التصفح للزوار محدود

ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

500X361.jpg



باب ستر عورات المسلمين والنهي

عن إشاعتها لغير ضرورة




قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور: من الآية19] .



الـشـرح



العورة هنا هي العورة المعنوية ؛ لأن العورة نوعان
: عورة حسية ، وعورة معنوية .

فالعورة الحسية : هي ما يحرم النظر إليه ؛ كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .

والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخلقي أو العملي .

ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) [الأحزاب:72] .

فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ؛ فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد ؛ فيكون ظالما ، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل ؛ فيكون جهولاً ، هذه حال الإنسان إلا من عصم الله عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل ، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .

وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب ؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة . فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه ، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة ، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .

هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء ؛ فلا تفش ذلك بين الناس ؛ بل أنصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ؛ كان ذلك هو المراد ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس ؛ لئلا يغتروا به .

وهب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء ، ولا يغض بصره ، فاستر عليه ، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس ؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه ، وإن لم يكن عنده مناعة ؛ أصابه السهم ، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً .

فما دام الستر ممكنا ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة ، فاستر عليه ولا تفضحه .

ثم أستدل المؤلف ـ رحمه الله ـ بقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) [النور: من الآية19] .


ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان :

المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ومن ذلك من يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء ـ لا شك ـ يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ويريدون أن يفتتن المسلم في دينه بسبب ما يشاع من هذه المجلات ، والأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك .

وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم ، داخل في محبة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ) [النور: 19] ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة ، ويمكن من شيوعها في المجتمع المسلم ، فهو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ( لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) أي عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة .

المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين ، وليس في المجتمع الإسلامي كله ، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة



ونقول : إنه يحب على كل مسلم أن يحذر من هذه الصحف وأن يتجنبها ، وألا يدخلها في البيت ، لما فيها من الفساد : فساد الخلق ويتبعه فساد الدين ؛ لأن الأخلاق إذا فسدت ؛ فسدت الأديان ، نسأل الله العافية .

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
 

عودة
أعلى