الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

نسر الشرق

Well-known member
فتاوى متنوعة في الصوم:


السؤال:
ما معنى كلمة رمضان ؟


الجواب:
رمضان اسم لهذا الشهر ، سمي بذلك لأنه وافق ـ على القول الصحيح ـ رمض الفصال وهي شدة الحر ، لأن أسماء الشهور عندما سميت وافقت مناسبات معينة وسميت بذلك ، فشوال شالت به أذناب الإبل طلباً للقاح فسمي شوالاً ، والقعدة لأجل قعود الناس عن القتال فيه ، والحج لأن العرب كانت تحج فيه ، وهلم جراً في بقية الشهور ، فتسمية رمضان سابقة على مشروعية صيامه التي جاءت في كتاب الله ، فقد كان الناس يسمون هذا الشهر بذلك قبل أن يفرض الله تبارك وتعالى صيامه.


السؤال:
ما هي الطريقة المثلى في تعامل المسلم مع القرآن في شهر رمضان ؟


الجواب:
المسلم يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على القرآن في جميع أوقاته لا في شهر رمضان فحسب ، ولا يهجر القران – حاشاه عن ذلك – في أي وقت من زمانه بل هو الذي يشكو إلى الله هجران قومه له: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } ( الفرقان:30) ، ولكن مع ذلك كان يضاعف اجتهاده في تدبر القرآن وتأمله ودراسته في شهر رمضان المبارك، ففي الحيث المروي من طريق ابن عباس – رضي الله عنهما – قال :<< كان رسول الله صلى اله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان عندما يلقى جبريل فيدارسه القرآن >> ، وفي رمضان من العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم عرض القرآن الكريم مرتين على جبريل ، فالمؤمن حريص على الإقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام فيعكف في ليله ونهاره على تلاوة القرآن الكريم في كل أوقات فراغه قدر مستطاعه ومع ذلك لا يقرأه قراءة استرسال من غير تدبر وتأمل ، بل يقف عنده لتأمله وتدبره والاستنارة بهديه والمشي على دربه ، ليتمكن من أن يكيف نفسه حسب تعاليم القرآن ، فهو يتأمل أمره ونهيه ومواعظه وأمثاله وقصصة وأخباره ووعده ووعيده لينصب ذلك كله في وعاء قلبه فيتكيف قلبه وفق هداية القرآن ليصلح بصلاحه جسده ، فإن القلب هو الذي يصلح به الجسد إن صلح ويفسد به الجسد إن فسد ، كما جاء في الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: << ألا وإن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب >> ، والله تعالى الموفق.


السؤال:
هل يلزم الإنسان أن يقوم للسحور ؟


الجواب:
السحور من السنة ، وهو بركة ، ومن تركه لا يؤثر ذلك على صيامه .


السؤال:
ما هي أنواع الفجر ؟


الجواب:
هما فجران : الفجر الكاذب وهو الفجر المستطيل الذي يشبه ذنب السرحان – أي الذئب – يظهر ثم يختفي ، والفجر الصادق وهو الفجر المستطير : أي المنتشر الذي يبدأ في الظهور ويأخذ في الانتشار ولا يختفي بعد بداية ظهوره .


السؤال:
هل يجوز الإفطار لأذان التلفاز؟


الجواب:
الإفطار إنما يكون بتحقق الغروب ، فإذا غربت الشمس وتحقق غروبها أبيح للأنسان الإفطار سواء أذّن المؤذن أم لم يؤذن، أما بالنسبة إلى التلفاز فهل هنالك ضبط للوقت في الآذان الذي يبث في التلفاز؟ ثم من ناحية أخرى لا بد من اعتبار الفارق بين الوقت، فهنالك فارق كبير مثلا بين مسقط وصلالة بالسلطنة فقد يتقدم الآذان في مسقط خصوصاً في أوقات الشتاء أكثر من نصف ساعة عنه في صلالة ، فينبغي أن ينظر في ذلك وأن لا يفطر الإنسان بالآذان الذي يبث في التلفاز من غير أن يعتبر الفارق في التوقيت بين منطقة وأخرى.


السؤال:
أثناء أذان الفجر هل يمكن للصائم أن يشرب أم يمتنع عن الأكل والشرب قبل الأذان بدقائق؟


الجواب:
الأكل والشرب أبيحا إلى انشقاق أول شعاع للفجر ، لما دل عليه قول الله تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}(البقرة: 187) ومعنى الخيط الأبيض هو انشقاق أول شعاع للفجر فعندما ينشق أول شعاع للفجر يمتنع عندئذ الأكل والشرب، وأما قبل ذلك فهو مباح ، فهب أن المؤذن أذن قبل انشقاق الفجر بساعة أيحرم الأكل بسبب أذانه ؟ وهب أن المؤذن أخر الأذان حتى مضى نحو ربع ساعة أو نصف ساعة بعد انشقاق الفجر هل يقال بأنه ما لم يؤذن يباح الأكل والشرب في ذلك الوقت؟ الجواب: لا وإنما ميقات بداية الصيام طلوع الفجر.


السؤال:
رجل استيقظ من نومه في ليل رمضان فظن الليل باقياً فأكل وشرب ثم ذهب إلى المسجد فوجدهم قد صلوا الفجر، فما حكم ذلك اليوم؟


الجواب:
هذه المسألة من المسائل المختلف فيها بين العلماء، فمن العلماء من قال : بأن من أخطأ فأكل وشرب والفجر قد طلع فعليه أن يبدل يوماً مكان يوم، ومن العلماء من قال ليس عليه حرج، لأنه مستصحب للأصل، ويستدلون بقوله سبحانه وتعالى: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (البقرة : 187) ، وذلك بأنهم قالوا إن الذي أكل وشرب وهو يحسب بقاء الليل لم يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والأصل إباحة الأكل والشرب كما ينص قوله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ }، وأما أصحاب القول الأول فقد قالوا إن التبين لا يجب أن يكون تبينا لكل أحد في ذات نفسه ، فالأعمى لا يمكن أن يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر لأنه أعمى، وإنما هو تبين في الواقع ، فإذا تبين في الواقع حصل الحد الذي تنتهي عنده إباحة الأكل والشرب ، كما أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم :<<صوموا لرؤيته>> لا يعني ان يراه كل احد، وإنما يكفي أن يكون مرئياً في الواقع، فحملوا هذا الحكم في الآية على مثل الحكم في الحديث الشريف، إلا أننا نقول: إن استصحاب الأصل من قواعد الفقه الإسلامي، فما دام الإنسان مستصحباً الأصل، والله سبحانه وتعالى أعطاه قدرة على التبين وحاول التبين فلم يتبين له فليس عليه حرج في ذلك، وهذا هو القول المختار فلا يلزمه قضاء.


السؤال:
شخص استيقظ وشرب دون أن يعلم أن وقت الإمساك قد بدأ إلا بعد أن سمع أذان الفجر بعد أن انتهى من الشرب ؟ فما حكم صيامه؟


الجواب :
العبرة بحال الأذان ، إن كان الأذان عند انبلاج الفجر فليس له أن يشرب بعد انبلاج الفجر ، لأن الله ناط الأكل والشرب إلى ميقات معين ، وهو أن يستطيع الإنسان أن ينظر إلى الفجر الصادق متميزاً من بين الظلام ، بحيث يبدو الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، فإن كان الأذان في هذه الحالة فهذا قد أكل بعدما تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فعليه إن تعمد الشرب التوبة والقضاء والكفارة ، وإن كان غير متعمد وإنما كان ذلك على طريق السهو أو النسيان أو الجهل فعليه القضاء وعليه أن يستغفر الله من صنيعه.


السؤال:
ماذا لو قام فشرب وهولا يدري هل أذن الفجر أم لم يؤذن، فماذا عليه؟


الجواب:
إن كان لا يدري بذهاب الليل ولم ير للفجر أثراً واستصحب الأصل، فاستصحاب الأصل يسقط عنه حكم القضاء وغيره حتى يتبين الفجر.


السؤال:
المسافر من عمان إلى بريطانيا فيمسك هنا على توقيت عمان ثم يسافر إلى بريطانيا وتكون الساعات أطول ، فعلى توقيت من يفطر؟


الجواب:
الله تعالى يقول : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }(البقرة: 187) ، فالإنسان مطالب أن يمسك إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم يستمر على إمساكه عن الطعام والشراب حتى يأتي الليل، سواء تقدم الليل عن ميقات البلد الذي بدأ الإمساك فيه أو تأخر، فكل من ذلك سواء.


السؤال:
امرأة عندها أخ في هولندا، عندهم مشكله في تحديد الإفطار لا يدرون متى يأتي وقت الإفطار لعل الساعات هناك تكون طويلة من طلوع الشمس إلى غروبها أو النهار قصير، لكن هناك أيضا أشخاص آخرين من دول الخليج كل واحد يفطر على دولته ما هو حل هذه القضية؟


الجواب:
أنا أعجب من هذه الحالة، فإن هولندا في أوروبا، والفصل الآن قريب من الشتاء، ومن عادة الأيام في فصل الشتاء أن يكون نهارها قصيراً لا سيما في تلك المناطق الشمالية، فأي مشكلة في هذا ، كيف لا يصومون حتى تغرب الشمس عندهم، فإن الله تعالى ناط الإفطار بالليل ، والليل إنما يتحقق بغروب الشمس { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }(البقرة: 187) ، أما أولئك الذين يفطرون بحسب التوقيت في بلادهم وهم في بلاد أخرى فهم قد انغمسوا في الجهل حتى غرقوا إلى الأذقان، كيف يكون الصيام بحسب ساعات النهار في بلدهم وهم في بلد أخرى؟
فهم ليسوا متعبدين بحسب البلدان التي هم منتمون إليها ، وإنما هم متعبدون بحسب الأوقات في البلد الذي هم فيه ، أريتم صلاة الظهر متى يصلونها هل يصلونها في وقت الصباح هنالك لأن ذلك هو وقت الظهر في بلدهم؟ وكذلك صلاة العصر هل يصلونها فيما قبل وقت الظهر مثلا، وكذلك صلاة المغرب هل يصلونها قبل وقت العصر أو وقت الظهر، هذا أمر غريب ، فما بال هؤلاء الناس يتصرفون هذا التصرف مع أن الله تبارك وتعالى ناط الصيام بطلوع الفجر وناط الإفطار بإقبال الليل، فعليهم أن يمسكوا عن الطعام عند طلوع الفجر وعليهم أن يفطروا عند غروب الشمس وأن لا يلتفتوا إلى الحالة التي في بلادهم، فإنهم في بلد آخر وعليهم أن يتكيفوا في واجباتهم بحسب الأوقات في ذلك البلد الذي هم فيه، وعليهم إن لم يكونوا قادرين على التحكم في معرفة الوقت أن يلجئوا إلى الخبراء الفلكيين، فإن الخبراء الفلكيين بإمكانهم أن يحددوا لهم وقت غروب الشمس بدقة، ومن خلال ذلك يتمكنون من الإفطار في الوقت للذي أباح الله تعالى فيه الإفطار ، أما الذي يفطر قبل غروب الشمس فهو مفطر في النهار، ومن أفطر في النهار فقد هدم صومه.
 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

الجنابة والجماع في رمضان :


السؤال:
امرأة أرادت الاغتسال من الجنابة في شهر رمضان لكنها سمعت أذان الفجر وهي تبدأ بصب الماء على جسدها ، ولم تكمل الاغتسال بعد ، فماذا يلزمها؟


الجواب:
رخص بعض أهل العلم في ألا يلزمها القضاء إن كانت أدركت غسل رأسها وفرجها قبل طلوع الفجر، وإن كانت لم تدرك غسلهما فعليها قضاء يومها. والله أعلم.


السؤال:
امرأة وطئها زوجها في نهار رمضان . ما الحكم إذا وافقته أو لم توافقه؟


الجواب:
بئس ما فعل وعليه التوبة والقضاء والكفارة ، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، أما هي فإن كان أجبرها بحيث لم تطاوعه قط ولكنه غشيها كرهاً فليست عليها كفارة، وعليها قضاء يومها، وإن كان ذلك بموافقة منها له ومطاوعة فعليها ما عليه من التوبة والقضاء والكفارة. والله أعلم.


السؤال:
شخص صام شهرين متتابعين كفارة عن تركه الصلاة وفي أحد أيام هذين الشهرين نام على جنابة على نية أن يقوم قبل أذان الفجر ولكن هذا الشخص لم يقم إلا عند شروق الشمس؟


الجواب:
الذي نعتمده القول بعدم وجوب الكفارة على من ترك الصلاة لعدم إتيان ما يدل على ذلك، ولكن بجانب ذلك نستحب لهذا الإنسان محافظة على صيامه أن يعيد صيام يومه.


السؤال:
هل هناك حدود للمداعبة بين الزوجين في نهار رمضان؟


الجواب:
هذه المسألة تختلف فيها أحوال الناس باختلاف طبعهم، فمن الناس من هو شهواني تستثار شهوته لأتفه سبب من الأسباب، ومنهم من يقدر على ضبط نفسه ويتحكم في عواطفه وغرائزه ، ولذلك ينبغي أن يختلف الحكم باختلاف الناس، وهذا معنى ما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه أتاه سائل فسأله عن القبلة للصائم فرد عليه بالجواز وأتاه آخر فرد عيه بالمنع، مع أن السؤال عن نفس المسألة ، ولوحظ أن الذي أفتاه بالجواز كان شيخاً والذي أفتاه بالمنع كان شاباً ، وذلك لأن الشباب مظنة هيجان الغريزة فلذلك حرص على منعه ، أما الشيخ فإن غريزته وعاطفته أكثر برودة ولذلك يُتسامح فيه ما لا يُتسامح في غيره، مع أنه قد يوجد شواذ في الشباب وشواذ في الشيوخ ، والنلب صلى الله عليه وسلم كان يُقبل وهو صائم كما جلء ذلك في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، ومثل ذلك أيضاً في حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ ، ولكن كما قالت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : " إنه كان أملك لإربه" بخلاف عامة الناس فإنهم لا يملكون آرابهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه، ولذلك ينبغي للإنسان ولا سيما من كان يعرف من نفسه هيجان الشهوة أن يتجنب ذلك وإن كان بخلاف ذلك فلا مانع ، ولكن مع هذا كله فهنالك مساحة واسعة للاحتياط ينبغي للإنسان أن لا يحوم حولها. والله أعلم.
 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

القضاء والإطعام والكفارة :


السؤال :
امرأة أفطرت في نهار رمضان عمداً ، ماذا يلزمها في ذلك؟


الجواب:
عليها التوبة والقضاء والكفارة وهي عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً.


السؤال :
شخص لم يصم رمضان عدة سنوات وبدون عذر شرعي، فكيف تتسنى له التوبة والتكفير عن تلك المعصية؟


الجواب:
عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحاً ، وأن يأخذ في قضاء ذلك الصيام الذي أفطره ، وأن يكفر عن ذلك، وأقل ما في ذلك كفارة واحدة ، ويقضي الصيام بحسب وسعه، ولو أن يقضي في كل عام شهراً واحداً.


السؤال :
تقولون بأنّ رمضان فرائض، فلماذا يكون القضاء بالتتابع؟


الجواب:
لأنّ قضاء رمضان مقيس على الأصل وهو رمضان، ولأنّ الروايات التي تفيد التتابع أقوى من الروايات التي تفيد عكس ذلك.


السؤال :
هل يشترط أن يكون قضاء أيام شهر رمضان متتالياً؟


الجواب:
يشترط التتابع في قضاء رمضان على القول الصحيح ، وإن كانت المسألة فيها قولان، بدلائل روايات متعددة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يستثنى من ذلك إذا كان هنالك عذر كمرض أو سفر أو نحو ذلك.


السؤال :
ما هي الأمور التي تقطع التتابع في قضاء الصيام أو صيام الكفارة؟


الجواب:
يباح للحائض والمريض ترك التتابع إن شق عليه، أما السفر فهو مبيح للفطر في غير صيام الكفارة أما في صيام الكفارة فلا على المشهور وكذلك صيام النذر، والله أعلم.


السؤال :
في حالة إصابة المرأة بمرض ولا تستطيع قضاء الصيام متتابعاً ، فهل يصح لها الصيام مفرقاً؟


الجواب:
نعم لأجل هذه الضرورة، والله أعلم.


السؤال :
هل يجوز للمرأة صوم قضاء رمضان في شهر شعبان؟


الجواب:
نعم ، وهكذا كان صنيع أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ فكانت تؤخر صيام القضاء إلى شهر شعبان لأجل أن يتفق صومها مع صوم النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم في شعبان.


السؤال :
امرأة حاضت في شهر رمضان وعندما انتهت مدة الحيض وفي آخر يوم من أيامها صامت ذلك اليوم دون أن تغتسل واغتسلت ليلاً ، فهل يعتبر ذلك اليوم ديناً عليها يجب قضاؤه؟


الجواب:
هل رأت الطهر في النهار، أو في الليل؟ فإن كانت رأت الطهر بعدما أصبحت فإنها لا تطالب بصوم ذلك اليوم وإنما تطالب بقضائه، وأما إن كانت رأت الطهر قبل الصبح فعليها أن تغتسل وعليها أن تصبح صائمة ، فإن فرطت في الاغتسال فقد فرطت في الصلوات وفي الصوم لأنها لا يصح لها أن تصلي ولا أن تصوم إلا مغتسلة ، فعليها أن تقضي صلواتها وصيامها مع التوبة إلى الله من تفريطها ولا تلزمها الكفارة لأجل الشبهة.


السؤال:
فتاة اغتسلت من خمسة أيام في رمضان وفي اليوم السادس صامت وقبل صلاة المغرب أتاه شيء من الصفرة وأيضاً في اليوم السابع تكرر عندها نفس الشيء ولكنها تابعت صومها ولم تغتسل، وقضت خمسة أيام ولم تقض اليومين الآخرين؟


الجواب:
إن كانت رأت الطهر بعد الخمسة الأيام واغتسلت وكانت هذه هي عادتها أو لم تكن لها عادة من قبل، فإنها لا تلتفت إلى هذه التوابع، لأنّ التوابع حكمها حكم ما قبلها.


السؤال:
إن عدّتي سبعة أيام ولكن في شهر رمضان جاء الحيض سبعة أيام ثم اغتسلتُ، وبعدما اغتسلتُ رأيت في اليوم الثامن والتاسع توابع فأفطرت في هذين اليومين، فما الحكم في إفطاري فيهما؟


الجواب :
هو خطأ، وعليكِ ألاّ تعودي لمثل ذلك، وعليكِ قضاء الصلوات التي تركتِها في هذين اليومين وكذلك الصوم.


السؤال:
امرأة أفطرت ثلاثة أيام من أول رمضان وأفطرت سبعة أيام من نهايته ، وأرادت أن تقضي هذه الأيام كيف تقضيها هل كلها مرة واحدة أم تفرقها؟


الجواب:
إن أمكنها أن تقضيها مرة واحدة قضتها مرة واحدة ، وإلا فالأيام الأولى تقضيها مجتمعة ، ثم تقضي الأيام الأخرى بعد ذلك مجتمعة. والله تعالى أعلم.


السؤال:
هل يجوز قضاء أيام الصيام على فترات متقطعة ، فمثلاً حاضت امرأة عشرة أيام في رمضان ، فهل يجوز صيامها في فترات متقطعة؟


الجواب:
القول الذي نعتمده ونأخذ به أن القضاء يجب فيه التتابع كما يجب في الأداء ، ولكن إن كان هناك ضرورة داعية كمرض أو ضعف لا تستطيع المرأة معه أن توالي القضاء متتابعاً فلا مانع من أن تقضيه متفرقاً، ولغير ضرورة عليها أن تقضيه متتابعاً.


السؤال:
عن امرأة كانت تقضي ما عليها من شهر رمضان وفوجئت بالدورة الشهرية ، فهل عليها أن تستمر بعد اكتمال الدورة الشهرية فوراً أو لها أن تتأخر؟


الجواب:
قضائ شهر رمضان يجب أن يكون متتابعاً، وبسبب ذلك فإن على المرأة إذا جاءتها الدورة الشهرية وهي في قضاء رمضان أن تواصل بعد انتهاء الدورة فوراً وتبني على ما تقدم ، وليس عليها أن تصوم ما صامته من قبل.


السؤال:
ذكرت فتاة في أواخر شهر شعبان بأن عليها قضاء يوم ولم تستطع ذلك، فما حكم الشرع في ذلك؟


الجواب:
إذا كانت ناسية وذكرته في ذلك الوقت ولم تتأخر عمداً فعليها أن تصوم رمضان الحاضر ثم تقضي ذلك اليوم من بعد ، أما إذا كانت مهملة فعليها أن تصوم رمضان وتطعم مسكيناً مكان ذلك اليوم وتقضي بعد ذلك ، وإطعام المسكين هو كفارة للإهمال.


السؤال:
امرأة أخرت قضاء رمضان إلى رمضان آخر، فمرت عليها عدد من السنوات لم تصم ذلك القضاء ، فهل عليها كفارة في القضاء أم ماذا تفعل؟


الجواب:
عليها أن تصوم وأن تطعم عن كل يوم مسكيناً كفارة لتهاونها، والله أعلم.


السؤال:
امرأة عليها أربعة أيام قضاء رمضان ، فصامت يومين ثم أفطرت بسبب الدورة الشهرية ثم بنت وصامت اليومين الأخيرين، فهل عليها شيء؟


الجواب:
كان عليها أن تصوم القضاء في أيام لا يتخللها الحيض ، أما وأنها صامتها حيث كانت تنتظر الحيض ثم بنت على ما صامته بعد طهرها فلا إعادة عليها. والله أعلم.


السؤال:
فتاة عدتها ستة أيام من رمضان وبعد قضاء أربعة أيام أفطرت لأنها تريد الخروج لرحلة مع أهلها ثم أكملت بعد هذا اليوم بقية الأيام فما حكم صيامها؟


الجواب:
أخطأت في ذلك وعليها ألا تعود لمثله، والله يتقبل منها فيما مضى، والله أعلم.


السؤال:
امرأة حدث لها نزيف دم في شهر رمضان وهي حامل ، فهل يصح لها أن تصوم بتلك الحالة ، وما القول في صلاتها؟


الجواب:
هذا النزيف ليس من الحيض في شيء، وإنما هو استحاضة تصوم معه المرأة وتصلي إلا أن تكون عاجزة وتتضرر من الصوم، فلها أن تفطر على أن تقضي ما أفطرت في أيام أُخر . والله أعلم.


السؤال:
يحدث عند كثير من النساء في رمضان أنها إذا أحست بالآلام الولادة في الليل بيتت نية الإفطار وأصبحت فاطرة ، بحجة أنها قد تلد في النهار وتضيع عليها اليوم، فهي تأخذ اليوم من أوله ما حكم هذا التصرف؟


الجواب:
هذا التصرف خاطيء ، ولكن لها أن تفطر بسبب المرض إن كانت تعاني تعباً من ذلك ، لأن الله تعالى أباح الفطر للمريض مع القضاء.


السؤال:
امرأة كانت على وشك الولادة فصامت اليوم الأول من رمضان فقط وأفطرت ستة أيام فما حكم هذه الأيام؟


الجواب:
عليها قضاؤها فقط، لأنها لها أن تفطر إن كان الصيام يشق عليها أو خشيت منه مضرة على نفسها أو مضرة على جنينها، والله أعلم.


السؤال:
والدتي صادفها كثيراً شهر رمضان وهي حامل ، فلم تصمه ولم تستطع قضاءه ، وهي الآن مسنة، هل يمكن دفع فدية قضاء عن هذه الأيام؟ وما قيمتها ؟ وهل ندفعها لدار أيتام أم للتبرع لإنشاء مسجد أم إلى ماذا؟


الجواب:
الفدية هي إطعام مسكين عن كل يوم {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } (البقرة: 184) ، وهذا للعاجز عن الصيام ، وتعطى للمساكين كما نص عليه القرآن، والله أعلم.


السؤال:
امرأة جاءها دم يشبه دم الحيض وفي موعد انتظارها لقدوم الدورة الشهرية وكانت صائمة في رمضان، فأفطرت لذلك، وعندما ذهبت للمستشفى أخبرتها الدكتورة بأنه نزيف، فماذا يلزمها الآن؟


الجواب:
تعيد صيامها والله يتقبل منها ، والله أعلم.


السؤال:
ما هو الحكم الشرعي في امرأة لم تصم شهر رمضان في سنتين متتاليتين ، وذلك بسبب النفاس، مع العلم بأنه عليها صوم شهر نذر تصوم فيه؟


الجواب:
عليها أن تصومه الأول فالأول إن تركت ذلك لعذر. والله أعلم.


السؤال:
امرأة بلغت السبعين من عمرها ولم تصم رمضان لمدة عشرين سنة ظناً منها أن الحامل والمرضع لا تصوم، فماذا عليها في هذا السن؟


الجواب:
عليها أن تتقي الله وأن تقضي ما أضاعته من صيام رمضان، وعليها على الأقل كفارة واحدة، وهي عتق رقبة فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً ، وإن عجزت عن صيام الأشهر التي أضاعتها فلتطعم عن كل يوم مسكيناً، والله أعلم.


 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي


السؤال :
امرأة كانت صائمة قضاء ولكن أصبحت جنبا من غير جماع، وتقاعست عن الغسل مع العلم أنها كانت تعلم بأنها جنب، فهل تعيد القضاء من جديد على قولكم بالتتابع ؟ وماذا عليها في حالتها هذه؟


الجواب:
ليس عليها أن تعيد من جديد، لأنّ ذلك لا يزيد على حكم ما لو أصبحت على جنابة في شهر رمضان فإنها عليها أن تعيد يومها فحسب.


السؤال:
ما حكم الإسلام في امرأة عاشت في دولة أجنبية، وأفطرت في شهر رمضان بسبب المرض الذي دام ثلاث سنوات، وعندما عادت إلى الوطن ماتت، فهل يجب عليها كفارة؟


الجواب:
جاء في حديث عائشة عند الشيخين عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: << من مات وعليه صيام صام عنه وليه>> ، فليصم عن هذه المرأة أحد أوليائها، وأولادها هم أولى يصوموا عنها.


السؤال:
ما قولكم في امرأة طريحة الفراش لمدة خمسة عشر يوماً وافاها الأجل خلال شهر رمضان الفضيل، فهل عليها صيام فترة المرض أم الشهر كله؟


الجواب:
الصيام الذي يجب عليها إنما هو المدة التي أفطرتها، وبعد انتقالها إلى الدار الآخرة لا يكون عليها شيء من الواجبات ، لأنه يرفع التكليف عن الميت بمجرد موته. والله تعالى أعلم.


السؤال:
امرأة كانت أمها في المستشفى ومضى عليها شهر رمضان فلم تصم منه شيئاً وبعد خروجها من المستشفى استمرت سبع سنوات تعاني من المرض ولم تقض ذلك الشهر إلى الآن فأرادت أن تقضيه الآن فهل عليها مع ذلك كفارة؟


الجواب:
لا كفارة عليها لأنها عاجزة ، فهي معذورة ، وعندما يكون الإنسان في مثل هذه الحالة ويجد أن المرض من الصعب الشفاء منه ، أو أنه في العادة مرض مستمر فله أن يعدل مع العجز عن الصيام إلى الإطعام ، وذلك من تيسير الله تعالى لمن لا يطيق الصيام، والله تعالى أعلم.


السؤال:
امرأة أفطرت في رمضان عشرة أيام بأمر الطبيب فلم تستطع أن تقضيهن بعد انتهاء رمضان بسبب مرضها، فهل تجب عليها الكفارة؟ وما نوعها إذا وجبت؟


الجواب:
هذه المرأة عليها أن تعمل بقول الله تعالى : {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 184) ، فعليها أن تقضي ، وأما إذا عجزت عن القضاء فإنها تدخل في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (البقرة : 184) ، بمعنى وعلى الذين يتكلفونه ـ بحيث يشق عليهم ـ فدية طعام مسكين، ولكن متى تفتدي؟ تنتظر إلى أن يأتي رمضان آخر فإن استمر عجزها عن الصيام فتفتدي عن صيام رمضان الماضي، فإن مَنَّ الله عليها بالعافية من بعد فلتقضِ وإن استمر مرضها لا قدر الله فإن الفدية تجزيها، والله تعالى أعلم.


السؤال:
رجل هلك بعد صراع مع المرض وقد أفطر من رمضان خمسة عشر يوماً، هل يجب على الورثة قضاؤها؟ وإذا كان يجب عليهم هل يجوز تقسيم الخمسة عشر يوماً بينهم؟ وهل يجوز لهم التأخير بصيام هذه المدة؟ وهل يجوز لهم إطعام المساكين؟ وكم مسكيناً عن هذه المدة والمبلغ المستحق؟


الجواب:
أما التأخير فهو وإن وجد في كتب الفقهاء لم ترد به سنة ، إذ لم يرد في السنة النبوية أنه يصوم أحد عن أحد إلا القريب عن قريبه كما في رواية عائشة ـ رضي الله عنها ـ : <<من مات وعليه صيام صام عنه وليه>> وعلى هذا فهؤلاء يؤمرون بأن يصوموا عن ميتهم، ولا نقول بالوجوب اللهم إلا إن وجب ذلك على الميت ، بحيث تمضي عليه مدة يمكنه فيها الصيام، كأن يكون عوفي من مرضه ولكن تأخر عن المبادرة بالقضاء حتى عاد إليه المرض مرة أخرى ومات، أما في هذه الحالة المذكورة في السؤال فيرجى له العذر، ولكن كان يجب إن كان له مال في حياته أن يقدم فدية إلى المساكين بحيث يُطعم مسكيناً عن كل يوم ، وقد اختلف العلماء فيما إذا مات الإنسان وعليه حق مالي يتعلق بماله، أو بذمته وليس حقاً للمخلوقين بل هو حق لله تعالى ولم يوص به، هل يجب على الورثة أن يخرجوه من ماله أو أن ذلك لا يجب؟ والراجح الوجوب ، بدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: << فاقضوا فدين الله أحق بالقضاء>> فكلمة أحق تدل على التفضيل ، ولأن كان حق الله مفضلاً على حق المخلوقين فأولى أن يُراعى تقديمه لا أن يسقط إن كان لم يوص به الميت، فإن كان حق المخلوق يخرج من ماله ، أوصى به أو لم يوص، فكيف يُتساهل في حق الله الذي نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أحق القضاء؟ وعلى هذا فإن كان الورثة سيقومون بالصيام ـ وهذا أمر فيه خير ـ فالفقهاء قالوا بأنه يوزع بينهم بحسب ميراثهم إن لم يتحمله أحدهم ، أما إن تحمله أحدهم فذلك خير، فمن كان له السدس مثلاً من الميراث يتحمل صيام سدس تلك الأيام، ومن كان له الثلث فكذلك ، ومن كان له الربع فكذلك وهكذا، ولكن تُقدم النساء لما يعتريهن من الأحوال الطبيعية التي تمنعهن من القيام بالصيام في بعض الأيام.


السؤال:
امرأة أفطرت يوماً من رمضان لشدة العطش في الصحراء وهي في بداية سن البلوغ وقد أطعمت ستين مسكيناً عن طريق دفع مبلغ وهو ستين ريالاً فهل هذا جائز إن كان عليها كفارة أصلاً؟


الجواب:
إن كانت لم تفطر إلا وهي مضطرة فلا كفارة عليها، وإنما عليها القضاء، فإن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(البقرة: من الآية185) ، فالله سبحانه وتعالى لم يكلف عسيرا وإنما كلف يسيرا ، لذلك لا تجب الكفارة على من أفطر مضطراً ، ومن هنا كان ترخيص الله تبارك وتعالى للمسافرين والمرضى أن يفطروا في نهار رمضان وأن يقضوا فيما بعد وهكذا كل مضطر يعطى هذا الحكم ، وإن كانت غير مضطرة فالكفارة عليها واجبة وهي الترتيب على الصحيح ولكن إن أخذت بالقول الآخر توسعاً فلا تكلف إعادتها والله تعالى أعلم.
 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي


السؤال:
امرأة صامت نافلة وأثناء نهار صومها أصيبت بتعب فأفطرت، هل يلزمها قضاء ذلك اليوم؟


الجواب:
في وجوب إعادة صيام النفل خلاف ، ومن رخص استدل برواية <<الصائم امير نفسه>> ، فلا عليها إن أخذت بهذا الرأي، وإن أرادت الاحتياط فذلك خير. والله أعلم.


السؤال:
فيمن يصوم قرب عيد الأضحى الكفارة ويفصل العيد في هذا الصيام، هل يتجاوز أيام التشريق أم يصوم بعد العيد مباشرة؟


الجواب:
ليس له ان يصوم مع القاطع، بل عليه أن يؤخر الصيام إلى ما بعد أيام التشريق ، فيبدأ الصيام في وقت لا يمنعه مانع من مواصلة صيامه فيه، لأن صيام الكفارة فيه تواصل من غير أن يتخلله فاصل إلا أن كانت ضرورة لا محيص عنها ، كمرض ونحوه . والله أعلم.


السؤال:
خلال الشهرين لو أنه أفطر متعمداً في يوم من الأيام ماذا عليه؟


الجواب:
عليه أن يبدأ الصيام من جديد.


السؤال:
وهل تلزمه النية في كل يوم؟


الجواب:
ذلك مختلف فيه بناء على الاختلاف في النية هل تجب في أول الصيام أو تجب لكل ليلة، وسبب الاختلاف هو هل كل يوم هي فريضة مستقلة أو الشهر ـ مثلاً في شهر رمضان ـ كله فريضة، والنية هي القصد بالقلب، وليست باللسان.


السؤال:
فتاة بدأ حيضها في سن مبكرة فعندما أتى شهر رمضان منعها أبوها من الصوم، باعتبار أنها صغيرة علماً بأنها تعيش مع أبيها فقط، فاستحيت أن تخبره فلم تصم ذلك الشهر، فما حكم ذلك وما يتوجب عليها؟


الجواب:
عليها القضاء والتوبة والكفارة، والكفارة هي عتق رقبة ـ والرقبة لا توجد الآن ـ فمن لم يجد فصيام شهريين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً . وبئس الأب الذي يمنع ابنته من فريضة واجبة عليها، ولو قدرنا أنها غير بالغة مثلاً ، فإن عليه أن يدربها على أداء الواجبات ، فكيف يمنعها من ذلك وهي تريد بنفسها الصيام، فقد عرض ابنته للوقوع في المعصية.

السؤال:
امرأة أفطرت في شهر رمضان وكان عمرها اثنا عشرة سنة، فما الحكم؟


الجواب:
لا تخلو إما أن تكون بلغت الحلم أو لم تبلغه، فإن كانت بلغت الحلم فهي متعبدة بما تعبد به كل بالغ عاقل، وإن كانت لم تبلغ الحلم فهي لم تتعبد بعد بالتكاليف الشرعية، والذي نأمرها به احتياطاً أن تصوم ذلك اليوم قضاء وأن تستغفر الله تعالى مما أقدمت على فعله وأن تكفر، والكفارة هي عتق رقبة إن وجدتها فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، ونسأل الله تعالى القبول والعافية.


السؤال :
امرأة بدوية ألزمها خالها برعي الغنم وسحب الماء من البئر فلم تستطع الصوم وقتاً من الزمن ومنذ أن بلغت إلى أن صامت فوتت أربعة رمضانات ، ثم توفيت المرأة بعد أن أخبرت ابنتها بذلك ، فما الذي يجب على البنت للتكفير عن والدتها فيما ضيعت؟


الجواب:
يا ليت هذه المرأة تداركت أمرها وهي في حياتها ، وقضت ما كان لازماً عليها من صيام الشهر بنفسها ، ولكن بما أنها أفضت إلى ربها فالله سبحانه وتعالى هو يتولى أمرها ، إلا أنه مما ينبغي للبنت أن تصوم إن قدرت عنها لحديث عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ مرفوعاً: <<من مات وعليه صيام صام عنه وليه>> . وإن شاءت أن تطعم عن كل يوم مسكيناً عنها فذلك خير ، وإن أرادت أن تحتاط أكثر فتكفر عنها على الأقل كفارة واحدة فذلك أسلم، وفي هذه الحالة تكون الكفارة عنها إطعام ستين مسكيناً لأنها لا تجد الرقبة ، وأما الصيام فلأن المرأة التي يكفر عنها غير موجودة فلا مانع من أن يطعم عنها مقدار ستين مسكيناً كما هو الواجب في الإطعام في الكفارة ، والله تعالى أعلم.


السؤال :
ما حكم من وجبت عليها كفارة صيام شهرين ولكنها الآن ترضع وتخشى الضرر إن صامت ولا تنتهي مدة الرضاع إلا بعد سنة هل يجب عليها الآن، وإن أرادت أن تتعجل في أداء ما عليها هل يجوز لها أن تطعم ستين مسكيناً بدلاً من الصيام؟


الجواب:
إن كانت الكفارة منوطة بالصيام فعليها أن تصوم ولو بعد حين، وإنما تؤخر ذلك إلى فراغها من هذا الشاغل إلا عندما تكون غير راجية للفراغ من هذا الشاغل بحيث إنها لو خرجت من الرضاع تتوقع الحمل وتستمر هكذا أحوالها فلا تستطيع الصيام، ففي هذه الحالة لها أن تطعم ستين مسكيناً فيما يجوز فيه الإطعام . والله تعالى أعلم.


السؤال :
من العادات التي انتشرت بين الناس عن كفارة صيام الشهرين المتتابعين يصوم الناس يومان وليلة بدون إفطار اختصاراً للشهرين، فما حكم ذلك؟


الجواب:
هذا من فعل أهل البدعة وليس ذلك من الحق في شيء.


السؤال :
يقول البعض بأن المرأة إذا بلغت سن اليأس فإنها تصوم شهرين متتابعين ككفارة؟


الجواب:
الكفارة لا تجب إلا بسبب يترتب حكمها على وجوده ، أما بدون مسبب فلا تجب ، فالكفارة المغلظة تجب إما بسبب الظهار كما نص عليه في كتاب الله، وكفارة الظهار هي عتق رقبة فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً ، أو بسبب قتل النفس خطأ سواء كان المقتول مؤمناً أم مشركاً غير حربي بحيث يكون بينه وبين المسلمين عهد وذلك على قول بعض أهل العلم وهو من معنى آية القتل الخطأ ، وكفارة القتل هي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، هذا وقد نصت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام على أن من انتهك حرمة صيام رمضان بفطر متعمد فعليه أن يعتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً ، أما أن يلزم أحد غير هؤلاء بشيء من هذا الصيام من غير بينة ولا دليل شرعي فذلك مما لا نستطيع أن نقوله، فإن الإنسان ليس له أن يشرع حكماً من تلقاء نفسه، إذ الله تعالى يقول : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى : 21) فالكفارات إنما تُثبت بالنصوص، ولذلك نحن نقتصر على ما جاء به النص سواء نصاً قرآنياً أو كان حديثاً نبوياً على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، أما أن يفرض الإنسان من تلقاء نفسه ما لم يفرضه الله وما لم يفرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك أمر فيه حرج كبير، وعلى أنه لا يُمنع الإنسان ذكراً كان أو أنثى أن يحتاط لدينه خشية أن يكون قد وقع منه شيء من موجبات الكفارات ولكن من غير أن يكون دائناً بأن ذلك واجب عليه أو واجب على غيره من الناس وإنما يأتي به على سبيل الاحتياط . والله تعالى أعلم.

 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي


السؤال :
امرأة توفي أبوها وعليه قضاء رمضان فأرادت أن تصوم إلا أن زوجها رفض، فماذا تصنع؟


الجواب:
إن كان الزوج سيدفع الفدية بدلاً من الصيام فقد أحسن وأجاد ، ولتطع زوجها. والله تعالى أعلم.


السؤال :
شخص أقرض شخصاً آخر مائة ريال وذلك الشخص فقير وله عائلة كبيرة ، فهل يجوز أن يعتبر هذه المائة عن كفارة يتنازل عنها لذلك الشخص؟


الجواب:
أما الكفارة فلها أوصاف، فهي لا تُعطى لشخص واحد، اللهم إلا أن تكون فدية يستحقها ولو مسكين واحد، كأن تكون فدية صيام ، لأن الصيام كل يوم منه مستقلة ، فيمكن للإنسان أن يجمع الفدية الواجبة عليه في خلال ثلاثين يوماً ويدفعها لمسكين واحد، على أن كثيراً من هذه الكفارات لا يُخير الإنسان فيها ما بين العتق والصيام والإطعام ، بل كثيراً منها يجب فيه العتق ثم الصيام إن لم يجد ما يعتق بعد الصيام الإطعام، ككفارة الظهار وكفارة الصيام ، وأما كفارة القتل فليس فيها إطعام إنما هي ما بين العتق والصيام على الترتيب، بحيث لا ينتقل من وجب عليه من العتق إلى الصيام إلا مع تعذر العتق عليه، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ففيها التخيير ما بين هذه الأمور الثلاثة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فلابد في الكفارة من مراعاة العدد ففي كفارة الظهار والصوم لابد من إطعام ستين مسكيناً لمن عجز عن الصيام ، وعلى هذا فلا يمكن أن تكون هذه المائة كلها كفارة لشخص واحد ، إذ العدد لابد من اعتباره ، وإلا فما معنى تحديد الشارع لهذا العدد؟!

 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

الاعتكاف:


السؤال:
ما معنى الاعتكاف؟ وأين يتم؟ وهل يجوز أثناءه الأكل؟


الجواب:
الاعتكاف هو ملازمة المسجد، وهو مأخوذ من عكف بالمكان بمعنى أقام فيه أو عكف على الشيء بمعنى لازمه، والفعل اعتكف يدل على المبالغة لأن أفتعل يأتي بمعنى فعل لأجل تأكيده، ولذلك يقول كثير من علماء العربية بأن زيادة المبني تدل على زيادة المعنى، والاعتكاف الشرعي هو: ملازمة المسجد في وقت محدود ، ويشترط له عندنا وعند جماعة من أصحاب المذاهب الأخرى الصيام، فلا يجوز لأحد ان يعتكف وهو غير صائم، وعلى هذا فإن أقل مدة يجوز فيها الاعتكاف هي قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وإن أراد أن يكمل اليوم كله ، فليدخل قبل غروب الشمس ليواصل اعتكافه إلى ان تغرب الشمس في اليوم التالي ، فيكون قد اعتكف يوماً وليلة، وإن أراد اعتكاف عدة أيام فيدخل قبل غروب الشمس من الليلة التي أراد أن تكون أول اعتكافه، ويستمر بعد ذلك إلى غروب شمس آخر يوم قصد فيه الاعتكاف ، فمن قصد اعتكاف العشر الأواخر تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم فليدخل في معتكفه قبل غروب الشمس من اليوم العشرين ليكون في ليلة الحادي والعشرين ـ التي هي أول ليلة من الليالي العشر الأخيرة من رمضان ـ داخل معتكفه، ويستمر على ذلك إلى أن يرى هلال شوال .
واستحب بعض العلماء له أن يبقى في معتكفه إلى أن يصلي الفجر صبيحة العيد، والاعتكاف يُباح فيه الأكل لأنه من ضرورات الحياة فلو منع الإنسان أن يأكل في معتكفه، فكيف سيفعل في العشر الأواخر أيبقى طوالها غير آكل لشيء، وهل يستطيع الحياة بذلك؟ ولكن تمنع فيه مواقعة النساء وجميع مقدمات الوقاع كالقبلة ونحوها، فإن كان المعتكف رجلاً فعليه أن يعتزل أهله، وكذلك إن كانت المعتكفة امرأة عليها أن تمنع من الوقاع في خلال هذه الأيام، ومقدمات الوقاع ـ كما قلنا ـ ممنوعة، لئلا تجر إلى الوقوع فيما هو أعظم منها وهو الوقاع، والدليل على حرمة الوقاع قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة : 187) ، هذا وقوله سبحانه وتعالى { فِي الْمَسَاجِدِ} دليل على أن المساجد هي أماكن الاعتكاف ، وإنما رخص للمرأة إن كانت لاتجد مكاناً خاصاً لائقاً بها في المسجد تعتكف فيه بعيداً عن الرجال، أن تخصص مكاناً في بيتها من أجل الذكر والصلاة لتعتكف فيه، فيكون ذلك المكان مصلى تصلي وتذكر الله تبارك وتعالى وتتهجد وتتلو كتاب الله فيه، حتى تنتهي الأيام التي نوت اعتكافها. والله تعالى أعلم.


السؤال:
ما هو فضل الاعتكاف؟


الجواب:
إنّ النّفس البشرية وهي تواجِهُ هذه الحياة ومشكِلاتها وتَحدِّياتها وتَخوضُ غِمارَها وتتلطَّخ بِأدْرانها جَديرة بِأن تَحرِص على الانغماس في أنهار الطُّهر حتى تَخرُج من هذا العالَم وما فيه من التّناقضات إلى عالَم آخر مليءٍ بِالأنوار الربانية وبِالإشراقات الروحانية، ولذلك شرع الله سبحانه وتعالى عبادات تَجعل الإنسان موصولا بِربه، إذ يَتركُ وراءَ ظهرِه همومَ هذه الدنيا وأوزارَها، ولا ريب أنّ الإنسانَ كلَّما كان أكثرَ حِرصا على الاتصال بِالعالَم الأخروي وعلى الصِّلة بِربه سبحانه وتعالى كان ذلك أدعى إلى رسوخِ إيمانه وقُوَّةِ يَقينه وتَوقُّدِ عزيمته، وقُوَّةِ مَلَكَاته التي يُواجِه بها تَحدِّيات هذه الحياة، فلِذلك جعل الله سبحانه وتعالى أوقاتا يُقَضِّيها الإنسان جميعا في عبادة الله تعالى وذِكْرِه، بِحيث يَتجرَّد فيها عن هموم هذه الدنيا وتَبِعاتِها ويَشتغِل بِذِكْر ربه سبحانه وتعالى وبِذِكْر الدار الآخرة، لِيكون ذلك تَخليصاً له من هذه التبِعات الدنيوية، ولِيكون له في ذلك تزيد من الزّاد الأخروي الذي يَتزوَّده لِلقاء ربه سبحانه وتعالى ، وهو زاد التقوى، الذي يقول فيه الحقّ سبحانه وتعالى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}(البقرة: من الآية197) مِن أجل ذلك شُرِعَ الاعتكاف، والاعتكاف لا يَنحصِر في وقت معيّن كشهر رمضان وحده، وكالعشْرِ الأواخر من شهر رمضان، ولكنّ العشْرَ الأواخر بِما أنها مَظِنَّة لليلةِ القدر هي أوْلى بِأن يَحرِص فيها الإنسان المسلم على الاعتكاف، لأنّ خيرَها خيرٌ عظيم، فهي خيرٌ من ألفِ شهر، مَن حُرِم خيرَها فَقَد حُرِم، فالإنسان الذي تَمرّ عليه هذه الليلة المباركة وهو متجَرِّد مِن هموم الدنيا، مقبِلٌ على الله سبحانه وتعالى بِقلبه وقالَبه، بِجسمه وروحه، بِعقله وفكره، بِضميره وغرائزه، بِكلِّ ما احتواه كِيانه لا ريب أنّ يَكون رابِحا خيرَ هذه الليلة أكثرَ مِن غيره، وهذا التجرد إنما يَكون بِالاعتكاف في مساجد الله تعالى التي هي بيوته في أرضه مُتَنَزَّل رَحماته، والأفقُ الذي يُشرِق مِنه نورُه، هذا الاعتكاف يُؤدّي بِالإنسان إلى أن يَكون قوي الصِّلة بِالله سبحانه وتعالى أكثرَ فأكثر، ولِذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على الاعتكاف في جميع سِنِي عُمُرِه بعدما فُرِض عليه صيام شهر رمضان، ومن المعلوم أنّ ليلة القدر هي في تَضاعيف ليالي الشهر الكريم، ولكنّ الله تعالى أخفاها لِحكمة بَالغة، وذلك لِيَشتغل الإنسان بِالعبادة في جميع ليالي الشهر حتى يَربَح خيرَ ، فإنه لو كان عارِفاً بهذه الليلةِ أيُّ ليلةٍ هي مِن ليالي الشهر لأدى به ذلك إلى التقاعس عن القيام بِالعبادة في سائر الليالي، فلذلك جعل الله سبحانه وتعالى إخفاءها أمراً فيه رحمة بِالعباد، كما أُخفِيَت ساعة الإجابة من يوم الجمعة، والصلاة الوسطى من بين الصلوات الخمس، والنبي صلى الله عليه وسلم في بادئ الأمر يَعتكِف - كما جاء عنه - في العشْر الأولى، فأتاه جبريل فأخبره: " إنّ الذي تَطلبُ أمامَك " فاعتكف العشر الوسطى، ثم أتاه جبريل وقال له: " إنّ الذي تَطلبُ أمامَك " فاعتكف العشْر الأخيرة، وظلّ يَعتكِف العشْرَ الأواخر حرصاً على هذا الخير العظيم، وتَحسُّبا لِهذه الليلة المباركة التي هي خير من ألفِ شهر ، ومما يَنبغي أن يَدورَ بِبال كلِّ أحد أنّ الاعتكافَ لا يَعني البقاء في المسجد فحسب، إذ البقاء في المسجد وحده من غير أن يكون الإنسان موصولاً بربه سبحانه وتعالى لا قيمة له، وكثير مِن الناس قَد يَأتون إلى المساجد ويَبقَون فيها أوقاتاً ولكنهم يُفَوِّتُون أجورهم، وذلك لأنهم يَشغَلون أوقاتهم بِذِكْر الدنيا وأمورها، ويُحَوِّلُون أسواق الدنيا إلى المساجد، مع أنّ المساجد إنما هي أسواقُ البضاعةِ الأخروية، وليست أسواقا البضاعة الدنيوية، فالإنسان إن كان معتكِفاً في المسجد وهو يَقضي سحابةَ نهارِه في الَتحدَّث بِأمور الدنيا والاَشتغال بِبعض القضايا التي ربما أدّت به إلى الوقوع في المعاصي فذلك لا ريب أنه يُحبِط أجرَ اعتكافه، بل يَعود بِالأوزار بَدلاً مِن أن يَعود بِالأجور، وهذا أمر فيه خطر عظيم، فلذلك نحن نوصي إخوانَنا الذين يَقضُون أوقاتهم في الاعتكاف أن يَحرِصوا على أن يَقضُوها في ذكر الله سبحانه وتعالى ، بِحيث يَكونون بين صلاةٍ وتلاوةٍ لِلقرآن ودعاءٍ وابتهالٍ إلى الله وتَعلُّمٍ للعلم النافع وتَعليمه ،فإن ذلك مِن القُرُبات التي تَرفَع منزلةَ الإنسان.

 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

السؤال:
كم أقل مدة للاعتكاف؟


الجواب:
القول الذي نأخذ به أنّ أقلّ موعد لِلاعتكاف هو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، نظراً إلى أنّ الاعتكاف لابد فيه من الصيام على القول الصحيح عندنا ، وهو قول جماعة من علماء المذاهب الإسلامية الأخرى، ولما كان لابد فيه من الصيام فأقلُّه وقتٌ يَكون فيه الإنسان صائماً من أوّله إلى آخره وذلك لا يتأتى في أقل من حين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فيَدخل معتكَفه قبل انشقاق الفجر ويَخرج من معتكَفه بعد غروب الشمس.


السؤال:
يود بعض المعتكفين أن يستحم وأن يغتسل في ملاحق المسجد فهل يخرج ليغتسل غير الاغتسال الواجب في الملاحق هذه؟ وكيف إذا ما أراد أن يتسوك؟


الجواب:
إذا كان هذا الاغتسال لأجل النظافة التي لابد منها فلا حرج في ذلك، لأنّ الإنسان مطالَب بِأن يَتنظَّف ، فعندما يَخرج لقضاء حاجته يَغتسل في ذلك الوقت بحيث يَستنجي ثم يَغتسِل ويَعود، وهكذا السواك، لأنّ السِّواك سنّة.


السؤال:
إنسان نوى أن يعتكف خمسة أيام ثم بدا له بعد ثلاثة أيام أن يقطع الاعتكاف لينصرف في عمل ضروري، فهل يجوز له ذلك؟


الجواب:
أما العمل الضروري فإنه يقطع اعتكافه من أجله ، واختلف العلماء في وجوب قضاء الاعتكاف فقيل يجب عليه أن يقضي ما تبقى من أيامه وقيل : لا يلزمه القضاء، ونحن نختار له أن يأخذ بالأحوط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في شهر شوال اعتكافه الذي فاته في شهر رمضان.


السؤال:
هل هنالك ضرورات تبيح للمعتكف أن يخرج من معتكفه؟


الجواب:
نعم، والضرورة التي لا خلاف فيها حاجة الإنسان، وأما ما عداها فالناس مختلفون فيه بين التوسيع والتضييق، وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بأنه خرج من معتكفه لأجل قضاء حاجة أحد إخوانه من المسلمين.


السؤال:
ما هي مفسدات الاعتكاف؟


الجواب:
الاعتكافُ يُفسِده الوطْء، وقد قال العلماء بِأنه تَجب الكفارة إن وَطِئ في اعتكافه ولو ليلاً، كما تَجب الكفارة إن وَطِئ في نهار رمضان، لأنّ الله تعالى شدَّد في ذلك في القرآن حيث قال : { وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}(البقرة: من الآية187) ، وكذلك عندما يخرج الإنسان من اعتكافه لغير داع ولا ضرورة تُلجئه إلى الخروج يكون بذلك قد أفسد اعتكافه.


السؤال:
هل هناك صفة معينة للمسجد الذي يعتكف فيه الإنسان؟


الجواب:
المسجد الذي يَعتكِف فيه المعتكِف هو المسجد الذي تُقام فيه الصلوات الخمس في جماعة، أما إذا كان المسجد لا تُقام فيه صلاة الجماعة فهذا يُؤدِّي إلى أن يَلزَم المعتكِف فيه أن يَخرج، ولا يَنبغي له أن يَخرج ، لأن هذا يَتنافى مع الاعتكَاف، فلِذلك لابد مِن أن يَكون المسجد الذي يَعتكِف فيه المعتكِف تُقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان تُقام فيه صلاة الجمعة فذلك أفضل وأفضل، حتى لا يَخرج لأداء صلاة الجمعة إلى خارج المسجد، ولكن لا يُمنَع إن كان المسجد الذي اعتكَف فيه لا تُقام فيه صلاة الجمعة، بِحيث لم يَتيسَّر له الاعتكاف في الجامع أن يَعتكِف حيث تُقام الصلوات الخمس وإذا جاء وقت صلاة الجمعة خرج إليها وبعد أداء فرضه عاد إلى معتكَفه.


السؤال:
كيف يقسم المعتكف وقته في المسجد؟


الجواب:
يكون المعتكف بيْن صلاةٍ وذِكْرٍ لله تبارك وتعالى وتلاوةٍ لِكتابه ودراسةٍ لِلعلم وتدريسٍ له، وهذا لا يَمنع أن يأخذ قِسْطا مِن الراحة، فإنّ الإنسان يُطالَب أن يُريح جسمه، فللجسم حقّ عليه، ومِن حقّه أن يُريحه بالنوم، إذ لو أرهَق نفسه بِحيث قَضَّى وقته كلَّه في العبادة مِن غير ينام ولا قليلا لأدّى ذلك إلى أن يَنقطِع بِه السير، والمنْبَت لا أرضاً قَطَع ولا ظَهْراً أبقى، لأنه لا يَصِل إلى مكان وإنما يُرهِق نفسه التي هي بِمثابة مَطِيته، ولذلك يَنبغي لِلمعتكِف الذي يَعتكِف في شهر رمضان المبارَك أن يَأخذ قِسْطاً من الراحة بِحيث ينام في أوائل الليل بعد صلاة التراويح لِيَستعدَّ لِلتهجد، فإنّ صلاة التهجد صلاة حَرِية بِأن يُحافَظَ عليها، وقد قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: "والتي ينامون عنها هي أفضل" يعني أن صلاة التهجد أفضل من صلاة التراويح لأنّ فيها مشقّة ولأنها تُصادِف الثلثَ الأخير من الليل، الذي هو مَظنَّة استجابة الدعاء ورفع الدرجات وتحقيق الأمنيات، وقد أثنى الله تعالى على المستغفِرين بِالأسحار، وبعد صلاة الفجر يَنبغي له أن يَتلو ما تَيسّر مِن كتاب الله ، فإذا جاء وقتُ الضحى صلى صلاة الضحى، ثم بَعد ذلك لا حرج عليه في قراءة كتبِ العلم ككتبِ الفقه، والتفسير، والحديث ، حتى ولو اشتغَل بِتأليف شيءٍ مِن الكتب وهو في معتكَفه فإن ذلك لا يَتنافى مع اعتكافه، لأنّ هذا الاشتِغالَ نفسَه عبادة وقُرْبَة إلى الله تعالى، وكذا لو كان يُجيب على الفتاوى وهو في معتكَفه ، أو كان قاضياً وارتفع إليه الخصوم وهو في معتكَفه فإنه يَفصِل ما بينهم، لأنّ ذلك مِن القُرُبات إلى الله تعالى، إذ إيصال ذي الحق إلى حقِّه مِن القُرُبات التي تُقَرِّب الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، ويأخذ في النهار أيضاً قِسْطا مِن الرّاحة بِقدر ما يُرِيح جسدَه، كما يُحافِظ على الدعاء أدبارَ الصلوات، وفي وقتِ السَّحَر وفي الأوقاتِ التي هي مَظنَّة الإجابة، كآخر ساعة مِن يوم الجمعة، فإنّ في يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، والعلماء مختلِفون فيها إلى نحو خمسين قولاً، ولعلّ أكثرَهم يُرجِّح أنها آخرُ ساعة، وهذا من باب الترجيح فحسبُ، إذ لا دليلَ يَقطَع بِذلك، لأنها أُخفِيَتْ ،وكذلك إن كان المعتكِف عنده قدرة على تعليم العلم النافع وتوجيهِ الناس إلى الخير فإن ذلك مما يُطلَب مِنه، ومِمّا يُعدُّ مِن القُرُبات التي تُقَرِّبُه إلى الله ، ويجب عليه أن يَتجنَّب إقحامَ أمور الدنيا في إهتماماته وهو في معتكَفه، فإنّ ذلك يُؤدِّي بِه إلى أن يَقع في المحظور، وإلى أن يَخسَر أكثرَ مِمّا يَربَح، أو ألاّ يَعودَ بِشيءٍ مِن الربح فلا يُوازِي ربحه خسارتَه؛ والله المستعان.
 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

السؤال :
كيف يكون اعتكاف المرأة ؟


الجواب:
نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَعتكِفن في مسجده صلى الله عليه وسلم ، وكن يَنصِبْن خِيَامًا فيه مِن أجل الاعتكَاف ، وبإمكان المرأة الآن أن تعتكف في المساجد التي فيها أماكن مخصصة للنساء.


السؤال :
كيف وأين يكون اعتكاف المرأة؟


الجواب:
الأصل في الاعتكاف أن يكون في المسجد، فإن كان في المسجد قسم مخصص للنساء فليكن اعتكافها في ذلك القسم، وإن لم يتيسر لها ذلك فلا حرج أن تعتكف في مكان تخصصه في بيتها كغرفة تكون خاصة من أجل قيامها بذكر الله تبارك وتعالى فيها وقيامها بتلاوة كتابه والتقرب إلى الله تعالى بالصلوات وغيرها. والله تعالى أعلم.


السؤال:
إذا اعتكفت المرأة في بيتها ولكنها تضطر إلى إعداد الطعام لزوجها وأبنائها ، فهل يؤثر ذلك على اعتكافها؟


الجواب:
إن تعذر أن يُوجد من يقوم بهذا العمل الذي لا مناص عنه فإنه يُتسامح فيه، أما إن وجد غيرها ليقوم به فإنها يلزمها أن تلنزم معتكفها وأن لا تخرج عنه.

 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

السؤال :
كيف تعتكف طالبة العلم ، وهل لها أن تذهب للدراسة ثم تعود لتعتكف في بيتها؟


الجواب:
ذهب أكثر العلماء إلى أن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا للضرورة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يعتكف لا يخرج إلا لحاجته الضرورية ، ومن العلماء من ترخص فبعضهم ترخص في تشييع الجنائز إذا كانت جنازة يتولى المعتكف تشييعها ومنهم من ترخص أيضاً في عيادة المرضى، ومنهم من ترخص في غير ذلك من الأمور، فعلى رأي المرخصين فإن للإنسان أن يخرج من معتكفه لما لابد له منه ، ومن بين ذلك ما إذا كان يخرج لطلب علم هو بحاجة إليه على أن يرجع فوراً إلى معتكفه بعد ذلك، أما المتشددون فيمنعون من ذلك، وهؤلاء آخذون بالأحوط ، لأن هذا هو مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم ـ وإن لم يصرح بمنع الخروج لغير ذلك ـ ، وهديه فيه تعليم لأمته ما يفعلونه في عبادتهم التي وردت الأدلة فيها بطريقة إجمالية ، ومن ناحية أخرى فإن الاعتكاف هو افتعال من عكف على وزن فعل وافتعل يأتي بمعنى فعل لأجل تأكيد مضمونه ، والعكوف ملازمته ، فعكف على هذا الشيء بمعنى لازمه، واعتكف بمعنى بالغ في ملازمة الشيء بحيث صار أبلغ في الملازمة ، فمعنى الاعتكاف بموجب دلالة هذه الكلمة نفسها أن يكون الإنسان ملازماً لمسجده ، وإذا كانت المرأة تعتكف في بيتها فإنها تكون ملازمة لذلك البيت . والله تعالى أعلم.


السؤال:
هل هناك من بأس في استعمال الهاتف النقال في المسجد وخاصة بالنسبة للمعتكف حيث سمعنا أن الاتصال عبارة عن معاملة بين المتصل والشركة ، وهل يؤثر على الاعتكاف خاصة أن من يستعمله يرغب بالاتصال بأهله لطلب الطعام وغيره من الطلبات التي قد يحتاجها الإنسان في حالة اعتكافه أو وجوه في المسجد؟


الجواب:
قبل الإجابة على هذا السؤال أنا أريد أن أنبه على ما يجب من احترام المسجد، فمما يؤسف له أننا كثيراً ما نكون صافين في الصلاة متوجهين إلى الله تعالى وإذا بهذه الهواتف النقالة تزعجنا من هنا وهناك وكأننا في مكان فيه ضوضاء وجلبة ، وبعض هذه الهواتف فيها أصوات موسيقية كأنما في حلبة موسيقية نسمع فيها الكثير من الأصوات الصاخبة، هذا أمر يزعج المصلين ولا ينبغي أن يفعله الناس .
ما لهؤلاء الذين يأتون إلى بيوت الله سبحانه يأتون بهذه الهواتف النقالة وهي مفتوحة ويتركونها كذلك لتزعج الناس وتشغلهم عن الصلاة مع أن في الصلاة شغلاً ، فإن صلاة الإنسان تعني إقبال العبد على ربه وتركه هموم الدنيا وجميع مشاغل النفس ، ولكن مع الأسف الشديد هؤلاء الذين لا يقدّرون للصلاة قيمتها ، ولا يعرفون منزلتها عند الله سبحانه وتعالى لا يبالون بهذا ، وهذا أمر يجب أن يتنبهوا له ، وأما إن كان مجرد طلب حاجة من غير أن يترك الهاتف شغّالاً ليزعج الناس في المسجد فلا مانع منه، وأما أن يعقد الصفقات مع هذا أو هذا وهو في المسجد فلذلك غير جائز ، وإنما يتحدث في الهاتف في غير أوقات الصلاة بقدر ضرورته فحسب ، والضرورة تقدر بقدرها.

 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

بارك الله فيك اخي الكريم
 
رد: الموسوعة الكبرى في فتاوى الصوم لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

جعله في ميزان حسناتك
 

عودة
أعلى