إسمي / عبدالله العوَّاد ..
عمري / 31 سنَـة ..
مواهبي / الرسم , العزف على جميـع الآلات والتلحين بألحان شرقيَّة وغربيَّة , الإخراج , التصوير , تصميم الأزياء . الكتابة , وغير ذلِك ..
الـسلام عليكمـ ..
مسـاء الخيـر ..,
حان الوقت للإعتراف وأن أكشف حقيقتي ..
وحان الوقت لكي أزيح قناع الظلام عن وجهي .. رضى من رضى فيما كتبه الله لي بحادثة أصبحت لي منذ صغري . وأبى من استكبر بأمر الله , إنها لحكمة قد كتبها الله للناس ..
ومن هنا سترون صورتي .. وسترون قصتي الحقيقيَّة في قسم القصص ..
أصبحت لا أبالي عن حقيقتي , كتمتها وأخفيتها لأن كثيراً بعد ماعرف حقيقتي إختفى وتمثَّل أمامي .. والآن فإن غاب شمسي عن حياته فاليعلم بأن شمسي ستشرق في أرض أخرى ..
إنه فقط لمن يتقبَّل بما أنا عليه سأرحب به ..
نظـراً لإنشغالـي هذه الأيـام للإستعـداد والتجهيـز لـ " برنـامج - ألـوان " في إحـدى القنـوات الفضائيَّـة وتصويـر فيلـم وثائقـي عن قصَّـة حياتي وإبداعاتـي وسوف أتوجه قريباً في الـ 11 المقبـلة إلى الريـاض إن شاء اللهـ .. وغير ذلِك سيكـون ظهـوري في أكثـر مِن صحيفـة محليَّة أتمنى من الله أن يـمدّنـي بالقـوَّة والتركيـز لإبـراز مايكفـي لكي أكـون راضيـاً عن نفسـي أكثر ..
سأكـون منشغـلاً هذه الأيام بقلَّـة حضوري المنتـدى وأتمنى أن تدعـوا لي بالخيـر ..
من سيفـرح بهـذا الشأن بأني مِن أبنـاءهذا الوطن خاصَّة وتـم ترشيحـي مِن مبدعـي المملكـة عامَّـة فله الشكـر والتقديـر ..
/
أعلم بأني سأدخـل بدوَّامة كبيـرة مِن ضغـوطات ظهـوري كثيراً في الإعـلام , ولكِن سأقبَـل بذلِك برغم أني كنت أرفضها منذ زمـن .. أما الآن فحـان وقـت الوقـوف ..
إدعـوا لي بالتوفيـق ..
سفيـر مبدعـي المملكـة :-/ عبدالله العـوَّاد
( الحمدللهـ الحمدللهـ - هذا مِن فضـل ربِّـي )
" معانِـق الظـلام " ..
(( /.. عَ ـبَـثُ الـذ ِّكريَـاتـْ .. - قِصَّة حياتي ! ))
قِصَّة حَياتي , ليسَت قِصَّة أًسْطـُوريَّة أو مِن سَرد الخيال ! ..
إنها قِصَّة واقعِيَّة خُتِمَتْ علَى أوراقُ رِزنامَة الـ ( أيَّامـ )
وحَبَكتهـا الـ " أقـدَار " لتكـون شاهِدَة مِنْ بِدايَة عَصْري إلَى هَـذا الوَقْت ..
فقِِصَّتي تحْتاج إلى مجلَّدات ورُبَّما إلى مكتبَة كبيرة تحتفِظ بأوجاعـي ..
...
ومِن هُنـاَ أخَذت قَلَمِي وإلتفتٌّ إلى دفتـري لكي أحمله بحذَر
ونفضت نشاز الغـُبار مِن ظهره . الذي حمَل عبء كبير مِن هذه الدُنيا .. كُنت مُتردِّدَاً لأكتب عَن حياتي ., ولكِن ليشهَد لي التَّاريـخ ليدوّنـهُ في حياتـي قَبْل مماتـي ..
...
( ألسُن النـار وَأدَت برَاءَتي )
تنَفَّس الصَّبَاح في قريتنا مُعلِناً صحوتَه مِن سبات عميق , وانبعثَت رائِحَة قهوَة الصَّباح لِتحَظى بشرف إنساكبُها في فنجان ( والـدي ) , ليذهَب بعدها إلى العمَل والكفاح في سِلك التعليـم ..,
أتَى ضيوفاً لوالـدتي مِن الصديقات مايُقارِب 11 إمرأة , معتادات على زِيارَة بعضهُنَّ في كُل صباح جزءاً مِن روتين تقاليد صِلَة الرّحم وتبادًل الأحاديث في صباح كل يوم ..
كُنَّا كالعادة أنا وأخي الذي يكبُرني بـ ( سنتيـن ) نلعب ونمرح كباقي الأطفال وكان عمري حينها ( 3 سنوات ) ..
إنشغَلَت والدتي في المطبَخ لتحضير القهوَة للضيفات
فـ 11 إمرأًة يحتاج إلى جهد كبير لتقديم كرم الضيافَة لَم يعدها بيتُنا الصغيـر مِن قبل ..!
أحسَّت والدتي بالخوف على حياتنا وكان في داخلها شعور غريب . أخذتنا ووضعتنا في غُرفة بعيدة عن أعيـن الضيفات خوفاً مِن العيـن ..
ولكِن بائَت محاولتها بالفشـل , فقد كنت أنا وأخي لا نسأم مِن الحركة والنَّشاط خرجنا إليهُن فكنت أدردِش معهُن وألهو أمامهن وألعب مع أخي ..
بعدها أتى إليَّ أخي حامِلاً بيده علبَة ( كبريت ) لأتفاجأ بِها وأفرَح وأخذني معه إلى غُرفَة مُجاوِرَة مِن أمام أعينهُنَّ لنقفل الباب مِن غير لم يشعرن بذلِك بسبب إنشغالهن بالأحاديث ودردشَة النسوان الروتينيَّة ..
لم تكُن الغرفة تحتوي على مـواد سريع الإشتعال , فقد كانت خاليَة مُجرَّد القليل مِن الجرائِد فقد كانت الغُرفَة تحت الصِّيانَة لعمل طلاء الجدران وسرير واحِد ودولاب صغير . الغرفة كانت مُحكَّمَة بعدَم دخول الهواء بِها لم تكن بِها نافِذة .. ولم يكن الباب يحتوي على فتحَة صغيرة لخروج الهواء مِن الغرفة ..
...
وضعت يدي مغلقاً شفتاي ..
أفكِّر كيف سأكمل كتابة ذلِك الموقِف ! .
سأجمع قواي لأكتب .. فتلك الأحداث لَم أنساها ثانية واحِدَة ..
...
/
أشعل أخـي عـود الثِّقَاب لنشبِع فضول الطفولة ..
وأسقطنا عيدان الثقاب على الأرض ../
بدَت النار تكبر فـ تكبر , ولم نستطِع التحكٌّم بِها . لم نصرَخ , لم نستنجِد , لم نبكي رغم خوفنـا ..
إكتفينـا فقَط بالـ ( صَمْت ) ..!
حاولنا الهرب لنفتح الباب , ولكِن لم نستطع ذلِك .. وهربت سريعاً تحت السرير , إلتفت لأبحث عن أخي ووجدته أخذ بقطعة
الـ " سجَّادة الصلاة " ليغطِّي نفسه بها .. ناديته لكي يختبيء معي ورفضَ ذلِك ..
...
كالعادة يحكين الضيفات وتتعالى أصواتهُنَّ ووالدتي مشغولَة بإعداد القهوَة ..
بلحظَات إلتهمتنا النيران كانت نظرتي الأخيرة ألقيتها تجاه أخي وبعدها لم أدري عن نفسي ..
لم تحظى الغرفة بأن تتنفَّس أو تعطي إنذاراً بخروج الدخَّان أو شيئاً بسيطاً مِن رائحتها فقد كانت الغرفة مقفلة بإحكام ..
/
وضعت والدتي القهوة وتوّجهت إلى الغرفة التي وضعتنا بِها . كانت تشعر بشيء غريب بداخلها , أحسَّت بشيء تجاهنا فقلب الأم يحس ويشعر قبل حدوث أي شيء ..
لم تكن والدتي مرتاحَة قبل الحادِث بيوم ..
فلم تجدنا وذهبت مسرعة إلى الضيفات وسألتهُنَّ بأين ذهبا أطفالها وأشّرن جميعهن إلى الغرفة المقابلة أمام أعينهن . مسكت والدتي مقبض الباب لتتفاجأ بلسعة حرارَة النار مُعلناً لها نهاية حيَاة أطفالها ..
صرخت وصرخن كل من في البيت , واستنجدوا بالنَّاس والجيران ليذهبوا سريعاً إلينا حاولوا أن يكسروا الباب ولكِن منعهم النار مِن الإقتراب ..
فقريتنا لم تكن بها خدمة الهاتِف , فدائماً قريتنا تصلها الخدمات متأخِّرَة كالعادَة .. ووالدي كان يعمل بعيداً عننا ..
جمعوا الناس الفؤوس لكسر الباب وإقتحموا النيران الكبيرة ليبحثوا عننّا وسط الدخَّان الكثيف .. وحملونا سريعاً إلى مستشفى الـ ملك فهـد الجامعي ( التعليمي ) ..
أتاه الخبر والدي متأخِّراً لينصدم بهذه الطامَّة متوجِّهاً معنا إلى المستشفى . فكل من رآنا في المستشفى مِن زائرين ومرضى وأطباء وممرضي المستشفى على سرير الطواريء قالوا بيأس ترتسِم على ملامحهم الحزن بأن لاهناك أمَل لنا أن نعيش ..
توّجهـوا بِنا سريعاً إلى غرفة العمليَّات حاول أكثر مِن طبيب محاولة أن يعيدونا إلى الحياة ولكِن دون جدوى بعد أكثر مِن ساعتين ..
خرج الطبيب لوالدي وعيناه تدمع حزناً على إخبار والدي بأننا قد " توفـّينا " ..
كان الخبر صفعة في وجه والديّ وإنتحبت والدتي بالحزن وانذرفت عينا والدي , وأخذ الطبيب يغطِّي وجوهنا بالوشاح الأبيض ..
بكى والدي قائلاً :- على الأقل يحيا واحِداً من أطفالي ..
وإذا شاء اللهـ أن تكون إرادته فوق كل شيء الذي إن قال كُن فيكـون , وإذا بي أسعل مِن ترسّبات ثاني أكسيد الكربون الذي إمتصَّه جسدي النحيل ليحاول أن يخرج من صدري لتبتديء الرئَة تعمل كي أتنفَّس , إستغرب الدكتور ووالداي وذهبا إلي سريعاً ليتفاجئوا بمشيئة الله أن تمَّت ..
...
عادَت لي الحياة مرَّة أخرى . ولكِن ليس ذلِك الطِّفِل ذات الملامِح الجميلة ذات العينين الواسعتين , ذات الثغرة المُبتسِمَة ذات الأنامِل النَّاعِمَة ..
فقد كانت عيناي مضمّدتين بالشاش , وكنت أتنَّفس بواسِطَة فتحة مِن رقبتي ..
وكنت أشرب الحليب بواسطة أنبوب موصلة بِها ..
كنت أريد أن أبكي , لم يكن لديَّ صوت .. كنت أريد أن أرى لا أرى سوى الظلام ..
كنت أريد أن أضع يداي على وجهي لم أستطِع فكلها ملفوفة بالشاش ..
لم يتركوني والدي لحظة .. وكانوا يبكون بسبب ليس لديَّ صوت ولا أستطيع أن أبكي ..
مجرَّد يتحشرجَ صدري ويرتعش ..
ذهبا بي الطَّاقم الطبِّي لممارسَة تجاربهم على جسدي الصغير , وجعلوني منهج تعليمهم الطبِّي لمزاولة تجاربهم
أخذوا الكثير مِن جلدي ومزّقوه أكثر مِن ما مزّقتها النيران , إلى أن أصبح جسدي مشدوداً بسببهم ..
...
( رِحلَة المعاناة ) !
حوّلوني بعدها إلى مستشفى الملك فيصل التخصّصي بالرياض ليمارسـوا بي تجاربهم إلى أن تركوا المسألة أكثر تعقيداً . بعدها قصّوا الشاش مِن على عيني لينتظروا نتيجة هل سأرى بعدها أم لا ..
بكيت نتيجة لا أرى شيئاً فقد كنت أبكي مِن غير صوت .. حاول أبي تهدأتي والطاقم الطبِّي . إلى أن خلدت للنوم ..
توَّجَه والدي مسرعاً بأوراقي لوزارة الصحَّة , ماطلوا الموضوع ليتوجّه والدي جزى الله المسئول بالأجر لمساعدة والدي لوصول أوراقي إلى مقام الملك / فهد بِن عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله ، وصدر بالأمر السَّامي بعلاجي إلى الخارِج في بريطانيا – مستشفى لندن كلينك ..
...
لَن أنسى وقفَة هذا الملِك العظيم , ملِك الإنسانيَّة فدائِماً أدعوا له بالرحمَة والمغفرة لن أنسى وقفته الصَّادِقَة مع والدي ومتابعة علاجي بتحمل جميع التكاليف ..
...
( مستشفى لندَن كلينك – بريطانيا )
حملوني من الطائرة متوجّهين بي إلى المستشفى , ليجتمع أكثر من دكتور متخصِّص بقسم الحروق وجرَّاحين خبراء ليكتشفوا أفكاراً جديدة لإعادة ماهدمه مستشفى الخبر التعليمي والتخصّصي ..
/
ليصدر الدكتور أمراً إلى إستخدام طرق جديدة لعمليَّات التجميل .. وبعد أكثر مِن 18 ساعة أخرجوني مِن غرفة العمليَّات بحال أفضل ووضعوا شاشاً حول عيناي فقد أجروا عمليَّة إعادة بناء من جديد لتفتح عيناي بعد أسبوع لينتظروا النتيجة ..
فكانت إجابتي لوالدي وطاقم خبراء الأطباء بإبتسامتي فرحاً برؤية وجه والدي الذي لم أراه منذ بداية حادثَة الحريق ..
وفرِحَ الأطباء بإرتسامة السعادة على محياي ليكملوا مراحِل إعادة البناء وعدت أتنفَّس من فمي وأصبحت أنطق وأتكلَّم , لكن كان والدي يساعدني أن آكل طعامي لأن يداي أصبحت تحتاج إلى إعتياد إلى إستخدام وظائف جديدة لكي أستعملها..
كان المتخصّصين سعداء لسرعة تجاوبي مع محاولة أن تعود لي كل وظائف جسدي فضلاً إلى ذكائي ..
إستقرَّت صحّتي بعد مكوث أكثر مِِن 9 أشهر ليعطوا والدي مواعيداً كثيرة لمتابعة علاجي ..
( مُمارسة طفولتي تحتاج إلى حذر )
دخلت الصف الأوَّل إبتدائي متأخَِّراً بسبب علاجي وكنت أتابع دراستي في بريطانيا بعد أمر الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله بتكملة دراستي هُناك وكنت أحب الدراسة والتعلُّم كنت شمعة لاتنطفيء لشغفي للتعليم وكنت أحوز على المراكز الأولى ..
لم تمنعني دراستي أن أمارس طفولتي بالخروج مع والدي في بريطانيا لكي أذهب ألعب مع من هُم في سنِّي .. كنت أذهب إليهم وكلّي حماس بتوجيه الكرة لي ولكن تفاجأت بأني قد ملأت في ملعبهم الرعب ليهربوا تاركين الكرَة لي ..
إلتفتّ إلى والدي لا أعلم ماسر هروبهم , فلاحظت والدي يبتسِم لي ودمعته سالت من عيناه وكأنَّه يقول لي بداخله , ( لم ترى شيئاً حتى الآن ) ..!
فقال لي :- ألم تسمع والدتهم تناديهم للغداء؟ ..
سألته /- والكُرَة ؟! ..
إبتسم والدي :-/ خذها لك ..
كان أبي دائماً يبتسِم لي ويضحك وكنت أرى عكس ذلِك في داخله .. كنت أعلَم بأنه يبكي لأجلي . كنت أعلم بأنه يخبِّيء عنِّي شفرَة مستقبلي كيف سيكون غداً ..
سأكمـل لكم باقـي الأحداث - واعذرونـي على ركاكـة أسلوبي في الكتابة وافتقـاري للمعاجم اللغوية والنحويَّة ..
( أنا والطائِـرَة )
حينما أركب إلى الطائرَة تستقبلني المضيفة بحرص وإهتمام مبتسمة لي وبعدها تأتي لوالدي لتقول له :-
لقد إختاره كابتن الطائرة ليكون صديقه في مقصورة القيادة .. ليسعد والدي لتمدّ المضيفة يدها لي ذاهباً معها إلى كابتن الطَّائرَة ليمد يده مصافحاً ليسألني :- ما إسمك؟ ..
/ عبدالله ..
كابتن الطائرة :- لقد تم إختيارك أسعد طفل في طائرتنا مارأيك ؟..
فرحت بذلك وألبسني قبّعته ودردش معي ثم أخذني إلى الركَّاب مرتدياً قبّعته على رأسي وصّفقوا الجميع بهذا التكريم .. فدائماً حينما أذهب إلى أي رحلة عبر الطائِرَة
يحتفوا بي بالتكريم وبالهدايا وجميع أنواع الشيكولاته التي أحبّها ..
نسيت أن أقول معلومَة بأني تعلَّمت اللغة الإنجليزيَّة بسرعة فائقة في بريطانيا وأجيد اللهجة البريطانيَّة في ذلك الوقت أحببت الطائرات وأصبحت أشتري ألعاباً كلها طائرات كنت أحلم دائماً بالتحليق ومعانقة الغيوم البيضاء ..
( الحياة إمـرأة )
برغم المسشتفيات حرمتني مِن حضن أمي وأصبحت هي أولى بإحتضاني لم أنحرِم من تعويض الحنان غير أني أشتاق إلى حضن أمي ..
فقد كانت هُناك ممرضة تدعى بـ صوفي أو صوفيا إلى حتَّى الآن أتذكَّر إسمها , كرّست وقتها وطلبت ساعات إضافيَّة برعايتها لي .. فهي تعلم بأني أعاني مِن قِلَّة النوم ولا أستطيع أن أنام إلا عبر قراءتها لي قصصاً مِن الأدب الإنجليزي والغناء معها واضعاً رأسي على حضنها إلى أن يغلبني النعاس وبعدها أنام ..
كانت تقبِّل خدِّي كل مساء .. كانت تفكِّر بسعادتي كانت تراقبني حتى وأنا نائِم .. كانت تنام بجانبي لتشعرني بالأمان ..
طلبت بعدها من مدير المستشفى بمنحها إجازة كل أسبوع يوماً خاصاً لي لتذهب بي إلى مدينة الألعاب والسينما والمطاعِم وإستأذنت مِن والدي لتتمّ الموافقة مِن مدير المستشفى وحضنتني وهي تبكي بسعادة ..
فقد كانت تساعدني بالإستحمام وتمشِّط شعري وفي إرتداء ملابسي وتحملني على ظهرها تركض بي بسعادة ونتغنَّى في الشَّارع ..
أهدتني يوماً من الأيام بقلم "أحمر" كي أرسم ..
فقالت :- هل تعرف أن ترسم ياعبدالله ؟! .. الرسم جميل أنظر إلى الألوان , أُشْعُر بِها ..
أخذت القلم حاولت أن أرسم لم أجيد لصعوبة إستخدام يدي شعرت بالألم كالعادة في يداي .. وأمسكت يدي بعدها وقبّلتها ومنعتني من المواصلة ..
حاولت بعدها تدريبي أن أستخدم يداي وطلبت منها أن أعتمد على نفسي كيف أغلق أزرَّة ملابسي وكيف أمسك الكأس لكي أشرب ..
شعرت بالسعادة بعدها بأنني إستطعت أن أعتمِد على نفسي كما كنت أتمنى ..
( صَدمَة موجِعَة ! )
أتت بي الممرضة بعد أشهر حزينة الملامح . لم أكن أعلم ماذا بها ..سألتها وكانت تبكي ولا تجيب علي ..
إمتلكني الخوف بعدها ..
سألت كل طاقم من يعمل في جناح المستشفى ولم يجيبوا علي فهم يخبئون عني سراً أحاول أن أكتشفه ..
وإذا أجدها تحمل حقيبتها !! ..
تودَّع زميلاتها وأنا وقفت لاحراك .. هذا ماكنت أخشاه !!
ثم إقتربت لي ودموعها لم تتوقَّف , بكيت وسألتها :- إلى أين ؟! .. صوفي ماذا تفعلين ؟! ..
قالت :- سأرحل , لم أكن أريد أن أقول لك ذلك ولكنني لا أستطيع أن أرحل بلا أن أقابلك , فأنا أحببتك كإبني ومن الصعب أن أذهب عنك بلا كلام . أريدك ياعبدالله قوِّي فسوف تسعدني إن رأيتك تبتسم .. واصل حياتك ياعبدالله .. فأنا سوف أذهب مع أهلي إلى وطني وإنتهت مدَّة خدمتي هُنا , ليتني لم أعرفك لا أعلم ماذا سأفعل حينما أسافر بدونك ..
إنفجرت بالبكاء واحتضنتني لتهدأتي لكنها بكت معي وبكى من كان في المستشفى من أجلنا ..
أمسكت يدها وهي تحاول أن تبتعد , أمسكتها وضغطت أكثر على معصمها قائلاً لها متوسلاً بأن لاتتركني وترحل ..
إلى درجة خدشت يدها من قوَّة الصدمة وهي لم تشعر بسبب حزنها وذهبت ..
نعم ذهبت ..
ذهبت تلك الفتاة الحنونة التي وقفت بجانبي وساعدتني وكانت تحكي لي القصص وتحضر لي الحليب الساخن وقطع البسكويت قبل أن أنام ..
ذهبت تلك الفتاة التي تفرح في إجازتها الأسبوعية لتصطحبني معها إلى المطاعم ومدن الألعاب , التي كانت تحملني على ظهرها وتركض بي ونتغنَّى سويَّة ..
ذهبت ثم رحلت تلك الفتاة التي سخّرت حياتها وضحَّت بالكثير من أجلي ..
----
عدت سقيماً لا أتكلم .. ولا أنام , مجرد أبكي .. لم أعد أستطع أن أقفل أزرَّة ثوبي , لم أعد أشاهد الرسوم المتحرَّكة بدونها .. كل الأشياء التي كنت أقوم بها معها قد توقَّفت .. شعرت بعقارب الزمن قد توقَّفت وغطّتها أوراق الخريف .. حاول الكثير مساعدتي من المستشفى لكن دون جدوى أن أعود كما كنت في السابق ..
/
بعدها بأسبوع . لاحظت في نومي بأن هناك مايراقبني من خلف الباب .. حينما كنت أصحى في الصباح أتفاجأ بهدايا تملأ أريكتي ..
تفاجأت وفرحت توقَّعت بأنها من ( صوفي ) أخذت بالهدايا كانت هناك رسائل بها لا أعرف أن أقرأها , فلقد تعلّمت فقط التحدّث بالبريطانية ولكن لم أتعلَّم القراءة والكتابة الإنجليزيَّة ..
أخذت بالرسائل ذهبت إلى إحدى السيّدات لتقرأها , كتمت القراءة وقالت إذهب إلى غيري ليقرأها لك ..
ثم ذهبت إلى الكثير وإمتنعوا من قرائتها لي ..
احتفظت بالرسائل بجيبي ..
ومضيت أياماً أفكر عن محتوى الرسائل , سألتهم إنها من صوفيا ؟ وامتنعـوا بالجواب ..
كالعادة نمت فتحت عيناي بعدها وهربت إمرأة لم أستطع أن أراها وأفقت مرتعباً وصرخت وطلبت النجدة ..
سألت إحدى الممرضات بأن هناك إمرأة تراقبني وكانت قريبة مني ولكنني لم أستطع أن أراها لأن كانت الغرفة مظلمة ..
رأيت في وجه الممرضة بأنها تمثِّل علي , فقالت :- لم أرى أحداً ..
إبتسمت وقلت لها :- تكذبين . أنا ذكي لايمر علي هذا الشيء ببساطة ..
ولكن كانت المرأة أذكى مني .. عرفت بأني سأمثِّل بالنوم ولم تعد تأتي كل يوم ..
تعليق