التصفح للزوار محدود

الإيمان يخترق حاجز الإعاقة

المحبة لدينها

مشرفه سابقه
الإيمان يخترق حاجز الإعاقة



Satellite



شيء ما يترقرق داخله عذبا شجيا؛ ينساب من عينيه إلى قلبه؛ له شكل الكلام وما هو بكلام؛ ربما عباراته وهمهماته. بينه وبين نفسه حوار طويل صامت. أتراه يحاسبها أم يعاتبها؟ أيلومها أم يمدحها؟ لا أحد يعرف فصمته طويل أبدي، وعيناه ساهمتان. لم يكن يسمع أحدا رغما عنه. لكنه الآن يسمع بعينيه؛ وهو يجلس القرفصاء في ساحة المسجد. شعر للحظات خلالها أنه خلق من جديد إنسانا له روح ووجدان وعينان يسمع بهما فيفهم ما يقال أمامه في خطبة الجمعة. الآن يملك الحق في معرفة أمور دينه بعد سنوات طوال قضاها لا يعلم عن الإسلام سوى المئذنة الصلاة.
تأخر الاعتراف بهم كمسلمين
احتاج المعاقون في مصر إلى من يقف إلى جوارهم؛ أرادوا أن يتعلموا عن دينهم كما يفعل الأسوياء. ولكن الاهتمام بهم في مصر تأخر كثيرا. ولدت فكرة ترجمة خطبة الجمعة بلغة الإشارة في فبراير 1999؛ على يد الدكتور أحمد يونس رئيس المنظمة الدولية لمتحدي الإعاقة، تقدم بها إلى الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف؛ ورحب الأخير بالفكرة وخصص ثلاثة مساجد، وهي: مسجد السيدة زينب ومسجد صلاح الدين بالمنيل ومسجد قاهر التتار بمصر الجديدة. ولكن اشترط على أن تتولى المنظمة مهمة التنظيم للمترجمين؛ حيث لا بد من أن يتوافر لدى المترجم الثقافة الدينية واللغوية وقبل ذلك أن يكون عالما بلغة الإشارة.
وافق شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي على الفكرة؛ مؤكدا أنه لا يجوز شرعا ترك هؤلاء المواطنين دون تبليغهم بالرسالة. ولا يجوز أن نرسل دعاة لآخر الدنيا لنشر الإسلام؛ وبيننا في العالم الإسلامي ملايين من الصم والبكم؛ لا يعرفون عن دينهم سوى المئذنة التي تدل على الإسلام والصلاة.
وقد علت بعض الأصوات سابقا لتحول دون تنفيذ الفكرة؛ بدعوى أنه لم يكن هناك مترجم إشارة أيام الرسول؛ الأمر الذي يجعل من هذا المترجم بدعة وكل بدعة ضلالة. وقالوا إن وجود شخص ما يقف أمام المصلين يكثر من الإشارة بيديه؛ يشغلهم عن التأمل والتدبر فيما يقوله الخطيب من دروس وعظة تنفع المسلمين في دنياهم وآخرتهم.
واستمر الجدل بين مؤيد ومعارض حتى قطع د. محمود حمدي زقزوق الشك باليقين، واستجاب لمطلب د. يونس لإقامة صلاة الجمعة مترجمة بالإشارة بشرط ألا تعوق سائر المترددين على تلك المساجد من أداء هذه الفريضة.
دموع أول خطبة
وأخيرا جاء اليوم المنتظر الجمعة 30 يونيو 2000 في مسجد السيدة زينب فما إن علا نداء الحق سبحانه وتعالى، ورفع مؤذن المسجد الكلمات الخالدة "الله أكبر.. الله أكبر"؛ حتى وقف مترجم لغة الإشارة علاء الدين السيد ينقل بحركات يده ووجه النداء إلى قلوب وأفئدة الصم والبكم فسالت الدموع من الأعين واهتزت الأفئدة مرددة على طريقتها نداء الإيمان.
وعن ذكريات هذا اليوم المتميز؛ فقد صعد فضيلة الشيخ "إبراهيم جلهوم" إمام وخطيب مسجد السيدة زينب درجات المنبر. وقد طلبت منه الأوقاف أن يجعل موضوع الخطبة حول "ذكريات عاطرة في شهر ربيع الأول"؛ نظرا لأنها كانت الجمعة الأخيرة من ربيع الأول.
فشخصت إليه أبصار من جاءوا مشتاقين إلى نور الهداية؛ وفي صورة يعجز القلم عن وصفها. فما إن سلّم الإمام منهيا شعائر الصلاة؛ حتى تصافحت أيدي المصلين الأسوياء تلاحما وفرحا لانضمام إخوة جدد إليهم؛ والذين كانت عيونهم وأحاسيسهم تنطق بما يشعرون به بعد أن انكسر حاجز الصمت مرتين مرة بلغة الإشارة ومرة بلغة الإيمان والنور.
يقول "هيثم محمد عبد العزيز" (18 سنة)- دبلوم صنايع من معهد الصم والبكم: اعتدت أن أصلي الفروض الخمسة في المنزل أو المسجد؛ وكنت أتابع باهتمام وحرص شديد حركات شفتي الخطيب لأفهم موضوع الخطبة؛ ولكني كنت أفشل. لكن هذه المرة تختلف حيث استطعت بلغة الإشارة أن أفهم كل ما يقال على المنبر.
وأوضحت "جيهان محمد علي" (24 سنة) - قرية ميت حلفا قليوبية: كنت أواظب على الصلاة في البيت لكن هذه المرة الأولى من نوعها التي أدخل فيها المسجد وأصلي وأستمع إلى الخطبة وأفهمها؛ ومن شدة سعادتي ارتديت ملابسي منذ الصباح الباكر لأذهب إلى المسجد.
وذكر "علاء الدين السيد" - مترجم أول خطبة بالإشارة: كنت خائفا جدا؛ فالموقف أصابني برهبة شديدة، خاصة أنها المرة الأولى التي أقف فيها أمام هذا العدد الضخم من المصلين؛ وبالأخص من مسجد السيدة زينب؛ ومع ذلك كنت سعيدا جدا لأنني أشارك في تحقيق حلم ملايين من الصم والبكم في مصر.
أما "نادية عبد الله" - محامية وخبيرة إشارات والتي قامت بترجمة الخطبة للسيدات تقول: تعلمت لغة الإشارة من خلال معايشة لأب وأم وشقيقة وزوج مصابين بالصمم والبكم. وعملت متطوعة في المنظمة المصرية لحقوق متحدي الإعاقة. وعندما أبلغني د.أحمد يونس باختياري لهذه المهمة المقدسة سعدت جدا لأن النزعة الدينية لدى الصم والبكم مرتفعة؛ لكنهم يعانون من أمية دينية مرتفعة؛ إذ إن المناهج التي تدرس إليهم تبدو وكأنها تدرس للأطفال.
في أول المشوار..


pic03a.jpg



وبعد مرور عدة أعوام على أول إنجاز؛ يأتي السؤال: هل ما حدث فاتحة خير للاهتمام بإيمانيات المعاقين؟ أم أن هناك تقصيرا في تقديم خدمات تناسب ظروفهم؟. فبالنسبة لترجمة الخطبة بالإشارة؛ ما زالت تتم بشكل دوري في خمسة مساجد: مسجد السيدة زينب وآخر بالهرم والعريش والسويس والمنيا. ويقوم بالترجمة خمسة مترجمين فقط.
ويقول مترجم الإشارة "علاء الدين السيد": لقد طلبت منذ فترة أن تدّرس مادة الإشارة بشكل أساسي لطلبة الأزهر حتى يخرج دعاة مؤهلون للترجمة بلغة الإشارة، لكن لم يرد أحد عليّ؛ رغم أن هذه المسألة في منتهى الخطورة؛ لقلة مترجمي الإشارة المثقفين دينيا؛ والذين يرحبون بهذا العمل التطوعي.
أما بالنسبة لأداء العمرة فبعد أن تمت لأول مرة في يونيو 2001؛ ثم في ديسمبر من ذات العام توقفت بعد ذلك لفترة؛ لغياب من يدعمها لأنها تعتمد على مجهودات شخصية يقوم مترجمو الإشارة خلالها بتخفيض للنفقات للمعتمرين المعاقين.
ويضيف علاء: واقترحت ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة؛ وتخصيص موقع لها على الإنترنت؛ وطرحها في الأسواق على شرائط CD لكن هذا الموضوع منذ عام 1977 وحتى الآن في اتحاد الإذاعة والتليفزيون؛ بالرغم من أن هذا المشروع لا يخلو من مزايا اقتصادية حيث لن تقتصر الاستفادة على الصم والبكم في مصر؛ لأن لغة الإشارة لغة عالمية ومن ثم يمكن الاستفادة من تسويق المشروع للمعاقين ومتحدي الإعاقة في العالم أجمع.
ونقول للصم والبكم قلوبنا معكم؛ وإننا نعرف بأن عواطفكم الدينية جياشة؛ وتريدون أن تصلوا وتؤدوا فرائضكم مثلنا. ولن نتوقف حتى يكون من شروط قبول خطيب المسجد: إجادته للغة الإشارة.


[mark=#FFFF66]
مبادرة طيبة
كم نتمنى هذا الاهتمام في باقي الدول الاسلامية
[/mark]
 
التعديل الأخير:
رد: الإيمان يخترق حاجز الإعاقة

جزاك الله خيرا أختي المحبة لدينها
 
رد: الإيمان يخترق حاجز الإعاقة

اي والله دعوة الى جميع الدول الاسلامية لتحقيق هذا الهدف

ياترى موجود عندنا في السعودية؟؟
 

عودة
أعلى