقل واضطرابات.
ولكن ماذا فعل تيمورلنك بعد موقعة أنقرة وأسر بايزيد؟

عودة تيمورلنك إلى بلاده
بعد موقعة أنقرة تراجع تيمورلنك، فلم يكن قصده احتلال آسيا الصغري، بل كان كل همه وأمله أسر بايزيد، أمَا وقد تحقق له ما أراد، فليرجع إلى بلاده، لقد ترك البلاد مهزومة مفككة، وترك أولاد بايزيد يتحاربون فيما بينهم من أجل الملك.

السلطان مراد الثاني
استعاد العثمانيون ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني الذي وحدهم و لم شملهم من جديد، فاتجهوا إلى أوربا.
ولكن أوربا لم تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس" وما لحق بها من عار، فراحت تكون جيشًا كبيرًا من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين، وهاجمت ممتلكات الدولة العثمانية في "البلقان".
وفي البدء تمكن المسيحيون من إحراز عدة انتصارات على جيوش مراد، إلا أن السلطان "مرادًا" جمع قواته، وأعاد إعدادها وتشكيلها حتى التقى مع أعدائه سنة 849هـ/1444م، فأوقع بهم الهزيمة، وعلى رأسهم ملك المجر "فلادسلاق" وصدهم حتى نهر الدانوب.
وهكذا لما توفي "مراد الثاني" في "أدرنة" سنة 856هـ/ 1451ترك لابنه محمد الثاني المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان، عالية البنيان، رافعة أعلامها، متحدة ظافرة منتصرة.

فتح القسطنطينية

كان أول هدف لمحمد الفاتح هو فتح القسطنطينية، تلك المدينة التي صمدت أمام كل الهجمات الإسلامية من عهد معاوية ابن أبي سفيان في منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن الخامس عشر.
لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين من قادة الإمبراطورية الإسلامية وخلفائها، وفخرًا حاول الكثيرون أن ينالوه ويحظوا به، ولم لا وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"(أحمد والحاكم).

السلطان محمد الفاتح
جاء محمد الثاني (محمد الفاتح) وكان مع الفتح على موعد، فعقد العزم على فتحها، وإضافتها إلى العالم الإسلامي الكبير، ولم يكن هذا هو هدفه الوحيد، بل كانت هناك عوامل كثيرة تحركه وتدفعه إلى تحقيق هذا النصر وذلك الفتح العظيم، أيقال: إنه فتح الفتوح؟! أم أيقال: إنه فتح باركته ملائكة السماء؟!
وكيف لا، والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس في القرن السابع الميلادي، وظلت تصطدم مع المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، وفي خلافة الأمويين والعباسيين وما بعدها!
وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف الدولة الإسلامية فتغير عليها، وتنتزع بعض أراضيها.
ولا يخفى أن بعد موقعة "ملاذكرد" في القرن الحادي عشر أصبحت القسطنطينية نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة، ومناطق نفوذ المسلمين الأخري.
ولا ينسى أحد للقسطنطينية أنها في سنة 768هـ/1366م، تحالفت مع روما ودول أوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في "نيقوبولس".
ولم يَنْسَ خلفاء الدولة العثمانية للقسطنطينية أنَّها في سنة 846هـ/1441م تآمرت مرة أخرى مع ملوك البلقان ضد مراد الثاني، إلا أن الله نصر مرادًا عليهم فقضى على تحالفهم، وشتت شملهم، وَفرَّق جموعهم.
فلْيقضِ محمد الفاتح على تلك القلعة الحصينة التي كثيرًا ما ضربتهم من الخلف، إن هو أراد أن يستمر في فتوحاته الأوربية.
وراح محمد الفاتح يضع الخطة بإحكام، عقد هدنة مع ملوك المسيحيين في البلقان لمدة ثلاث سنوات. واستغل هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية وتأمينها. ثم ماذا؟ ثم جهز جيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي، واتجه بهم نحو القسطنطينية وحاصرها، كانت حامية القسطنطينية محصنة بشكل جيد ، فالبحر يحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوار منيعة، وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على بني أمية وبني العباس.
وقد كان تأخر سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين هو السبب في تأخر انهيار الدولة البيزنطية، فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط الدولة بأكملها، ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند البيزنطيين؛ بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها، وقد تأخر سقوط الدولة البيزنطية لمدة ثمانية قرون كاملة، على عكس الدولة الفارسية التي سقطت وزالت مبكرًا نتيجة سقوط "المدائن" عاصمتها في وقت قصير.
إلا أن الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها محمد الفاتح.
وكان العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود-الذي يرجع الفضل في اكتشافه إلى العلماء المسلمين-مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة الفائدة.
وإلى جانب هذا وذاك، فإن الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثير من أسطول البيزنطيين، فحاصر المدينة من جهة البحر، وأغلق مضيق البسفور في وجه أية مساعدة بحرية.
واستمر الحصار ستة أسابيع، هجمت بعدها الجيوش الإسلامية، وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار، ولكن البيزنطيين دافعوا دفاعًا مريرًا، ومع ذلك فقد دخل محمد الفاتح القسطنطينية، وغير اسم القسطنطينية إلى "إسلام بول" (أي عاصمة الإسلام)، كما جعل أكبر كنائس المدينة (أيا صوفيا) مسجدًًا بعد أن صلى فيه الجيش الفاتح بعد النصر، أما المسيحيون فلم يعاملهم بما كانوا يعاملون به المسلمين، لقد ترك لهم حرية العبادة، وترك لهم بطريقَهُم يشرف على أمورهم الدينية. تسامح المنتصر:
وقد وصف فولتير الفيلسوف الفرنسي الشهير موقف المنتصر المسلم من المهزوم المسيحي بقوله : إن الأتراك لم يسيئوا معاملة المسيحيين كما نعتقد نحن، والذي يجب ملاحظته أن أمة من الأمم المسيحية لا تسمح أن يكون للمسلمين مسجد في بلادها بخلاف الأتراك، فإنهم سمحوا لليونان المقهورين بأن تكون لهم كنائسهم، ومما يدل على أن السلطان محمد الفاتح كان عاقلا حكيمًا تركه للنصارى المقهورين الحرية في انتخاب البطرييارك المسيحي، ولما انتخبوه ثبته السلطان وسلمه عصا البطارقة، وألبسه الخاتم حتى صرح البطرييارك عند ذلك بقوله : إني أخجل مما لقيته من التبجيل والحفاوة، الأمر الذي لم يعمله ملوك النصارى مع أسلافي.
ولم يكتف "محمد الثاني" بهذا النصر، بل سار إلى أعدائه في الغرب، وأخضع معظم دول البلقان، إلى أن وصل إلى بحر الأدرياتيك، وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين حتى نهر الفرات فهزموا السلاجقة، واستولوا على جميع أراضيهم.
وجاء "السلطان سليم" بعد محمد الفاتح، فدخلت الجيوش الإسلامية الجزيرة العربية بأسرها، وعَرَّجوا على مصر فقضوا علىحكم المماليك البرجية الشركسية فيها، وضموها لممتلكاتهم.
وفي مصر، وجد السلطانُ سليم آخرَ سلالة الخلفاء العباسيين واسمه "المتوكل على الله الثالث"، وطلب منه أن يتنازل له عن الخلافة فقبل، وقد يتساءل: كيف يكون هناك خليفة عباسي مع أن التتار قضوا على الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ.
الواقع أنه بعد مقتل الخليفة المستعصم في بغداد تمكن بعض أفراد أسرته من الهروب إلى مصر، فآواهم سلاطين المماليك، ولقبوا أحدهم خليفة، وكانت خلافة رمزية، الغرض منها إكساب دولة الخلافة سمعة كبيرة بوجود الخليفة فيها.
واستمرت سلالة هؤلاء الخلفاء حتى سنة 924هـ/1518م، عندما دخل السلطان سليم مصر وهزم المماليك، ولما أراد العودة إلى العاصمة إسلام بول أخذ معه الخليفة المتوكل على الله الثالث الذي تخلى للسلطان سليم عن الخلافة، وسلمه الراية والسيف والبردة سنة 925هـ/1518م.

وهكذا انتقلت الخلافة إلى الدولة العثمانية، واستمرت فيها حتى سنة 1342هـ/1923م، حتى تم إلغاها ونقل العاصمة إلى أنقرة عاصمة تركيا الحديثة.

منجزات الخلافة العثمانية


1. فتح القسطنطينية، وتحقيق حلم وأمل المسلمين
2. وقوف السلطان عبد الحميد في وجه اليهود بقوة، ومنعهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. فيروى أنه بعد عقد مؤتمر بال بسويسرا 1336هـ/1897م والذي قرر اتخاذ فلسطين وطنًا قوميّا لليهود , ذهب سفير يهودي إلى الخليفة عبد الحميد، وذكر له أن الحركة الصهيونية مستعدة أن تقدم قرضًا للدولة، قدره خمسون مليونًا من الجنيهات، وأن تقدم هدية لخزانة السلطان الخاصة قدرها خمسة ملايين من الجنيهات، نظير السماح لليهود بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فصرخ الخليفة في حاشيته قائلا: من أدخل علي هذا الخنزير. وطرده من بلاده، وأصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
3. من أبرز خدماتها للمسلمين أنها أخرت وقوع العالم الإسلامي تحت الاحتلال الأوربي، فما إن زالت الخلافة الإسلامية حتى أتى الغرب على دول المسلمين يبتلعها دولة بعد الأخرى، وقد وقف السلطان سليم الأول ومن بعده ابنه بقوة إلى جانب دولة الجزائر ودول شمال إفريقية وساعدهم في مقاومة الاحتلال الأوربي في بداية الأمر عندما استغاث خير الدين بالسلطان سليم فأمده بالعدة والعتاد.
4. دفاعهم عن الأماكن المقدسة، فعندما حاولت قوات الأسطول البرتغالي (مرتين) أن تحتل جدة وتنفذ منها إلى الأماكن المقدسة في الجزيرة، وقفت في وجهها الأساطيل العثمانية، فارتدت على أعقابها خاسرة، بل إن القوات البحرية أغلقت مضيق عدن في وجه الأساطيل البرتغالية، فكان عليها أن تأتي بالشحنات التجارية وتفرغها في مضيق عدن، ويقوم الأسطول الإسلامي العثماني بتوصيلها إلى عدن والموانئ الإسلامية.
5. ويكفي أن الخلافة العثمانية كانت رمزًا لوحدة المسلمين، وقوة تدافع عن المسلمين وقضاياهم وأراضيهم، بالإضافة إلى الفتوحات الإسلامية، وحرصهم على الإسلام وحبهم له، كيف لا، وقد قامت دولتهم على حب الإسلام بغرض الدفاع عنه.
هذا وقد ظلم التاريخ هذه الخلافة الإسلامية خلافة الأتراك العثمانيين؛ لأن تاريخها كتب بأيدي أعدائها سواء من الأوربيين أو من العرب الذين تربوا على مناهج الغرب، وظنوا أنها احتلال للبلاد العربية، ولذلك فتاريخ هذه الخلافة يحتاج إلى إعادة كتابة من جديد.
 
موضوع رائع بصياغته التاريخية والأدبية .
أشكرك أخي الحبيب أبو فيصل .
من قام بالصياغة في موضوعك إنسان مسلم غيور .
أراد أن يعرض لهذه الأجيال نموذجاً مسلماً فريداً في العصور القريبة من هذا الزمن . الذي خلي من شخصيات تمتاز بكل ما امتاز به بطلنا الصاعقة .
في دينه وشجاعته وحبه للعلماء وفي رجولته وشهامته .
الحوادث التاريخية في الموضوع صحيحة .
وأضافت الصياغة عليه بعداً تحفيزياً رائعاً لكل المسلمين في العالم .
أضفت في ردي السابق , مختصرا تاريخاً عن الأمبراطورية العثمانية .
حتى يتثنى للقاريء أن يطلع على تسلسل الأحداث قبل حياة بطلنا الصاعقة وبعده
 
موضوع رائع جداً وشيق

رحم الله بايزيد الأول وأسكنه فسيح جناته

اما مثل هذا
تيمورلنك فكثير الهزائم التي يصاب بها العالم الاسلامي ان لم تستطيع يد الغرب هزيمتها تهزم من الداخل من قبل الخونه كأمثال تيمورلنك وما كثر احفاده هذه الايام

اما مثل المجاهد البطل
بايزيد الأول ما احوجنا لمثل هذا القائد العظيم
في عصر صار حب وتقديس الكرسي اكبر من تقديس دين الاسلام واهله

بارك الله فيك اخي الفاضل ابو فيصل
اتفق معك تماما اخي الشجاع
واشكر لك مرورك الكريم
 
موضوع رائع بصياغته التاريخية والأدبية .
أشكرك أخي الحبيب أبو فيصل .
من قام بالصياغة في موضوعك إنسان مسلم غيور .
أراد أن يعرض لهذه الأجيال نموذجاً مسلماً فريداً في العصور القريبة من هذا الزمن . الذي خلي من شخصيات تمتاز بكل ما امتاز به بطلنا الصاعقة .
في دينه وشجاعته وحبه للعلماء وفي رجولته وشهامته .
الحوادث التاريخية في الموضوع صحيحة .
وأضافت الصياغة عليه بعداً تحفيزياً رائعاً لكل المسلمين في العالم .
أضفت في ردي السابق , مختصرا تاريخاً عن الأمبراطورية العثمانية .
حتى يتثنى للقاريء أن يطلع على تسلسل الأحداث قبل حياة بطلنا الصاعقة وبعده
اشكرك ياخبيرنا واستاذنا الاخ فارس على الاضافه الرائعه والمرور الكريم
 

عودة
أعلى