التصفح للزوار محدود

اْلْمَـَرضُ اْلمُـزْمـُن اْلْـحَـسَـدُ داء الأفراد والأمم والشعوب

اْلْمَـَرضُ اْلمُـزْمـُن اْلْـحَـسَـدُ داء الأفراد والأمم والشعوب

500X361.jpg


اْلْمَـَرضُ اْلمُـزْمـُن اْلْـحَـسَـدُ داء الأفراد والأمم والشعوب

15112012-9d0fe.gif


تعريف الحسد :
لغة :
كره النعمة عند الغير وتمني زوالها .
الحسد والبخل :
البخل والحسد يشتركان في أن صاحبهما يريد منع النعمة عن الغير ، ثم يتميز البخيل بعدم دفع ذي النعمة شيئاً ، والحاسد يتمنى ألا يُعطى أحد سواه شيئاً
[ نظرة النعيم 10/4418 ] .

الحسد والغبطة :
الغبطة : أن يتمنى الإنسان أن يكون له مثل الذي عند الغير ، دون زوال تلك النعمة عن الغير .
والحسد : فهو تمني زوال النعمة عن الغير ، سواء حصلت له أم لم تحصل ، المهم أن يتمنى زوال النعمة عن المحسود .
والغبطة صفة المؤمن ، والحسد صفة المنافق نسأل الله السلامة والعافية .

حسد إبليس لآدم عليه السلام :

الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، وذلك عندما حسد إبليس اللعين ، آدم عليه السلام ، فامتنع من السجود له ، وعصى أمر ربه تعالى ، فطرده الله من رحمته .

قال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء 61-62 ] .

حسد ابني آدم :
وأول ذنب عُصي الله به في الأرض الحسد ، وذلك عندما حسد أحد ابني آدم أخاه فقتله ، فأصبح من النادمين الخاسرين ، خسر الدنيا والآخرة ، وأعد الله له عذاباً ممدوداً ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأنه أول من سن القتل ، فهو يُعاقب عن كل من قَتَلَ .
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تُقتل نفس ظلماً ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل " [ متفق عليه ] .
فكل من قتل من الناس كان على ابن آدم نصيب من العذاب ، لأنه أول من سن القتل ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً .
حسد الكفار للمسلمين :
الكفار يحسدون المسلمين على ما هيأ الله لهم من نعمة الإسلام والاستقامة على دينه الحنيف ، واتباع نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فهم يحسدون أهل الإسلام على نعمة الهداية ، ومنة التوفيق .
قال تعالى : { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة109 ] .
تمنى كثير من أهل الكتاب أن يرجعوكم بعد إيمانكم كفارًا كما كنتم من قبلُ تعبدون الأصنام ; بسبب الحقد الذي امتلأت به نفوسهم
وقال تعالى : { أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً } [ النساء54 ] .

أم هنا بمعنى بل : أي بل أيحسدون النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ما أعطاه الله من نعمة النبوة والرسالة , ويحسدون أصحابه على نعمة التوفيق إلى الإيمان , والتصديق بالرسالة , واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم

الحسد حقيقة :
جاءت الأدلة الشرعية مبيتة حقيقة الحسد ، ودالة على وجوده .

أولاً / من القرآن الكريم :
سبقت الإشارة إلى شيء من الآيات الدالة على وجود الحسد ، وأنه حقيقة لا مراء فيها ولا جدال ، وهذه الآية أيضاً تدل على وجود الجد وحقيقته .

قال تعالى : { َيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً } [ الفتح15 ] .

ثانياً / من السنة النبوية :
جاءت الأحاديث متوافرة كثيرة دالة على ذم الحسد ، وأنه من الأخلاق السيئة ، جاءت صريحة واضحة ، وجاءت معنىً ومن ذلك :

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم ؟ قيل : نكون كما أمر الله ، قال : أو غير ذلك : " تتنافسون ، ثم تتحاسدون ، ثم تتدابرون ، ثم تتباغضون ، ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين ، فتجعلون بعضهم على رقاب بعض " [ أخرجه مسلم ]

وللتحذير من خطورة الحسد إليك هذا الحديث :

وعن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا " [ رواه الطبراني ورواته ثقات وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب 3 ] .

الحسد والعين :
الحسد أعم من العين ، فكل عائن حاسد ، وليس كل حاسد عائناً .

مراتب الحسد
:
للحسد مراتب وأنواع بحري بالعبد أن يعرفها إما ليحذر من الوقوع في بعضها ، وإما لموافقة الطيب منها وهي :
1- تمني زوال النعمة : وذلك بأن يتمنى أن يُذهب الله عز وجل نعمته عن عبده الذي أنعم عليه ، وهي أخطر المراتب وأشدها تحريماً .

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال : " كل مخموم القلب ، صدوق اللسان " قالوا : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : " هو التقي النقي ، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد " [ رواه ابن ماجة بإسناد صحيح والبيهقي ] .
2- تمني عدم وجود النعمة : وذلك بأن يتمنى عدم إحداث نعمة على عبد من عباد الله تعالى ، ويتمنى بقاء ما فيه من حاجة ونقص وعيب وذلة وفقر ، وهذه المرتبة حرام أيضاً ، لأن المسلم لا يكون مسلماً حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه .

تمني مثل النعمة : وذلك بأن يتمنى أن يكون له مثل ما لدى الغير ، لكنه في الوقت نفسه لا يريد زوال نعمة الله على عبده ، بل يتمنى مثلها من غير زوالها ، وهذا هو المنافسة أو قريب منها ، قال تعالى : { خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [ المطففين26 ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل علمه الله القرآن ، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، فسمعه جار له فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان ، فعملت مثل ما يعمل ، ورجل آتاه الله مالاً ، فهو يهلكه في الحق _ ينفقه في الحق _ فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان ، فعملت مثل ما يعمل " [ أخرجه البخاري ] .
والمراد بالحسد هنا : الغبطة : وهو تمني مثل ما للمغتبط ، وهذا لا بأس به ، وله نيته ، فإن تمنى زوالها عنه فذلك حرام ، وهو الحسد المذموم .

خطورة الحسد :
للحسد خطورة على صاحبه ، فهو يورده المهالك ، والعياذ بالله من ذلك :
1- عدم الرضا بقضاء الله تعالى :
فمن لم يرض بقضاء الله تعالى فهو على خطر عظيم ، فربما كفر بالله إن كان مدركاً عالماً بذلك ، ولهذا يجب على العبد أن يؤمن بقضاء الله تعالى وقدره ، ويرض بذلك ، لأن الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان التي لا يكتمل دين عبد إلا بها .
ولو تأمل الحاسد حقيقة الدنيا وأنها زائلة ، لما دعته نفسه إلى حسد أحد من الناس ، فالحاسد معترض على قضاء الله تعالى وقدره ، ويعارض أمر الله تعالى القائل سبحانه : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [ الزخرف32 ] .
فالله جل وعلا تكفل بأرزاق الناس ، وتكفل سبحانه بتوزيعها بينهم ، لحكمة يعلمها سبحانه ، ليس لنا حيالها إلا الإذعان والقبول ، ولا نقول إلا : سمعنا وأطعنا لنكون من المفلحين الفائزين .
الحقد والعداوة والبغضاء :

وقد ظهرت هذه النقمة في عصرنا هذا ظهوراً مذهلاً ، حتى عجب منها أعداء الله ، وأعداء دينه ، لقد دبت البغضاء بين المسلمين ، بسبب الحسد ، فقد حسدت الدول بعضها بعضاً ، فأقامت علاقات مع أعداء الله ، وقطعت أواصرها بأولياء الله تعالى ، فكانت العاقبة وخيمة لأن الله تعالى يقول : { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة120 ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : " سيصيب أمتي داء الأمم " فقالوا يا رسول الله : وما داء الأمم ؟ قال : " الأشر والبطر ، والتكاثر والتناجش في الدنيا ، والتباغض والتحاسد ، حتى يكون البغي " [ حديث صحيح ] .


وواقع الأمة الإسلامية اليوم واقع مؤلم ، لما تشهده الساحة من قتال وتناحر وتدابر وتحاسد وتباغض ، فقتل المسلم أخاه المسلم ، وقتل الجار جاره

وقال الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمة الله تعالى عليه : " يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود :
أولاها : غم لا ينقطع .
الثانية مصيبة لا يؤجر عليها .
الثالثة : مذمة لا يحمد عليها .
الرابعة : سخط الرب .
الخامسة : يغلق عنه باب التوفيق .


وقال عمر رضي الله عنه : " يكفيك من الحاسد ، أنه يغتم وقت سرورك " .

وقال مالك بن دينار : " شهادة القراء مقبولة في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض ، فإنهم أشد تحاسداً من التيوس "
.
وقال الأصمعي : رأيت أعرابياً قد بلغ عمره مائة وعشرين سنة فقلت له : " ما أطول عمرك ؟ " فقال : تركت الحسد فبقيت .

قال الشاعر :
أيا حاسداً لي على نعمتي *** أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه *** لأنك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي بأن زادني *** وسد عليك وجوه الطلب


نسأل الله أن يطهر قلوبنا من الحسد والحقد والغل ، وأن يجعلنا أخوة متحابين متعاونين ، إنه على كل شيء قدير .





5989939807_67f78df7ef.jpg
http://www.facebook.com/profile.php?id=100002195709343#
 
رد: اْلْمَـَرضُ اْلمُـزْمـُن اْلْـحَـسَـدُ داء الأفراد والأمم والشعوب

رد: اْلْمَـَرضُ اْلمُـزْمـُن اْلْـحَـسَـدُ داء الأفراد والأمم والشعوب

ومن شر حاسد اذا حسد

اللهم احمينا من شرور الحاسدين
واكفينا شرهم
 

عودة
أعلى