إن اكرمكم عند الله اتقاكم

ابن السلاطين

Well-known member
من رحمة الله وفضله العظيم ان جعل معيار ومقياس التفاضل بيننا عنده التقوى ، والتقوى كما نعلم شئ داخلى لا يمكن قياسه بين بني البشر بعضهم البعض ولكن الله أعلم به


فإن كان معيار التفضيل فضل مال أو علم أو جاه أو غير ذلك لم تستو الدنيا لإن هذه النعم من عند الله يؤتيها من يشاء ويؤخرها عن من يشاء ، فوضع الله معيار التفاضل بين الناس جميعاً أعمال القلوب التي لا يطلع عليها إلا الله


وبطبيعة الحال فإن لأعمال القلوب تأثيرها على العبادات والمعاملات وتدل عليها ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فأشهدوا له بالإيمان ، فهذا نصيبنا من الحكم على بعضنا البعض


ولكن هناك بعض الإشكاليات التي وقع فيها منا الكثير في التعامل مع أعمال القلوب ومنها النيات سألقي الضوء على بعضها :


1- بطبيعة الحال نقع جميعاً في حكمنا على الاشخاص على تجاربنا وخبراتنا الشخصية في الحياة والتي من خلالها نبني تقييماً لشخص ما ونضعه في الموضع الذى نراه نحن من خلال رؤيتنا ، ولكن شراسة الحياة وضراوتها غيرت كثيراً من الأفهام وأنشأت سدود بين البعض وبين المفهوم الأصيل للحياة تلك التي نحياها ، ومعايير التقييم كيف تكون ، وهذه الإشكالية لم تصب العامة فقط ولكن أصابت كثيراً من الملتزمين فما أصعب أن يتحول المرء بدلآً من أن يؤثر فيمن حوله إلى أن يتأثر بكل من حوله ، فتختلط عنده كثير من الأمور وكثيراً من الثوابت ، ويختلط عنده الحابل بالنابل .


هناك فرق كبير ومساحات عذر نتركها لمن جهل معنى الحياة وماهيتها وأصلها ، ولكن من ذاق عرف ومن عرف إذا غيرت الدنيا بتلونها مذاق الاشياء عنده فلا يجب أن ينزل الاشياء غير منزلها ولا يجب أن يفقدنا بريق الدنيا جوهرها وأصلها .




2- يتم الضغط بشكل سيئ سواءً كان بقصد أو بدون قصد في بعض اوساط الملتزمين على النية ، فإذا أبديت رأياً أو خالفت أحداً أو جئت بجديد تجد من يذكرك بالنية وبإصلاح نفسك أولاً الذي يجب أن تهتم به قبل أى شيئ وهو يقصد في قراره نفسه يجب أن تهتم به عن أى شيئ ، فيحدث هذا الخلل بين ما تعلمناه وما نراه بيننا ، تربى الكثير منا على مقولة رائعة أن أصلح نفسك وأدعو غيرك وهذا لا ينتفي مع هذا وهذا ليس قبل هذا وهذا مدعم ومؤيد لهذا


ولكن هذا الإصلاح هل هو للخارج فقط أم من الممكن أن يكون للداخل ، بالطبع يجب أن تكون الدعوة بالاصلاح والنصح بأفضل الوسائل وأحسنها وأقربها لقلوب من تدعوه ولكن ليس من حق أى أحد أن يشكك في نوايا الغير إذا جاء بغير ما يرى وبغير ما تعلم ونشأ ، فإننا بشر نخطئ ونصيب ولربما ما تعلمناه وتربينا عليه برغم بريقه خطأ ، ولربما ما تعلمناه وتربينا عليه فيه بعضاً من خطأ


فالواجب على من يقوم بالدعوة أن يقوم بها بأفضل الوسائل التي لا توغر الصدور والتي لا تعين الشيطان على غيرنا وينبغي من الاخر أن يتقبل مني حتى لو أتي النصح له بالشكل الغير المناسب وأن ينفض عن مقالي أي غبار اعتراه ويخرج منها جوهر النصح والنقد ، حتى وإن أتاه النقد من عدو يجب أن يدرسه ويعيره اهتمام .


يجب ان ندع عقولنا تعمل ولو قليلاً ، وأن ندع لكثير من المسلمات التي وضعها فينا من وضعها ووضعناها لأنفسنا موضع التقييم وأن نزنها ، ويكون شعارنا الحق وفقط أينما كان وفيمن كان ، خوفاً من أن نكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، عياذاً بالله .


3- هناك بالطبع شئنا أم أبينا فرق بين الشخصية التي تظهر خلف أسوار الانترنت وبين الشخصية بطبيعتها ، وهذا الاختلاف قد يكون قليلاً وقد يكون عميقاً ، وهذا الاختلاف قد يكون مقصوداً وقد يكون غير مقصود ، وهذا الاختلاف قد يكون أفضل وقد يكون أسوء منه عنه في الواقع .


ولكن المعيار الذي أرى أن نضعه لأنفسنا هي نياتنا من وراء كل هذا وأين نحن من الله وهل نقصد أن نظهر أنفسنا بشكل أفضل مما هو عليه أمام الناس فلماذا لا يكون هذا المجهود الذي نمضيه موجهاً لاصلاح أنفسنا حتى نكون بهذه الصورة المشرقة التي نحب أن يرانا بها غيرنا


وهناك البعض لديهم من الاخلاقيات والمبادئ التي هي في جذوره ولكن لا يستطيع أن يطبقها كما هي أو كما كان عليها ، يقترب إليها أحيانا ويبعد عنها أحايين ولكنها تظل برونقها وبريقها داخله بين شد وجذب ، قد تظهر للعيان بكامل قوتها وهي لا تكون كذلك حينها ولكن المعيار هو مدى الحرص على الاتحاد بين الواقع والمأمول ومدى السعي نحو ذلك


فهناك الكثير الذي يقع في هذه الإشكالية فيجد الحل أن يظهر نفسه بكل عيوبها أمام الناس حتى لا يقع في فخ الرياء ، وهو بذلك لا يدرى أن عيوبه هذه تزداد وتتعمق ، إذ أن هناك فرق كبير بين أن تعصي وتتوب وتعصي وتتوب وبين أن تعلن هذا خوف الرياء فتتعمق المعصية ويذهب ألمها بل ويتجرأ الكثير على فعلها إذ يرى أهل الصلاح عليها غير مستغربة عندهم ولا مستنكرة .


4- وهناك إشكالية أخرى يقع فيها كثير من الناس عند تعاملهم مع الملتزمين والدعاة والعلماء في أن ينزلونهم في مرتبة أكبر من منزلتهم بالشكل الذي يعطي للنفس متنفساً لأن تفعل ما تشاء من غير تأنيب ضمير ، فلا يضع هؤلاء في مرتبة يحاول الوصول إليها أو يسعى إلى ذلك بل يضعهم في مرتبة أخرى كأن الدين قد جاء للملتزمين فقط ونحن نجتهد ونحيا الحياة كما نريد ، بل ويحدث أحياناً في ان نتتبع عثراتهم وأن نؤول مواقفهم حتى نعطى لأنفسنا الشعور الزائف بالطمأنينة فكلنا فى الهم سواء


فلماذا أرهق نفسي في السعي إلى أن أبلغ هذه المراتب ، فمن الأسهل أن انزلهم انا إلى مرتبتي التي ارتضيتها لنفسي .


وهكذا تظل هذه الحرب التي لا تنتهي بيننا وبين أنفسنا ومدافعاتنا إياها ننتصر حيناً وننهزم أحيان إلى أن نلقى الله
 
التعديل الأخير:
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

هناك بالطبع شئنا أم أبينا فرق بين الشخصية التي تظهر خلف أسوار الانترنت وبين الشخصية بطبيعتها ، وهذا الاختلاف قد يكون قليلاً وقد يكون عميقاً ، وهذا الاختلاف قد يكون مقصوداً وقد يكون غير مقصود ، وهذا الاختلاف قد يكون أفضل وقد يكون أسوء منه عنه في الواقع .
ولكن المعيار الذي أرى أن نضعه لأنفسنا هي نياتنا من وراء كل هذا وأين نحن من الله وهل نقصد أن نظهر أنفسنا بشكل أفضل مما هو عليه أمام الناس فلماذا لا يكون هذا المجهود الذي نمضيه موجهاً لاصلاح أنفسنا حتى نكون بهذه الصورة المشرقة التي نحب أن يرانا بها غيرنا


والله كلام كبير جدا شخصيا لا يمكنني التعليق عليه
فمن ذا يستطيع ان يامن نفسه اويقر لها بالتقوى والصلاح
اللهم انا نعوذ بك من ان نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما نعلم!
بارك الله فيك على التذكرة المؤثرة جدا
واحشرنا ياربنا في زمرة المتقين
 
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

جزاكم الله خير على المرور المشرف لي
 
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

جزاك الله خيرا
 
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

نسأل الله الاخلاص
جزيت عنا خيرا الفاضل ابن السلاطين
جعل الله مانقلت لنا من خير في ميزان عامالك
 
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

644317871737039399.gif
 
رد: إن اكرمكم عند الله اتقاكم

جزاكم الله خير على المرور والدعوات الكريمة واسال الله ان يجمعنا في الفردوس الاعلى انه سميع مجيب
 

عودة
أعلى