التصفح للزوار محدود

غزوة الأحزاب...............

بنت بغداد

Well-known member
غزوة الأحزاب:



وفي هذه السنة- وهي سنة خمس - كانت وقعة الخندق في شوال.
وسببها: أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يوم أحد، خرج أشرافهم – كسَلاَّم بن أبي الحُقَيق - وغيره إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعدهم من أنفسهم النصر لهم. فأجابتهم قريش. ثم خرجوا إلى غطفان: فاستجابوا لهم، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك فاستجاب لهم من استجاب.
فخرجت قريش – وقائدهم أبو سفيان- في أربعة آلاف. ووافقهم بنو سليم بمَر الظهران، و بنو أسد، وفزارة، وأشجع وغيرهم. وكان مَنْ وافَى الخندق من المشركين: عشرة آلاف.
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه: استشار أصحابه. فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خَندق يحول بين العدو وبين المدينة. فأمر رسول الله على الله عليه وسلم، فبادر إليه المسلمون وعمل فيه بنفسه. وكان في حفره من آيات نبوته ما قد تواتر الخبر به.
وخرج صلى الله عليه وسلم عليهم، وهم يحفرون في غداة باردة. فلما رأى ما بهم من الشدة والجوع. قال:
فاغفر للأنصـــار، والمهاجرة

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فقالوا مجيبين له:
على الجــــهاد ما بقينا أبداً

نحن الذين بايــعوا محـمداً
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين. فتحصن بالجبل من خلفه- جبل سَلعْ- وبالخندق أمامه. وأمر بالنساء والذراري، فجُعلوا في آطام المدينة.
وانطلق حُيي بن أخطب إلى بني قريظة، فدنا من حصنهم، فأبَى كَعبُ بن أسد أن يفتح له. فلم يزل يكلمه حتى فتح له. فلما دخل الحصن قال: جئتك بعز الدهر. جئتك بقريش وغطفان وأسد، على قادتها لحرب محمد، فقال: بل جئتني والله بذل الدهر، جئتني بجَهام قد أراق ماءه. فهو يُرْعِد ويبرق، ليس فيه شيء.
فلم يزل حتى نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودخل مع المشركين. وسُرَّ بذلك المشركون، وشرط كعب على حيي: أنهم إن لم يظفروا بمحمد: أن يجيء حتى يدخل معهم في حصنهم، فيصيبه ما يصيبهم فشرط ذلك ووفى له.
وبلغ رسول الله صلى الله عيه وسلم الخبر. فبعث إليهم السعدين – سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة- وخوات بن جبير، وعبد الله بن رواحة ليتعرفوا الخبر. فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون. وجاهروهم بالسب. ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانصرفوا ولَحنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحناً.
فعظم ذلك على المسلمين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الله أكبر، أبشروا، يا معشر المسلمين".
واشتد البلاء، ونجم النفاق. واستأذن بعض بنى حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة. وقالوا {33: 13 إن بيوتنا عورة وما هي بعورة. إن يريدون إلا فراراً}.
وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً.
ولم يكن بينهم قتال، لأجل الخندق، إلا أن فوارس من قريش ـ منهم عمرو بن عبد وُدٍّ – أقبلوا نحو الخندق. فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها. ثم تيمموا مكاناً ضيقاً منه، وجالت بهم خيلهم في السبخة، ودعوا إلى البراز. فانتدب لعمرو: على بن أبى طالب، فبارزه. فقتله الله على يدي علي. وكان من أبطال المشركين. وانهزم أصحابه.
ولما طالت هذه الحال على المسلمين: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن، والحارث بن عوف - رئيسي غطفان - على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما. وجرت المفاوضة على ذلك. واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين. فقالا: إن كان الله أمرك: فسمعاَ وطاعة. وإن كان شيئاً تحب أن تصنعه لنا، فلا. لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة، إلا قِرىً أو بيعاً. أفحين أ كرمنا الله بالإسلام، وأعزنا بك، نعطهِم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف.
فصوب رأيهما. وقال "إنما هو شيء أصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة".
ثم إن الله عز وجل- وله الحمد - صنع أمراً من عنده خذل به العدو.
فمن ذلك: أن رجلاً من غطفان- يقال له: نعيم بن مسعود - جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: قد أسلمتُ، فمرني بما شئت. فقال "إنما أنت رجل واحد. فخذِّل عنا ما استطعت. فإن الحرب خَدْعَة".
فذهب إلى بني قريظة - وكان عشيراً لهم - فدخل عليهم، وهم لا يعلمون بإسلامه. فقال: إنكم قد حاربتم محمداً، وان قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا انشمروا قالوا: فما العمل؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. فقالوا: قد أشرت بالرأي. ثم مضى إلى قريش فقال: هل تعلمون وُدِّي لكم ونُصحي؟ قالوا: نعم. قال: إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم، وإنهم قد أرسلوا إلى محمد: أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يمالئونه عليكم، فإن سألوكم فلا تعطوهم. ثم ذهب إلى غطفان. فقال لهم مثل ذلك.
فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود: إنا لسنا معكم بأرض مقام، وقد هلك الكراع والخف. فاغدُوا بنا إلى محمد حتى نناجزه، فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب مَنْ قبلنا حين أحدثوا فيه. ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن.
فلما جاءتهم رسلهم قالوا: قد صدقكم والله نعيم فبعثوا إليهم: إنا والله لا نبعث إليكم أحداً. فقالت قريظة: قد صدقكم والله نعيم. فتخاذل الفريقان. وأرسل الله على المشركين جنداً من الريح، فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قِدْراً إلا كفأتها، ولا طُنُباً إلا قلعته، وجنداً من الملائكة يزلزلون بهم، ويلقون في قلوبهم الرعب، كما قال الله: {33: 9 يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}.
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم حُذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم. فوجدهم على هذه الحال، وقد تهيئُوا للرحيل. فرجع إليه، فأخبره برحيلهم.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق، راجعا والمسلمون إلى المدينة. فوضعوا السلاح. فجاءه جبريل، وقت الظهر، فقال: أقد وضعتم السلاح؟ إن الملائكة لم تضع أسلحتها، انهض إلى هؤلاء – يعنى بني قريظة – فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة".
فخرج المسلمون سراعاً، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم، قال "يا إخوان القردة، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟ وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار. وقذف الله في قلوبهم الرعب. فقال لهم رئيسهم كعب بن أسد: إني عارض عليكم خلالاً ثلاثا، خذوا أيها شئتم: نصدق هذا الرجل ونتبعه. فإنكم تعلمون: أنه النبي الذي تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة. قالوا لا نفارق حكم التوراة أبداً. قال: فاقتلوا أبناءكم ونساءكم واخرجوا إليه مصلتي سيوفكم حتى يحكم الله بيَنكم وبينه. قالوا: فما ضر العيش بعد أبنائنا ونسائنا؟ قال: فانزلوا الليلة. فعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوكم فيها لأنها ليلة السبت – لعلنا نصيب منهم غرة. قالوا: لا نفسد سبْتَنَا. وقد علمت ما أصاب من اعتدوا في السبت. قال ما بات رجل منكم- منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازماً. ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. حكَّمَ فيهم سعد بن معاذ فحكم: أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال: وتسبى الذراري والنساء.
وأنزل الله في غزوة الخندق صدر سورة الأحزاب. وذكر قصتهم في قوله {33: 9-27 يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم - إلى قوله - وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم}.
 
بارك الله فيك
احترامي
بنت التحدي
 
يعطيك العافيه
شكر لك
دمت بخير
 
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
تحياتي
 

عودة
أعلى