الوجيه وبعض الظرفاء!


1_200855_2117.jpg



كان الوجيه وهو: المبارك بن المبارك الضرير النحوي، قد التزم سماحة الأخلاق، وسعة الصدر، فكان لا يغضب من شيء، ولم يره أحد قط حردان، وشاع ذلك عنه، وبلغ ذلك بعض الظرفاء، فقال: ليس له من يغضبه، ولو أُغضب لما غضب، وخاطروه على أن يغضبه، فجاءه، فسلم عليه، ثم سأله عن مسألة نحوية، فأجابه الشيخ بأحسن جواب، ودله على محجة الصواب.
فقال له: أخطأت، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب، وسهل طريقته، وبين له حقيقته.
فقال له: أخطأت أيها الشيخ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو، ويهتدي بك في العلوم، وهذا مبلغ معرفتك، فلاطفه، وقال: له يا بني، لعلك لم تفهم الجواب، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت.
قال له: كذبت! لقد فهمتُ ما قلتَ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم.
فقال له الشيخ وهو يضحك: قد عرفت مرادك، ووقفت على مقصودك، وما أراك إلا وقد غُلبت، فأد ما بايعت عليه، فلست بالذي تغضبني أبدا. وبعد يا بني: فقد قيل إن بَقَّة (بعوضة) جلست على ظهر فيل، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران! فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست، فكيف أستمسك إذا أنت طرت!.
والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل، ولا تفهم الجواب، فكيف أستاء منك.


معجم الأدباء 5/44






 
رد: الوجيه وبعض الظرفاء!

باااااااااااااااارك الله فيك
كل التقدير
 

عودة
أعلى