{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ)
ما زالت هجمات أعداء الإسلام تتوالى في محاربته، وتسلك السُّبل للقضاء عليه بأي وسيلة كانت، حتى وصل الأمر بهم إلى الاستهزاء والسخرية بالرحمة المهداة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ليعطوا تصوُّراً سيئاً ومغلوطاً لأتباعهم وشعوبهم النصرانية عن نبي هذا الدين العظيم، وأن هذا الدين لا يستحق الاهتمام والاتباع له ولنبيه- صلى الله عليه وسلم- ، ولم يتوروا يوما عن الطعن في نبوته، والقدح في رسالته، وإسقاط دعوته، وصد الناس عن الإسلام.
وما ذلك إل... ا لأن الدين الإسلامي ينتشر انتشاراً سريعاً، ويتوالى الناس في اعتناقه، في بلدانهم الكافرة
يقول تعالى :
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40
أي إن لا تنصروه أي محمد صلى الله عليه وسلم فهو غني عن نصرتكم بنصر الله إياه
إذ قد نصره في حين لم يكن معه إلا واحد
لا يكون به نصر فكما نصره يومئذ ينصره حين لا تنصرونه .
وقال تعالى {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51
وهذا وعد الله
{ وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122
ما قاله _عليه الصلاة والسلام_ حينما هجاه بعض الكفار وقالوا عنه "مذمم" بدلاً عن "محمد" زيادة في الذم، فكان قوله _صلى الله عليه وسلم_ لصحابته الذين ساءتهم مقالة الكفار: " ألا تعجبون كيف يصرف الله عني أذى قريش وسبهم، هم يشتمون مذمماا وأنا محمد"
عاقبة الاستهزاء بالرسل صلوات الله عليه:
من استهزأ بشخص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكذا جميع أنبياء الله ورسله – عاقبه الله عقابا وخيما، وظهرت عقوبة الله فيهم على مرِّ الزمان. قال تعالى: (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم )(التوبة: 61)، وقال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا )(الأحزاب: 57) ، وقال تعالى: (إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين * يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على" كل شيء شهيد )(المجادلة: 5، 6)، وقال تعالى: (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين * كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز )(المجادلة: 20، 21).
أما موقف المسلم من المحادِّ لله ولرسوله فقد ذكره الله في سورة المجادلة قال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )(المجادلة: 22).
وأهل الكتاب الكفار أقدموا على قتل أنبياء الله ورسله، اتّباعاً لشهواتهم وأهوائهم، قال تعالى: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى" أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون )(البقرة: 87).
وكل من كفر بالله ورسله فإن له معيشة ضنكاً، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" ) (طه: 124)، لا يخرجه منها إلا أن يؤمن بالله ربَّاً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
وفي الآخرة يُحشر أعمى، كما قال في آخر الآية: (ونحشره يوم القيامة أعمى" * قال رب لم حشرتني أعمى" وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى" * وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى" )(طه: 124 – 127).
هذا جزاء الكافرين ومصيرهم في الدنيا والآخرة، والمستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم والساخر به لهم النصيب الأوفر من العذاب والخزي، والنكال في الدنيا وفي دار القرار.
واخيرا: نسأل الله السلامة والعافية من الفتن والمحن، ونسأله أن يرزقنا الإيمان بالله وبرسله، وأن يرزقنا محبة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وتوقيره، وتعظيمه، والإيمان به، وتصديقه، والعمل بشريعته ظاهراً وباطناً، وأن يرزقنا الثبات على الإيمان والاستقامة على دين الله القويم،
تعليق