إلى متى

إلى متى نكون غير ما نحن في دواخل نفوسنا؟
وإلى متى نبقي على هذا الحجاب الذي نضعه على ذاتنا كي لانجعل الآخرين يرون حجم أحزاننا وهول معاناتنا وهذا الكم من الثورة التي تهتز في أعماقنا وتتهيأ لزلزال كبير يدك الأرض على من عليها؟!
دمائنا ليست كباقي دماء بني الإنسان فهي لشدة طهارتها تأبى الأرض إلا أن تتعمد بها منذ بدء الخليقة إلى أن يرثها الله وأجسادنا جُبلت من تراب مقدس في محراب السماء كي تقوى على تحمل هذا السيل من المآسي والحروب والأهوال
أما أرواحنا فهي نفحات نورانية فيها الجمال والسناء نصوغه لوحات رائعة لوطننا وشعبنا وأهلنا على امتداد هذا العالم الذي تآمر علينا وقذف بنا في مشارق الأرض ومغاربها
وفيها الإبداع الذي جعلنا نهدي الدنيا ما عجز غيرنا على ابتكاره وتقديمه لها وذكائنا حول خيوط مأساتنا إلى بساط سحري طار بنا فوق سحب الكون وطاف بنا بين نجومه اللامعة المتلألئة بنور الفكر والشعر والعلم والبطولة فنلنا وبجدارة شرف لقب شعب الجبابرة وكما تحتوي أرواحنا وأجسادنا على الجمال والإبداع تكمن أيضاً القوة والعزة في مجرى أوردتنا اللتان سرعان ما تنهالان حمماً حارقة عندما يقترب أحد من أرضنا أو كرامتنا
فوطننا وكرامتنا خطوط حمراء ومن أراد اختبار ذلك في شعبنا فعليه قراءة تاريخنا فنحن وإن جاءتنا أعتى أعاصير الدنيا ننحني لتمر وتتلاشى إلا أننا لاننكسر وكثيرة تلك الأهوال التي وقفنا بصمود نواجهها بكل مانملك من بأس وجرأة
قتلونا..شردونا ..أسرونا..حاصرونا ورمونا بسمومهم القاتلة وقنابلهم الحارقة
ونهشت ذئابهم من لحوم أجسادنا وفقدنا أحبتنا وأقاموا الأرض على وجودنا ومع ذلك لازلنا شعب يشهد له الجميع بأنه عنوان للكرامة الإنسانية والعنفوان الوطني...
جعلونا كبش فداء لمصالحهم وتسوياتهم وجعلوا من مأساتنا ورقةً يضعونها أمام أعينهم في مؤتمراتهم الرخيصة يتباكون عليها بنفاق وخبث الأشرار
يرفعون أصواتهم داعين لنصرتنا أمام عدسات العالم وبعد أن تُطفأ تلك العدسات يعودون لتكميم أفواهنا وكسر عظامنا وتهديد حياتنا
لقد حولونا إلى صور مريعة للتسول عليها ونكبة فظيعة من أيديهم العميلة الخائنة للدفع بنا إلى مقدمة صراعاتهم الدنيئة
ولكنهم نسوا أن خلف ما نخفيه لنبقى ونستمرونحقق حلمنا بوطن المجد ما لورأوه لسقطوا مذعورين فهذا الشعب عصي على الفناء والانهزام منيع صامد في وجه مايضمره العدو وما يخفيه الشقيق وكم مرّت سحابات صيف على نضال أبناء فلسطين تبددت وانتهت ومانحن فيه أتمنى أن يكون سحابة عابرة كغيرها وإلا فإن تلبدت سماءنا بالمزيد تأتينا من الشرق والغرب قاتمة بلون الظلمة الحالكة فإنّ هذا نذير للدنيا بشرٍّ لن تستطيع نسيانه أو الاختباء من هوله فصمتنا تهيوء وصبرنا إنذار باقتراب ساعة حسم سنخوضها مهما كانت عواقبها فلن يكون هناك مزيد فقد أصبح كل طفل ورجل وامرأة وشاب وكهل قنبلة لايعلم إلا الله متى تثور وتنفجر
 

عودة
أعلى