التصفح للزوار محدود

طاعة الله تعالى نور يضيء باطن العبد وظاهره

خطى رآحلة

Well-known member


طاعة الله تعالى نور يضيء باطن العبد وظاهره ، وذلك من نور الله الذي ملأ السماوات والأرض ،
فقد أحب سبحانه الخير والعبادة والاستقامة ،
وألقى عليها من نوره وضيائه الذي يظهر في وجوه العباد بهجة وسرورا .

111.gif
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن للحسنة لنورا في القلب ، وضياء في الوجه ، وقوة في البدن ،
وزيادة في الرزق ، ومحبة في قلوب الخلق ، وإن للسيئة لظلمة في القلب ، وغبرة في الوجه ،
وضعفا في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق .

وهذا يوم القيامة يكمل حتى يظهر لكل أحد ، كما قال تعالى : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ
فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ .
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
آل عمران/106-107 ...

وهذا أمر محسوس لمن له قلب ، فإن ما في القلب من النور والظلمة والخير والشر
يسري كثيرا إلى الوجه والعين ، وهما أعظم الأشياء ارتباطا بالقلب .

ولهذا يروى عن عثمان أو غيره أنه قال : ما أسر أحد بسريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه .

وقد يقوى السواد حتى يظهر لجمهور الناس ، وربما مسخ قردا أو خنزيرا كما في الأمم قبلنا ،
وكما في هذه الأمة أيضا ، وهذا كالصوت المطرب إذا كان مشتملا على كذب وفجور ،
فإنه موصوف بالقبح والسوء الغالب على ما فيه من حلاوة الصوت "
انتهى

"الاستقامة" (1/351-352)

111.gif

ولعل من أكثر الأعمال تأثيرا في نضارة الوجه ونوره قيام الليل وقراءة القرآن ،
وتعليم الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أما قيام الليل وقراءة القرآن فتجد ذلك في قوله سبحانه وتعالى - واصفا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - :
(سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) الفتح/29

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) يعني : السمت الحسن .
وقال السدي : الصلاة تحسن وجوههم .
وقال بعض السلف : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .
وقال أمير المؤمنين عثمان : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صَفَحَات وجهه ، وفَلتَات لسانه .
والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه ، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة
مع الله أصلح الله ظاهره للناس ، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته .

وقال مالك رحمه الله : بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون : " والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا "
وصدقوا في ذلك ، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة ، وأعظمها وأفضلها أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم "
انتهى باختصار.

"تفسير القرآن العظيم" (7/361-362)

111.gif
أما تعليم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فتجد ذلك في دعائه صلى الله عليه وسلم
لمن يبلغ الناس كلامه بالنضارة ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ )
رواه أبو داود (3660) والترمذي (2656) وقال : حديث حسن .

يقول سفيان بن عيينة رحمه الله :
" ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نَضَّرَ اللهُ امرأً سمع منا حديثا فبلَّغه ) " انتهى.
رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (رقم/22)

111.gif
وبالجملة فالحسنة والطاعة هي التي تنير الوجه ، وتضيء القلب ، وتشرح الصدر ، وليست آية معينة ، ولا سورة مخصوصة ، بل القرآن الكريم والعمل الصالح بعمومه ، ولا يجوز تخصيص شيء من الدين بفضل خاص إلا بدليل ، وإلا أصاب العبدَ نصيبٌ من الابتداع المذموم .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب



 
رد: طاعة الله تعالى نور يضيء باطن العبد وظاهره

الله يعينا على طاعته وحسن عبادته

جزاج الله خيرا​
 

عودة
أعلى