المعايدة أصبحت sms

فارس عمر

مشرف منتدى القصص والرواياترياضات وإبداعـات متحدي ا
749204507.jpg
إعلانات

العيد هو فرحة جميلة لها تميزها الخاص متمثلة بجمالية استقبال الناس له، العيد تميز عند الصغار ورحمة ومودة لقلوب الكبار ، تجمع المتحابين وتقرب المتخاصمين ، له طقوس مختلفة عند كل فئة أو طبقة من الناس ، وكل يستقبله على طريقته الخاصة ، كيف عاش السوريين طفولة العيد في صغرهم وما هي الطقوس والعادات التي يستقبلون بها هذه المناسبة الجميلة؟؟ ..
عكس السير يدخل قلوب السوريين ويروي قصص طفولة الكبار وفرحتهم بقدوم العيد ، عيديه لا غنى عنها ودمعة لا بد من أن تذرف وفطور تجتمع حوله كل أفراد العائلة ..
كنا ننام وثياب العيد تحت رؤوسنا ..
ويروي الحاج عبد العزيز أبو فارس ( 63 ) عام لعكس السير كيف كانت أجواء العيد عندما كان عمره 10 سنوات , قال " عندما كان يأتي العيد كانت والدتي تحضر الطعام قبل ثلاث أيام من قدومه ، حيث كان والدي يقترض المال لشراء ثياب جديدة لنا ،وكنا ننام قبل ليلة العيد والثياب الجديدة تحت رؤوسنا وحتى الحذاء ، وعندما نستيقظ على تكبيرات العيد نتحضر جميعا للذهاب لأداء الصلاة ، وبعد أن نخرج من المسجد يجمعنا والدانا أمام الباب ونذهب لنعايد أعمامنا بدءا من الأصغر "
ويضيف " أبو فارس " : " وكنا نبدأ بمعايدة الأصغر لسبب هي أن كل واحد نذهب لمعايدته كان يخرج معنا لنعايد الأكبر فالأكبر بالعمر حتى نصل للجد ، وكان المعايدة لا تقتصر على الأقارب بل الجيران والأصدقاء حيث كنا نخرج في السادسة صباحا ونعود في السابعة مساء ولم يكن عندنا تليفون لنقتصر به المسافة للمعايدة بل نذهب على " الحنتور " الذي كان يملكه جدي لزيارة أقاربنا البعيدين وكانت الضيافة الأكثر شهرة في ذلك الوقت هي التين المجفف ( الزبيب ) ، بالإضافة إلى المعمول "
ويتابع " طبعا لا أنسى العيدية التي كنا نجمعها أثناء زيارتنا للأقارب ، ففي إحدى الأعياد جمعت نقود من وراء " العيديات " وبقيت أصرف منها أكثر من ثلاث أشهر ففي ذلك الحين كانت زيارتنا للمعايدة لا تقل عن عشرين أو ثلاثين منزلا وكنا نجمع الكثير من النقود , وعندما يأتي اليوم الثاني كنا نذهب إلى مكان الألعاب ولم يكن هناك آلات مثل تلك الموجودة في وقتنا هذا ، فهناك لعبة واحدة وهي " الأرجوحة " وطبعا كانت أجمل لعبة لدينا وكنا نشتري سمك الزينة وغيرها من الأمور" .
ويختم الحاج أبو فارس و الدمعة تزرف من عينيه "ماذا أقول , أصبحت أفتقد لتلك الأيام كثيرا لأن في أيامنا هذه أصبحت المعايدة " عزيمة " يعني لا أحد يأتي لعندك مالم تذهب أنت قبل ولم يعد هناك فارق للعمر ولا شيء ، لم تعد تشعر بقيمة أنك رجل عجوز وأصبحت جد ، حتى المعايدة لم يعد لها طعم في السنوات الأخيرة لأنها أصبحت روتين بالإضافة إلى اقتصار المعايدة على الهاتف والرسائل ، مع العلم أنني عشت في صغيري فقيرا ولكنني كنت أفرح بقدوم العيد أكثر من قدومه في هذه الأوقات ..
" البرغل واللبنية " .. فطور صباح أول يوم العيد شيء عظيم ولا بد منه ..
الحاجة أم عمار ( 60 ) سنة تروي لعكس قصة طفولتها مع العيد , فتقول " عندما كنت صغيرة كانت والدتي تحضر لفطور العيد قبل يومين حيث كان الفطور الذي تعودنا عليه في تلك الأوقات هو " البرغل واللبنية " و قبل ليلة العيد تقوم والدتي بوضع " الحنة " على أيدينا أنا وأخوتي ، كما كانت تخيط لنا الأقمشة وتصنع لنا أثواب منها كل واحدة على مقاسها ، وعندما يحل يوم صباح العيد نكون مستيقظون من الرابعة صباحا من كثر فرحتنا وطبعا كنا ننام والألبسة بجوارنا " .
وتتابع " عندما يحين موعد الفطور نجلس جميعا على مائدة واحدة حتى ولو كان أحدنا غير جائع لأن في تلك الأيام الفطور كان شيء عظيم وضروري أول أيام العيد وكان جميل بوجود كل أفراد العائلة ، وبعدها نستقبل المعايدين والأقارب و نقوم نحن أيضا بزيارتهم " .
وتضيف أم عمار " طبعا العيدية هي أجمل شيء كان في عيدنا فكنا نحصل على الأقل من كل واحد " فرنكين "، فعندما كنا صغارا نستيقظ من الفجر من شدة انتظارنا لليوم هذا من أجل الحصول على العيديات من الأقارب والأهل ونذهب بعدها إلى حديقة الألعاب فلقد كان هناك " الأراجيح والقلابات " وغيرها من الألعاب التي كنا نلعب عليها ، ولم يكن يهمنا في العيد غير جمع العيديات وتناول الضيافة والتي كانت في ذلك الوقت " راحة و ملبس " ، والى الآن العيد جميل بالنسبة لي رغم بعض تغيراته إلا أنني أكون سعيدة عندما يجتمع أولادي وزوجاتهم وأزواجهم وأحفادي في يوم واحد عندي فهذا فرحة تعوضني عن كل ما أشعر به من آلام وأحزان ..
لا أشعر بطعم العيد إلا عندما استعيد ذكريات طفولتي ..
أما السيد أحمد ربيع ( 48 ) عاما , قال " أشعر بنكهة وفرحة العيد عندما أستعيد ذاكرتي أربعين سنة للوراء ، لأن في تلك الأوقات كان هناك طقوس معروفة نعمل عليها في استقبال العيد ، كان والدي يأخذنا قبل ليلة العيد إلى " حمام السوق " ونبقى فيه حتى طلوع الفجر ، وطبعا قبل أيام من ليلة العيد كان يشتري لنا لكل واحد من الشباب " بنطال و قميص " وبعدها يأخذنا إلى محل الأحذية ويختار لنا حذاء لكل واحد منا ، وعند أول يوم في العيد نجلس صباحا لنتناول الفطور المعروف والتقليدي لدى عائلتنا والى الآن وهو " الرز والفاصوليا حب " .
و يتابع " بعدها نجمع بعضنا ونذهب إلى كبير العائلة ونعايده وبعد أن نعايده يقوم كبير العائلة معنا ونذهب لمعايدة أصغر واحد من الذين كانوا معنا وكذلك حتى آخرهم ، وطبعا عندما كنا صغارا لا يعنينا العيد إلا لشيئين أساسيين نفرح من أجلهما هما العيدية والضيافة فقط ، وغير ذلك لا نهتم له وكان كل مايقال لنا " بدنا نروح نعيد فلان " نفرح ونركض مسرعين من أجل الحصول على العيدية فقط وتناول الضيافة والتي كانت " راحة وبسكويت " ، وأنا الآن أصبح عمري 48 سنة ومنذ عشرين سنة لم نعد نعيش هذه الفرحة كالتي كانت سابقا وخاصة بعد أن تزوجت وأصبح عندي أطفال ، حتى أنني لا أشعر بطعم العيد وفرحته إلا عندما استعيد ذكريات طفولتي فقط وأرى أطفالي سعيدين ..

أمي والخبز الساخن و العيدية ..
صالح أبو رزان ( 40 ) عاما يتذكر طفولته مع العيد , ويقول " أتذكر عندما كان يأتي العيد حين يؤذن الشيخ كنا نلبس أنا وأخوتي اللباس الجديد وبعدها نجتمع مع أولاد الحارة ونذهب لأسر بعضنا لنحصل منهم على العيدية ومن ثم نسير نحو حديقة الألعاب ونشتري كل ما نشتهيه ولا نشتهيه ، المهم عندنا كانت الفرحة وكنا سعيدين جدا وبعدها نعود للمنزل ونخرج مع والدينا لكي نعايد الأقارب ونتناول عندهم الفطور والذي كان حينها " رز وشاكريه " أيام لم أعد أشعر بها الآن في حياتي هذه ولم يعد لها وجود فكل ما يهمني هو أن يكون أطفالي سعيدين مثلما كنت ..
و تشاركه الرأي أم خالد 35 عاما حيث قالت " كانت تقوم أمي في صباح ليلة العيد قبل أن يأتي والدي وأخوتي من المسجد كانت تخبز لنا خبز العيد على يدها وكانت تطعمنا منه وهو ساخن وبعدها تقوم بوضع " الحنة" على كف الأيدي لأنه من العادات في منزلنا في كل عيد ، وعندما يأتي والدي يقوم بإعطائنا العيدية وبعدها نخرج للعب في الحارة مع أطفال الجيران .
وأضافت " ولكن أولادي الآن لا يعرفون العيدية غير لغرض واحد وهو شراء ألعاب المسدسات والمفرقعات النارية ، لم يعد لتلك الأيام ولنكهة العيد وجود ، ففي صغرنا كانت أمي تأخذنا لزيارة الأرامل الموجودات في حارتنا لإشعارهم بطعم العيد وسعادته وكنا نشاركهم فرحة العيد ونذهب لزيارة نساء الحارة ومعايدتهم ولكن الآن لا نزور غير عائلتي وعائلة زوجي ويلتقي كل الأقارب عندهم وكأننا عايدنا الجميع حتى الأطفال أصبحوا لا يحصلون على العيدية غير من أهلهم ..
العيد يجمع المتحابين والمتخاصمين تحت سقف واحد
أما سعيد عليا ( 37 ) سنة قال " العيد هو شيء جميل مهما تغيرت طبيعة الفرحة فيه ، يكفي أنه يجمع المتحابين والمتخاصمين تحت سقف واحد ، أذكر عندما كان والدي متشاجرا مع ابن عمه لأكثر من خمسة أشهر ولا يتكلمون مع بعض و عندما جاء العيد واجتمعوا عند كبير العائلة تصافت قلوبهم ولم يعد بينهم أي حساسية ، وأجمل شيء عندما نخرج جميعا لمعايدة الفقراء والمحتاجين وندخل الفرحة لقلوبهم وقلوب أطفالهم ، كما أننا وفي كل عيد نذهب لزيارة قبور أقاربنا ونقرأ الفاتحة على أرواحهم ، وبعدها نجتمع حوال كبار العائلة لنحصل منهم على العيدية " بالقروش " ونذهب لنشتري بها " الكعك المحلى أو الخبز الساخن لنتناوله مع الزيت ..
ويضيف سعيد في هذه الأيام نشعر بطفولتنا ونشعر بسعادة أطفالنا وتبقى ذكرى قدوم العيد كما هي عندما كنا صغار ولكن البهجة تضاءلت ولكن رغم ذلك يبقى العيد عيد وفرحة " وبعدين للعيد للصغار وحل لخلاف الكبار " ..

عندما لا يعطيني احد عيديه أبقى عابسة الوجه ..

أما السيدة صفاء أم حسان 43 عام , قالت " أحلى أيام حياتي هي أول يوم بالعيد ، وخاصة عندما نستيقظ طوال الليل لتحضير آكلات الفطور مع والدتي ، كما أننا نضع " الحنة " على أيدينا ونجد الناس كلهم مستيقظين في أوقات متأخرة من الليل ، وأذكر عندما كان عمري 11 سنة وإلى الآن طعام الفطور المعروف عندنا والذي يجتمع حوله كل أفراد العائلة هو " الرز واللبنية و محشي الورق " وبعدها نخرج لنعايد الأقارب والناس مع أهلنا ، وأحلى شي عند الطفل هو العيدية وهذا الشيء كان مركز سعادتنا ،
وأضافت " البيت الذي كنت أدخله ولا يعطيني عيديه كنت " اعبس " طول الوقت ولا أرد على أحد إلى أن يشعروا بي ويقومون بإعطائي ، وأحلى أيام العيد في صغري هي عند هطول المطر بشكل هادئ وتجد الناس يمشون تحتها ، وخاصة عند الصباح عندما يخرج أب وأخوتي للذهاب إلى زيارة " قبور الأقارب " ونقوم نحن وأمي بتحضير أنفسنا حيث كانت أمي تهتم بنا جيدا وتقوم بإلباسنا أجمل ثيابنا لنظهر بها أمام الجميع بشكل لائق ، ولكن الآن والدتي توفيت ومنذ أكثر من عشر سنوات لم نجتمع كما كنا نجتمع سابقا ، فوجهت كل اهتمامي إلى جعل أطفالي الذين أصبحوا معظمهم شباب ومتزوجين إلى أن يكونوا سعداء وأعمل على جمعهم مع بعضهم أول يوم العيد ..

بهجة العيد لم تتغير وإنما نفسية الناس تغيرت ..

بينما الأستاذ خالد - م 51 سنة مدرس جامعي يرى أن بهجة العيد لم تتغير , وإنما نفسية الناس هي من تغيرت , و قال لعكس السير " العيد تكفي معانيه وليس الجو الذي نعيش فيه ، الكل يقول أن بهجة العيد تغيرت ولم تعد كالسابق ، ولكن الصحيح العيد كما هو حافظ ويحافظ على بهجته ولكن نفسية الناس هي التي تغيرت وكل واحد أصبح ينشغل بأموره بعيدا عن العائلة " .
وأضاف " دعونا نفترض أن بهجة العيد تغيرت ، و لكن لماذا عندما يحين موعده نجد الناس في الأسواق لشراء اللباس لأطفالهم والضيافة لمنازلهم ، لماذا نجد الكل يتصل بالآخر لمعايدته وزيارته ؟؟!! العيد بقي كما هو محافظا على بهجته ولكن وسائل الاتصال تطورت وأخذت حيزا في تراجع بهجة ولقاء الناس مع بعضها ، فمثلا بدلا أن أذهب إلى صديقي لأعيده أصبحت أرسل له رسالة " sms" أو أتصل به هاتفيا ، هذه هو الذي تغير ظروف التقارب والود بين الناس ، العيد أجمل شيء في الوجود ، فأنا أصبح عمري 40 سن والى الآن أشعر بسعادته وكأنني طفلا ، مع العلم أن العيد عند الطفل هو العيدية ، ولكن سعادتي هي عندما أقوم بإعطاء طفلي عيديه وكأنني أنا الذي فرحت مثله وأتذكر معه صغري ، العيد هو يوم لصفاء القلوب وتراحم الصدور وتقارب الناس البعيدة مع بعضها .."

منقول من موقع : عكس السير السوري
 
رد: المعايدة أصبحت sms

جزااك الله خير عمو فارس ..
كلمات رائعه .. وفعلا الناس مشغولين ..
والصراحه العيد حلاته بالجمعات مع الأهل والاطفال .. ما احب sms ..
شكرا لك ..
 
رد: المعايدة أصبحت sms

شكراً لمروركِ الطيب عمو: هبونة
بارككِ الله
 
رد: المعايدة أصبحت sms

دائما والدتي تروي لي اجمل القصص

عن ايام العيد وايامهم في فلسطين وكيف كان يقضوا ايامهم

واوقاتهم نفتقد لمثل هذه الجمعات في ايامنا هذه

واحيانا ياريت نحصل sms كمان


اخي فارس عمر



 
رد: المعايدة أصبحت sms

دائما والدتي تروي لي اجمل القصص

عن ايام العيد وايامهم في فلسطين وكيف كان يقضوا ايامهم

واوقاتهم نفتقد لمثل هذه الجمعات في ايامنا هذه

واحيانا ياريت نحصل sms كمان


اخي فارس عمر



أطال الله عمر السيدة الوالدة , وأدام عليها الصحة .

لولا أمثال السيدة الوالدة لما انتقلت إلينا تلك الصور الروحانية الجميلة لبهجة الأعياد , أيام زمان .
أتمنى أن نحافظ على ذلك الموروث المستمد من جوهر ديننا الحنيف ومن أجمل عاداتنا وتقاليدنا الحميدة .

شكراً لمرورك العطر دائماً
 
رد: المعايدة أصبحت sms

شكرا استاذ فارس
على هذا الموضوع
ايام زمان كانت اجمل
والنفسية اروع
ووسائل الاتصال اجمل
امي بتحكي لي عن مواقفهلا المضحكة بالعيد
شي بيجنن
ليس مثل اليوم
 
رد: المعايدة أصبحت sms

شكراً لمرورك الكريم أخت أيومة
حبذا لو كنت أغنيت الموضوع بذكريات السيدة الوالدة .وطرحتها بردك
 

عودة
أعلى