التصفح للزوار محدود

قلبي مريض .... يا رب اشفيني

نورالقرآن

التميز
1268708743.gif

من كتاب
البحر الرائق في الزهد والرقائق
للشيخ / احمد فريد


قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب))(رواه البخاري ومسلم) .


فهو ملكها وهي المنفذة لما يأمرها به القابلة لما يأتيها من هديه ، ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده ونيته ، وهو المسؤول عنها كلها ، فكل راعٍ مسؤول عن رعيته ، لذا كان الاهتمام بتصحيح القلب وتسديده أول ما اعتمد عليه السالكون والنظر في أمراض القلب وعلاجها أهم ما تنسك به الناسكون .


ولما علم عدو الله إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه ؛ أجلب عليه بالوساوس ، وأقبل بوجوه الشهوات إليه ، وزين له من الأحوال والأعمال ما يصده عن الطريق ، وأمده من أسباب الغي ما يقطعه به عن أسباب التوفيق ، ونصب له من المصايد والحبائل ما إن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق ، فلا نجاة من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله تعالى والتعرض لأسباب مرضاته والتجاء القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته ، والتحقيق بذل العبودية الذي هو أول ما تلبس به الإنسان ليحصل له الدخول في ضمان : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)(الحجر/42).

اقسام القلوب :

لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى أقسام ثلاثة :
قلب سليم ـ وقلب ميت ـ قلب مريض .



القلب السليم :
وهو القلب الذي لا ينجو يوم القامة إلا من أتى الله به كما قال تعالى : (يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم)(الشعراء/88) .
والسليم هو السالم الذي صارت السلامة صفةً ثابتةً له كالعليم والقدير ،
وأيضـًا فإنه ضد المريض والسقيم والعليل ،
فهو الذي قد سَلِمَ مَن كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة تعارض خبره ،
فسلم من عبودية ما سواه ، وسلم من تحكيم غير رسوله ،
فخلصت عبوديته لله تعالى إرادةً ومحبةً وتوكلاً ،
وإنابة وإخباتـًا وخشية ورجاء ،
وخلص عمله لله ، فإن أحبَّ أحب في الله ، وإن أبغض أبغض في الله ،
وإن أعطى أعطى لله ، وإن منع منع لله ، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيعقد قلبه معه عقدًا محكمـًا على الائتمام والاقتداء به وحده دون كل أحد في الأقوال والأفعال .




القلب الميت :
هو القلب الذي لا حياة فيه ، فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بل هو واقفٌ مع شهواته ولذاته ، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته رضى ربه أم سخط ، فهو متعبد لغير الله حبـًا وخوفـًا ورجاءً ورضـًا وسخطـًا وتعظيمـًا وذلاً ، إن أحب أحب لهواه ، وإن أبغض أبغض لهواه ، وإن منع منع لهواه ، وإن أعطى أعطى لهواه ، فهواه آثر عنده من رضا مولاه ، فالهوى إمامه ، والشهوة قائده ، والجهل سائقه ، والغفلة مركبه ، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور ، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور ، ينادى إلى الله والدار الآخرة من مكان بعيد فلا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد ، الدنيا تسخطه وترضيه ، والهوى يصمُّه عما سوى الباطل ويعميه ، فمخالطة صاحب هذا القلب سقم ، ومعاشرته سم ، ومجالسته هلاك .




القلب المريض :
قلب له حياة وبه علة ، فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى ،
وهو لما غلب عليه منهما ،
ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه ما هو مادة حياته ،
وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والعجب والكبر وحب العلو والفساد في الأرض والرياسة ما هو مادة هلاكِهِ وعطبه ،
وهو ممتحن بين داعيين : داعٍ يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة ،
وداعٍ يدعوه إلى العاجلة ، وهو إنما يجيب أقربهما منه وأدناهما إليه جوارًا .
فالقلب الأول حي‌ٌ مخبتٌ ،
والثاني يابسٌ ميتٌ ،
والثالث مريض
فإما إلى السلامة أدنى ، وإما إلى العطب أدنى


تابعونا
moffeq.gif
 
رد: قلبي مريض .... يا رب اشفيني

اللهم آآآآمين
ويحمي قلوبنا وقلوبكم
وكل عام وانتم بخير
وجزاك الله خير
 
رد: قلبي مريض .... يا رب اشفيني

جعل الله قلوبكم سليمة ونابضة بحب الله ورسوله
بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيرا
وكل عام وانت بخير
 
رد: قلبي مريض .... يا رب اشفيني

اللهم آمييييين
بارك الله فيكى نور القرآن
 
رد: قلبي مريض .... يا رب اشفيني

أصلح الله قلوبنا وجعلها قلوبًا سليمة تخلص لله العبادة ،
وخلّصها من الشرك والرياء والبدع

إضافة / من كلام ابن القيم رحمه الله ، القلوب ثلاثة
(وتُصنف كما نقلتم قلب ميت ، وقلب مريض ، وقلب سليم)

الأول : قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه ، لأنه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد ، وتمكن منه غاية التمكن .

الثاني : قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه ، لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية فللشيطان هناك إقبال وإدبار ، ومجاولات ومطامع ، فالحرب دول وسجال . وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة ، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ، ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر ، ومنهم من هو تارة وتارة .

الثالث : قلب محشو بالإيمان ، قد استنار بنور الإيمان ، وانقشعت عنه حجب الشهوات ، وأقلعت عنه تلك الظلمات ، فلنوره في صدره إشراق ، وإيقاد لو دنا منه الوسواس لأدركه الاحتراق ، فهو كالسماء المحروسة بالنجوم ، فليس للشيطان عليه سلطان ولا هجوم ، وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن التي حرسها بالنجوم المؤمن المهيمن .

جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم
 
التعديل الأخير:

عودة
أعلى