معاقو فلسطين ... شموخ وكبريا لا ينكسر ...

بنت التحدي

التميز
معاقو فلسطين.. شموخ وكبرياء لا ينكسر...

disabled0252gm4.jpg

أثرت انتفاضة الأقصى على مختلف قطاعات المجتمع الفلسطيني، ولا تقتصر نتيجة الإرهاب الإسرائيلي على قتل الفلسطيني وإصابته واعتقاله؛ بل تترك آثارها النفسية والاجتماعية بعد وقوع الحادث. ومن أبرز الضحايا الذين يمثلون شهود عيان على الآثار البشعة للعدوان الإسرائيلي المعاقون، الذين يعجز المجتمع الفلسطيني بمعاناته الشاملة والدائمة عن مساعدتهم لمواجهة الإعاقة، التي لم تنل من عزيمتهم بل تكيفوا على التعامل معها بكل شموخ وكبرياء وتشير التقديرات إلى أن نسبة المعاقين في فلسطين أعلى نسبة في العالم؛ نتيجة لظروف عدة، على رأسها ممارسات الاحتلال الذي يتعمد القتل والإصابة بقصد الإعاقة.
وأفادت آخر إحصائية رسمية أن قوات الاحتلال قتلت 3529 مواطنا فلسطينيا وأصابت أكثر من اثنين وأربعين ألفا آخرين. وذكرت الإحصائية، التي أصدرها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني مؤخرا، أن إجمالي جرحى الانتفاضة منذ اندلاعها أكثر من 42022 جريحا، تلقى منهم 8435 جريحا علاجا ميدانيا، من بينهم 4689 من طلبة المراحل التعليمية المختلفة والموظفين في قطاع التعليم.

سقوط وصمود
أم محمد "35 عاما" أمٌّ لأربعة أطفال، من مدينة رفح، أصيبت خلال انتفاضة الأقصى بعيار ناري أدى إلى إصابتها بشلل في القدمين. حالة تعجز الكلمات عن وصفها، إلا أن "أم محمد" مثل الجبل الشامخ تواجه الحياة بكل كبرياء ومسئولية بفضل إيمانها وثقتها بالله، ثم وقوف الزوج والعائلة إلى جانبها، ومساعدة مؤسسات المجتمع المدني لها.
في بداية الإصابة عانت "أم محمد" من عدم قدرتها على القيام بدورها تجاه أبنائها
وتلبية رغبات بيتها وزوجها وأطفالها، وتوصلت إلى تفاهم مع زوجها "أبو محمد" بأن يتزوج، وساعدته في ذلك على الرغم من رفضه للفكرة في البداية من شدة احترامه وتقديره لزوجته، إلا أنه استجاب لإصرارها وصارت الأمور كما يجب. وكان للزوجة الجديدة دور جيد في تحسين الأجواء والقيام بخدمة الأبناء، إلا أن "أم محمد" تقول: إنها كانت تشعر باكتئاب بسبب عجزها عن إطعام أبنائها بيدها أو خدمتهم بنفسها. وبعد جلسات من قبل باحثين نفسيين واجتماعيين ليساعدوها على التأقلم وتثبيت همتها، بدأت تتقبل الأمر بعض الشيء، وهذا لم يمنعها من التوجه لعدد من المؤسسات للمساعدة في الحصول على كرسي لذوي الحالات الخاصة.
وكانت سعادة "أم محمد" شديدة عندما قامت مؤسسة مجتمعية تقوم بتنفيذ مشروع
التكييف البيئي لذوي الحالات الخاصة، وخاصة المصابين في انتفاضة الأقصى، بتهيئة المطبخ الخاص بمنزلها ليتوافق مع إمكانية التحرك، مثل خفض مستوى المغسلة بمستوى العربة المتحركة، وكذلك الغاز والأدوات المنزلية، وذلك ترك أثرا إيجابيا في نفسها، وبدأت تشعر بالثقة بالنفس وهي تعود لتعد الطعام بيديها وتنظف وتغسل كما كانت في السابق.
وإن كان الحظ حالف "أم محمد" في التخفيف من معاناتها إلا أن هناك الآلاف من
الحالات التي لا زالت بحاجة إلى من يقف بجانبهم، ويقدم لهم خدمات التأهيل النفسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي؛ لمساعدتهم على مواجهة ظروف ومتطلبات الحياة المختلفة.

دور مؤسسات المجتمع المحلي
خلال أحداث انتفاضة الأقصى برز الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المحلي في رعاية وتأهيل معاقي الانتفاضة، برغم ما تعانيه هذه المؤسسات من أزمات مادية، وانخفاض في قدرتها الاستيعابية أمام هذا الكم الكبير من المعاقين.
كما تنتظر مؤسسات أهلية أخرى موافقة الدول المانحة على مشاريع جديدة تم تقديمها، ويقتصر دورها في الوقت الحالي على تزويد عدد من المعاقين بأجهزة مساعدة وكراسي متحركة ومساعدات تموينية فقط.
ويعد مستشفى الوفاء هو الوحيد في قطاع غزة للتأهيل الحركي، الذي يضم قسما للمبيت يتعامل مع معوقي الانتفاضة من خلال ثلاث طرق؛ جزء منهم في قسم المبيت لفترات طويلة في المستشفى الذي يضم ثمانية أسرة للحالات الصعبة، والجزء الثاني هو العلاج داخل المستشفى دون الحاجة للمبيت. وهناك حالات إعاقة من رفح وخان يونس يتم التعامل معها من خلال مراكز التأهيل التابعة للمستشفى في المحافظتين، عبر زيارة فريق التأهيل للمعوقين في بيوتهم لتقديم خدمات العلاج والتأهيل اللازمة لهم.
وتنفذ جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي -إحدى المؤسسات العاملة في قطاع غزة- حاليا مشروعا بعنوان "مشروع الدعم النفسي والاجتماعي والتكييف البيئي لذوي الاحتياجات الخاصة". ويوضح محمود أبو دراز مدير المشروع أنه يهدف إلى تأهيل بيت المعاق ومحيطه؛ ليتمكن من التحرك بسهولة ودون معوقات، وممارسة حياته بشكل اعتيادي، في محاولة لدمجه اجتماعيا كهدف أساسي للمشروع بأكمله، وتقليل تأثير الإعاقة قدر الإمكان.
وتتفاوت درجة التكييف من منزل إلى منزل حسب حالة المنزل، وكذلك احتياجات المعاق نفسه؛ فقد تدرج تكييف المنازل من عمل منحدرات لمداخل المنازل إلى تهيئة حمامات بالكامل أو غرف كاملة لتلائم وضع المعاق، إلى مطابخ يتم فيها مراعاة حالة ربات البيوت اللائي حدثت لهن إعاقات بسبب الإصابة بأعيرة نارية.
ويقول أبو دراز: إن الزيارات المنزلية التي يقوم بها الأخصائيون النفسيون والمرشدون الاجتماعيون لذوي الاحتياجات الخاصة تشكل الركيزة الأساسية للمشروع؛ حيث بلغ العدد الإجمالي للزيارات المنزلية منذ بداية شهر سبتمبر 2004 ما يقارب 300. زيارة منزلية، شملت أكثر من 300 حالة لديها إعاقات بدرجات متفاوتة.
وبالنسبة لمتابعة المعوق بعد انقضاء فترة التأهيل، يقول: نعمل على متابعته في
كافة النواحي النفسية والاجتماعية، إضافة إلى النواحي المهنية والتعليمية، إلى
المتابعة مع الأهل لإرشادهم حول كيفية التعامل مع المعوق ومساعدته في قضاء حاجاته اليومية، وعدم اعتماده على الآخرين بشكل كامل.
وتشير إحدى الدراسات التي أجراها برنامج غزة للصحة النفسية إلى أن 30% ممن يسكنون قطاع غزة ظهرت لديهم ثمانية أعراض لأمراض نفسية مختلفة؛ مثل الاكتئاب والتوتر النفسي فيما بعد الصدمة، مما تطلب تدخلا علاجيا، إلا أن 30% آخرين لديهم أعراض أقل من السابقة، وهذه الفئة لا تحتاج إلى تدخل علاجي.
ويعتبر محمود أبو دراز -مدير المشروع- أن التمويل هو العقبة الرئيسية في وجه تطوير أداء مؤسسات التأهيل، التي تحتاج إلى متخصصين ومهنيين وأدوات وأجهزة، إضافة إلى عدم وجود لوائح قانونية تحدد مهام الوزارات والمؤسسات الأهلية التي تقدم خدمات صحية وتعليمية وسكانية، إلى جانب الظروف الصعبة التي يتم خلالها تقطيع أوصال المدن والقرى، مما يصعب وصول المعوق إلى المؤسسة الخدماتية، وأيضا غياب التنسيق بين المؤسسات التي تعمل بنفس المجال، مما يؤثر على كفاءتها وخدماتها المقدمة.

صعوبات في الطريق
ويطرح الأخصائي النفسي عماد عطية صعوبات تتعلق بعدم قناعة المصاب بأنه أصبح معاقا، مما يصعب عملية التأهيل والعلاج، بجانب الحصار المفروض وعدم تغطية علاج معاقي انتفاضة الأقصى ماليا، على الرغم من تقديم كشوف بها للجهات الخارجية المختصة.
ويصف عطية حالة المعاق بعد الإصابة بالحدة في التعامل، وتعرضه لنوبات عصبية يقوم فيها بتكسير كل ما تقع يداه عليه أو يمكن أن يركلها، إضافة إلى الكوابيس المزعجة التي تطارده في نومه.
ويضيف: إن أكثر ما يعاني منه المعاق هو قضاء وقت الفراغ، فبعد أن كان يقضي كافة أوقاته مع أصدقائه وزملائه أو في المقاومة، يشعر بعد الإصابة أنه لم يستطع القيام بدوره في المجتمع كما يجب، فيقع فريسة للأفكار ووقت الفراغ الذي يدخله في حالة نفسية معقدة.
ويعتبر عطية أن الأطفال من أكثر الفئات معاناة من الإصابة، ويظهر ذلك في انتشار ظاهرة الخوف والتبول اللاإرادي والكوابيس، وهنا يجب الإشارة إلى أن 90% من المصابين يعانون من مشاكل نفسية.
ويشير إلى أهمية دور الأهل في مساعدة المصاب والتقليل من همومه، ومساعدته على الاندماج في المجتمع، وإعطائه دورا مهما في العائلة كي يواصل عمله ودوره على ما يرام، ويعاود نشاطه السابق الذي من شأنه أن يشعره بأهميته في المجتمع، والبحث عن دور جديد يلائمه وحالته الجسدية الجديدة دون حرج.

الأعراض النفسية والاجتماعية
وترى "عائشة أبو شقفة"، منسقة قسم الدعم والإرشاد النفسي في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، أن هناك العديد من الآثار النفسية السلبية الناتجة عن التعرض إلى مواقف صعبة ولا يستطيع الإنسان مواجهتها أو التعامل معها، خاصة إذا نتجت عن تلك المواقف إصابات جسمية أو إعاقات دائمة؛ كفقد أحد أعضاء الجسم, وتقول: إن ذلك يؤدي إلى صعوبة في التكيف مع الحدث، وبالتالي ظهور عدد من الأعراض النفسية مثل: حالات العصبية، والانعزال والبعد عن الآخرين، وعدم الرغبة في إقامة علاقات جديدة، وتراجع في ممارسة الأنشطة الحياتية اليومية مثل الأكل والنوم والذهاب إلى المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الحياتية العادية. وتوضح أن الاهتمام يتركز على الطلبة المعاقين صغار السن الذين اضطروا لترك مقاعدهم الدراسية بسبب إعاقتهم.
وتضيف أبو شقفة: برامجنا تحت بند طوارئ، وبانتهاء هذه البرامج لا ندري ماذا نفعل وكيف نكمل البرنامج، بجانب أن الخطط الموضوعة فقدت التنسيق والتعاون في ظل إهدار ملايين الدولارات بدون فائدة من بعض المؤسسات.
وتشير إلى أنه مع تعدد الآثار النفسية الناتجة عن الإصابة إلا أنها تقل مع المتابعة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمساندة للشخص المصاب، فغالبا ما يستطيع ممارسة حياته والتأقلم مع الحدث ونتائج الإصابة بدون التركيز على الجانب السلبي لها.
أما التأثيرات الاجتماعية للإعاقة على الأسرة، فتتعرض إليها الأخصائية "منار عوض" بالإشارة إلى الدور الكبير الذي تلعبه الأسر، بدءًا من عدم الشعور بالصدمة والخزي إزاء المعوق، إلى إشراكه في كافة الأمور الحياتية، وتنمية شخصيته في كافة مناحي الحياة. وترى ضرورة مراعاة مشاعره ومزاجه، وهو ما يتطلب وضع برامج تدخل في الأزمات، تراعي زمن تحديد الخدمة والمساندة الاجتماعية المقدمة من متخصصين.

المعاقون وأسرهم .. واقع مرير يزيده الحصار سوء
لا شك أن أسرة المعاق هي الرحم الثاني له حيث توكل إليها رعايته ودعمه إيجابياً ومساعدته في الانخراط مع محيطه الصغير وانطلاقه إلى المجتمع.
وتقع على عاتق الأم مسئولية كبيرة في رعاية ابنها المعاق والاعتناء بكافة فاصيل حياته الاجتماعية والنفسية ولا سيما التأهيلية ..آلاماً تدمي القلوب على مصير فلذات أكبادهن؛ ومع كل هذا يبقى الأمل عالقاً بالأفئدة نابضاً بالتحدي مؤمناً بقضاء الله وقدره .
" إنسان أون لاين " أعدت هذا التقرير الذي يتعرض لنماذج من معاناة أمهات
المعاقين الفلسطينيين في ظل ظروف قاسية يغرق بها المجتمع على كافة الأصعدة.
بقلب يعتصر ألماً، وملامح تشققت أخاديد انسابت بها دموع الألم وقهر المعاناة مع فلذة كبدها "م" وبقلب نابض بالإيمان راض بقضاء الله وقدره جاءت تحدثني عن معاناتها وألمها منذ 30 عاماً مضت، صمتت برهة ، خالج هذا الصمت نظرات تتحدث عن مآسي سنين ثم استمرت في سرد تفاصيل الحكاية مع الابن المعاق الرابع بعد ثلاثة إخوة سبقوه لكنهم فارقوا الحياة في مهدهم بإرادة خالقهم سبحانه وتعالى، وأكدت أن معاناتها بداية كانت مع تقبل الأسرة لابنها المعاق ونظرة من حولها بأنها لا تنجب أطفالاً إلا معاقين بإعاقات مختلفة لكنها بإيمانها وصبرها استطاعت التغلب عليها وراحت تتعامل بلطف وحنان مع ابنها الوحيد فلم تنجب بعده أطفالاً آخرين .

المعاقون وأمهاتهم فئة مهمشة
لكل أم معاق معاناتها ووضعها الخاص وفقاً لحالة الإعاقة لدى ابنها ، خاصة في ظل ظروف اقتصادية وسياسية وتأهيلية صعبة يعيشها الشعب الفلسطيني .
د. سمير زقوت الأخصائي النفسي في برنامج غزة للصحة النفسية يؤكد أن فئة المعاقين في المجتمع الفلسطيني فئة مهمشة جداً ولا تجد رعاية علمية أو تأهيلية، وأضاف :" أن أمهات المعاقين وآباءهم وأسرهم بشكل عام تمر بمراحل متعددة أولاها مرحلة الصدمة، فالأب والأم والأسرة جميعهم رسموا في خيالهم صورة لطفل رائع جميل بهي الطلة والملامح ثم تأتي مرحلة الإنكار حيث ينكرون جميعهم أن طفلهم معاق، بينما تبدأ الأسرة في المرحلة الثالثة بالحداد على الطفل الذي رسم له صوره في خياله لكنه مات ولم يأت ، ويتبعها وفقاً لتحليل زقوت مرحلة الاكتئاب وهي حالة نفسية تصيب أهالي المعاقين في مرحلة من العذاب حول تأهيل ابنهم المعاق أو علاجه، ومن ثَّم تكون مرحلة الاعتراف بأن الطفل غير طبيعي معاق . ولفت د. زقوت أن هذه المرحلة تكون بين الإنكار والاعتراف الذي يؤدي إلى صراع تبدأ خلاله الأسرة الأم والأب بلوم أنفسهم ومن ثَّم لوم الآخرين والمؤسسات والمجتمع وأخيراً تكون مرحلة قبول الطفل كما هو وليس ما تمنى أن يكون قبل ميلاده، ويشير هنا د. زقوت أن معظم من رآهم من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال معاقون لم يصلوا إلى مرحلة التقبل وقبول الطفل ما أدى بهم إلى حالة من الصراع النفسي وصراع حقيقي حيث معظمهم يميلون إلى حالة من الحزن والاكتئاب الشديد.
كما أشار د. زقوت إلى وجود مؤسسات تقوم على رعاية أسر المعاقين في كل العالم أو في العالم المتحضر على الأقل تسمح لهم بالتفريغ الانفعالي ودعم بعضهم البعض، بينما في مؤسساتنا يوجد نقص شديد في تأهيلهم ونقص شديد في الذين يعملون معهم- الذين غالباً لا يتمتعون بالخبرة والكفاءة اللازمة للتعامل مع المعاقين-، لافتاً إلى ضرورة أن يكون العاملين مع المعاقين مؤهلين تأهيلاً خاصاً وللأسف قليل منهم من هو مؤهل ، مؤكداً أن تأهيل المعاق علم متخصص.

خصوصية الوضع الفلسطيني
الوضع الفلسطيني له خصوصية كبيرة جداً، الطفل المعاق مكلف جداً يحتاج إلى رعاية خاصة وإلى مصاريف خاصة وإلى تعليم أيضاً خاص، يقول د. زقوت : " في ظل الظرف الفلسطيني والحياة القاسية والفقر الشديد ونسبة البطالة التي تتراوح بين 40-50% من الآباء الذين لا يجدون قوت يومهم، ويؤدي وجود طفل معاق بين أبنائهم إلى زيادة أعبائهم " ، مؤكداً أن الطفل الفلسطيني المعاق مظلوم على جانبين الأول كونه يعاني من الإعاقة ويعاني أهله من الفقر وبالتالي لا يستطيعون أن يقدموا له الرعاية
اللازمة والرعاية المهمة .

الاحتلال والحصار والفقر يزيد من المعاناة
أ. ناصر غانم أستاذ في كلية العلوم المهنية والتطبيقية أولى الكليات المعنية
أكاديميا بشئون المعاقين ، يؤكد في حديث خاص أن معاناة المعاق الفلسطيني تتضاعف بفعل الاحتلال نتيجة تحمله الآثار النفسية الناتجة عن الاحتلال تتراوح بين خراب ودمار وتهميش مجحف بالإضافة إلى تحمله آلام الفقد وعذابات الحزن إذا ما فارقه أحد الوالدين ، ويسترسل غانم في حديثه عن معاناة المعاق في ظل الاحتلال قائلاً :" تتفاقم معاناة المعاق وتمتزج مع آلامه ومعاناته واضطراباته النفسية التي تثمرها حالة العجز التي يعانيها مسبقاً بفعل الإعاقة لديه، لافتاً أن الإنسان العادي في ظل الاحتلال يستطيع إفراز ميكانزمات تمكنه من التكيف مع المعاناة التي أفرزها الاحتلال بخلاف الإنسان المعاق الذي تتزايد مأساته واضطراباته النفسية، وفي سياق متصل أكد أ.
غانم أن عدم تفهم الأسرة لاحتياجات ابنها المعاق واحتضانها واحتوائها له تفاقم من اضطراباته النفسية وتؤدي به إلى حالة من الإحباط والاكتئاب والعزلة الاجتماعية فيبيت غير قادر على الاندماج في محيط أسرته أو مجتمعه الصغير من الأقارب والأصدقاء.

الرحم الثاني للفرد
"الأسرة تمثل الرحم الثاني للفرد" عبارة أطلقها أ. غانم متبعها بتفصيل وتحليل،
حيث لفت أن عدم إيجاد الطريقة السليمة والصحيحة من قبل الأسرة لتفهم احتياجات ابنها المعاق واحتوائه والتعاطي معه يحولها من مصدر دعم إيجابي لبناء علاقاته الاجتماعية مع ما يحيط به إلى مصدر ضغط سلبي ، خاصة إن لم تستطع أن توفر له الرعاية المناسبة في التعليم والصحة ومختلف نواحي الحياة بفعل فقرها وعدم إيفائها باحتياجات أبنائها المعاقين والأصحاء معاً ، إذ أن تكاليف رعاية الابن المعاق مرتفعة جداً في ظل حالة الفقر والبطالة التي تعاني منها مختلف قطاعات الأسر الفلسطينية في الوقت الراهن، من ناحية أخرى يلفت الأستاذ في كلية العلوم المهنية أن محاولة الأسر الميسورة التي لديها أبناء معاقون الزج بهم إلى دور الرعاية الاجتماعية واقتصار عطائهم وعطفهم عليه بدفع المصاريف الشهرية أو السنوية للمؤسسة يزيد من حدة الأثر النفسي على المعاق وتجعله يعيش في دائرة مفرغة ، مطالباً الأسر باحتضان أبنائها المعاقين واحتوائهم ورعايتهم في مختلف مراحل عمرهم تماماً كالأصحاء سواء في مرحلة المراهقة أو الشباب أو الشيخوخة ، مؤكداً أن الأسرة هي الرحم الثاني للمعاق عليها أن تلبي له احتياجاته العاطفية والأخلاقية وتقدم له الدعم المادي والاجتماعي والمعنوي في إطار من الوعي والمعرفة لماهية احتياجاته وطرق إشباعها.

معاقو الانتفاضة بين المعاناة والنسيان
معاقو الانتفاضة هم المنسيون، كما يطلقون دائمًا على أنفسهم، فما ينالونه من رعاية ليس كافيًا، خاصة بعد أن وصلت أعدادهم إلى 60 ألفًا؛ 75% منهم أطفال دون الثامنة عشرة، و55% منهم تحت سن الثانية عشرة، و60% من بين الأطفال يعانون من مشكلة بتر أحد الأطراف أو الشلل، بعضهم أصيب من جراء تعرضه لأسلحة محرمة لم تتورع إسرائيل عن استعمالها لكبح جماح الانتفاضة، وهم يقولون: "لا يهمنا الحديث أو التحقيق عن وجود 15 نوعًا من هذه الأسلحة المحرمة أو أكثر أو أقل تستخدمها إسرائيل ضدنا؛ لأن ذلك لن يعيد لنا ما قد بتر أو تمزق من أجسادنا.
تعيش هذه الفئة اليوم وضعًا صعبًا لما تواجهه من إهمال ونسيان، ومن مضايقات تحول بينها وبين السفر خارج البلاد من أجل العلاج إذا استدعى الأمر ذلك، ومن المعروف أن المستشفيات الفلسطينية تعاني من النقص الكبير في الخدمات التي توفرها وزارة الصحة للمصابين عمومًا والمعوقين بشكل خاص. أضف إلى ذلك شعورهم بالغصة جراء ضياع حقهم؛ فهم ضحايا جرائم لا يحاكم فيها المجرم، ولا يعوض فيها المجني عليه، بل يظل الجاني حرًا ليعاود ارتكاب جريمته مرات ومرات.
فلا تترد أخى المسلم فى أن تخصص جزءً من زكاتك أو صدقتك فى تذليل العقبات التى تقف عثرة أمام أخوان لك مازالوا يبدءون طريقهم.
 
التعديل الأخير:
بارك الله فيكى بنت التحدي ع الموضوع الجميل
جزاكى الله كل خير
هلا وغلا ياموووووووووو
مرورك الاجمل
تقديري
بنت التحدي
 

عودة
أعلى