لا تكن سلبياً

نورالقرآن

التميز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



لمصلحتك : لا تكن سلبياً

في كثير من المؤسسات التي تتعامل مع الجمهور يُستدل على سلامة النهج أو سلامة سير العمل بعدم ورود شكاوى من المستفيدين منه ، أو بقلة تلك الشكاوى قياساً بعدد أولئك المستفيدين .

و في المقابل يكون من أهم أسباب إعادة النظر في مشروع أو نهج ما ورود شكاوى أو ملاحظات كثيرة عليه .

فرأي المستفيد ( في الأصل ) حجر أساس في استمرارية النهج أو توقفه ، كونه المستهدف الأول من المشروع .

و عليه يمكن القول إن هذا المستفيد أو المتلقي بإمكانه أن يكون مؤثراً لا محل تأثير فقط ، متى ما أراد ذلك و عرف كيف يصل إليه ، و أولى خطوات ذلك التأثير أن يمارس الفرد حقه في التعبير عن رأيه ؛ إذ لا يستطيع أحد معرفة رأيك ما لم تصرح به ، فضلا عن أن صمتك قد يفُسِّر قبولا بوضع لا تقبله ، على أساس أن السكوت علامة الرضا .

و مسألة التعبير عن الرأي أو النقد أو الشكوى لم تعد تحتاج إلى الكثير من الجهد ، وقد تنتهي المشكلة بزيارة خاطفة للمشرف على المنشأة التي يحدث فيها الخطأ ، أو بمكالمة ، أو رسالة بالبريد الإلكتروني ، أو زيارة لمكتب إحدى الصحف في مدينتك .

و من باب التمثيل على ذلك : أذكر أني اشتريت قبل سنوات بعض العلك لأطفالي و عندما فتح الأطفال الأغلفة وجدوا معها رسوماً و عبارات غير لائقة ، فأخذت تلك الرسومات إلى مكتب إحدى الصحف المحلية و كان ذلك يوم الأحد ، و في يوم الثلاثاء كانت صور تلك الرسومات على الصفحة الأولى لتلك الصحيفة و معها تحقيق صحفي داخل العدد ، و لم يأت يوم الخميس إلا و قد صدر قرار بمنع دخول ذلك العلك إلى المملكة و معاقبة الشركة المستوردة .

و مرت ستة أشهر قبل أن أرى ذلك العلك مجدداً لكن بدون تلك الرسومات .

و هناك أمثلة عديدة اطلعت عليها تم التغيير فيها بسهولة لم تكلف أكثر من خطاب صيغ بأسلوب هادئ متزن ، و بعث بالبريد الإلكتروني أو برسالة sms .

أحياناً نكون في دائرة حكومية أو مصرف أو مستشفى فنشاهد ما نظنه تهاوناً أو خطأً (متعمداً) تجاهنا ، و غاية ما نفعله في الغالب أن نظل نتبرم و نتكلم عنه فيما بيننا دون أن يخرج كلامنا عن صالة المراجعين !

ما الذي يمنعنا من الاستفهام من الموظف بهدوء فإن وجدنا لديه عذراً( و يحدث أحياناً ) و إلا بينا له خطأه و طلبنا منه تصحيحه ؛ فإن فعل و إلا أوصلنا صوتنا إلى من هو أعلى منه ؟!
عندما يعلم من يمارس الخطأ أنك لن ترى خطأه و تسكت عليه ، لن يتجرأ (على الأقل أمامك ) على فعله .

أما في ظل الصمت فإن الحال سيتطور تدريجياً إلى الأسوأ .

ينبغي أن يكون لدينا ثقافة رفض الخطأ و السعي لإصلاحه ، و يلزم لذلك أن يكون لدينا وعي بكيفية التعامل مع الخطأ ، حتى لا نصلح الخطأ بالوقوع في أكبر منه .

مع الأخذ في الاعتبار أن لكل حالة ظروفها و الأسلوب المناسب لها ، و نجاح أسلوب في علاج حالة لا يلزم منه نجاحه في علاج أخرى .

و المجال لإصلاح الأخطاء واسع سعة الأخطاء التي تحدث .

فإذا رأيت توجهاً خاطئاً أو ممارسة خاطئة في صحيفة أو في موقع على الشبكة أو في قناة فضائية ، أو في دائرة حكومية أو منشأة خاصة تتعامل معها فلا تتردد في مخاطبتهم و إبداء وجهة نظرك ؟!

تأكد أن جهدك على بساطته لن يذهب هدراً و أنه سيؤتي أكله ، لاسيما إذا تضافرت معه جهود مماثلة ، و أصبح النقد البناء الناضج ثقافة و ممارسة مجتمع .

عندما يحدث ذلك ستكون فرصة الأخطاء في الظهور و التغول أقل بكثير ؛ لأن الناس ببساطة : لن تسكت .

و أن نقتلع نبتة الخطأ و هي صغيرة أسهل بكثير من محاولة ذلك بعد أن تصبح شجرة تضرب جذورها في الأرض .

والمفترض أن غالب المنشآت التي تتعامل مع الجمهور تهتم برأيه ؛ لأنها تحتاج إليه أكثر مما يحتاج إليها .

و إذا حدث العكس فالسبب يكمن غالباً في تنازل ذلك الجمهور عن حقه المبدئي في التعبير عن رأيه ، و إيصال ذلك الرأي بشكل سليم و مؤثر إلى الجهة التي يهمها سماع ذلك الرأي .

تكرر الملاحظات من أكثر من طرف سيدفع تلك المنشأة لمراجعة سياستها أو مراجعة من يقومون على تنفيذها ، و هذه خطوة جيدة في طريق تصحيح الخطأ .
أذكر أن طبيباً في الإدارة الطبية الملحقة بإحدى الجامعات لم يجدد عقده مثل بقية الأطباء لتكرر شكوى المراجعين من أسلوبه في التعامل ، مع أن تلك الشكاوى قد لا تكون اكتملت أدلة إثباتها، لكن كثرتها من أكثر من طالب كانت قرينة قوية على صحتها .

كاتب في إحدى الصحف استهزأ بشكل زميل له فرفع المتضرر دعوى قضائية ضده و كسبها ، فأصبح ذلك الكاتب يزن كلماته قبل أن يكتبها أو يتفوه بها ! و بارك الله في سوط القاضي .

أصحاب المواقع الإلكترونية على اختلافها يهتمون بالزوار أو بعدد الزوار (و يعتبرونه المؤشر الأول لنجاح الموقع أو فشله ) إذ الموقع بدونهم فاقد لمبررات وجوده .

إذاً : عندما تزور موقعاً وترى ممارسة خاطئة : عليك بأيقونة \" اتصل بنا \" .

و الصحيفة كذلك و أكثر ، كون حصتها من كعكة الإعلانات تعتمد على نسبة توزيعها و مقروئيتها .

من أجل ذلك تحترم الصحف القراء الذين يعرفون كيف يعبرون عن رأيهم في ما تنشره ، و يعرفون كيف يضغطون عليها إذا تجاهلتهم ، و تهمل من يكون خياره الاستراتيجي :
الصمت .

. و قل مثل ذلك في عملاء البنوك و المنشآت التجارية و غيرها.

عندما نعرف كيف نعبر عن رأينا و كيف نتحرك لتغيير الخطأ ، و تنتشر هذه الثقافة في المجتمع ستبدأ الأخطاء في التناقص و الاختفاء .

فالمشكلة في وعي المتلقي و إحساسه بواجبه تجاه الخطأ و قدرته على نقده و العمل على تغييره بأسلوب حضاري بعيد عن الانفعالات التي تضر أكثر مما تنفع .

كلمة أخيرة..

من أجلك و من أجل أولادك و من أجل مجتمعك :

لا تكن سلبياً .
 
رووووووووووووووووعه بروعه صاحبه الموضوع
 
جزيت خيراً ...

روح ..
 
اللهم آآآمين
شكرا على مروركم الطيب
بارك الله فيكم
forgive.gif
 

عودة
أعلى