الاستنساخ

لأول مرة، استطاع العلماء تخليق عشرات الأجنة المستنسخة من الثدييات العليا البالغة. ولكن، ما هي تبعات هذا الاختراق التقني على مستقبل الجنس البشري.

ستيف كونور، المحرر العملي

مكن اختراق تقني العلماء من تخليق عشرات الأجنة المستنسخة من قرود بالغة، مما يزيد من فرص تطبيق الإجراء نفسه لتخليق أجنة بشرية مستنسخة.

ظلت المحاولات التي جرت لاستنساخ أجنة بشرية لأغراض البحث وهي تواجه مشاكل تقنية مقرونة بجدل مستمر وعنيف حول أبحاث مراوغة وأخلاقيات هي محل استنطاق. لكن التقنية الجديدة تعد بتثوير الكفاءة التي يستطيع العلماء من خلالها تحويل البويضات البشرية إلى أجنة مستنسخة.

هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها العلماء قادرين على تخليق أجنة مستنسخة من فرد بالغ من الثدييات العليا -في هذه الحالة قرد ذكر بالغ عمره 10 سنوات من فصيلة rhesus macaque- ومن المتوقع أن ينشروا اكتشافاتهم في وقت لاحق من هذا الشهر. كما سيبين العلماء أنهم ما يزالون قادرين على استخراج خلايا جذعية من بعض الأجنة المستنسخة، وأنهم استطاعوا أن يحفزوا هذه الخلايا الجينية على التطور في المختبر لتصبح خلايا قلب وعصيات دماغية.

إلى ذلك، قال علماء مطلعون على البحث انه يعتبر اختراقاً كانوا كلهم في انتظاره، لأن هناك شعوراً متنامياً بأنه ربما يكون هناك حاجز لا يمكن تجاوزه أمام خلق أجنة من الثدييات العليا- بما فيها البشر.

لن يلقى هذا التطور ترحيبا في الأوساط كافة؛ إذ سيحاجج معارضو الاستنساخ في أن الأسلوب الجديد المتمثل باستغلال بويضات الثدييات العليا لتحسين فعالية الاستنساخ سيفضي إلى زيادة المحاولات الرامية إلى تخليق -وتدمير- الأجنة البشرية المستنسخة لغايات الأبحاث.

بالرغم من عدم قانونية وضع أي من الأجنة المستنسخة في رحم امرأة في بريطانيا، فان العديد من الناس يخشون أيضا من أن تفضي السهولة النسبية في القيام بعملية الاستنساخ باستخدام خلايا الجلد من إنسان بالغ إلى زيادة فرص تطبيقها لتخليق طفل مستنسخ. وكان العلماء في كوريا الجنوبية قد ذكروا في عام 2004 أنهم خلقوا أول جنين بشري مستنسخ، لكن دراستهم جرى سحبها في عام 2006 بعد أن تبين أن واضعها الرئيس، هوا وو-سوك، كان قد مارس الخداع والتزوير. وكان هناك مثال موثق واحد فقط على استنساخ جنين بشري، لكنه مات بعد بضعة أيام فحسب ولم ينتج خلايا جذعية. ولم يتكرر ذلك العمل حتى الآن.

ويعتقد أن العلماء الذين اجروا العمل الأخير على الثدييات العليا قد حاولوا زراعة نحو 100 جنين مستنسخ في أرحام 50 أما من قردة "ريسيوس"، لكنهم لم ينجحوا في توليد أي وليد مستنسخ بعد. ومع ذلك، قال عالم رفيع المستوى شارك في الدراسة إن ذلك قد يعود ببساطة إلى سوء الحظ، إذ استغرق أمر تخليق العنزة "دولي" على سبيل المثال 277 محاولة فيما كانت أول محاولة لاستنساخ أحد الثديات البالغة.

كان العمل قد أجري بإشراف شوكهارات ميتاليبوف، وهو عالم من مواليد روسيا، يعمل في مركز أبحاث اوريغون ناشيونال لأبحاث الثدييات العليا في بيفرتون. وقد ساعد الدكتور ميتاليبوف في ابتكار طريقة جديدة لمعالجة بويضات الثدييات العليا خلال عملية الاستنساخ التي تضمنت حقن كل بويضة بخلية نووية مأخوذة من جلد أحد الثدييات العليا. وقال الدكتور ميتاليبوف انه لم يكن قادراً على التعليق على الدراسة حتى تم نشرها في صحيفة "الطبيعة" Nature. لكنه ابلغ زملاء في اجتماع علمي هذه السنة انه كان قد صنّع دفعتين من الخلايا الجذعية من 20 جنينا مستنسخا، وأثبتت الفحوصات أنها كانت نسخاً حقيقية.

من جهته، قال البروفيسور ألن تراونسون من جامعة موناش في استراليا إن استنتاجات الدكتور ميتاليبوف مثلت اختراقاً طال انتظاره. إذ بالرغم من العديد من المحاولات، لم يكن بمقدور احد إنتاج أجنة من الثدييات العليا مستنسخة من خلايا حيوان بالغ، ولو أن ذلك كان قد طبق على العشرات من الأنواع الأخرى من غير الثدييات. وقال البروفيسور تراونسون: "إن هذا يعتبر "تغيراً في المفهوم" بالنسبة للثدييات العليا. وقد ظن البعض بأن حدوثه سيكون صعبا جداً- في القرود وبني البشر- لكن أولئك من بيننا ممن يعملون مع حيوانات مثل الماشية والأغنام ظنوا أن معدلات النجاح ستكون مشابهة لما تحقق في هذه الأنواع". وأضاف: "إن بيانات ميتاليبوف تؤكد هذا. إنهم يمتلكون المهارات الضرورية، ونستطيع الآن الانتقال إلى التفكير بما يمكن إنجازه فيما يتعلق بالبشر".

وقال البروفيسور دون وولف الذي قاد البحث المخبري في مركز أبحاث اوريغون ناشيونال برايميت قبل تقاعده أخيرا إن الإنجاز الجديد قد استند إلى أسلوب ميكروسكوبي لا يستخدم الضوء فوق البنفسجي ولا الاصباع المدمرة لبويضات الثديات العليا. وأضاف الدكتور وولف: "لقد حاولنا في المراحل المبكرة استخدام ذلك التكتيك في القرود، دون أن نعرف في حينه أن ذلك يدمر البويضات. ولذلك، كان أحد مفاتح النجاح استبعاد تلك الخطوة من العملية". وأضاف: "نستطيع الآن إنتاج أجنة مستنسخة من القرود بوتيرة معقولة، على الأقل بوتيرة تسمح لنا بدراسة الأجنة المستنسخة".

حتى الآن، أنتج فريق اوريغون الذي يعمل مع مجموعة في الصين حوالي 100 جنين مستنسخ، والتي تم نقلها إلى نحو 50 من إناث القرود من فصيلة "ماسيك"، لكن أيا منها لم يفض إلى حمل كامل المدة.

وقال الدكتور وولف: " من الممكن أننا ما نزال نواجه حظا عاثرا، إذ إننا ربما ننتج واحدا من كل 20 أو واحدا من كل 30 من الأجنة المستنسخة، والتي تكون "طبيعية" وقادرة على التسبب بالحمل. ولكننا لم نتوافر عليها في الوقت المناسب بالنسبة للحيوان المتلقي لإتاحة المجال أمام الزراعة، وبالتالي حدوث الحمل". وأضاف: "وسيكون التركيز الآن على الاستنساخ العلاجي واستخدام الثدييات العليا غير البشرية كنموذج لاستنساخ علاجي لما يمكن أن نتمكن من عمله إكلينيكيا".

تاريخ موجز عن الاستنساخ

إن تقنية استنساخ القرد هي نفس الإجراء الأساسي الذي أسفر عن تخليق الماعز "دولي"، إذ تتم عملية إزالة نوية بويضة غير مخصبة متمتعة بالصحة واستبدالها بنوية أخرى من خلية جلدية ناضجة لحيوان راشد وتزرع داخل البويضة. ويمكن للجنين، مع توقيت حذر وباستخدام النبضات الكهربائية، أن يتم تخليقه ليكون استنساخا جينيا لنسيج جلد المتبرع. ومن الممكن زرع أجنة مخلقة بهذه الطريقة في الرحم لإنتاج حيوانات مستنسخة. ويعتبر هذا النوع مما يدعى "الاستنساخ التكاثري" لبني البشر غير قانوني في بريطانيا والعديد من البلدان الأخرى، لكنه ما يزال يطبق عموما على سلسلة من أنواع الحيوانات بما فيها:

* البقر: تم استنساخ العديد من الماشية المدجنة. وقد جرت الأولى لمحاولة استنساخ أنواع مهددة بالانقراض مثل نوع "نوح" Noah، وهو نادر من الثيران، كان قد استنسخ في الولايات المتحدة في عام 2001، لكنه الوليد مات بعد 48 ساعة من ولادته.

* الفئران: كانت كيوميولينا فأرة منزلية شائعة مستنسخة من خلايا ناضجة في جامعة هاواي في عام 1997، وقد عاشت حتى البلوغ وولدت فأرين قبل وفاتها في أيار - مايو من عام 2000.

* الخيول: حصان يدعى برومتي، وهو أول حصان مستنسخ ولد في ايطاليا في أيار - مايو من عام 2003.

* القطط: قطة صغيرة تدعى كوبي كانت ولدت في عام 2002 في تكساس وولدت ثلاث قطط من ذكر طبيعي في أيلول - سبتمبر 2006.

* الكلاب: الكلب "سنوبي" ولد في كوريا الجنوبية. وقد تم استبعاد فحوص مخبرية أجريت على الحمض الريبي النووي DNA بسبب شكوك حول موثوقيتها. وقد استنسخت نفس المجموعة أيضا جروي ذئبين يسميان سنو وولف وسنو وولفي، مستخدمة نفس الإجراء. كما ولدت أيضا كلاب صيد أفغانية مستنسخة سميت "بونا" و"بيس" و"الأمل".
 
3losh10.gif
 

عودة
أعلى