# الحــــــريــــــــــة .
المعنى الذي ينادي به دعاة الحرية أن ينطلق الإنسان بلا قيد ولا حد ولا شرط وأن يمارس نشاطه في الحياة وفق ماتشتهيه نفسه ويمليه هواه دون اعتبار لدين أو خلُق أو عُرف .
هذا هو المفهوم السائد للحرية عند كثير من الناس، فهل هناك معنى آخر للحرية يدعو إليه الإسلام ؟
إن الحرية التي يدعو الإسلام حرية واقعية وحكيمة تراعي مصلحة الفرد وتلبي رغباته وميوله وتنظر بعين الاعتبار لمصلحة المجتمع والأمة . والحرية في الإسلام وإن كانت مقيدة إلا أن قيودها تساهم في ضبطها والحفاظ عليها .
وتتعدد الحريات في الإسلام لتشمل كل جوانب الحياة:
_ فهناك حرية الاعتقاد ، إذ نهى الإسلام أن يكره أحد على اعتناقه . قال الله تعالى: { ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين }. وقال تعالى: { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي }.
وسبب نزول هذه الآية يبين لنا مقدار اهتمام الإسلام باالحرية، فقد كان من عادة الأوس والخزرج في الجاهلية أنه إذا حملت المرأة نذرت إذا ولدت ولداً هوّدته، أي جعلته من يهود. وهكذا نشأ بين الأوس والخزرج هاتين القبيلتين العربيتين، بعض أبناء يهود ، فلما جاء الإسلام وأكرمهم الله بهذا الدين أراد بعض الآباء أن يعيدوا أبناءهم إلى الإسلام دينهم وأن يخرجوهم من اليهودية، ورغم الظروف التي دخلوا فيها اليهودية ورغم الحرب التي بين المسلمين وبين اليهود لم يبح الإسلام إكراه أحد على الخروج من دينه وعلى الدخول في دين آخر ، ولو كان هو الإسلام، فنزلت: { لا إكراه في الدين } .
وأحاط الإسلام حرية الاعتقاد بضابط مهم وهو الالتزام بهذا الدين بعد الدخول فيه عن طواعية وإقناع وإلاّ تعرض تاركه لعقوبة الردّة .
_ وهناك حرية التفكير والنظر والبحث، وترك التقليد والجمود، قال الله تعالى: { قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا }، وقال سبحانه وتعالى: { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض }.
أما دعاة الظن والتقليد فقد حمل عليهم الإسلام حملة شديدة، فقال تعالى: { وإنَّ الظن لا يغني من الحق شيئاً }، وقال عزوجل معيباً على المقلدين: { إنَّا وجدنا آباءنا على أمة وإنَّا على آثارهم مهتدون }.
والاختلاف في حرية التفكير والبحث العلمي لايفسد للود قضية. وهناك حرية القول والنقد وإبداء الرأي، وقد أقرها الإسلام إذ ارتبطت بمصلحة الأمة ومصلحة الأخلاق والآداب العامة والأمر باالمعروف والنهي عن المنكر وإبداء النصيحة .
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته الشهيرة: ( لا خير فيكم إن لم تقولوها ، ولا خير فينا لم نسمعها ) .
وقيد الحرية في هذا الاتجاه أن لا تتعدى وتضر بحقوق الآخرين فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام .
وهكذا يسمو مبدأ الحرية في الإسلام ، حتى نعى عمر بن الخطاب على الجاهلين لهذا المبدأ وقال كلمته المشهورة: ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ ) .
أخوكم مضيع الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
تعليق