التصفح للزوار محدود

العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

أبو حمزة

Well-known member
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه



في العام السادس عشر من الهجرة النبوية المباركة صدر مرسوم عُمري عظيم يؤكد عظمة جيل تربى في حجر النبوة ونهل من نبعها الصافي. فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتخذ قراراً ويصدر به أمراً أن يتعامل المسلمون بالتاريخ الهجري، ويتركوا ما سواه من التاريخ، فأصبح التاريخ الهجري منذ تلك اللحظة هو المقدم عند المسلمين، يؤرخون به للأحداث، يردون اليه ويصدرون عنه. ومما لا شك فيه أن هذا القرار العمري يعد أحد إبداعات العبقري الفذ الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ويتجلى هذا الإبداع بأن جعل (الهجرة النبوية) هي بداية التأريخ عند أمة الإسلام، لأنها - أي الهجرة - كانت الانطلاقة الحقيقية لدولة الإسلام، وتدعيم ركائزها. واثبات وجودها، وفرض سلطانها على من حولها، ثم الانطلاق إلى العالمية لنشر الدين الإسلامي في شتى بقاع المعمورة... فما أعظم أن يدرك المسلمون عظمة هذا التاريخ، الذي ربطهم بأعظم حدث جعلهم ظاهرين على الناس، لكنهم مع مرور الأيام والسنين يتناسون في غمرة الأحداث والانشغالات هذه الحقيقة ويقتصر ارتباطهم بالعام الهجري بمجرد تهنئة بعضهم البعض بقدومه... دون أن يكلف أحدهم نفسه - إلا من رحم ربي - عناء التفكير في حكمة القرار العمري، ولماذا ارتبط التأريخ بالهجرة...؟ انها قضية تحتاج إلى وقفات مع نهاية عام هجري وقدوم عام جديد... وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

ما أسرع تصرم الأيام، وانقضاء الشهور والأعوام، كيف مضى عام بهذه السرعة؟

كنا بالأمس في أول العام، ونحن اليوم في منتهاه، بل قد انقضى ودخل غيره!!

هل ذهبت بركة الأوقات فلم نشعر بتصرِّمها؟!

أم أننا قد أدركنا علامة من علامات الساعة؟! تكون السنة فيها كالشهر؟

تدور عجلة الزمن بسرعة مذهلة ترتجف منها القلوب الحية، ذلك أن المسلم يكاد يطيش عقله عندما يقف مع نفسه محاسباً: ماذا قدّم فيما انقضى من أيام عمره ولياليه؟؟ ويزداد خوفاً وفرقاً عندما يستحضر ما رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك).فيا الله ما أقصر الأعمار.... !!! تبلغ الستين أو السبعين أو الثمانين أو المئة، ثم تنتهي من الدنيا وتنتقل إلى الآخرة، وهذا إن لم تتخطفك المنون في سن الشباب أو الكهولة....!!!!

فهاهو عامنا الهجري.يجمع أطرافه ويلم أوراقه ويربط حقائبه

ثم يودعنا راحلاً بما حوى بين جنباته من أفراح وأتراح وآلام وآمال

فكم سعد فيه من أناس وكم شقي فيه من آخرين،

كم من دمعات انحدرت فرحاً باللقاء،

وكم من عبرات سكبت من لوعة الفراق....

مرت سنون بالوئام وبالهناء فكـأننا وكـأنها أيــام

ثم أعقبت أيام سوء بعدها فكأننا وكـأنها أعــوام

فكم من لحظات جميلة حلوة كالشهد طعماً، وهنيئة لذيذة كالماء البارد على الكبد العطشى، وكم من مناسبات يطير لها القلب شوقاً وفرحاً، ومواقف وأحداث يحبها الإنسان، وددنا أنها تتكرر وتدوم... ولكن الله يفعل مايشاء ويحكم مايريد. يقول أبو البقاء الرندي:

لكل شيء اذا ما تم نقصان = فلا يغر بطيب العيش انسان

هي الأمور كما شاهدتها دول = من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لاتبقي على أحد = ولايدوم على حال لها شان
فكم من قريب في هذا العام ودعناه بعبرات حرّى ودموع مهراقة، بعد أن واريناه التراب، وكم من صديق عزيز عظم فيه المصاب فلله الأمر من قبل ومن بعد.
فالمقصود أن هذا العام قد انصرم وكل لحظة منه تباعدنا عن الدنيا وتقربنا من الآخرة:
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة.
قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ.
فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الفضيل: أتعرف تفسير قول: إنا لله وإنا إليه راجعون !!؟
فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف،
فليعلم أنه مسؤول، فليعد للسؤال جوابا،
فقال الرجل: فما الحيلة؟
قال: يسيرة. قال: ما هي؟
قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: «ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل» أخرجه البخاري.
فالذي ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه ماذا قدم لها في ما مضى من عمره:
قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد)
قال ابن كثير رحمه الله: (أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخر تم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم).
فسبحـان الله !!!!!
كيف يفرح العاقل بقطع الليالي والأيام؟؟ دون اعتبار ولاحساب لما كان فيها، وما يكون بعدها
فإن اللبيب الموفق من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده.
انقضى العام الهجري بختام هو الاروع في حياة الامة الاسلامية، وهو موسم الحج الذي يجتمع الناس فيه على صعيد واحد ملبين نداء الحق سبحانه وتعالى حيث دعاهم لحج بيته الحرام، في تجرد من الدنيا وادرانها، انفض العام الهجري وهو الذي يبدأ في اول شهوره بذكرى يوم عاشوراء وهو يوم من افضل ايام السنة، ومابين عاشوراء والحج تأتي ذكرى الاسراء والمعراج وصيام شهر رمضان والعيدان الفطر والاضحى، وكلها مواسم عبادية عظيمة يجب على المسلم ان يغتنمها على خير وجه لما فيها من الخير العظيم، فماذا حصلنا من هذه المناسبات؟
أخي المسلم الحبيب: هل خلوت بنفسك يوما فحاسبتها عما بدر منها من الأقوال والأفعال؟... وهل حاولت يوما أن تعد سيئاتك كما تعد حسناتك؟... بل هل تأملت يوما طاعتك التي تفتخر بذكرها؟... فإن وجدت أن كثيرا مشوبا بالرياء والسمعة وحظوظ النفس فكيف تصبر على هذه الحال، وطريقك محفوف بالمكاره والأخطار؟ وكيف القدوم على الله وأنت محمل بالأثقال والأوزار؟ قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) وقال تعالى: «وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ»، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). عبادة وخشية، وقد مدح الله تعالى أهل طاعته: (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال «لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات».
أخي المسلم: هكذا كان سلفنا الكرام يتقربون إلى الله بالطاعات ويسارعون إليه بأنواع القربات ويحاسبون أنفسهم على الزلات ثم يخافون ألا يتقبل الله أعمالهم.
فهذا الصديق رضي الله عنه: كان يبكي كثيرا، ويقول: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قرأ سورة الطور حتى بلغ قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع) فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء؟؟ وقال ابن عباس رضي الله عنه ما مصر الله بك الأمصار وفتح بك الفتوح وفعل وفعل، فقال عمر: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر؟؟
وهذا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه: كان إذا وقف على القبر بكى حتى تبللت لحيته وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير؟؟
وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان كثير البكاء والخوف، والمحاسبة لنفسه وكان يشتد خوفه من اثنين: طول الأمل، واتباع الهوى، قال:
فأما طول الأمل فينسي الآخرة، واما اتباع الهوى فيصد عن الحق.
فأين نحن يا أمة الإسلام من سلفنا الصالح.
ختام العام
هذه كلمة للشيخ محمد بن صالح العثيمين في نهاية العام الهجري (من سلسلة لقاء الباب المفتوح) قال رحمه الله:
لعل من المناسب جداً أن يختم الإنسان عامه بالتدبر والتأمل والتفكر في ما عمل وفي ما يعمل فإن كان قد أصاب وأجاد؛ فليحمد الله على ذلك، وليسأله المزيد من فضله، وإن كان قد فرط؛ فليستدرك، فإن كان في ترك واجب يمكن تلافيه فليفعل، وإذا كان في ترك واجب لا يمكن تلافيه فليستغفر الله تعالى مما حصل، وإن كان في فعل محرم فليستغفر الله وليتُب؛ لِيُفَكِّر!
أقول قولي هذا وأنا أشدُّكم تفريطاً؛ لكني أسأل الله العافية والتوفيق
إنه ينبغي للإنسان أن يفكر تفكيراً جِدِّياً، وإذا كان التجار الذين يسعون في الدنيا لكسب الربح يراجعون دفاترهم في كل عام ينظرون ما الداخل وما الخارج، فلماذا لا يعمل المتاجرون مع الله عز وجل كما يعمل هؤلاء، فإن العمل في عبادة الله هو تجارة في الواقع يقول الله عز وجل (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) الصف(10-11)
فجعل الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله جعلها تجارة وهي حقيقة تجارةٌ، هي التجارة الرابحة، أما الدنيا فتجارتها وإن زادت فقد تكون نقصاً.
أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم اغتنام الأوقات بما يقرب إليه، وأن يعفو عنا ما فرطناه في واجبه، وأن يتجاوز عنا سيئاتنا إنه على كل شيء قدير.


التهنئة بالعام الجديد


أما التهنئة بالعام الجديد فلم تكن معروفة عند السلف لكنْ لما شاعت في الأزمنة المتأخرة سئل العلماء المعاصرون عنها.

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: إن هنّأكَ أحد فَرُدَّ عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل «هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة» لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه».

وقال في «الضياء اللامع» (ص 702) «ليس من السنة أن نُحدث عيداً لدخول السنة الهجرية أو نعتاد التهاني ببلوغه».

قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته؛ لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها، ولا هو أيضا مما نهي عنه.

وقد سئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله: نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد، قائلين: (كل عام وأنتم بخير)، فما حكم الشرع في هذه التهنئة؟

فأجاب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول وأنت كذلك إذا قال لك كل عام وأنت بخير أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له وأنت كذلك نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.

وقال الشيخ صالح الفوزان حين سئل عن التهنئة بالعام الهجري الجديد فأجاب لا نعرف لهذا أصلاً، والتأريخ الهجري ليس المقصود منه هذا أن يجعل رأس السنة مناسبة وتُحيا ويصير فيها كلام وعيد وتهاني، وإنما جعل التأريخ الهجري من أجل تمييز العقود فقط، كما فعل عمر رضي الله عنه لما توسعت الخلافة في عهده، صارت تأتيه كتب غير مؤرخة، احتاج إلى أنه يضع تأريخاً تعرف به الرسائل وكتابتها، استشار الصحابة، فأشاروا عليه أن يجعل الهجرة مبدأ التأريخ الهجري، وعدلوا عن التأريخ الميلادي، مع أنه كان موجوداً في وقتهم، وأخذوا الهجرة وجعلوها مبدأ تاريخ المسلمين لأجل معرفة الوثائق والكتابة فقط، ليس من أجل أن تتخذ مناسبة ويتكلم فيها، هذا يتدرج إلى البدع.

والناظر إلى هذه المسألة يجد أن القول بالمنع يتأيد بعدة وجوه فمن ذلك

1 - أنها تهنئة بيوم معين في السنة يعود كل عام فالتهنئة به تُلحقه بالأعياد، وقد نُهينا أن يكون لنا عيد غير الفطر والأضحى، فتُمنع التهنئة من هذه الجهة.

2 - ومنها أن فيها تشبهاً باليهود والنصارى وقد أُمرنا بمخالفتهم، أما اليهود فيهنئون بعضهم برأس السنة العبرية والتي تبدأ بشهر تشري وهو أول الشهور عند اليهود ويحرم العمل فيه كما يحرم يوم السبت، وأما النصارى فيهنئ بعضهم البعض برأس السنة الميلادية.

3 - أن فيه تشبهاً بالمجوس ومشركي العرب، أما المجوس فيهنئون بعضهم في عيد النيروز وهو أول أيام السنة عندهم ومعنى (نيروز): اليوم الجديد، وأما العرب في الجاهلية فقد كانوا يهنئون ملوكهم في اليوم الأول من محرم كما ذكر ذلك القزويني في كتابه «عجائب المخلوقات».

4 - ومنها أن جواز التهنئة بأول العام الهجري الجديد يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بأول العام الدراسي وبيوم الاستقلال وباليوم الوطني وما شابه ذلك، مما لا يقول به بعض من أجاز التهنئة بأول العام، بل إن جواز التهنئة بهذه أولى حيث لم يكن موجبها منعقداً في زمن الصحابة رضي الله عنهم بخلاف رأس السنة.

5 - ومنها أن القول بجواز التهنئة يفضي إلى التوسع فيها فتكثر رسائل الجوال وبطاقات المعايدة وإن سموها بطاقات تهنئة وعلى صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، وربما صاحب ذلك زيارات للتهنئة واحتفالات وعطل رسمية كما هو حاصل في بعض الدول، وليس لمن أجاز التهنئة بأول العام الهجري الجديد وعدَّها من العادات حجة في منع هذا إذا اعتاده الناس وأصبح عندهم من العادات، فسدُّ هذا الباب أولى

6 - ومنها أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى لها أصلاً، إذ الأصل في معنى التهنئة تجدد نعمة اودفع نقمة، فأي نعمة حصلت بانتهاء عام هجري؟ والاولى هو الاعتبار بذهاب الاعمار ونقص الآجال.



البدع التي تقع في نهاية العام الهجري


دلت السنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول، في كل يوم مرتين: مرة بالليل ومرة بالنهار : ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).

قال النووي رحمه الله : الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار , وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل.

وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «فيه : أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله، وَاَللَّه أَعْلَم، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا يعني صلاتي الصبح والعصر» انتهى.

ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله عز وجل.

روى مسلم (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا).

ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة واحدة في شهر شعبان :

روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟!!

قَالَ : (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ ورَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) حسنه الألباني في صحيح الجامع.

فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض:

• العرض اليومي، ويقع مرتين كل يوم.

• والعرض الأسبوعي، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس.

• العرض السنوي، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان.

قال ابن القيم رحمه الله : « عمل العام يرفع في شعبان ؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار.فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل» انتهى باختصار من «حاشية سنن أبي داود».


المصدر: الإسلام سؤال وجواب

منقول
 
رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

جزاك الله خيرا
 
رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

بارك الله فيك​
 
رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

جزاكما الله خيراً وبارك فيكما

 
رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

يُرفع للمنا سبة

 
رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

رد: العام الهجري يجمع أوراقه ويستعد للرحيل ... فماذا قدمنا فيه

يُرفع للمُناسبةِ
 

عودة
أعلى