التصفح للزوار محدود

الاخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين
إخوتي وأخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نتابع بحول الله ومشيئته تفنيد أكاذيبالكذاب الدعى زكريا بطرس

عرضنا في المقال السابق لما إدعاه الكذاب الآشر زكريا بطرس من شبهات حول جمع القرآن وبيننا زيف الإدعاء بالأدلة الدامغة من واقع التاريخ والأحداث وعرضنا لمراحل جمع القرآن ومنهجية الجمع والفرق بين تلك المراحل وأظهرنا من خلال العرض الذى قدمناهلتدوين القرآن الحقائق الآتية :
1. إن تدوين متون القرآن (نصوصه) تم منذ فجر أول سورة نزلت بل أول آية من القرآن ، وكان كلما نزل نجم من القرآنأملاه عليه الصلاة والسلام على كاتب الوحى فدونه سماعًا منه لتوه ، ولم يلق عليهالصلاة والسلام ربه إلا والقرآن كله مدون فى الرقاع وما أشبهها من وسائل التسجيل . وهذا هو الجمع الأول للقرآن
2. إن هذاالتدوين أو الجمع المبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذى قامت على أساسهكل المصاحف فيما بعد ، حتى عصرنا الحالى .
3. أن جمع القرآن دائما وأبدا يعتمد على ركيزتين بالغتى الأهمية :
الأولى : السماع من الحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته .
الثانية : الحفظ المتقن فىالصدور .
والسماع والحفظ هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز . وسيظلان هكذا إلى يوم الدين .
4. إن القرآن منذ أول آية نزلت منه ، حتى اكتملوحيه لم تمر عليه لحظة وهو غائب عن المسلمين ، أو المسلمون غائبون عنه ، بل كانملازمًا لهم ملازمة الروح للجسد .
5. إن تاريخ القرآن واضح كل الوضوح ، ومعروف كلالمعرفة ، لم تمر عليه فترات غموض ، أو فترات اضطراب ، كما هو الشأن فى عهدى الكتابالمقدس التوراة والإنجيل
ونواصل اليوم بحول الله وفضله تفنيد بقية إدعاءات أهل الكتاب الباطلة فقد بقىعلينا من عناصر شبهاتهم حول جمع القرآن ومراحله إضافة : النقط والضبط وعلامات الوقف و هو ماننقاشه اليوم بإذن الله.

المراد بالنَقْط هو وضع النُّقط فوق الحروف أوتحتها مثل نقطة النون ونقطة الباء .
أما الضبط فهو وضع الحركات الأربع : الضمةوالفتحة والكسرة والسكون فوق الحروف أو تحتها حسب النطق الصوتى للكلمة . حسبماتقتضيه قواعد النحو والصرف .
أما علامات الوقف فهى كالنقط والضبط توضع فوق نهايةالكلمة التى يجوز الوقف عليها أو وصلها بما بعدها . وهذه الأنواع الثلاثة يُلحظفيها ملحظان عامَّان :
الأول : أنها لا تمس جسم الكلمة من قريب أو من بعيد ولاتغير من هيكل الرسم العثمانى للكلمات ، بل هى زيادة إضافية خارجة عن "متون " أو أصول الكلمات .
الثانى : أنها كلها أدوات أو علامات اجتلبت لخدمة النص القرآنى، ولتلاوته صوتيًا تلاوة متقنة أو بعبارة أخرى : هى وسائل إيضاح اصطلاحية متفقعليها تعين قارئ القرآن على أدائه أداء صوتيًا محكمًا ، وليست هى من عناصر التنزيل، وليست تبديلاً أو تحريفًا أدخل علىكتاب الله فأضاع معالمه ، كما يزعم خصوم القرآن الموتورون . فالنقط أضيفت إلىرسم المصحف للتمييز بين الحروف المتماثلة كالجيم والحاء والخاء ، والباء والتاءوالثاء والنون والسين والشين ، والطاء والظاء والفاء والقاف والعين والغين ، والصادوالضاد .
وقبل إضافة النقط إلى الحروف كان السماع قائماً مقامها ، لأن حفاظالقرآن المتقنين المجوِّدين ليسوا فى حاجة إلى هذه العلامات ، لأنهم يحفظون كتابربهم غضًا طريًا كما أنزله الله على خاتم رسله ، أمَّا غير الحفاظ ممن لا يستغنونعن النظر فى المصحف فهذه العلامات النقطية والضبطية والوقفية ترشدهم إلى التلاوةالمثلى ، وتقدم لهم خدمات جليلة فى النظر فى المصحف ؛ لأنها كما قلنا من قبل وسائلإيضاح لقراء المصحف الشريف.


فمثلاً نقط الحروف وقاية من الوقوع فى أخطاء لا حصرلها ، ولنأخذ لذلك مثالاً واحدًا هو قوله تعالى : (كمثل جنة بربوة) {البقرة -265} لو تركت " جنة " بغير نقط ولا ضبط لوقع القارئ غير الحافظ فى أخطاء كثيرة ؛ لأنها تصلح أنتنطق على عدة احتمالات ، مثل : حَبَّة حية حِنَّة خبَّة جُنة حِتة خيَّة جيَّة حبةجبَّة .
ولكن لما نقطت حروفها ، وضُبطت كلماتها اتضح المراد منها وتحدد تحديدًادقيقًا ، طاردًا كل الاحتمالات غير المرادة .


وأول من نقط حروف المصحف جماعة منالتابعين كان أشهرهم أبوالأسود الدؤلى ، ونصر بن عاصم الليثى ، ويحيى بن يَعْمُر ،والخليل ابن أحمد ، وكلهم من كبار التابعين {1}والخلاصة : أن نقط حروفالكلمات القرآنية ، وضبط كلمات آياته ليس من التنزيل ، وأنه حدث فى عصر كبارالتابعين ، وإلحاق ذلك بالمصحف ليس تحريفًا ولا تعديلاً لكلام القرآن . وهو منالبدع الحسنة وقد أجازه العلماء لأن فيه تيسيرًا على قُرَّاء كتاب الله العزيز ،وإعانة لهم على تلاوته تلاوة متقنة محكمة ، وهو من المصالح المرسلة ، التى سكتالشرع عنها فلم يأمر بها ولم ينه عنها . وتحقيق المصلحة يقوم مقام الأمر بها ،ووقوع المضرة يقوم مقام النهى عنها . وهذه سمة من سمات مرونة الشريعة الإسلاميةالعادلة الرحيمة.

أما علامات الوقف فلها أدوار إيجابية فى إرشاد قراء القرآنوتوجيههم إلى كيفية التعامل مع الجمل والتراكيب القرآنية حين تُتلى فى صلاة أو فىغير صلاة .
والواقع أن كل هذه المضافات إلى رسم كلمات المصحف وسائل إيضاح كما تقدم ، اجتلبت من أجل خدمة النص القرآنى لكى يقرأ كما أنزل على النبى صلوات ربى وسلامه عليه وكما قرأه عليه الصلاة والسلام على كتبة الوحى والصحابة رضوان الله عليهم،
وهذه المضافات تؤدى خدمة جليلة لمعانى المفردات والتراكيب القرآنية . وقد أشرنا من قبلإلى مهمات النقط فوق أو تحت الحروف ، وعلامات الضبط الأربع : الفتحة والضمة والكسرةوالسكون ، فوق أو تحت رسم الكلمات .ونسوق الآن تمثيلاً سريعًا للمهام الجليلةالتى تؤديها علامات الوقف ، التى توضع فوق نهايات الكلمات التى يُوْقَفُ عليها أولا يُوقف :
قوله تعالى:(وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو "صلى" ، وإن يمسسكبخير فهو على كل شىء قدير) {الأنعام -17}. نرى العلامة (صلى) فوق حرف الواو فى كلمة " هو " وهى ترمز إلى جواز الوقف والوصل أولى أي يجوز للقارئ الوقوف على هذه الكلمة " هو " ويجوز تلاوة الآية كلها دفعة واحدة بلا توقف وهذا هو الأولى .
والسبب فى جواز الوقف والوصل هنا أن كلاً من الكلامين معناه تاميحسن السكوت عليه ، وكذلك يحسن وصله بما بعده لأنهما كلامان بينهما تناسب وثيق ،ومن حيث البناء التركيبى ، هما شرط " إنْ " ، وفِعْلا الشرط فيهما فعل مضارع ، وهمافعل واحد تكرر فى شرطى الكلامين " يمسسك " والفاعل هو " الله " فيهما . الأول اسمظاهر ، والثانى ضمير عائد عليه ، أما كون الوصل أولى من الوقف ، فلأن التناسب بينالكلامين أقوى من التباين لفظًا ومعنى ، مع ملاحظة أن جواز الوقف يتيح لقارئ القرآننفحة من راحة الصمت ، ثم يبدأ رحلة التلاوة بعدها
وقوله تعالى :(قل ربى أعلم بعدتهمما يعلمهم إلا قليل " قلى" فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا) {الكهف -22}. فعلامة الوقف"قلى" موضوعة فوق اللام الثانية من كلمة "قليل" وترمز إلى جواز الوصل والوقف علىكلمة " قليل " وأن الوقف عليها أولى من وصلها بما بعدها ، وفى الوقف راحة لنفسالقارئ كما تقدم .
وجواز الوقف لتمام المعنى فى الجزء الأول من الآية . وجوازالوصل لأن الجزء الثانى من الكلام مفرع ومرتب على الجزء الأول { التفريع هو تولد كلام من كلام آخر ، وتأتى الفاء دليلاً على هذاالتفريع كما فى الآية الكريمة }. أما كونالوقف على كلمة " قليل " أولى فى هذه الآية فلأن ما قبلها جملتان خبريتان ، وهماواقعتان مقول القول لقوله تعالى : (قل ربى...) أما جملة " فلا تمار فيهم " فهىجملة إنشائية {2} فيها نهى عن الجدال فى شأن أهل الكهف كم كان عددهم والكلامالإنشائى مباين للكلام الخبرى . إذن فالكلامان غير متجانسين , هذه واحدة . أماالثانية فإن " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرًا ولا تستفت فيهم منهم أحدًا " ، غيرداخل فى مقول القول الذى أشرنا إليه قبلاً .
وهذان الملحظان أحدثا تباعدًا مابين الكلامين لذلك كان الوقف أولى ، إلماحًا إلى ذلك التباين بين الكلامين .
والوقفهو القطع بين كلامين بالسكوت لحظة بين نهاية الكلام الأول، وبداية الكلام الثانى ،وله شأن عظيم فى تلاوة القرآن الكريم ، من حيث الألفاظ (الأداء الصوتى) ومن حيثتذوق المعانى وخدمتها ، وقوله تعالى : (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذاتاليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه "ج" ذلك من آيات الله) {الكهف -17} علامة الوقف (ج) موضوعة فوق " الهاء " نهاية كلمة " منه " وترمز إلى جوازالوقف على " منه " وعلى جواز وصله بما بعده " ذلك من آيات الله " وهذا الجواز مستوىالطرفين ، لا يترجح فيه الوقف على الوصل، ولا الوصل على الوقف. وهذا راجع إلىالمعنى المدلول عليه بجزئى الكلام ، جزء ما بعد " منه " وجزء ما قبله . وذلك لأنما قبل " منه " كلام خبرى لا إنشائى وكذلك ما بعدها " ذلك من آيات الله .. " فهماإذن متجانسان .
والوقف مناسب جدًا لطول الكلام قبل كلمة " منه " وفى الوقف راحةللنفس ، والراحة تساعد على إتقان التلاوة . والوصل مناسب جدًا من حيث المعنى ؛لأن قوله تعالى : " ذلك من آيات الله " تركيب واقع موقع " الخبر " عما ذكره الله عزوجل من أوضاع أهل الكهف فى طلوع الشمس وغروبها عنهم .


وقوله تعالى : (الذينتتوفاهم الملائكة طيبين "لا" يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة ..) {النحل -32}فعلامة الوقف "لا" موضوعة على " النون " نهاية كلمة "طيبين" ترمز إلى أن الوقف على " طيبين " ممنوع .
والسبب فى هذا المنع أن جملة " يقولون " وهى التالية لكلمة "طيبين" حالمن " الملائكة " وهم فاعل " تتوفاهم " أما " طيبين " فهى حال من الضميرالمنصوب على المفعولية للفعل " تتوفاهم " وهو ضمير الجماعة الغائبين " هم " ولو جازالوقف على " طيبين " لحدث فاصل زمنى بين جملة الحال " يقولون " وبين صاحب الحال " الملائكة " ولم تدع إلى هذا الفعل ضرورة بيانية .
لذلك كان الوقف على " طيبين " ممنوعًا لئلا يؤدى إلى قطع "الحال" وهو وصف ، عن صاحبه " الملائكة " وهو الموصوف . وهذا لا يجوز بلاغة ؛ فمنع الوقف هنا كان سببه الوفاء بحق المعنى ، ومجىء الحال هناجملة فعلية فعلها مضارع يفيد وقوع الحدث بالحال والاستقبال مراعاة لمقتضى الحال ؛لأن الملائكة تقول هذا الكلام لمن تتوفاهم من الصالحين فى كل وقت لأن الموت لم ولنيتوقف .
وقوله تعالى : (إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد "م" له ما فىالسماوات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا ) {النساء -171}علامة الوقف (م) موضوعة على حرفالدال من كلمة " ولد " للدلالة على لزوم الوقف على هذه الكلمة " ولد " وامتناعوصلها بما بعدها وهو : " له ما فى السماوات وما فى الأرض " .
وإنما كان الوقف ،هنا لازمًا لأن هذا الوقف سيترتب عليه صحة المعنى وليمتنع إيهام غير صحته أما وصلهبما بعده فيترتب عليه إيهام فساد المعنى .وبيان ذلك أن الوصل لو حدث لأوهم أنقوله تعالى : " له ما فى السماوات وما فى الأرض " وصف ل " الولد " المنفى ، وهذا باطل قطعًا .
أما عندما يقف القارئ علىكلمة " ولد " ثم يستأنف التلاوة من " له ما فى السماوات وما فى الأرض " فيمتنع أنيكون هذا الوصف للولد المنفى ، ويتعين أن يكون لله عز وجل ، وهذا ناتج عن قطعالتلاوة عند " ولد " أى بالفاصل الزمنى بين تلاوة ما قبل علامة الوقف " لا " ومابعدها حتى آخر الآية .
فأنت ترى أن الوقف هنا يؤدى خدمة جليلة للمعنى المراد منالآية الكريمة . ومثله قوله تعالى :(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفونأبناءهم "م" الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ) {الأنعام -20} .
علامة الوقف (م) موضوعة فوقالميم من كلمة " هم " للدلالة على لزوم الوقف عليها ، وامتناع وصلها بما بعدها ،وهو " الذين خسروا أنفسهم " .
وسر ذلك اللزوم ؛ أن الوصل يوهم معنى فاسدًا غيرمراد ، لأنه سيترتب عليه أن يكون قوله تعالى : " الذين خسروا أنفسهم " وصفًا ل " أبناءهم " وهذا غير مراد ، بل المراد ما هو أعم من "أبناءهم" وهم الذين خسرواأنفسهم فى كل زمان ومكان . فهو حكم عام فى الذين خسروا أنفسهم ، وليس خاصًا بأبناءالذين آتاهم الله الكتاب .


هذه هى علامات الوقف ، وتلك هى نماذج من المعانىالحكيمة التى تؤديها ، أو جاءت رامزة إليها ، وبقيت حقيقة مهمة ، لابد من الإشارةإليها .إن خصوم القرآن يعتبرون علامات الوقف تعديلاً أُدْخِل على القرآن ، بعدعصر النزول وعصر الخلفاء الراشدين . وهذا وهم وخلط كبير وقعوا فيه ، لأن هذه العلاماتوغيرها ليست هى التى أوجدت المعانى التى أشرنا إلى نماذج منها ، فهذه المعانى التىيدل عليها الوقف سواء كان جائز الطرفين ، أو الوقف أولى من الوصل أو الوصل أولى منالوقف ، أو الوقف اللازم أو الوقف الممنوع . هذه المعانى من حقائق التنزيل وكانتملحوظة منذ كان القرآن ينزل ، وكان حفاظ القرآن وتالوه من أصحاب رسول الله صلى اللهعليه وسلم يطبقونها فى تلاوتهم للقرآن ، قبل أن يُدوَّن القرآن فى " المصحف " هذا هو الحق الذى ينبغى أن يكون معروفًا للجميع ، أما وضع هذه العلامات فى عصرالتابعين فجاءت عونًا لغير العارفين بآداب تلاوة القرآن ، دون أن تكون بشكلها جزءامن التنزيل فهى مثل علامات الإعراب كالفتحةوالضمة والكسرة والسكون مجرد رموز دالةعلى علامات الإعراب.
تنسيق المصحف :


نعنى بتنسيق المصحف " الفواصل بين السور ب " بسم الله الرحمن الرحيم " وترقيم آيات كل سورة داخل دوائر فاصلة بين الآيات ،ووضع خطوط رأسية تحت مواضع السجود فى آيات القرآن ، ثم الألقاب التى أطلقت علىمقادير محددة من الآيات مثل :الربع الحزب الجزء .
فهذه الأعمال إجراءاتبشرية خالصة أُلْحِق بعضها بسطور المصحف ، وهو ترقيم الآيات وَوُضِع بعضها تحتها ،كعلامات السجود فى أثناء التلاوة .
أما ماعدا هذين فهى إجراءات اعتبارية عقلية ،تدل عليها عبارات موضوعة خارج إطار أو سُور الآيات .
وليس فى هذا مطعن لطاعن ؛لأنّاَ نقول كما قلنا فى نظائره من قبل إنها وسائل إيضاح وتوجيه لقرَّاء القرآنالكريم توضع خارج كلمات الوحى لا فى متونها ، وتؤدى خدمة جليلة للنص المقدس مقروءاًأو متْلُوًّا .
ولا يدعى مسلم أنها لها قداسة النص الإلهى ، أو أنها نازلة منالسماء بطريق الوحى الأمين .
والمستشرقون الذين يشاركون المبشرين فىتَصيُّد التهم للقرآن ، ينهجون هذا النهج " التنسيقى " فى أعمالهم العلميةوالفكرية، وبخاصة فى تحقيق النصوص فيضعون الهوامش والملاحق والفهارس الفنيةلكلما يقومون بتحقيقه من نصوص التراث . ولهم مهارة فائقة فى هذا المجال ، ولمنر واحدًا منهم ينسب هذه الأعمال الإضافية إلى مؤلف النص نفسه ، كما لم نر أحدًامنهم عدَّ هذه الإضافات تعديلاً أو تحريفًا أو تغييرًا للنص الذى قام هو بتحقيقهوخدمته .
بل إنه يعد هذه الأعمال الإضافية وسائل إيضاح للنص المحقق . وتيسيراتمهمة للقراء .
وهذا هو الشأن فى عمل السلف رضى الله عنهم فى تنسيق المصحف الشريف، وهو تنسيق لا مساس له ب " قدسية الآيات " لأنها وضعت فى المصحف على الصورة التىرُسِمَتْ بها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم .


تاريخ القرآن {3}
هذاهو تاريخ القرآن ، منذ نزلت أول سورة منه ، إلى آخر آية نزلت منه ، كان كتابًامحفوظا فى الصدور ، متلوًّا بالألسنة ، مسطورًا على الرقاع ، ثم مجموعًا فى مصاحف ،لم يخضع لعوامل محو وقرض، ولا آفات ضياع ، وضعته الأمة فى " أعينها " منذ نَزَلَفلم يضل عنها أو يغب ، ولم تضل هى عنه أو تغب ، تعرف مصادره وموارده ، على مدى عمرهالطويل ، تعرفه كما تعرف أبناءها ، بلا زيغ ولا اشتباه .
هذا هو تاريخ القرآن ،وضعناه وضعًا موجزًا ، لكنه مُلِمٌّ بمعالم الرحلة ، كاشفًا عن أسرارها . وضعناهلنقول لخصوم القرآن والإسلام :
هل فى تاريخ القرآن ما يدعو إلى الارتياب فيه ،أو نزع الثقة عنه ؟وهل أصاب آياته المحكمة خلل أو اضطراب ؟وهل رأيتموه غابلحظة عن الأمة، أو الأمة غابت عنه لحظة؟وهل رأيتم فيه جهلاً بمصدره ونشأتهوتطور مراحل جمعه وتدوينه ؟ أو رأيتم فى آياته تغييرًا أو تبديلاً ؟تلك هىبضاعتنا عرضناها فى سوق العرض والطلب غير خائفين أن يظهر فيها غش أو رداءة ، أوتصاب ببوار أو كساد من منافس يناصبها العداء .


هذا هو ما عندنا . فما هو الذىعندكم من تاريخ الكتاب المقدس بعهديه {14} القديم (التوراة) التى بين أيدىاليهود الآن ، والجديد (الأناجيل) التى بين أيدى النصارى الآن .
ما الذى تعرض لهالكتاب المقدس فى تاريخه الأول؟ وأتحدى الكذاب الدعى زكريا بطرس أن يعرض لتاريخ كتابه المقدس بحيادية وموضوعية.
____________ _________ _________ ____
{1} المقنع لأبى عمروالدانى ص 129 تحقيق محمد الصادق قمحاوى .
{2} الكلام كله قسمان : خبر ، وإنشاء ، فكلكلام أخبرت فيه غيرك بأمر قد حدث قبل زمن التكلم أو بعده مثل : حضر فلان أمس ، أوسيحضر غدًا هو كلام خبرى ، أما إذا طلبت شيئًا لم يكن حاصلاً فى زمن التكلم مثل : أطع والديك فهو كلام إنشائى .
{ 3} نقصدبتاريخ القرآن رحلته عبر تاريخه المبكر ، إلى أن تم جمعه فى المصاحف ، وما لحق بهذاالجمع من رموز واصطلاحات لتيسير تلاوته مجودًا ، ولسهولة الإحاطة بما فيه منالألفاظ والمعانى .
{4} اليهود يؤمنون بالعهد القديم وحده ، ويكفرون بالعهدالجديد (الأناجيل) أما النصارى فيعتبرون العهد القديم شطرًا من الكتاب المقدس ،ويؤمنون بالعهدين معًا .

 

عودة
أعلى