التصفح للزوار محدود

بعض الامور التي تعينك على المشاكل

السعادة كنز

Well-known member
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
وبعد:
في هذه الدنيا سهام المصائب مشرعة، ورماح البلاء معدة مرسلة، فإننا في دار ابتلاء وامتحان، ونكد وأحزان، وهموم وغموم،
ونظرا لفجاءة تلك المشاكل وعدم الاستعداد لها أحيانا، وهذه بعض قواعد أساسية في علاجها، وهي إطار عام لكل الناس، وكل حالة بحسبها.
1- الاسترجاع عند المصيبة
إذا نزلت بالمرء المصيبة؛ فإن أول علاج لحلها أن يسترجع ويقول: }إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{ والاسترجاع من الأدب النبوي العظيم، وهو ينزل على النفس الطمأنينة والسكينة، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قال سمعت رسول الله r يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمر الله: }إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{ اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها..."
وتأمل في حال أم سلمة رضي الله عنها وقد استرجعت عند موت أبي سلمة، فعوضها الله عز وجل في مصيبتها، وأكرمها بزواج النبي r منها، وقد يكون الخلف في الدنيا، أو في الآخرة، أو بهما معا.
2- التأني وعدم العجلة
كثيرا ما تقع مشاكل بين الأسر أو الأزواج أو المعارف والأصحاب؛ ولهذا إذا وقعت المشكلة، فإن الجزء الأكبر والعامل المساعد في حلها: هو التأني والتفكير في أمرها وعدم العجلة في اتخاذ القرار.
والقرار بيدك، فإن كان لك رأي اليوم فهو لك غدا، ولن يضيرك التأخير شيئا بما ربما تغير رأيك غدا وهكذا، خاصة مع هدوء النفس وانطفاء غضبها وهيجانها، وقد قال r وهو يخاطب عائشة رضي الله عنها: "عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" [رواه مسلم] والخطاب من بعد أم المؤمنين يتوجه لسائر المؤمنين.
وما رأينا الحدة والغضب تأتي بخير، ولو حدثتك المحاكم عن نتائج لحظات الغضب، لعجبت من كثرة من اتخذه مطية: فتفرق الأبناء، وضاعت العشرة وامتلأت السجون.. وكل ذلك بسبب لحظة غضب.
فما أجمل الرأي وقد زانه الرفق وجملته الأناة.
3- الصبر
ما إن يطرق سمعك كلمة المصيبة، إلا ويأتي في الكفة الأخرى كلمة الصبر، ولولا ذلك لتفاقمت المشاكل ودب اليأس والقنوط، ولكن الله عزوجل رحمة منه بعباده سخر لهم أمر معالجة المصائب بالصبر.
والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين والصبر كنز من كنوز الجنة، وقد أعد الله عز وجل للصابرين أجرا عظيما }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{[الزمر: 10].
4- حسن الظن
لا بد من حسن الظن بالله عز وجل وأن الفرج قريب، وأن مع العسر يسرا، وكذلك الظن بالشخص المقابل أو صاحب المشكلة، فقد يكون لديه تصور معين، أو فهم خاطئ، أو بلغه أمر غير صحيح، ولهذا إحسان الظن بالمسلم مما يريح النفس، وتلمس الأعذار مما يهون المصيبة، ويعين على حلها بروية وحسن تفكير، وبعض المشاكل قد يبني على سوء الظن، بناء على أوهام وخيالات
أو تصور قاصر.
5- كتمانها وعدم التحدث بها
من توجيه النبي r: "من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة" وإذا كانت المصيبة مما يمكن كتمانها فكتمانها من نعم الله عز وجل الخفية، وهذا سر من أسرار الرضا وعدم التضجر والانزعاج.
قال الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة ما ذكرتها لأحد.
ولما نزل الماء في إحدى عيني عطاء رحمه الله مكث عشرين سنة، لا يعلم به أهله.
قال شقيق البلخي: من شكا مصيبة به إلى غير الله، لم يجد في قلبه لطاعة الله حلاوة أبدا.
وقال r: "من إجلال الله، ومعرفة حقه: أن لا تشكو وجعك ولا تذكر مصيبتك".
6- أخذها على مقدارها وعدم تكبيرها
بعض الناس إذا نزلت به قضية ، أو ألمت به مصيبة أظلمت الدنيا في عينه وظن أنها نهاية الدنيا، وقد يكره الإنسان أمرا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا: }وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{[البقرة: 216].
وأذكر أنا شابا مصريا أجريت معه مقابلة، وقد حدث في قريتهم قلاقل وفتن وقتل، قال: رحمني الله أن سجنت قبل الحادثة بأيام، وخرجت بعد أسبوع سليما معافى فإذا بي أجد من زملائي حالا عجيبة، فهذا قد مات، وذاك سجن سجنا طويلا، وآخر قد شل جسمه، وآخر..
فحمدت الله عز وجل وعلمت أن السجن كان أرحم لي مما جرى لغيري لو كنت معهم.
7- الدفع بالتي هي أحسن
جاء رجل إلى النبي r فقال أوصني قال: "لا تغضب" رددها مرارا، وقال r: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.
والغضب يحجب التفكير السليم ويقود إلى تفكير أهوج عاصف تتحكم فيه العاطفة، ولهذا يحسن الهدوء والدفع بالتي هي أحسن وعدم تصعيد المواقف ، وكم من امرأة عاقلة عاملت زوجها المغضب بالإحسان والهدوء فإذا به يرجع إليها.
8- ينظر الإنسان في مدى نهاية هذه المشكلة
حتى يرى أنها ليست بذاك...
المشاكل تتفاوت والقلوب أيضا تتفاوت قوة وتحملا وصبرا وجلدا، فما يكون عندك مشكلة قد لا يكون عند غيرك مشكلة، ولهذا حتى يكون التصور واضحا للمشكلة، لينظر المرء إلى نهاية المصيبة، وأعلى ضرر يصيبه منها، فإذا طلقت الزوجة فقد يرزقها الله برجل خير من الأول، وإذا مات الأب أو الأم، فإن هذه مزرعة الآخرة فليستعد وليحمد الله أن أمهله ليستدرك، وهكذا تعطي كل مشكلة مقدارها وعدم تضخيمها وتكبيرها، وكأنها نهاية الدنيا وليس بعدها إلا الخراب والدمار.
9- كثرة الاستغفار
الالتجاء إلى الله عز وجل وطلب العون والتوفيق من أعظم أسباب انفراج ضيق الصدر وحل الأمور، ومن فوائد المصائب لمن ابتلاه الله عز وجل بذلك انكساره والتجاؤه إلى ربه يدعوه ويتذلل بين يديه، ومن صور الالتجاء إلى عز وجل كثرة الاستغفار فقد قال r: "من أكثر من الاستغفار، جعل الله عز وجل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب" [رواه أبو داود].
ومن نعم الله عز وجل علينا أن حركة اللسان من أخف حركات الجسم، ولا تكلف النفس مشقة وجهدا.
10- الدعاء بالأدعية المأثورة
علمنا الرسول r عند نزول المصائب وحلول المشاكل أدعية لذهاب الهموم والغموم، فقد كان إذا كان كربه أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث".
وفي الحديث الصحيح الآخر: كان إذا نزل به هم أو غم قال: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث ، الله ربي لا أشرك به" [صحيح الجامع: 4791].
11- التوكل على الله عز وجل
من نعم الله عز وجل حين نزول البلاء والمصائب، أن نهرع إلى طاعته وعبادته ونجد لذة حين دعائه وطلب تيسير الأمور وتسهيلها، وأعظم الطاعات والقربات منزلة منزلة التوكل على الله عز وجل، وتفويض الأمر إليه وفي التوكل ثبات نفس وشجاعة
قلب وطمأنينة وراحة والله عز وجل يحب أصحاب هذه الصفة العظيمة قال تعالى: }إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ{[آل عمران: 159] فإن المحبوب لا يعذب ولا يبعد ولا يحجب
وقال تعالى: }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{[الطلاق: 3] فيه دليل على فضل التوكل، وأنه أعظم الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار.
والله عز وجل يدبر الأمر ويصرفه كيف يشاء؛ بيده مقاليد الأمور }يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ{[يونس: 3].
وليوقن أن ما يفعله من سعي لحل مشاكله، إنما هي أسباب وأدوات وأن المصرف لهذا الكون هو الله عز وجل فما شاء كان وما لمن يشأ لم يكن، وتأمل في هذا الحديث العظيم فقد قال r: ".. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" [رواه الترمذي].

من كتاب 40 قاعدة لحل المشاكل عبدالملك القاسم
 
شكرا لك على الموضوع القيم
 
بارك الله فيك
و
في ميزان حسناتك
 
جزاك الله كل خير
وجعله الله فى ميزان حسناتك

فى حفظ الله
 

عودة
أعلى