الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ظاهرة "الدكتاتور"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    ظاهرة "الدكتاتور"

    ظاهرة "الدكتاتور" تضم في جوفها عدة ظواهر، والدكتاتوريون أنواع.

    والدكتاتور الذي نعنيه هنا بشار الأسد.. وقبله كان صدام دكتاتوراً، وقبلهما أتاتورك. فهل نرفع القبعة لأتاتورك لمجرد أنه نجح في الموت على سريره؟ أم الدكتاتور دكتاتور وكفى؟

    وعبد الناصر كان دكتاتوراً أيضاً، وهتلر والقذافي.. وحافظ الأسد.

    واضح من هذه الأسماء أن كل دكتاتور يختلف عن الآخر. الدكتاتور قد يكون مصاباً بجنون العظمة، وقد يكون ضعيف الشخصية فيعوض عن ذلك بالتوحش، وقد يكون قوي الشخصية وجاهلاً حقيقة الوضع في بلده وفي العالم بسبب قصوره المعرفي وبسبب شرنقة المصفقين التي تحيط به.

    "
    توهم الرئيس السوري بشار الأسد أنه محبوب من شعبه حباً جارفاً… وعندما اكتشف بعد درعا -وربما بعد درعا وحمص وحماة، لأنه بطيء- أن الناس لا يحبونه فعل بهم فعل الصبي بالعصفور
    "


    بشار الأسد ضعيف الشخصية، وقاصر معرفياً. وهذا القصور المعرفي راسخ من سني الطفولة، إذ نشأ في بيت رئاسة، ولم يعرف قسوة الشارع والعراك مع الأقران الخشنين. وقد بدأ حكمه مثالياً ككل ولد مدلل.. ورأيناه في القمة العربية التي عقدت بعد نحو سنة من توليه الحكم يلقي دروساً على الزعماء العرب، ورأيناهم يهزون رؤوسهم مشفقين عليه.

    وبسرعة تحلق حوله كبار الساسة من أنصار والده وحجبوا عنه الرؤية.. وحتى لو لم يحجبوها فقد برهن بشار الأسد على امتلاكه قدرة على تسطيح الأمور وحذف ما لا يقدر على استيعابه من عناصر المعادلة السياسية.

    قد يكون الدكتاتور ضعيف شخصية، ولكن هذا لا يمنعه من السيطرة على أعوان أذكى منه وأقوى شخصية منه. فبمجرد ترسيمه دكتاتوراً تذل له الرقاب، ويصبح الحاكم بأمره.

    كان يمكن لآصف شوكت أن يكون دكتاتوراً أنجح، لكن بشار الأسد ملأ خانة الدكتاتور وانتهى الأمر.

    وكأن كل ما في الأسد من قصور لم يكن كافياً.. فجاءت ظاهرة "منحبك" ضغثاً على إبَّالة. توهم الرئيس السوري أنه محبوب من شعبه حباً جارفاً. ولئن لم نشك في أن كثيرين أحبوه، وفي أن كثيرين تعايشوا مع وجوده مثلما يتعايش المرء مع جار يراه كل يوم فينشأ الود بطول العشرة، فإن السوريين (بمن فيهم أفراد المخابرات) كانوا يعيشون حالة خوف دائمة من المخابرات. كان كل سوري مهدداً بالاعتقال والإهانة. وكان النظام بوليسياً.

    وعندما اكتشف بشار الأسد بعد درعا -وربما بعد درعا وحمص وحماة، لأنه بطيء- أن الناس لا يحبونه حباً جارفاً، فعل بهم فعل الصبي بالعصفور.

    فالعصفور يفضل أن يكون في كف رجل على أن يكون في كف ولد. فالرجل قد يحبس العصفور في قفص وقد يطلقه، وأما الولد فسوف يكون حنوناً عليه بشكل مؤذ، فإذا تململ العصفور خنقه الولد وقتله بشراسة.. لأنه ولد.

    "
    انعدم في سوريا الأسد تكافؤ الفرص، وسيطر الحزب الواحد، واستبد أعمام الرئيس وأخواله بالمال وبالمناصب وبالنفوذ. فأين كان الرئيس العلماني عندئذ؟ لقد سمح لأقاربه بتحويل البلد إلى مزرعة لهم
    "


    لقد فشل بشار الأسد في التنمية، وفشل في تحرير البلاد من النظام البوليسي (ولا نشك في أنه أراد صادقاً ذات يوم أن تكون سوريا بلداً ديمقراطياً، غير أنه لم يكن مستعداً لدفع الثمن فاعتقل الناس الذين دعاهم للحوار في ربيع دمشق، فجاءه الربيع العربي بما لا يحب)، وفشل في إقناع الناس بأن هدفه الإستراتيجي تحرير الجولان. غير أنه نجح في عقد تحالف مع إيران وروسيا.

    فهل يدرأ عنه نجاحه في عقد هذا التحالف شرور إخفاقاته الداخلية؟

    لا يبدو أن موقف إيران المؤيد للأسد راسخ، وقد كشفت قمة عدم الانحياز أن إيران حريصة فقط على رقبتها إذ تقف أمام الغرب في الشأن النووي، ولا يبدو أن روسيا ستقف معه إلى النهاية.

    لكن، في الوقت نفسه، لا يبدو أن أميركا وأوروبا حريصتان كل الحرص على طرد روسيا من موطيء قدمها على البحر الأبيض المتوسط، كما أن الغرب يرى في استمرار الأزمة السورية استنزافاً للموارد الإيرانية، واستمراراً لإحراج إيران أخلاقياً. فلماذا تتعجل واشنطن نجاح الثورة السورية؟ ألحماية المدنيين؟ منذ متى تحرص أميركا على أرواح المدنيين.. الآخرين؟ الوضع في سوريا الآن مريح للجميع، إلا للسوريين ولحلفاء النظام.

    ودول الخليج المؤيدة للثورة السورية مالياً وإعلامياً تجد في هذه الثورة ما يشغل إيران عن التدخل في الضفة الأخرى للخليج. من الصعب أن يصمد دكتاتور قصف طوابير الأطفال أمام المخابز. من الصعب أن يصمد نظام فئوي يستند إلى طائفة ضيقة.

    الأسد نفسه ليس طائفياً، فقد تزوج سيدة من غير طائفته، وهو على رأس حزب قومي علماني، ولديه ترسانة من الحجج يواجه بها كل من يرميه بالطائفية. لكن فهم الرئيس السوري للطائفية سطحي.

    فالطائفيون في لبنان مثلاً -وهم كثر- ليسوا من المتدينين أيضاً. لكنهم طائفيون سياسياً. لقد انعدم في سوريا الأسد تكافؤ الفرص، وانعدمت الديمقراطية، وسيطر الحزب الواحد، واستبد أعمام الرئيس وأخواله بالمال وبالمناصب وبالنفوذ. فأين كان الرئيس العلماني عندئذ؟ لقد سمح لأقاربه بتحويل البلد إلى مزرعة لهم، وسمح أقاربه لأقاربهم بنهب البلد.

    "
    لم يكتشف الأسد الإبن أن الهبة الحالية تشمل كل سوريا، وأنها هبة تحتية لا فوقية.. قادها الشعب الفقير عفوياً ومن تحت، ثم تسابق الإخوان المسلمون والعلمانيون على تأطيرها من فوق، وما زالوا يحاولون
    "


    وأدى هذا التفقيس القائم على العشيرة إلى أن تنال الطائفة فوق نصيبها من الفرص: من الوظائف ومن المقاعد الجامعية في التخصصات المرغوب فيها، ومن الاحتكارات والوكالات التجارية السمينة. ولأن الطائفة صغيرة نسبياً (نحو 15%) فقد استلحقت من الطوائف الأخرى من يشاركها في هذا الفساد العارم. ولكن هذه الطائفة الصغيرة سيطرت وحدها على (قيادة) الجيش والمخابرات، ولم ترم بعض الفتات للآخرين.

    ليقل بشار الأسد إنه ليس طائفياً، ولنسلم له بهذا جدلاً. على أنه سمح بنشوء نظام أوليغاركي (نظام أقلية مستبدة) يؤول بالضرورة إلى الطائفية.

    وأما أعداء الأسد فهم فقراء الريف، الذين منحوه فرصة ستة أشهر كانوا يخرجون في كل يوم من أيامها لكي ينقتلوا، طمعاً في أن يفهم الرئيس شيئاً. وكان عند النظام السوري -كما يقول ديفيد لش، الذي نشر ستة كتب عن سوريا آخرها قبل شهر بعنوان "سقوط سلالة الأسد" – وصفة جاهزة ومجربة: كلما رفع أحدهم رأسه يجب قمعه فوراً وبكل قسوة. وهذه الوصفة تعود بالطبع إلى يوم حماة المشهور عام 1982، عندما نجح الأسد الأب في إخماد كل معارضة بتدمير حماة واستئصال شأفة معارضيه.

    ولم يكتشف الأسد الابن -حتى بعد مرور ستة الأشهر من الاحتجاجات السلمية- أن الهبة الحالية تشمل كل سوريا، وأنها هبة تحتية لا فوقية.. قادها الشعب الفقير عفوياً ومن تحت، ثم تسابق الإخوان المسلمون والعلمانيون على تأطيرها من فوق، وما زالوا يحاولون.

    عندما نكون بإزاء دكتاتور لا نملك ترف الانغماس في حساب القوى، لأنه هو لا يفهم هذا الحساب.

    لضعف بشار الأسد ولسطحيته السياسية والمعرفية أمضى المحللون بضعة أشهر في بدايات الثورة السورية وهم شبه متأكدين من أنه مجرد واجهة، وأن أشخاصاً آخرين يملكون القرار. والآن غدا شبه مؤكد العكس، أي أنه دكتاتور يملك القرار. وهذا أسوأ بكثير. فلو كان القرار بيد أشخاص أقوياء وشريرين يتقنون حساب موازين القوى لما قصفوا الأحياء السكنية بالطائرات.

    أما وقد أصبح شبه يقيني أن القرار بيد شخص ضعيف وقليل المعرفة، وشبه منعدم الحصافة، ومستند إلى وصفة جاهزة (حماة 82) يعالج بها كل علة، فقد وجدنا تفسيراً للغز "المجازر التي لا لزوم لها". ثمة ولد يمسك بيده عصفوراً.

    نرثي لحال سوريا، فهي معذبة بيد من لا يعرف كيف يرحم، ويتفرج عليها خبثاء مستفيدون من عذاباتها. ونرثي لحال بشار الأسد، فسوريا كبيرة عليه. ونخشى -ورغم كل المجازر- أن يواجه مصير القذافي، فهو أولاً ابن ناس و"مش خرج بهدلة"، وهو ثانياً "سليم دواعي الصدر" وفيه غفلة

  • Font Size
    #2
    رد: ظاهرة "الدكتاتور"

    عزيزى فارس عمر من زمان لم أتقابل معك على تلك الصفحات الغراء ثم جاء ت ثورة 25 يناير ويالها من ثورة حوربت من العلمانيين بكل ماأوتيت من قوة ولكن أختار لها الله رجلا لم نختاره ولكن لحكمة الاهية أختارة الله لنا وكان حسن الاختيار وقلنا لابد ان تلحقنا سوريا ولكن كانت الظروف مختلفه بل تأخذ أبعادا ليبيه قاسية وشهداء وحرام يقتلوا بيد من كان مفروض أن يحميهم من الموت لكنه اتى بالسلاح لكى يفنى به شعبه بل أدعى أن الاسوأ لم يأت بعد فبشار بدهاء العصابات عرف كيف يحيد البعض ويضحك على البعض ويأخذ فى صفه البعض وبذلك دول القضيه وجعلها غير مفهومه حتى انك تجد هنا فى مصر الاختلاف من الثورة مابين أغلبية مع الشعب واقليه تقف بقوة مع بشار السفاح وبدعوى ان العدو الصهيون اميركى أضاع قوة العراق ولم يفلح فى مصر ومازال يحاول تدمير سوريا والعمليه كلها طائفيه والمسلمين يقتلون العلويين الشيعه والمسيحيين وقد فرحت لان وجهة نظرى مطابقه تماما لما جاء بمقالتك الغراء والتى حمدت الله انه سفاح وجانى ومجرم وليس مجنى عليه ولسنا متآمرين عليه وعلى سوريا الحبيبة ..شكرا للتوضيح لان معظم الكتابات شككتنى بعض الوقت وليس كل الوقت وربنا ينصركم واريد ان اعرف من حضرتك متى نصر الله وهل ترى انه سيغيب وان المعركه ستطول ام أقتربت بصفتك تعيش داخل الحرب بين الشعب وبين السفاح وزعيم العصابه وشكرا .

    تعليق


    • Font Size
      #3
      رد: ظاهرة "الدكتاتور"

      المشاركة الأصلية بواسطة فارس عمر مشاهدة المشاركة

      واضح من هذه الأسماء أن كل دكتاتور يختلف عن الآخر. الدكتاتور قد يكون مصاباً بجنون العظمة، وقد يكون ضعيف الشخصية فيعوض عن ذلك بالتوحش، وقد يكون قوي الشخصية وجاهلاً حقيقة الوضع في بلده وفي العالم بسبب قصوره المعرفي وبسبب شرنقة المصفقين التي تحيط به.
      الدكتاتور اللذي يحكمنا يحمل كل تلك الصفات
      وزيادة عليها انه ليس من صنف البشر...!!

      بارك الله فيك
      وشكرا على الموضوع

      ليكن المنقول بالمعقول .... ولانحرم انفسنا ثمرات العقول

      تعليق


      • Font Size
        #4
        رد: ظاهرة "الدكتاتور"

        المشاركة الأصلية بواسطة صمت اللياالي مشاهدة المشاركة

        الدكتاتور اللذي يحكمنا يحمل كل تلك الصفات
        وزيادة عليها انه ليس من صنف البشر...!!

        بارك الله فيك
        وشكرا على الموضوع
        دائما ضعيف الشخصيه متخبط ودلوعة ابوة وامه بشار مازال يمارس دلع والديه فى شعبه ويقول انه لن يستسلم لرغبة الشعب حتى لو حصل ايه ...ندعوا الله ان يسلط عليه أحد الاقربون له لكى يقتله ويخلص البشريه من الاسد الحيوان الجبان القاتل الفاسق المجنون .

        تعليق


        • Font Size
          #5
          رد: ظاهرة "الدكتاتور"

          مرحبا بك أخي الكريم محب .
          عقود من الزمان , وتلك الاسرة تضحك على ذقون الأمة العربية بشعارات قومجية أثبت زيفها . ودفعت الملايين ومازالت تدفع للعملاء والأبواق في كل البلاد العربية وفي الخارج , لمحاولة إثبات تلك الشعارات الجوفاء . لكن هيهات , هيهات . فالمواطن العربي وبالرغم من قلة متابعته واهتمامه فإنه يرى الحقيقة مثل الشمس الساطعة . ولن تجدي نفعاً تلك المحاولات الأخيرة والمستكيتة في شراء ذمم واقلام من لا ذمة ولا ضمير لهم .
          الشعوب لن تنسى من وقف في يوم من الأيام ضد استعادة حريتها وكرامتها .
          شكرا لمشاعرك النبيلة , ومتابعتك للوضع في بلاد الشام التي تنزف في كل دقيقة .
          بإمكانك متابعة الاخبار والتحليلات من كثير من المواقع المهتمة في إظهار الحقيقة . الحقيقة , التي يحاول النظام طمسها , بالدجل والكذب والخداع كما عهده طوال فترة 50 سنة , ورغم بعض الاقلام المأجورة .
          اليك هذه المقالة . من هذا الموقع الذي انصحك بمتابعته
          وثيقة: النّظام السوري وتأمين حدود إسرائيل

          بواسطة admin
          – 2012/09/24 نشر فى: مقالات وتحليلات
          د سلمان مصالحة : ايلاف

          في الأمثال الشعبيّة،
          يُقال: وُضع ذنب الكلب في قالب، وبعد أربعين عامًا، كُشف عنه فتبيّن أنّه ما زال أعوج. هذه هي حال ”البعث“. فطوال عقود طويلة قام زبانية هذا البعث، بشقّيه – التكريتي من جهة والقرداحي من الجهة الأخرى، عبر وسائل الإعلام المأجورة وعبر رجال الإعلام المأجورين، بإشباع مراهقي العروبة المأزومة بشعارات الحريّة والاشتراكيّة وما إلى ذلك من كلام معسول لا ينطلي إلاّ على أصحاب الذهنيّات الساذجة.


          كما إنّه لا ينطلي إلاّ على البعض ممّن في قلوبهم زيغ، من صنف الّذين كلّ كيانهم كان مأجورًا للامبراطورية السوڤييتيّة فلا يرون الدنيا إلاّ بمنظور ”الشقيق الأكبر“ الذي يجلس في مكاتب الـ كي.جي.بي. ورغم أنّ هذا ”الشقيق الأكبر“ قد اندثر إلى غير رجعة، وقد انفرطت تلك ”المنظومة“ كما أحبّوا تسميتها، إلاّ أنّ فلول هؤلاء لا زالوا على غيّهم، فلم ينقّلوا هواهم وظلّت أهوائهم تميل إلى ذلك الشقيق الإمبراطوري الأكبر، مع أنّ هوى هذا الشقيق قد تبدّل، كما وقد تبدّلت أحواله، ولكنّ هؤلاء ما بُدّلوا تبديلا.

          على كلّ حال،
          كما قد أشرت أكثر من مرّة وفي أكثر من مكان، فلقد استغلّ النّظام البعثي أيديولوجية البعث ”العروبيّة“ بغية إحكام سلطته القرداحيّة القبليّة على كافّة بلاد الشّام مستعينًا بالأبواق العروبية المراهقة ومن هم على شاكلة هؤلاء. فمنذ حرب عام 1973، التي أطلق عليها البعث ذاته اسم ”حرب تشرين التحريرية“، مع أنّه لم يحرّر شبرًا واحدًا، فلا زلت هضبة الجولان محتلّة حتّى هذا الأوان، هدأت الجبهة منذ ذلك الوقت ولم يُطلق رصاصة ”تحريرية“ واحدة. غير أنّ لهجة النّظام تبدّلت بمرور الأيّام وصارت تجاري اللغة العربية المستحدثة، فقد أضحى النّظام يصف نفسه بالـ”مقاومة“ والـ”ممانعة“، وما إلى ذلك من مصطلحات تتفتّق عنها قرائح مراهقي العروبة، على اختلاف شللهم، مللهم ونحلهم.


          منذ عام 1973، انكفأ النّظام إلى العمل على الاستيلاء على الموارد السورية بغية تكريس السلطة القبلية الطائفية، وفي الوقت ذاته تكريس العمل خارج الحدود السورية. إذ أنّ هذا النّظام، كما أشرت في الماضي أكثر من مرّة أيضًا، كان ولا يزال على استعداد أن يحارب إسرائيل عبر آخرين. وبكلمات أخرى، كان على استعداد أن يحارب إسرائيل حتّى آخر لبناني، أو حتّى آخر فلسطيني، بينما تبقى حدوده مع إسرائيل صامتة صمت القبور.

          وهكذا كان إلى أنّ حصل توريث
          السلطة من الأب للابن في مهزلة دستورية شاهدها الجميع، وكأنّ البلاد والعباد ليسوا إلاّ مزرعة هي ملك لآل الأسد. ورغم كلّ هذه المهازل، غير أنّ البعض ظنّ أنّ رئيسًا شابًّا تعلّم في الغرب قد يكون تطبّع بعض الشيء بما هو قائم في ذلك العالم من انفتاح وحرية ومؤسسات ومواطنة هي الأساس في تعامل الدولة مع البشر. غير أنّ كلّ هؤلاء المتفائلين لم يولوا اهتمامًا لمسألة أخرى، وهي أنّ الطبع يغلّب التطبّع.


          مرّت عام وتلاه عام آخر. ومرّت الأيّام ولم يحدث شيء، إلى أن بدأ الانتفاضات العربية فسارع الرئيس الشابّ إلى الإعلان للصحافة الغربية أنّ سورية غير تونس وغير مصر. وبمجرّد أن كتب أولاد درعا شعارات الحريّة على الجدران سارع هذا الرئيس الذي غلبه طبعه على تطبّعه إلى إرسال جيشه لقمع البشر الذين ينشدون الحريّة. ومنذ ذلك الوقت تواصل قوّات هذا النّظام عمليّات القتل والتنكيل في بلاد الشام.

          ليس هذا فحسب، بل سارع النّظام إلى التهديد بأنّ الاستقرار في سورية مرتبط بالاستقرار بالمنطقة، بما يشي طبعًا إلى إمكانية التلاعب بالهدوء القائم والاستقرار على الحدود السورية واللبنانية الإسرائيلية. ولقد صرّح رامي مخلوف، وهو الرجل القوي في دائرة الأسد، بهذا الأمر علانية في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز: ”إذا لم يكن استقرار هنا، فلن يكون استقرار في إسرائيل“. وعندما سُئل إن كانت أقواله هذه تهديدًا، أجاب: ”لم أشر إلى حرب، بل ما أقوله هو أنّه يجب عدم الضغط على الرئيس، ولا تدفعوا سورية لفعل شيء لا ترغب بفعله.“ (انظر: نيويورك تايمز، 10 مايو 2011).

          تأمين الحدود مع إسرائيل:
          طبعًا الكلام للإعلام شيء، وما يجري على الأرض شيء آخر مختلف تمامًا. إذ قبل شهر من هذه المقابلة كان النّظام يرسل قوّاته متخفيّة بسيّارات مدنيّة للتعاون مع الجيش الإسرائيلي الذي يحتلّ الجولان من أجل تأمين الحدود. هذا ما تكشفه لنا الوثيقة التي نورد صورة منها هنا.


          لقد وُسمت الوثيقة، نموذج رقم 14 بختم سرّي للغاية – فوري. وتسهيلاً للقراءة أضع هنا تفريغًا كلاميًّا لها:

          الوثيقة:

          الجمهورية العربية السورية
          القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة
          القوى الجوية – إدارة الدفاع الجوي
          المخابرات الجوية 291
          المهام الخاصة


          ……. (أمر مهمة)

          على: سهيل حسن الرتبة: عقيد الدرجة: …
          أن يذهب: من الفرع 291 في الساعة: 9 من تاريخ: 3 / 4 / 2011 م
          إلى الحدود السورية الإسرائيلية مستعملاً كواسطة للنقل: سيارات مدنية
          بمهمة: تأمين الحدود السورية الإسرائيلية من جهة {…} والمناطق المحيطة به، بالتعاون مع دولة إسرائيل على أن يعود في: فور إنهاء مهمته.


          العميد الركن المجاز
          ختم وتوقيع
          *
          إذن، وكما يرى القارئ،
          فإنّ الشعارات الرنّانة التي تدغدغ عواطف مراهقي العروبة شيء والواقع شيء آخر. ولهذا فقد آن الأوان أن تخرج هذه الشعوب من سنّ المراهقه، آن لها أن تنتقل إلى سنّ البلوغ وأن تتعامل مع واقعها بما يليق بها. إنّ هذا النوع من الأنظمة قد انبنى على أسس لا يمكن أن تعيش إلاّ على الدجل. إذا انبنت الأنظمة على التوريث القبليّ فإنّ الأساس باطل، وما بني على باطل فهو باطل، ولا يمكن أن يكون شيئًا آخر.


          هذه هي الحقيقة التي آن الأوان لمراهقي العروبة ومدمني الـ“ممانعة“ اللفظيّة مواجهتها.

          موقع : كلنا شركاء في الوطن سوريا

          تعليق


          • Font Size
            #6
            رد: ظاهرة "الدكتاتور"

            الاخ الكريم فارس عمر
            ساعات بفكر تستاهل التضحيات الكبيرة جدا لكى نحذف أو نخلع رئيس ام نعيش مستقرين ومبسوطين وفى أمن وشبع والرزق متوفر أم نفقد كل هذه المميزات فى سبيل الخلاص من الحكام

            قال سيّد البشرية بأبي هو وأمي وروحي صلى الله عليه وسلم ...
            "
            من كان آمن في سربه وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها "

            عانينا فى مصر جميعنا بعد الثورة وحتى بعدحكم العسكر الذى كان موالى لمبارك واراد ان يعلمنا الادب على الثورة حتى جاء مرسى من عدم الامن لدرجة الخطف والسرقه والبلطجه تخيل انهم اخرجوا كل المسجلين من السجون لكى يسرقوا الناس ويجعلونهم يندمون على اليوم الذى قاموا به بالثورة لدرجة ان 60% تقريبا من الشعب بيلعن الثورة بل صارت كلمه قبيحة لانهم لم يروا خيرا منها وان الوضع كان افضلا مع المخلوع ...لكن الحريه تحتاج الى تضحيات والخلاص من الحاكم الظالم يستحق ان نضحى بالكثير من أجل الخلاص منه ..
            هذا فى مصر مع اننا لم نكن نشعر لابالامن ولا بالقوت ولكن كنا عايشين كالمتخبط من المس
            كيف الشعور عندكم وهل الجهله الذين يمسكون بذمام الامور فى البيوت دائما يتهمون الثوار والمناضلين بالفشل
            ماكنا عايشين لازم تنغصوا عيشتنا ومازالوا ضد الرئيس د مرسى لان الاخر كان يليق به المنصب اما هذا خريج المعتقلات فاشل وسيفشل وهايودينا فى داهيه ,,,الجهل يتحكم فى بسطاء الناس لدرجة انك تتعب مع هؤلاء
            أعلم ان الخلاص صعب وأن بشار استفاد من سابقيه المخلوع والمقتول والمطرود والمحروق ولكن الدور عليه
            متابع على الفيس مع اصدقائى السوريين ومع الثوار وكل ليلة انتظر هروب الاسد الحيوان الى روسيا ولكن هو يلعب بالثلاث ورقات ويخدع الجميع ولكن النخبه السوريه عليها الدور الاكبر فقد كانت تنظر الى مصالحها الضيقه ...عامة سنسمع قبل نهاية العام عن نجاخ الثورة بإذن الله ودعواتكم ودعوات الناس هنا للخلاص من أكبر مجرم فى تاريخ الانسانيه .

            تعليق

            Loading...


            يعمل...
            X