التصفح للزوار محدود

مقعدي الصغير

ميسون قصاص

Well-known member
[align=justify]
حين كنت في الصّفّ الأوّل الإبتدائي كنت صغيرة الحجم بالنّسبة لباقي بنات الفصل حينها ...
كنت قد تعوّدت على مقعد صغير لي في البيت أحضرته لي والدتي رحمها الله لأرسم وألون عليه ... وكان جميلاً وملوّناً ومريحاً لطفلة في مثل حالتي ...
ومع أول جلسة لي على مقعد المدرسة شعرت أنني أجلس في فراغ ... فالمقعد كبير وهو بحجم مقاعد أطفال الصّفّ السّادس !!!
كنت أتلجلج في المقعد ... وأشعر بين حين وآخر أنني سأسقط عنه ... فأصبحت أقف في حصّة الكتابة حتى إذا ما تعبت عدت فجلست ...
وبعد محاولات مضنية للتأقلم مع هذا المقعد وجدتني أمام ضرورة مصارحة والدتي بالمشكلة ... فأنا لم أعتد أن أشتكي إليها في مثل هذه الأمور إلا عندما أستنفذ كلّ قدراتي لعلمي بما تتسبب لها شكواي من ألم وأسى على طفلتها الأثيرة المريضة ...
وفوجئت بأنّ والدتي كانت تشعر منذ أول يوم بعدم راحتي في الجلوس على مقاعد الفصل العاديّة الكبيرة وكانت قد هيّأت لي من أجل ذلك مفاجأة لم أتوقّعها ...
وما هي إلا أيّام حتّى رأيت داخل صفّي مقعداً صغيراً مختلفاً عن باقي المقاعد اختلافي عن باقي الأطفال ... قد صنعته والدتي عند نجّار حيّنا ...
والأعجب أنّني رأيت صديقتي المفضّلة تجلس عليه ... وكانت أصغر قامة منّي ...
لم تشأ والدتي رحمها الله أن تشعرني بالاختلاف عن صديقاتي فطلبت من المعلّمة إجلاس صديقتي المفضّلة بقربي في مقعدنا المتميّز وكان اسمها ( عُلامة ) وقد كانت في نعومتها ولطفها عَلامة ...كما كنت بجرأتي وحساسيتي وإرادتي بين الأطفال علامة مميّزة أيضاً ... trade mark
icon_razz.gif
.

( على فكرة هذه الصفات منقولة من استمارتي حينها ... يعني هو رأي معلمتي ) ههههه .

كم كانت سعادتي وسعادة عُلامة غامرة بمقعدنا الجديد ... وبينما كانت والدتي تشعر بالامتنان للمدرّسة ولوالدة علامة لتعاونهما في تهيئة الوضع المناسب لي ... كانت المدرسة ووالدة علامة أكثر امتناناً لوالدتي وذلك أنّ مستوى علامة الدّراسي قد تحسّن ...
رغم صغري كنت أشعر أنّ عليّ أن أقدّم لعلامة شيئاً ما مقابل رضاها بتغيير مقعدها رغم علمي بمحبتها لي ورغبتها في مجالستي والثرثرة معي
icon_razz.gif
... لذلك كنت أساعدها في فهم الدّروس وكانت والدتي ( وهي مدرّسة ) تستدعيها بين حين وآخر إلى بيتنا كونها قريبة المسكن منّا لتعليمها وتحسين مستواها الدراسيّ ... وكنت أجلس معها بتوجيه من والدتي كي لا تشعر بالوحدة والاختلاف كما كانت تجلس قربي في مقعدي كي لا أشعر بذلك ...

وطبعاً لا أخفيكم أنّني كنت مقلّدة بارعة لأمّي فكنت الأستاذة البديلة لعلامة في المدرسة سيما وأنّني كنت أحبّ أن تكون صديقتي المقربة طفلة مجتهدة ...
وأذكر تماماً حين أسرّت لي علامة بأمر يصعب على الأطفال أن يسرّوا بمثله عادة ...
قالت : ( هنيئاً لك يا ميسون بأمك ... يا ليتها كانت أمي ... إنّ أمي لا تهتمّ بي وتعاملني بقسوة ... أما أمك فهي لطيفة جدّاً وأشعر أنّها تحبني وكأنّني ابنتها ) ... ثمّ بكت وأبكتني ...
ذكرت ذلك لوالدتي فازدادت بها اهتماماً وتحدّثت إلى والدتها وقمنا بزيارتهم مراراً وكذلك هم ...
لم تكتف علامة بمصاحبتي في مقعدي بل كانت ترافقني مع كلّ يوم إلى مدرستي رغم صعوبة سيرها معي ... فيا لروعة الأطفال ويا لبراءتهم وطهر قلوبهم وسموّ وجدانهم ...

غادرت دمشق إلى الكويت حيث درست الصفين الثاني والثالث ثمّ عدت إلى دمشق ومدرستي وأول من سألت عنها صديقة المقعد والدّرب عُلامة والّتي لم تكمل دراستها فقد خرجت من الابتدائية لأنّها لا تملك أمّاً كأمّي ... وكم حاولت إقناعها وكذلك والدتي بعدم ترك المدرسة فأخبرتنا بأنّ الأمر ليس بيدها بل بيد والديها ... وكان حزني شديداً لفراقها ... وما لبثت أن سمعت خبر خطبة علامة وهي في سن الثانية عشر !!! تصوّروا ...

وبينما تركت علامة وغيرها من الأطفال الأصحّاء المدرسة لجهل ذويهم ولظلمهم أحياناً كنت بفضل الله ثمّ بفضل والدتي أترقّى في مراتب العلم رغم كلّ ما كان يواجهني وإياها من صعوبات وتحدّيات ...

رحم الله والدتي ... كم كانت مربية حكيمة وأمّاً عظيمة ...
وأتساءل الآن ؟ هل ما زال ذلك المقعد الّذي جمعني بعلامة موجوداً؟ وهل كان يلفت انتباه من جلس عليه بعدي من الأطفال اختلافه عن باقي المقاعد الأخرى ؟ وهل تراهم تساءلوا عن سرّ ذلك الاختلاف وقصّته ؟ أم تراه أودع جانباً في انتظار من يشعره بقيمة دوره كما شعر بها حين جلست عليه طفلة مختلفة مثله كانت أحوج ما تكون إليه ...؟
الله أعلم ...




[/align]
 
ميسوون اولا اهنئك عل السرد الراقي في التعبير

احتوتني مشاعر غريبه في نهاية اسطرك ولكن تبقى الذكرى الجميله محفوره في خاطرك

جميل منثرته ميسوووون والاجمل وجود مقعدك ليتسألون عنه ويعرفون عن سر المقعد

تقبلي تحياتي وخالص ودي

مروض الحب
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 00

عزيزتي /ميسون

رحم الله والدتك الغاليه وجمعك بها في جنات النعيم 00
جميله هي تلك العلاقه التي جمعتك بذلك المقعد الصغير والتي لم تمحوها السنين 00

ودائما تكون قيمة الاشياء بمكانتها لدى مالكيها ومعناها لهم 00

ربما يوما ما تجدي من سطر سطورا كهذه السطور الرائعه ويتحدث فيها عن ذلك المقعد الصغير وكيف انه كان سببا في تميزه 0


تقبلي مني اجمل تحيه 0
 
التعديل الأخير:
ميسون قصاص
ها قد عدتي لنا بقصة جميله من قصصك ومغامراتك بعد انقطاع طويل
شكرا جزيلا لك
 
يسلموووووووووو يامووووووووووو قصة في غاية الرووووووووووووعة
وهناك اكيد ذكريات جميلة وغير جميله الا اننا نبقى نتذركها وهذا المقعد الصغير له دور وفضل كبير بتحدي وارادة ميسون
اتمنى لك حياة سعيده والى الامام
احترامي
بنت التحدي
 
[type=170342]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا هلا فيك اختى ميسون ويا هلا بذكرياتك الجميله كم هو جميل ان نتذكر الماضى
وما حمل معه من ذكريات سعيده وحزينه ولكن سردك هذا لذكر كانت في يوم من الايام
مع صديقة لك تذكرتيها يدل على انك تحبين صديقتك وتذكرت كيف كنتم تقضين اوقاتكم بدراسه
هذا ايضا يدل على الحنان والعطف الذي كان بينكما
فاهنيئآ لك اختى ميسون ع ذكريات مختزنه ولكنها جميله
ربنا يسعدك سعادت الدارين ويبارك لك في عمرك ويرحم والدتك رحمتآ واسعه
ويجعل الفردوس الاعلى مسكنآ لها
اللهم امين يا رب العالمين
[/type]
19.gif
 
رائعة هذه القصة عزيزتي ميسون
وفقك الله وغفر لأمك وأسكنها فسيح جناته
 
ما شاء الله على قلمك أختي الحبيبه ميسون
يعلم الله كم استمتعت بقرأت قصتك و ذكرياتك الحلوه
رحم الله والدتك و أسكنها فسيح جنانه
فكانت مثال يقتدى به
تحياتي لكي
أختك في الله :
المحبة لدينها
 
السلام عليكم أختي الكريمة ميسون قصة في غاية الروعة بالنسبه لنا .. وذكرى جميلة لكي ..

غفر الله لوالدتكي .. أتمنى أن اكون أمآ لأبنائي يفخرون بي ويجعلوني قدوه لهم كأمك أسأل الله أن يسكنها جنات الفردوس ..


تقبلي مروري أختك محبة معاق ..
 
رحم الله الوالدة الحكيمة الحنون
مقعدك الصغير بات مقعدي يا ميسون و لي الشرف أن أشاركك الجلوس عليه
 
شكرا لك اختي ميسون

ورحم والدتك وامي واسكنهم فسيح جناته

آآآآآآآآآآآآمين
 
فاجأتني ردودكم الكثيرة والرااااائعة ...
والله لقد أبدعت أقلامكم وبصدق أكثر بكثير مما كتبتُ ...
جزاكم الله كل خير جميعاً ودون استثناء ...
وما دامت قصصي تسعدكم فلن أتأخر عليكم بها بإذن الله ... وما غيابي عنكم بين حين وآخر إلا لعذر فأرجو أن تعذروني ...
دمتم وأبناءكم وأحبابكم بعفو وعافية ... والسلام عليكم ...
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مثل ما قال اخوي
الكريم مروض

سرد رائع

و لكن ..........

ما اغلى الام

رحم الله امهات المسلمين
الاحياء منهم و الاموات:23:

و اهنيك على شخصيتك الرائعه
الي عبرت عنها قصتك

من اختكم lulu caty:23:
 
عندما قرات قصتك تركت مخيلتي ان تعيش ممعها وكاني انا التي اجلس على المعقد الصغير بدل علامة

رائعة قصتك غاليتي جعلتني اتخيل ميسون الصغير :16:
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته​


مثل ما قال اخوي
الكريم مروض

سرد رائع

و لكن ..........

ما اغلى الام

رحم الله امهات المسلمين
الاحياء منهم و الاموات:23:

و اهنيك على شخصيتك الرائعه
الي عبرت عنها قصتك


من اختكم lulu caty:23:

حبيبتي لولو ...
أشكرك .. وفعلاً لا أحد أجمل وأغلى من الأمهات ... التي تصوغ شخصيّات إيجابية في الحياة ... رغم الظّروف والتّحدّيات ...
بارك الله بك ودمت بعفو وعافية ...
 
عندما قرات قصتك تركت مخيلتي ان تعيش معها وكاني انا التي اجلس على المعقد الصغير بدل علامة

رائعة قصتك غاليتي جعلتني اتخيل ميسون الصغير :16:

حبيبتي آمال ... أشكرك وأهلاً بك أختاً تكون بجانبي وأكون بجانبها دائماً في درب الحياة ...
وإذا تخيّلت طفلة ( تحبّ اللّعب ومجتهدة ) (مرحة وضحوكة ) ( جريئة جدّاً وحسّاسة ) تكونين قد تخيّلت ميسون الصّّغيرة تماماً ...

بارك الله بك ... ودمت بعفو وعافية ...
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أسلوب جميل و شيق مصحوب بتعقيبات رائعة
مقعد صغير ساهم في بناء فكر كبير
نحن نسعد حتى بالأشياء حين تتشكل كما نحتاجها

بارك الله فيك ميسون قصاص على تشريكنا هذه الحقبة من حياتك
و معايشة أيام الطفولة معك
لك كل الود
 
وأسلوبك أجمل يا أختي الغالية بحر الأمل ... وما أجمل ما قلت ... وليت الأصحاء يدركون عمق الكلمات في قولك :
نحن نسعد حتّى بالأشياء حين تتشكل كما نحتاجها ...

أحسنت في ردودك وأبدعت ... ورائع منك أن تولي مواضيع الآخرين هذا الاهتمام فتأتي ردودك من الإتقان والجمال كما وأنك تكتبين في موضوع لك ... :22:

بارك الله بك ... وجمعني الله وإياك في مقعد صدق عند مليك مقتدر ...
 

عودة
أعلى