التصفح للزوار محدود

علموهمـ د. صالح الفهدي

مهتمة

التميز



مقال للكاتب العُماني
د. صالح الفهدي بعنوان علموهم

http://alroya.om/ar/writer-blogs/141163-علّموهم.html
تصدر المقالات الأكثر قراءة رغم طوله



يروى أنّ مكيفاً تعطل في مسجدٍ، فرآها الإمام سانحةً للوعظ
فقال: تذكَّروا حَّر جهنم..!، فرد عليه أحدهم: "يا أخي، أصلح المكيف وذكِّرنا بنعيم الجنة..!".
في زمن حصاد العبر الطافحة بعذاب القبر، والخوف من الله، والتهديد بالويل والثبور
وغيلان القبور، وأهوال القيامة، وطمع الشهادة، والشغف بالموت،

آن لكم أيها العلماء والخطباء والوعاظ أن تعلموا أجيال المسلمين التي تتربَّى على أياديكم
بألطف من هذا
فما كان من ثمر ذلك التعليم إلا فتناً، وفتكاً، وهلاكاً، وخسفاً، ودماراً، على أهل الإسلام قبل غيره!


علِّموهمــ أول ما تعلموهم كيف يبتسمون؛ فما الدين بجهامةٍ
ولا هو بنكدٍ، بل أنزله الله ليكون إسعاداً للبشر، وسكينةً للقلوب، وطمأنينة للنفوس؛ فجعل الابتسامة عبادةً يُثاب عليها المسلم "تبسُّمك في وجه أخيك صدقة". وبهذا، فإنَّ من خالف ذلك فتجهَّم وجهه، وتمعَّر لونه، واكفهرَّت قسماته فهو مخالفٌ لدينه..! علِّموهم هذا لنرى الوجوه مُشرقة، زاهيةً، مُستبشرة لا في آخرتها فحسب، بل وفي دنياها أيضاً.




علِّموهمــ أنَّ جوهرَ العبادة في القلب؛ فهو المضغة التي إن صلحت صلح الجسد، وإن فسدت فسد القلب، كما جاء في الحديث الشريف
وأنَّ التقوى فيه، فإن برأ من أمراض القلوب كالحسد والرياء والحقد سلم، وصفى للناس؛ فبارك الله في صنيعه.


علِّموهمــ أن المسجد ليس وحده مكان العبادة لله بل الأرض بأسرها، بعد أن توسِّعوا مداركهم في معنى العبادة، لتشمل العبادة:
المختبر العلمي حيث يقضي فيه الإنسان مُنكباً على التجارب الطبية
والمكتبة حيث يبحث الباحث عن المعلومة العلمية
وفي السياحة حيث يتعبَّد السائح إلى ربه وهو ينظر إلى جمال صنيعه، وأحوال خلقه
وفي المكتب حيث يخلص في إنهاء مصالح الناس
وفي الشارع حيث يحافظ على النظام
وفي السوق حيث يوزن الناس بالقسط
وفي الناقلة حيث يقل الناس من مكانٍ لآخر،
وفي التطوع حيث يمد يديه للمحتاجين، وفي كرس الدراسة حيث يعد نفسه لبناء أمة


علِّموهمــ أنَّ العبادة في كل ميدانٍ، وكل عملٍ غايته شريفة
" في كل سلامى من الناس صدقة" (والسلامى هي مفاصل الأصابع التي كلما تحركت، تحرك معها عداد الحسنات..!) ما أعظمك يا إلهي.


علِّموهمــ معنى التخلية قبل التحلية؛ أي أنَّ الإنسان يجب عليه أن يُخلِّي نفسه أولا من الشر قبل أن يحليها بالخير
وقولوا لهم: "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"(النجم:32)؛ فمدح النفس ظلمٌ لها وإفسادٌ لفطرتها، وارتكاسٌ لعلمها الخالص.
فما أثقل كلام من يزكي نفسه على الله بالنظر غلى غيره بأنه قد غوى وضل وأنه هو الذي اهتدى سواء السبيل..! نسب إلى نفسه الفضائل، وإلى غيره الرذائل..! فوقع في الجهل المضل، والغرور المخل!

علِّموهمــ أنَّ لله رحمات تتنزل ليل نهار، تغشى الكون، لتجيب السائلين، وتحمي الغافلين، وتشفي المعتلين، وتهدي الضالين، وليس عذابات تمطر الحجارات الحارة، وتثير البراكين الخامدة، وتوقظ الزلازل الراكدة.


علِّموهمــ أنَّ الله هو الحسيب على خلقه؛ ما جعل أوصياء على عباده يحاسبونهم على خطاياهم"ما عليْك منْ حسابهم من شيْءٍ وما منْ حسابك عليْهم من شيْءٍ فتطْردهمْ فتكون من الظالمين" (الأنعام:52)؛ فلا ينصِّبوا أنفسهم محاسبين لغيرهم وقد نسوا إصلاح أنفسهم بعد أن يغرهم إيمانهم، فإذا بهم يكفرون، ويقدحون، فذلك ظلمٌ للعباد، وتدخلٌ في شأن رب العباد!

علِّموهمــ أنَّ الله هو ربُّ الكافر كما هو ربُّ المؤمن، فكما أنشأكم على دينه، فقد هدى من شاء من عُصاته فأدخلهم في مرضاته، بل ولربما رفع بعضهم فوقكم درجات، وهو قادرٌ على هداية أهل الأرض جميعاً.


علِّموهمــ أنَّ الله كما هو رحيم بالمؤمنين فهو رحمن؛ أي أنه
ذو رحمةٍ شاملةٍ لجميع الناس حتى لمن عصاه..! وأنَّ رحمته وسعت كل شيء، وسبقت غضبه، وهي مسيرةٌ وفق أمره.


علِّموهمــ أنَّ كلمة الحق لا تقع في طرف السيف، ولا في فوَّهة البندقية، ولا في زرِّ الحزام الناسف، إنما في ســـــلامة الصدر، وحُسن المعاملة، ولطف القول، وبشاشة الوجه، وتهذيب اللسان؛ ذلك لأنَّ كلمة الله قطرةٌ منه، ونسمة من روحه
فإن بعث الله بها رسولاً أمره بحُسن أدائها ليس توقيراً للمدعو فهو يعلم تكبره، بل توقيراً للمرسل العظيم المتعال "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"(طه:44).



علِّموهمــ أن يدعوا لأنفسهم بالإصلاح، والهداية، والطمأنينة، ويتركوا عنهم الدعاء ضد غيرهم دعاء"اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبقي منهم أحدا، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وسلط عليهم الزلازل والبراكين، وزلزل الأرض من تحت أقدامهم واجعل كيدهم في نحورهم...إلخ"؛
فليس هذا ما تعلموه من نبيهم العظيم -عليه أفضل الصلاة والسلام- وهو يمسح دمه في غزوة أحدٍ وقد أصيبت رباعيته(سِنه الشريفة) وشُجَّ وجهه الكريم، فلم يدعُ على المشركين
وإنما دعا الله بقوله:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون"..! وليس هذا امتثالاً لقوله تعالى:
"ولوْ شاء الله ما أشْركوا وما جعلْناك عليْهمْ حفيظًا وما أنْت عليْهمْ بوكيلٍ" (الأنعام:107).


علِّموهمــ الإيمان بأنَّ الطالب إن لم يفهم فليس عيباً فيه، وإنما العيب في أوله على المعلم، كذلك على المسلم أن يتحمَّل مسؤولية أداء رسالة الدين للعالمين بأمانةٍ وإخلاصٍ قبل أن يقاتل، أو يتهم أو يدعو عليهم "وصدها ما كانتْ تعْبد منْ دون الله إنها كانتْ منْ قوْمٍ كافرين"(النمل:43).


علِّموهمــ أنَّ الدين جَوْهر قبل أن يكون مَظْهرًا؛ فالجوهر هو إخلاص النية، وسلامة القلب. أما الاعتناء بالظاهر دون الجوهر فهو الرياء المشؤوم، والنفاق المذموم.


علِّموهمــ أنَّ من يتخطى رقاب الناس ليصل إلى الصفوف الأولى
في الصلاة وسيارته خارج المسجد تعيق المارة، وتسد الطريق أن ذنبه أعظم من أجره!


علِّموهمــ أن تتَّسع صدورهم لخلق الله، وأن يجعلوا التسامح خلقا، واللطف ديدنا، والرفق منهجا؛ فصاحب الخلق قد رفع بخلقه إلى منازل عليا "إنَّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار".


علِّموهمــ أنهم ليسوا في مقام الحُكم على الناس من مظاهرهم، أو تأويل أقوالهم؛ فـ"رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره" وأنَّ الحُكم على الناس يفتح باب الاستعلاء، والتفضيل، وهو ما يقود إلى البطر والغرور!


علِّموهمــ أن يروا في الحياة إشراقة التفاؤل، لا قتامة التشاؤم، وأنْ يروا في الناس يسر الجانب، لا بؤس المآل.

علِّموهمــ أنه ليس صحيحاً أن الدنيا -كما يقال- جنة الكافر وسجن المؤمن؛ فالله أكرم وأعظم من أن يخلقنا ليودعنا سجناً، ومع ذلك يوصينا بالتمتع بالطيبات من الرزق: "قلْ منْ حرم زينة الله التي أخْرج لعباده والطيبات من الرزْق قلْ هي للذين آمنوا في الْحياة الدنْيا خالصةً يوْم الْقيامة"(الأعراف:32).


علِّموهمــ أنَّ العبادة الحقيقية ليست هي طول المكوث في الصلاة، ولا الزهد في الدنيا بمعنى الإعراض عن طيباتها، بل هي في ميادين العمل، ومعترك التنافس على العمران.
وأنَّ قوة المؤمن هي في مدى ما يملكه من قوة العلم والمعرفة والاقتصاد ومنافسة القوى العظمى إلى جانب يقين الإيمان، والصلة بالرحمن.


علِّموهمــ أنَّ للجنة ألفَ بابٍ وليس باباً واحداً؛ فكلُّ عملٍ صالحٍ
هو بابٌ من أبوابها، والحياة ملأى بأبواب الجنة، وأنَّ للخير ضروباً وأصنافاً أعظمها ما نفع العباد، وأسهم في تقدم البلاد.


علِّموهمــ مبدأ العدل حتى مع الأعداء "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون"(المائدة:8). فلا "يجوروا" في الحكم، ولا "يفجروا" في الخصومة، ولا "يثخنوا" في العداوة!


علِّموهمــ الحياةَ في سبيل الله قبل الموت في سبيله؛
فليس الموت في سبيله بأعظم أجراً من الحياة في سبيله.


علِّموهمــ كيف يسعدوا ويسعدوا في دنياهم لا أن يشقوا ويشقوا غيرهم فيها.
يقول الشيخ مُحمَّد الغزالي رحمه الله:"أريد أن أفهم أبناء جماعة المسلمين أن الحياة في سبيل الله كالموت في سبيل الله".



b0a23b96a9ce2d97c0717c9bae3d6a35.jpg



علِّموهمــ
كلَّ ذلك وأكثر من لطائف ديننا، ورحمات ربنا..

ينشأوا على محبة الله، وقد طهُرت أنفسهم وزكت
فعطرت الدنيا بشذاها، وأضاء على الخلق سناها
فكانت خير من يمثل دينها، وينهض بأمتها.


 
رد: علموهمـ د. صالح الفهدي

شكرا لك اختي الكريمه
 
رد: علموهمـ د. صالح الفهدي

لكن هل بيقبل العيال نصائحك ويتبنوا افكارك ؟؟

التعامل مع الجيل الجديد يحتاج توصيل الفكرة لهم بشكل غير مباشر لانك لو طلبت منهم بشكل مباشر ممكن يعاندوا ويشوفونها نوع من الاخلال بعقلهم واختياراتهم فهنا يحاول الوالد ايصال الفكرة بشكل يجعلهم هم من يختارونها وبالتالي يقبلونها ك اختيار شخصي لا املاء عليهم بها ..

طيب انا عندي اقتراح مفيد

ارسل العيال + عيال جيراني + 50 راس اضافية للشيخ صاحب الموضوع هو يعلمهم النصائح وبعدين يرجع لنا العيال ويورينا شطارته

الهداية والعقل بيد الله .. نفس المأكل والمشرب والفلوس والتربية تكون بالضبط لجميع العيال ومع ذلك لكل منهم عقله .. لكن الانسان يخلص ضميره وينصح وياخد بالاسباب وربك الموفق

شكرا للاخت مهتمه
 
رد: علموهمـ د. صالح الفهدي

الدكتور صالح الفهدي ؛؛ حاصل*على الدكتوراه في الإدارة العامة "تنمية الموارد البشرية تحديدآ "
وله الكثير من الأبحاث والكتب والمؤلفات التي تختص بالموهبة والتنمية في كل المجالات ..

جميل أختيارك الفاضلة " مهتمة "
فالجميع يحتاج للتعلم مهما بلغ من المستويات والدرجات
فالحياة مدرسة " فعلموهم وعلمونا " .. !!
 
رد: علموهمـ د. صالح الفهدي

الدكتور صالح الفهدي ؛؛ حاصل*على الدكتوراه في الإدارة العامة "تنمية الموارد البشرية تحديدآ "
وله الكثير من الأبحاث والكتب والمؤلفات التي تختص بالموهبة والتنمية في كل المجالات ..

جميل أختيارك الفاضلة " مهتمة "
فالجميع يحتاج للتعلم مهما بلغ من المستويات والدرجات
فالحياة مدرسة " فعلموهم وعلمونا " .. !!
 
رد: علموهمـ د. صالح الفهدي

أهلا به وبك
مديرنا القدير تناهيد
آتاك ربي سؤلك وقواك

:يبخر:

حياك الله القدير
أبومريوم
إضافة قيمة عن أستاذ علَم
طبت أنت وهو وكل من من موطنكم


:يصب قهوه:

أهلابك وحياك
صاحب رسالة السعادة ~ كوكتيل طبيعي
هيأ ربي لك الخير وأسبابه

( العيال) وحتى الكبار صعبين أيوه
بس صدقني مش محتاجين غير ( قدوة ) !
نفتقد القدوة ..جدا وأوي
وهداية ربنا زي ما أتفضلت
قبل كل حاجة

:يبخر:
 

عودة
أعلى