الشحن الإضافي للطاقات الثلاث

مذهلة

Well-known member
إن أعظم شيء تنهض به الأمم هو طموح كبير يوقظها من وهدة الطين إلى رفرفات الروح، فإذا كان لك طموح متضخم أوهمة عالية علوّ الرواسي – لجماعتك أو لمؤسستك أو لأمتك - فلا تذيعها في الناس، لأنك بذلك تستثير فيهم روح المقاومة (مقاومة التغيير)، واعلم أن كل خطوة تتقدم بها نحو تحقيق حلمك الكبير يترتب عنها تراجع خطوة هي لك تقتطع من رصيد خصمك، فإن كنت فاعلا فتحرك بهدوء بعد أن تستوعب "فقه أحد" مصمما على إحراز النصر دون ضجيج فإن قرع طبول الحرب يفتح شهية المغامرين لاجتثاثك من الأرض. وهو ما يتطلب منك شحنا إضافيا للطاقات الثلاث (الطاقة النفسية، والفكرية والعاطفية).
428674274.gif

أولا، أهم مغذيات النفس : أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك وحين تحسم معركتك مع نفسك تتحول من طامع إلى طامح والفرق بينهما دقيق :

• الطامع : يبني أمانيه على إنتصارات غيره فيستند على أمانيهم ووعودهم.

• والطامح : يؤسس تحركاته على رؤية استشرافية أبعد من مجرد بريق "مغانم" عارضة.

فالطامع صائد فرص ولاقط سواقط، والطامح حامل مشاريع ومدافع على مبادئ، وقد كشف القرآن الكريم النوايا عندما قال : "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة".
428674274.gif

فكيف نوسع معسكر الطامحين ونضيّق دائرة الطامعين، إذا سلمنا أنه لا يخلو صف من أصحاب "أجندات خاصة" ولو كانت الحركة ربانية، فقد كان السامريُّ في صحبة موسى (عليه السلام) وظن أبن سلول أنه الأعزّ وهو في صحبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟؟

تأمل في هذه المغذيات بطريقة تحيي فيك عزيمة الرجال.

- الإنتصارات الصغيرة مقدمة لانتصارات أكبر، إذا لم تتحول الوسائل إلى أهداف. (غايات).

- جهازك النفسي ضعيف ما دمت "تقايض" أتعابك بما تنتظره من "غنائم" فقوَّ جهازك بقطع الطمع بما في أيدي الناس، وانقل أتعابك إلى رصيد المشروع الأكبر من مجرد جلوسك على كرسي وثير.

- لا تستسلم أمام المشكلات الكبيرة، فالجبل الأشم من تكدس الحصى، والأسد الهزبر قط كبير، والفيضانات من زخات المطر، فبعثر الجبل الكبير بنقل أحجاره بعزيمة تفلّ الحديد.

- لا تضع مبادئك على طاولة النقاش إلاّ لشرحها أما المساومة عليها فاستدراج لما بعدها، وليس بعد الحق إلاّ الضلال.

- كلما كنت غامضا صعّبت من مهمة خصومك، فلا تنالك سمامهم، فسهام الليل توجه تجاه المصدر المنبعث منه الصوت، أما سهام النهار فلا تصيب هدفها إلاّ إذا جاءت من الظهر.

- الناس ميالون إلى المظلوم، فاجعل قضيتك أعدل مما يطرحه خصومك، وإذا تعرضت إلى "هجوم أخلاقي" يحط من سمعتك أو من سمعة من هم لك قدوة أو تستهدف رمزية المؤسسة التي تنتمي إليها فلا ترد على التافهين لأنك بذلك تروج للشائعات، ويبقى أمامك طريقان :
428674274.gif

• إما أن تقتلها بالترفع عنها والرد عليها بإنجاز ضخم.

• وإما أن ترمي بالثمر من رماك بالحجر فتغلق الباب نهائيا وتجعل الجروح قصاصا.(كلُّ ينفق مما عنده).

- إذا وجدت من ينوب عنك (وعن مؤسستك) في لعب دور معارك التلهية فاجعله واحدا من وسائلك، فقد ذل من لا سفيه له.

- لا تقرأ ما في نفسك فقط ثم تعمم ذلك على الناس، فلا يوجد في هذا الكون "قالب" نصبّ فيه مشاعر الناس وعقولهم، فدرب نفسك على إحترام مشاعر الآخرين، ولا تستفرد وحدك بالقرار "فمن شاور الناس شاركهم عقولهم".

ثانيا، أهم مغذيات الفكر : إستفز فكرك بحمله على أن يتأمل جيدا في هذه الحكم التي هي خلاصة تجربة بشرية لشخصيات ناجحة تجرعت – على طريق النجاح- مرارة الهزائم وتذوقت حلاوة الإنتصارات ثم نقلت عصارة تجاربها إلى البشرية، و"الحكمة ضالة المؤمن أين (أنىَّ) وجدها فهو أحق الناس بها". فمن تجاربهم تعلمنا :
428674274.gif

- العقل يزداد صلابة كلما تعرض للمحن.

- الجسد يزداد ترهلا كلما أخلد إلى الراحة.

- إبتعادك عن أرض المعركة لا يضمن لك طول العمر.

- لا تطمع في ولاء الجميع فلا تخلو جماعة من إنتهازيين.

- ما قيمة أن تنهزم جماعتك وتنتصر وحدك.

- التراجع من أجل التقدم غريزة الهزبر.

- إذا كنت راغبا أن ترد فلا ترد حتى تكون قادرا لا راغبا.

- كل صلح يوفر لك وقتا للإستقواء هو "حديبية ثانية".

- إذا كنت قادرا أن تأخذ حقك بالسلم يكون التفكير في شنَّ حرب جريمة ضد الإنسانية.

- إذا هزمت في معركة فتفقد مواطن الضعف فيك – وفي مؤسساتك- فستجد أنك دخلتها معتمدا على غيرك، لأن الإعتماد على "القوة الذاتية" بعد الأخذ بالأسباب نادرا ما تترتب عنهما الهزائم المدوية.

- لا تبتهج بنصر جاءك من غير تعب ولا إعداد، فذلك إستدراج سوف تتلوه هزائم منكرة.

- إذا هزمك من لم يكن قادرا على إحراز أي نصر ضد غيرك من المتنافسين (أو الخصوم)فلا تشغل نفسك في البحث عن مصادر قوته هو (فضعفه لا يحتاج إلى دليل)، بل توجه مباشرة إلى تفقد قوة الذي يقف وراءه (فكل معركة لها غرفها السوداء).

- لا قيمة لنجاتك وحدك إذا كان "جيشك" قد خسر الحرب، أما خسارة معركة واحدة فهي مقدمة لانتصارات قادمة إذا فقه "العاملون" دروس يوم أحد.
428674274.gif

ثالثا، أهم مغذيات العاطفة : لكل إنسان "عواطفه الخاصة" والفرق بين عاطفي وعاطفي آخر هو قدرة كل منهما على "لجم نزوات العواطف بنظرات العقول" لأن العاطفة لها أزرار تحركها، والناس أأمامك ثلاثة أصناف :
428674274.gif

• صنف يمسك هو شخصيا بأزرار عواطفه ويتحكم فيها ويوجهها نحو الهدف.(خدمة المشروع).

• وصنف يسلمها لبعض محبيه ومقربيه (زوجة، إبن، زعيم، وجيه..الخ). فيكون أسيرا لهم.

• وصنف يعيرها بشكل مؤقت لجهة تتصرف فيها بمقابل، فإذا قضت بها مآربها، دفعت له الثمن، وأعادتها إليه مجروحة منكسرة أو مصدومة خاسرة.

فكيف تغذي جهازك العاطفي وتتحكم في أزرارك العاطفية؟
428674274.gif

- لا يوجد مخلوق ليس فيه نقاط ضعف، وهذه مسألة طبيعية، لكن غير الطبيعي أن يكشف هو للناس عن هذه النقاط فتكون نهايته (السياسية، الأدبية، الإجتماعية..الخ) على يدي أمناء سرّه.

- لا تهاجم خصومك بشكل مباشر، فإنك بذلك تستفز عواطفهم فتتحول إلى مشاريع تضع على رأس أولياتها تدميرك عاطفيا (فالعاطفة إذا جرحت تتحول إلى سلاح فتاك لا يمكن تفاديه، وإذا انهار البناء العاطفي بالمؤسسة – أو بقيادتها- حلت الهزيمة المعنوية المؤدية إلى التدمير الشامل).

- السيئة التي تقربك من الله (تواضعا وافتقارا) خير من الحسنة التي تبعدك عنه (تكبرا وافتخارا).

- العاطفة المتأججة وحدها لا تكفي لتحقيق انتصارات مدوية لأن هناك من يعمل على تبريدها ثم تبليدها بواحدة من أربع طرق :
428674274.gif

• بالقدح فيمن هو لنا قدوة لإنهاك رصيد الحب (الولاء).

• بنشر الأراجيف للتشكيك في سلامة المسار (المنهج).

• بالعمل مع الجماعة (المؤسسة) بأجندة شخصية (الكولسة).

• بالتخويف من المآلات والتنظير للواقع الفاسد (القعود مع الخوالف).

- لا يمكن لأي إنسان أن يضحي سدى بخصوصياته لفائدة الجماعة (المؤسسة) إلاّ إذا سمت عواطفه فوق الماديات، فالشهيد لا يموت من أجل "التراب" ولكن من أجل المعاني السامية التي فوق التراب (الدين، اللغة، التاريخ، القيم، المبادئ، الحريات، الكرامة، الشرف..وهلم جرا).
428674274.gif

فصوب سهامك نحو أهدافها السامية إذا استجمعت القوى الثلاث (قوة الإيمان والفكرة، وقوة الأخوّة والوحدة والمنهج والتنظيم، وقوة الساعد وما في حكمه)، فالذين يتمنون التمكين لهذا الدين دون أن "يعدوا" له المستطاع من القوة ورباط الخيل يعيشون حياتهم كلها في عالم الأمنيات..وسيجنون حصادا الغرور لأنهم أخطأوا تقدير ما يدور في عقول المراقبين، وما يجول في نفوس الملاحظين، وما تجيش به عواطف من استأمنوهم على مشروعهم..ففاجأتهم ردود أفعال غير متوقعة فاستسلموا لمصيرهم.
428674274.gif

تعلّم هذا : الفرق بين العمل للمشروع والعمل للأرصدة الخاصة يتلخص في كلمة واحدة هي الإخلاص الذي جاء ذكره في الحديث القدسي الجليل بالنص : "الإخلاص سرّ من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي لا يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده".
428674274.gif
 
رد: الشحن الإضافي للطاقات الثلاث

الف شكر لك
 

عودة
أعلى