مؤتمر رياضة المعاقين يفتح آفاقاً استثمارية واعدة

فارس عمر

مشرف منتدى القصص والرواياترياضات وإبداعـات متحدي ا
مؤتمر رياضة المعاقين يفتح آفاقاً استثمارية واعدة

الأربعاء, 11 مايو 2011 الساعة 09:27
مبروكة آل غانمي - أبوظبي

http://www.addthis.com/bookmark.php...8%B9%D8%A7%D9%82%D9%8A%D9%86&aq=f&aqi=&a&tt=0



1305089989527388600.jpg

أجمع المشاركون في فعاليات «مؤتمر الإمارات الدولي لرياضة المعاقين»، الذي أقيم تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على ضرورة الارتقاء بهذا القطاع، وتحويله من مجرد رعاية اجتماعية إلى صناعة واحتراف حقيقي.

وانتهت أعمال هذا المؤتمر الأول من نوعه في الشرق الأوسط، أمس، بالدعوة إلى الاستثمار في رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة، وترويجها محلياً وإقليمياً وعالمياً، بعد أن أثبت أبطالها جدارتهم وتفوقهم بنيل ألقاب عربية وعالمية.

وكان «مؤتمر الإمارات الدولي لرياضة المعاقين» بدأ فعالياته، أول من أمس، في فندق «فيرمونت باب البحر» في أبوظبي، بتنظيم من «اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين»، وامتد على يومين بمشاركة عربية ودولية واسعة من ممثلين عن مؤسسات واتحادات رياضية محلية وإقليمية وعالمية وخبراء ومختصين في شأن ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث شهد المؤتمر جلسات حوار غنية، للخروج بتوصيات ومقترحات سيتم رفعها إلى الاتحادات الدولية المشرفة على رياضة المعاقين، وتهدف إلى الارتقاء بهذا القطاع، وتسليط الضوء على مشاكل هذه الفئة المهمة من المجتمع.

أبعاد اقتصادية

ومثلت جلسة الحوار الثانية، أمس، القلب النابض لمؤتمر رياضة المعاقين، حيث تحدثت عن «الاستثمار في رياضة المعاقين»، وكشفت النقاب عن المؤشرات الحقيقية لواقع هذه الرياضة في العالم العربي، ومعوقات تحولها إلى مجال اقتصادي مربح.

وشارك في الجلسة كل من ماجد العصيمي، عضو «مجلس دبي الرياضي» نائب رئيس «اتحاد الإمارات للمعاقين»، وطارق سلطان بن خادم، رئيس مجلس إدارة نادي «الثقة للمعاقين»، والدكتور أشرف مرعي، رئيس «اللجنة البارالمبية المصرية».

وفي بداية الحوار، قدم الضيف المصري مداخلة بعنوان «الاستثمار في رياضة المعاقين... طريق للتنمية البشرية والمجتمعية» لخص فيها السبيل نحو إشراك هذا القطاع في عجلة الاقتصاد، حيث إن 10 بالمئة من سكان الأرض معاقون بما يعادل أكثر من 600 مليون شخص، و80 بالمئة من هؤلاء من الدول النامية.

ولفت مرعي إلى تقرير لـ«البنك الدولي» صدر العام 2007، وكشف عن أن 20 بالمئة من فقراء العالم معاقون، مبيناً أنها نسبة كبيرة تخلق مشاكل بطالة وفقر وتعليم وصحة، وأن هذه النسبة في لغة الاقتصاد تسمى «طاقة معطلة» تعوق مسيرة التقدم على كل المستويات، وهو ما دعا تقرير «البنك الدولي» إلى ضرورة استثمار هذه الطاقة واستغلال الفرص. وتساءل مرعي، «هل يجب الاهتمام بممارسة الرياضة والاستثمار فيها كإحدى الأولويات مثل المتطلبات المعيشية؟».

وللإجابة عن هذا السؤال قدم الدكتور أشرف مرعي طرحاً حول تجربة الاتحاد الأوروبي، حيث إن زيادة المشاركة في الأنشطة البدنية في إنجلترا تقلل من نفقات الصحة العامة بمقدار 778 مليون دولار، وفي هذا البلد أيضاً تعادل إيرادات الدولة من الرياضة 4 أمثال ما تم الإنفاق عليه، كما تمثل فرص العمل في الرياضة أكثر مما هو متاح في قطاعات حيوية أخرى، كالسيارات، والزراعة، وفي الولايات المتحدة يبلغ إيرادات الإنتاج من الاستثمار في الرياضة 212 مليار دولار، وهو ما يساوي 7 مرات إيرادات إنتاج القطاع السينمائي.

واستشهد مرعي بالنموذج الصيني، حيث يشكل مثالاً جيداً على نجاح الاستثمار في رياضة المعاقين، من خلال الدورات البارالمبية الناجحة، وآخرها دورة بكين العام 2008، التي صرفت عليها الحكومة الصينية أكثر من 4 مليارات دولار، وحققت مداخيل مالية فاقت هذا المبلغ بكثير، لافتاً إلى أن جهات دولية مثل «منظمة الصحة العالمية» و«اليونيسكو» أطلقت حملاتها لمواجهة الأمراض، والتوعية من أساليب الحياة غير الصحية، وذلك من خلال ممارسة النشاط الرياضي.

وخلص أشرف مرعي إلى ضرورة الاهتمام بالرياضة، من خلال ممارستها والإنفاق فيها.

ضرورة تنموية

من جهته، تحدث ماجد العصيمي، نائب رئيس «اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين»، عن واقع رياضة المعاقين. وقال، «إن الساحة مهيأة لدخولها في الاستثمار، الذي هو تسخير للأموال حتى تعود بالربح بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال، لكن هذا المفهوم تطور عند الدول والحكومات، ليصبح استثماراً في الإنسان والطفل والشاب والرجل، حتى تأتيها الإيرادات في تنمية الفئات البشرية».

ودعا العصيمي إلى تشجيع المستثمرين على دخول هذا المجال وتغيير نظرة الشفقة والصدقة للمعاقين، لافتاً إلى أن هذا لا يتحقق إلا من خلال امتيازات وتشريعات تمنحها الدولة للجهات الخاصة للاستثمار في هذا المجال.

تجربة «الثقة»

وقدم طارق سلطان بن خادم، رئيس مجلس إدارة نادي «الثقة للمعاقين» بالشارقة، لمحة عن تجربة ناديه المتميزة في الإمارات تحت عنوان «الاستثمار البشري في رياضة المعاقين».

واستعرض ابن خادم مسيرة النادي منذ تأسيسه في العام 1987، بعد أن كان لجنة مناصرة للمعاقين، حيث يعتبر النادي الأول من نوعه في الدولة، الذي يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة اجتماعياً وذهنياً في الشارقة، مبيناً أن النادي يمتلك مبنى أولمبياً منذ 12 عاماً، وهو أول نادٍ في الشرق الأوسط له تجهيزات خاصة، ويعمل وفق منظومة عمل تعتمد على 9 مراحل للاستثمار في المعاقين، هي الاستقطاب، ودراسة الحالة، والتوجيه، والتدريب والمشاركة، والتقييم المرحلي الشامل، والتثبيت، والتقييم المتقدم، وتطوير المهارات، والمتابعة.

وتوقف رئيس مجلس إدارة «الثقة» عند إنجازات النادي، فهي كثيرة، حيث جاءت بفضله أول ميدالية أولمبية بأثينا في العام 2004 لذوي الاحتياجات الخاصة في رياضة الرمح، وكذلك حصلت ثريا الزعابي، وهي إحدى عضواته على ميدالية ذهبية في «دورة غوانزهو» الصينية الأخيرة، وكذلك «بطولة الكراسي المتحركة».

وقال ابن خادم، «إن الاستثمار الحكومي في الإمارات في رياضة المعاقين كبير، حيث إن 350 موظفاً في الحكومات المحلية والاتحادية هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو استثمار جيد في الطاقات البشرية».

محورية الإعلام

واختتمت جلسات «مؤتمر الإمارات الدولي لرياضة المعاقين»، أمس، بجلسة محورية حول دور الإعلام في هذا القطاع. وتحدث فيها كل من كريغ سبينس، مدير الإعلام والاتصالات في «اللجنة البارالمبية الدولية» بألمانيا، وهنري ستورغارد، الرئيس التنفيذي لـ«اللجنة البارالمبية الكندية»، ومحمد الجوكر، نائب رئيس تحرير جريدة «البيان» الإماراتية، وإيهاب حسنين من قناة «النيل» المصرية.

وأجمع الحاضرون على أن الإعلام يعتبر المحرك الرئيس لكل المجالات، لأنه يمثل الباب الذي يفتح المجال أو يغلقه أمام الاقتصاد ورجال الإعلام، وإنه إذا كان في البلدان الأوروبية والمتقدمة يواكب عجلة التطور في رياضة المعاقين، فإنه مازال في عالمنا العربي يعتبرها عنصراً مكملاً وهامشياً أمام الشعبية الكبيرة للرياضيات الأخرى، وفي مقدمتها كرة القدم، لافتين إلى أنه وبهدف تحقيق الاستثمار في رياضة المعاقين، يجب تغطية هذا القطاع حتى يصل إلى الشركات وأصحاب رؤوس الأموال، ويقتنعوا بأن الرياضي المعاق يمثل عنصراً ترويجياً مهماً، وكذلك عنصراً استثمارياً مربحاً.

وكانت الجلسة الأولى، أمس، تناولت «الاحتراف في رياضة المعاقين»، وتحدث فيها بومهران، رئيس اتحاد رياضات المعاقين بألمانيا، وماليني راجاساغرين، الأمين العام لـ«اللجنة البارالمبية الماليزية»، ومازرا سترنغ، الأمين العام لـ«الاتحاد البريطاني لرياضات المقعدين والبتر»، وفاضل المنصوري، مدير إدارة الرياضة النوعية في «مجلس أبوظبي الرياضي».

تجربة عربية رائدة

تعتبر التجربة التونسية في مجال رياضة المعاقين مثالاً يحتذى به في العالم العربي، نظراً للإنجازات العالمية، التي حققها أبطاله، وكذلك الاحتراف الذي وصل إليه مدربو هذه الفئة من الرياضيين. وقال الدكتور حليم جبالي، نائب رئيس «الاتحاد التونسي لرياضة المعاقين» عن ملامح تجربة بلاده، «إنها تمتد على نحو 25 سنة منذ تأسيس الاتحاد، حيث كانت التوجهات منذ البداية بالتركيز على ألعاب القوى، باعتبارها الأكثر شعبية، وكذلك باعتبار محدودية الإمكانات، بحيث إن هذه الرياضة لا تتطلب أجهزة مكلفة».

وأضاف «بذلت الجهود على المستوى المحلي والدولي، حيث إن تونس هي من أول البلدان العربية التي تمتلك مصنفاً دولياً معتمداً مختصاً في رياضة المعاقين. ولئن كانت رياضة المعاقين في تونس غير محترفة، فإن رياضييها يخضعون لمعسكر دائم طوال السنة يضم نخبة العناصر، وقد تطور عددهم من 20 رياضياً في العام 1995 إلى 80 رياضياً في العام 2011، ويتدرب هؤلاء 9 حصص في الأسبوع، ويخضعون لراحة سنوية لمدة 30 يوماً. هؤلاء الرياضيون موضوعون على ذمة الاتحاد، وليسوا محترفين، وأغلبهم ليس لديهم وظيفة باعتبار أنهم من أوساط اجتماعية ضعيفة الدخل».

ولفت جبالي إلى أن المدربين أسوياء، ويخضعون لتكوين خاص، وهم من أفضل المدربين في العالم، وهو ما جعلهم يحترفون العمل في الخارج بين الخليج وأوروبا.

وأوضح أن الرياضيين التونسيين من ذوي الاحتياجات الخاصة حققوا إنجازات كبيرة تطورت من ميداليتين برونزيتين في «دورة الألعاب الأولمبية» في أطلنطا 1996 إلى 21 ميدالية، منها 9 ذهبيات في «دورة بكين» الماضية، والتي جاءت فيها تونس في المرتبة 15 عالمياً في كل الرياضات، وفي المرتبة 6 عالمياً في رياضة ألعاب القوى، حيث حافظت تونس على مرتبتها الثانية بعد الصين، من حيث عدد الميداليات لمدة خمسة أيام طيلة «دورة بكين»، وبذلك فإنها الأولى عربياً وإفريقياً في هذه الدورة، متقدمة على بلدان أوروبية، مثل هولندا، وسويسرا، والدنمارك.

واعتبر الجبالي هذه الأرقام مؤشراً على أن تونس بلد عملاق في رياضة المعاقين عمل حسب إمكاناته، وحسب سياسة محكمة، وحقق المطلوب. وكانت رياضة المعاقين تحصل على دعم حكومي تطور من 30 ألف دينار تونسي ( 22 ألف دولار) في العام 1994 إلى 400 ألف دينار تونسي في العام 2010. إضافة إلى رعاية شركات عدة أهمها الخطوط التونسية.

الهاملي: الصحافة شريك استراتيجي

قال محمد فاضل الهاملي لـ«الرؤية الاقتصادية»، «إن الإعلام يمثل شريكاً استراتيجياً لـ(اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين)، وقد لعب دوراً بارزاً في الارتقاء بهذه الرياضة. ولعل المثال الأبرز هو التغطية المباشرة لفعاليات المؤتمر على قنوات (أبوظبي الرياضية)، وكذلك العدد الهائل من الصحافيين ورجال الإعلام، الذين هبوا إلى المؤتمر لتغطية أعماله».

مدينة رياضية جديدة

كشفت جلسة «الاستثمار في رياضة المعاقين» عن توصية تتعلق ببناء مدينة رياضية متكاملة في دولة الإمارات خاصة برياضة المعاقين، من شأنها أن تزيد في مردودية هذا القطاع وأداء هؤلاء الأبطال، كما تمثل مصدراً اقتصادياً مربحاً، من خلال استضافة أحداث إقليمية وعالمية خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة. وهذا النموذج يكون على غرار النماذج الكبيرة الأخرى، التي أنجزتها دولة الإمارات في المجال الرياضي، وجعلت منها مركزاً عالمياً في استضافة أكبر الأحداث وأهمها.

موازنات ضعيفة

تطرق محمد فاضل الهاملي، رئيس مجلس إدارة «اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين» إلى الموازنات المخصصة لهذه الفئة، واعتبرها ضعيفة، حيث إن موازنة الاتحاد لا تتعدى 2.5 مليون درهم سنوياً، وهو رقم يضاهي موازنة الصرف على بطل أولمبي واحد في أوروبا. وقال، «الحديث عن الاحتراف في رياضة المعاقين غير وارد في الإمارات، بالنظر إلى أن الجميع يدعو إلى تفرغ كامل لذوي الاحتياجات الخاصة لرياضتهم، وهو أمر غير مقبول، ويؤدي إلى خسارة الوظائف».
 

عودة
أعلى