التصفح للزوار محدود

الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

بنت التحدي

التميز
الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

الأمــــــــــــــــــــــــــــــل المفقـــــــــــــــــــــــــــود



هادئاً وهانئاً كان النهار عندما جالت أنظار " الآنسه أمل " عالياً عنان السماء الصافية .


كان قلبها يطفر فرحاً ونشوةً ، كما لو كان يستقبل عيداً أبدياً . فعين السماء الدافئة كانت طرفت لها بتحية الصباح أو دعت لها بمستقبل باسم.


لم يكن الهواء طلقاً فحسب ، بل كان أيضاً عابقاً بعطرملائكي كانت تبثه زهرات ، حديثة التفتح ، من النرجس واللاتنسني والخزامى لنختلط مع رائحة نسمات البحر الرطبة وخيوط الشمس الدافئة .


لم يكن لتلك النسمات إلا أن تداعب خيوط شعر الآنسة أمل الذهبية ، فكانت تبدو وكأنها تستحثها على أداء رقصةً رشيقةً بطيئة على الحان تعزفها بعض الفراشات ، زاهية الألوان ، التي كانت تتأرجح هنا وهناك في الحديقة العامة.


بروح جذلى وبأمل دفاق، بدأت الآنسة أمل تطفر وتمرح في الحديقة ، قاطفةً بعض الزهرات البيضاء والحمراء ، تتشممها أحياناً ثم تنظر أحياناً أخرى عالياً نحو السماء وكأنها تشكر المبدع على الجمال الطبيعي الذي كانت تنعم به أو أنها تترقب هبوط ملك ما من علياء السماء لمحيط أمام ناظريها ثم يهتف بهمس فيقول: " الله الله ! إني لطالما حلمت بهذه الأصابع الغضة تحمل هذه الزهرات النضرة في هذا اليوم .... ألست أنت أملي ؟ .... أقصد .. ألست أنت أمل؟؟!"


وبينما كانت تطور أفكارها ، ظلت أمل تطفر وتمرح في الحديقة إلى أن حل المساء وهبط الظلام . وجدت نفسها مغلفة بثوب أسود شفاف تحول بعد برهة الى عباءة سميكة فاحمة السواد .


شعرت بالوحدة وبشيء من الخوف والبرد . فخيوط الشمس الدافئة تلاشت لتخطفها سهام من الهواء البارد الكئيب ، وموسيقى الفراشات توارت لتحمل مكانها الحان الصمت الرتيب.


نظرت أمل طويلاً الى الزهرات في يدها المبللة بالعرق ... لم تَرَ شيئاً ... لكنها أحسُت أن الزهرات كانت قد ذويت ... والى الأبد.


لم تفقد الأمل ، وأصرت على البقاء والإنتظار حتى بزوغ الفجر.


وفجأًة أحسًت الآنسة أمل أن ثوبها الأسود الجديد لم يكسها فقط بلون السواد بل وأثقلها أيضاً بألوان التعب والإرهاق والإجهاد . فوجدت نفسها تتلمس طريقها بين شجيرات باحثة عن زاوية في الحديقة تركن اليها لتمنحها بعضاً من راحة واطمئنان .


لم تلبث أن ألقت أمل بظهرها على بساط ركن من أركان الحديقة ، متلحفةً عباءتها السوداء ، حتى غرقت في نوم عميق.


توائى لها البدر في ليلته الرابعة عشرة ، عالياً يتبوُأ مركز السماء ويتوسط حشداً من النجوم بدت وكأنها تتزلف إليه إمُا إبتغاء كسب شيء من بريقه أو إرضاءً لشيء في ذاتها بأنها من بنات جنسه.


لم تكد تدرك أمل حقيقة بريق هذه الأجسام السماوية ، حتى رأت البدر يمعن النظر بها وهو يعتدل في جلسته وكأنه يمهد السبيل لإلقاء خطاب هام أو لإصدار أمر لا رجعة فيه .


حدق طويلاً بها .... ثم بنظرة سامة شزراء وبصوت أجشُ سأل قائلاً : " ألا يستحق هذا النور الساطع من هنا أزهار وأشعار ذلك الجسم التافه هناك ؟؟؟؟!"


لم يكن شيء قد أصاب أمل وأثار غضبها من قبل كما فعلت تلك الكلمات فاستشاطت غضباً ... لكنها سرعان ما أحتوت نفسها . بادلته النظرة الشزراء ثم قالت بإبتسامة عريضة صفراء : " أيها الجسم الطفيلي المكابر


يامن يستجدي أزهاري أفكاري ، باقة أشعاري


صحراء أنت ومن صخر أحشاؤك ، لا بل من نار


لن تجري فيك ولن تنمو أنهر الشعر وأزهاري "


لم تسكته كلمات أمل فحسب ، بل جعلته يدرك جيداً أن هناك من على الأرض يدرك حقيقة بريقه وبلاهته . لكنه حدف بها كوحش كاسر نهم بات على جوع بعد أن لم يشأ له الحظ بإلتهام فريسة وديعة مضمونة.


وفجأة إختفى البدر ... لقد حجبته غمامة رمادية سرعان ما تحولت إلى أعمدة من رقاقات الثلج الغزير المنهمر بإتحاه أمل تماماً ، لتكسوها بثوب فضفاض ناصع البياض من قمة رأسها إلى أخمض قدميها.


كاد يخطر ببال أمل أن ذلك الثوب الفضفاض الناصع ما هو إلا دثارًا دفيئاً منحته لها السماء لتقيها برد نوم الحديقة الطليق ، أو برنساً مقدساً كساها به الرحمن بع الاثم طهراً ، لولا أنها شعرت فعلاً بالبرد والتجمد . فقد أحست أن قلبها قد تحول إلى نواة من جليد وأن ثوبها الأبيض الجديد قد تحول الى قالب يعمل غرفة للتجميد أو التبريد .


ضمت أمل الزهرات التي ما زالت في يدها الى صدرها بقوة لعلها تجد فيها الدفْ والدلال ، لتجد نفسها جالسةً في زاوية الحديقة ترتجف ذعراً وبرداً في جو حالك.


عرفت عندئذ أن الفجر قريب وتمنت أن يأتي الفرج مع الفجر.


وهي ما تزال تضم زهراتها الى صدرها ، وقفت أمل على أرجل متداعية للسقوط ونظرت حولها .... صرخت فجأةً ... صرخةً ثقبت صمت السماء المطبق . لقد شاهدت شبحاً بثوب أبيض شفاف أمام عينيها تماماً سرعان ما اختفى . وما أن استعادت أنفاسها وخطت بضع خطوات حتى تذكرت تلك الحادثة الغامضة التي جرت في الحديقة قبل عام تماماً بينما هي كانت تلهو في حفلة طرب مع بعض الأصدقاء في أحد النوادي الليلية .


ففي مساء الرابع عشر من العام السابق ، لاحظ المستجمون في الحديقة العامة رجلاً بدا على محياه إمارات اللطف واللين وكذلك مساق السفر وتعب الانتظار . وفي جوف الليل البهيم ، وقبل بزوغ الفجر بقليل ، استيقظ بعضهم على صراخ ذلك الرجل يحتضر في الحديقة .


" لم يكن قد أصابه شيء" هذا ما أجمع عليه عامة الناس الذين تجمهروا في الحديقة ثم ما لبثوا أن سارعوا الى بيوتهم ، لإ‘تمام ما تبقى لهم من نوم . رجل واحد فقط قيل أنه مكث عنده وهو يحاول بإلحاح وفضول أن يتعرف على إسمه وعنوانه .


لم تذكر أمل أن الناس قد عرفوا شيئاً عن اسم ذلك الرجل أو عن مصيره ، لكنها تذكرت كم اهتم الناس بتلك الحادثة وكم إنقضى من الوقت وهم يتناقلونها ويتداولون بها .


أخذت أمل تتلمس طريقها في الظلام ألمدتهم إلى أن وصلت إلى ذات الزاوية التي إتخذت فيها فراشاً وملاذاً لساعات طوال من الليل.


وقفت فجاًة ..... متيبسة في مكانها وصرخت بأعلى صوتها وكأنها رأت ما يهدد حياتها بالخطر.


لقد شاهدت ضريحاً يرزح هناك في زاوية الحديقة.. وفجأةً وبمثل لمح البصر استطاعت أن تقرأ ما نقش على شاهد الضريح من كلمات :


" يرقد هنا من فقد الأمل"


وبعقل يتلاشى وعروق تتبخر ، ارتجفت أمل . فسقطت الزهرات الذاوية من يدها فوق الضريح لتكلله ولتكسه عطراً معتقاً ، وسقطت أمل بجواره ولم تبك ...... لا ..... لا ...... ولم تنتظر


النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهاية


بقلم الكاتب


الدكتور مجاهد خليل جادالله
 
رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رووووووعه القصه
 
رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

صورة جميله وتفاصيل رائعة
قد اخذتنا في انحائها الاحرف
امتعنا المرور من البداية إلى النهاية
يسلمو على حلو النقل
يعطيك العافية

دمتِ بسلام
 
رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رووووووعه القصه
حضورك الاروووووووووع
تقديري
 
رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

رد: الأمـــــــــــــــــــــــــــل المفقــــــــــــــــــود "بقلم أخو بنت التحدي"

صورة جميله وتفاصيل رائعة
قد اخذتنا في انحائها الاحرف
امتعنا المرور من البداية إلى النهاية
يسلمو على حلو النقل
يعطيك العافية

دمتِ بسلام
حضورك الارووووووووووع
والقصة غاليتي من تأليف اخي وانا الي قمت بطباعتها واول مره تنتشر على النت وكان بمنتدى تحدي الاعاقة
احترامي
 

عودة
أعلى