التصفح للزوار محدود

عقلي الصغير يكاد أن يطير

غريب

Well-known member
عقلي الصغير يكاد أن يطير
حوار مع عالم من "علمائهم" !!

- قد يعجب القارئ الكريم من هذه العبارة ، ولكنها الحقيقة ، فأنا عقلي صغير لا يفهم الحضارة !! في كثرة الزحام ، وأكوام الكلام ، وأسراب الحمام ضاعت المنارة !!
- يقول العالم النحرير: الوقت لا يطيرُ ، لا بد من الخنوع والخضوع في الإشارة !!
- أمتنا العظيمة: يدوسها الأنجاس ، يصفعها الأوباشُ ، والعالِم القدير ، يكاد أن يطير ، لأنه ركّب جملة من الكلام ، في تناسق وإنسجام ، مفادها:
- لا زلنا أذلة منذ أن أعزنا الله بالإسلام !!
- أنا لا أفهم الحضارة !! لأن أختي الصغيرة ، في القرية الصغيرة ، في الضاحية الفقيرة ، مُزّق ثوبها ، دُنّس عرضها ، والعالم الخطير ، العاقل البصير ، يقول لي:
- لم تُسدل الستارة !!
- ليس في شرعنا جهاد ، لأن الفرض لا يعرفه غير أهل الإجتهاد !! قُتّل الأفراد ، تمزقت ، تفتّتت ، تشرذمت ، أستبيحت البلاد ، ولا زال الجهاد في شرعنا لم يفرض لنا ، لأن صاحبنا ، وهو الشريف عندنا ، أفتى لنا بأن:
- كل ما لنا ليس لنا ، وما ليس لنا ليس لنا ، ونحن ومن حولنا لنا لنا ، لأننا لسنا هنا ، وإننا ، فإننا ، وليتنا ، لعلنا ، دنا ، دنا ، فدندنا ... لكننا ، فهمننا كلامنا ، لأننا ، شفاهنا ، هنا هنا ، ليست هنا ، فليتنا !! هكذا في بلادنا ، تصاغ الفتاوى لنا !!
- عقلي الصغير يكاد أن يطير ، لأن من أستشير ، أقصد الخبير ، يقول لي:
- إياك والإبهام في الكلام ، واليقظة في المنام ، وعليك بالصيام ، لا خير في الأحلام !!
- رفعت إصبعي !!
- قال: يا مسكين ، إياك والمشعوذين ، نعوذ بالله من الخسران المبين .. يا بني: من يرفع الإصبع ، يكاد أن يرفع السكّين ، أهذا طريق الأوّلين !! إنما هي دعوة الحمام والسلام والياسمين ، ألم ترى مآل المشاغبين في جنين !!
- قلت ولكن ؟
- قال: أتريد أن تكون من الخارجين !! ليس في ديننا ولكن ، (وقال في سكون): الإعتراض على الشيخ ضربٌ من الجنون ، والحُكم في شرعنا للمعترض السجون ، أما الكفر الذي في شرعنا لا يُغتفر ، والذي به يصير المرء في سقر: مخالفة من بيده مفاتيح المنون: "حكامنا" الذين يستسقى الغمام بهم ، والذين يُستظل بظلهم ، والذين نأكل ونشرب من خيرهم ، والذين عزنا بعزهم !!
- يا شيخنا: هلّا زدتنا ، وفهّمتنا ، وعلّمتنا ، فإني أجهل شأن ديننا !! أكل هذا لمن ولّاه الله أمرنا
، وصاروا ولاة فوق شرعنا !!
- ما هذا الهذيان !! والكفر والبهتان !! حكامنا تفضلوا علينا بحُكمنا ، فما نحن إن لم يكونوا هاهنا ، شرعنا ما أملوه علينا لنا !!
- ولكن يا شيخنا: القرآن والصحاح ، والسنن الملاح !!
- يا بني: النسخ جائز في العبادة ، فحكامنا ، من فرط حبهم لنا ، نسخوا الجهاد والشهادة ، وأبقوا لنا صلاة الميت والجنازة ، فجزاهم الله عن الإسلام خير الإجازة ، فلولا حكامنا ، لكنا من فرط جهلنا ، نعادي عدونا ، فيموت مَن حولنا ، فالحمد "للـ......" الذي أبقى على حياتنا ..
- القدس يا شيخنا ، مقدساتنا !!
- يا بني: كن ميتاً بين يدي ولاة أمرنا ، ألا تراهم بين قمة ومؤتمر ، فيه الشريف والوضيع وأُنثى وذَكر ، يناصحون أبناء عمنا ، "الحماس" دون أمرهم جريمة لا تُغتفر ، عليك بإتباع رأيهم إن أمْر عنا ..
- أبناء عمنا !! أليسوا .... !!
- اتقي النار ، وسنة الأشرار ، والزم ذوي الوقار ، يا ولدي: في ديننا أسرار ، لا يعلمها الفجار ، ليس كل نصٍّ أتى يفهمه الشُّطار ، النصُّ بادٍ ولكن له قرار ، أكثر النصوص لم يُزل عنها السِّتار .
- الله المستعان ..
- نعم: سلِّم أمرك لولاة أمرنا ، فهم أرسوا دعائم الشورى لنا ، وحُفظت بحفظهم أحكام وَحْينا: الربا فائدة والزنى حِلٌّ لنا ، والخمر طيِّبٌ ومسكرٌ لغيرنا ، و الحكم بما لم يشرعه ربنا هو الصحيح الصريح عندنا.. فكُن بكل هذا بصير ، يكن لك في الورى نصير ، فرأسك الصغير ، بالجهل قد يطير !!!

{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

حكم بليغة وسجع لطيف وصياغة راقية وادب مبهر
تثير الشجون وتكشف المكنون
غموضها صراحة وضحكها نياحة
شكرا لك اخي الحبيب استاذنا الفاضل غريب
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

"غريب"
نثرت السطور بما تعاني حياتنا في هذه الايام
ولعل من يفهم

دمت بسلام
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

مشكور اخي على التوضيح الكامل

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

عقلي الصغير يكاد أن يطير :
يا أهلاً وسهلاً بصديقنا الغالي الطارق , يشرفنا حضورك وتواصلك معنا في عالمنا العالم المفقود عالم الضياع والشتات , ويسعدنا تواجدك معنا في عالم كله قبور وأمـوات العالم الذي أساسه بلا أساس وقاعدته بلا قاعدة وبلا بنية تحتية وبلا وجود , عالم الغربة والأشباح , لا يوجد فيه ماء ولا هواء ولا سماء , نباته البرسيم وعشبه الحشيش ماءه الغدر والخديعة والخيانة , عالم لا يعيش فيه إلا القطعان بجميع أنواعها وأشكالها تسير خلف قائدها الجزار ما دام أنه يملك البرسيم .
ملاحظة :( لا أتكلم عن فلم غربي ولا عربي ولا هندي هذه حقيقة عالمنا المفقود ؟ ) .
شكراً على كلماتك الجميلة وعلى هذه اللآلئ الحقيقية التي لا تليق بها إلا أن تكون خارج حدود العالم المفقود .
أستمر معنا حتى تستمتع برصد وتسليط الأضواء على أكبر قدر من أصوات القطعان وألحانها وهي تعوي وتنبح آسف قصدي أصوات الشيوخ وجهابذة عصرنا علمائنا وما أكثرهم كالنمل على قارعة الطريق , تعال نسلط الضوء على مجموعة من هؤلاء الجهابذة من شيوخ الفضائيات أصحاب الفضيلة والسماحة الذين عقمت الأمهات أن تلد مثلهم , تعال شاركنا الأحلام فما زلنا نيام , فعقلي الصغير يكاد أن يطير .
يقول الشيخ النحرير شيخ الإسلام ومعجزة الزمان عبد المحسن العبيكان أحد شيوخ الحكومة السعودية في قناة غصب واحد وغيرها :
يتبع في المشاركة التالية فلا بد أن يوضع كلامه وفتاواه في برواز ذهبي للأهمية القصوى .
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

اخى الفاضل وصديقي الحبيب ماقراته هو ما نراه و نسمعه و نواجه فى الواقع هذا واقع امتناومن ينكر ذالك الا الجاهل او صاحب مصلحة او؟؟ _الزم قبعتك حتى لاياخذه الريح_هةهة نفسي نفسي هذا شعار الامتنا الان
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

ما شـــــــــاء اللــــــــــــه ! مُبددددددددددددددددددددددددع مع أنها قليلة بحقك كمان ^_^

و الله كلام و لا أحلى، الله يبارك فيك يا الغريب و ينفع بك المسلمين

تقبل تحياتــــــــي و بانتظار جديدك إن شاء الله
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الحمد لله الذي أكرم رسله وورثتهم ورفع ذكرهم وأثنى عليهم بقوله : {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا}
والصلاة والسلام على خاتم النبيين القائل : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه
وبعد فإننا في هذا الزمان الذي شح فيه أهل العلم الربانيون ؛ فهم ما بين قتيل أو طريد أو سجين أو محارب أو محصور ؛ بتنا نعاني من كثرة الرؤوس الجهال الذين هم ضالة الحكومات الظالمة وبغيتها يبرّزونهم في المناصب ويصدّرونهم على المنابر ويقدّمونهم في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي ؛ ليجعلوا منهم مرجعيّات للجماهير ، يفرضونهم على الناس فرضا ويستبدلون دناءتهم ودونيتهم بخير العلماء الربانيين والدعاة الصادقين ..
وكل يعمل على شاكلته وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا ..
حتى لمعت في سماء الفضائيات أسماء خانت دينها وربها وأخلدت إلى الأرض فأطلق الطواغيت ألسنتها وصار ديدنها وشغلها الشاغل الطعن في الجهاد والمجاهدين والترقيع للطواغيت والمحاربين ..
{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}.
وقد صار تعويل الظلمة على هؤلاء الأئمة المضلين عضّوا عليهم بالنواجذ وسخّروا لهم المنابر ونشروا لهم الكتب وفتحوا لهم الإذاعات فسار باطلهم وطار في الآفاق .. ولكنه كزبد البحر كثير بلا بركة { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } .. ولم يأت إبراز وتصدير هؤلاء الذين قال محمد بن مسلمة عن أمثالهم : ( الذباب على العذرة، أحسن من قارئ على باب هؤلاء ( يقصد الحكام ) .
أقول لم يأت تبريز هؤلاء وتصديرهم في مقابل تكميم أفواه الدعاة الصادقين ؛ خبط عشواء أو بكدّهم هم واجتهادهم كلا ؛ بل ضمن مخطط مدروس وتوصيات مكتوبة لكثير من المؤسسات ومراكز الدراسات الأمريكية التي تملي توصياتها إملاء على حكام منطقتنا ومن تلك المؤسسات مؤسسة راند الأمريكية؛ التي أوصت ولا زالت توصي بإسقاط مرجعيات التيار السلفي الجهادي وإبراز من سمّتهم بالمشايخ المعتدلين الذين يقدّمون الإسلام الذي يتناسب مع واقع العصر ورغبات الأمريكان .. وهذا بعض مكرهم مكر الليل والنهار الذي تعرف منه بعض أسباب الهجمات الشرسة التي يتعرض لها كثير من علماء ومشايخ ورؤوس هذا التيار السلفي الجهادي المبارك ..
كل ذلك ليخلو الجو أولئك العلماء العملاء فيعملوا ما بوسعهم على تدجين الأمة وتخنيثها ، وتركيعها لأعدائها وأعداء دينها ، وتسخير الدين لخدمة الطاغوت وأوليائه من أعداء الدين بتدبيج الفتاوى التي ترقّع باطلهم ، وتسوغ أحكامهم الطاغوتية المناقضة لأحكام الشريعة ، فتخفّف من كفريّاتهم بجعلها كفرا أصغر أو تلغيها بالمرّة، وتسبغ الشرعية على حكمهم ، والتبريرات المتنوعة على توليهم لكفار الغرب والشرق ؛ وتقف درعا حصينا وجنديّا مخلصا في وجه كل من كفرهم أو طعن في ولايتهم أو دعا إلى الخروج عليهم ..
وقد قال تعالى في أمثال هؤلاء : {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} وجعل توبتهم ليست كأي توبة !! بل جعلها مشروطة بالبيان والإصلاح {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم} وذلك لما اقترفوه من ضلال وإضلال .
وقد قال شيخ الإسلام بن تيمية: ( ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة) [الفتاوى ج35 ص372 373].
فمعلوم أن من لم يستطع الصدع بالحق لاستضعافه ؛ فإنه لا يعجز من الامتناع عن قول الباطل ونصرته؛ فإذا كان الساكت عن الحق شيطان أخرس كما يقال ؛ فلا شك أن الشيطان الناطق بالباطل المشوّه للحق شر منه ..
وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا ، أو ليصمت ) رواه البخاري.
فهذان الخياران لا ثالث لهما أمام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ ووسط هذه الظلمات المتشابكة والدواهي المتتالية التي دهت أهل الإسلام ؛ لم يعد يملك الصمت من انتسب إلى العلم والدعوة والسنة والكتاب ولا يسعه السكوت .. فقد حمّله الله أمانة عظيمة ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) وأوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادة ( على المحسن بأنه محسن وعلى المسيء بأنه مسيء)
وحذره قائلا : ( ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكّر بعظيم).
فلم يبق إذن للعلماء الربانيين في زماننا إلا الخيار الأول قول الخير والصدع بالحق وتحمّل تكاليفه ..
ورحم الله إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل القائل : ( أأنجو بنفسي وأضل هؤلاء؟)، (إذا تكلم الجاهل بجهل وسكت العالم تقية فمتى يعرف الحق؟).
فهؤلاء هم نجوم السماء التي يهتدي بها الناس في الظلماء ، وهم رجوم شياطين التجهم والإرجاء الذين يبطلون شبهاتهم ويكشفون زيوفهم ويعرون باطلهم ، وهم الشهب الراصدة الثاقبة التي تدحر باطل الطواغيت وتظهر كفريّاتهم تمهيدا لاقتلاعها من جذورها وتقويضها .

يا أمة الإسلام ؟ اتقوا زلة العالم:
فمن المقرر أن زلة العالم ليست كزلة من سواه، لذلك قال "معاذ" عندما حضرته الوفاة: "اتقوا زلة العالم، خذوا الحق ممن جاء به، وردوا الباطل على من جاء به كائنا ما كان" كالفتان "عبد المحسن العبيكان".
وصدق - رضي الله عنه - في ذلك؛ لأن زلة العالم زلة للأمة بأسرها، لكونهم قادة الأنام، ومصابيح الظلام!!
وروى الدارمي في "سننه" عن "زياد بن حدير" قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟!! قال: لا. قال: "يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين".

مقدمة نقلتها من هنا وهناك مع بعض التعديل لما يقتضيه الحال .
 
التعديل الأخير:
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

نقلاً من كتاب الأخ الذي رمز لأسمه باسم ( محتسب )
ما أشبه فتنة اليوم بفتنة الأمس:
قال مقيده "محتسب": ما أشبه فتنة اليوم بفتنة الأمس، فالبارحة عمت الأمة فتنة دهيماء، لم تترك بيتا من بيوت المسلمين إلا وولجتهه، وما تركت مسلما إلا وامتحنته، وكانت بعنوان: "فتنة القول بخلق القرآن".
واليوم طلت علينا فتنة جديدة لا تقل خطورة عن الفتنة السابقة؛ لأنها تستهدف "ذروة سنام الإسلام"، وهو "الجهاد في سبيل الله"، وذلك تحت عنوان: "رهن الجهاد برضاء وسخط الحكام"، وحقيقة الأمر من غير مواربة "رهن الجهاد برضاء وسخط الأمريكان"؛ وذلك لأن البادي لكل ذي عينان، أنهم هم من نصب الحكام، وسلطوهم على رقاب الأنام، كما أن هؤلاء الحكام، هم من استحلوا الحر، والحرير، والمعازف، والربا، وأكل السحت، وهز الوسط عبر القنوات الفضائية، والاحتفالات الرومانسية!!!
وفي كلا الفتنتين تولى كبرهما شرذمة من "الأئمة المضلين".
أما الفتنة الأولى - أعني (فتنة خلق القرآن)، فقد تولى قيادتها إمام الضلال، الجهمي "بشر بن غياث المريسي"، ورفيق دربه "أحمد بن أبي دؤاد" - عاملهما الله بعدله .
ولم يكن هذان الرجلان من عامة الناس، وإنما كانا من كبار علماء ذلك الزمان، ف "ابن أبي دؤاد" كان من كبار قضاة دولة الخلافة التي كانت أعظم دولة في الدنيا وقتئذ، وأما "بشر بن غياث المريسي"، فقد كان من أبرز علماء الكلام.
ومن يستقرئ تاريخ وتفاصيل هذه الفتنة، يجد أن قادة هذه الفتنة كانوا يستخدمون جميع الوسائل من أجل تقرير مذهبهم، وكانوا ينعتون خصومهم بأقبح الألقاب من أجل تأليب عامة المسلمين عليهم، فلقبوا أهل الحق ب "المجسمة"، و"الحشوية"، و"الخوارج"، و"الضُّلال"، بل كانوا يستعدون السلطات من أجل الفتك بهم، فكان القاضي "أحمد بن أبي دؤاد" يقف على رأس خليفة المسلمين يوم المحنة ويحرضه تحريضا دمويا على إمام أهل السنة - الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فيقول: "يا أمير المؤمنين! اقتله، هو ضال مُضل!!".
وأما الفتنة الثانية - وأعني (فتنة رهن الجهاد برضاء وسخط الأمريكان)، فقد تولى حمل رايتها أيضا شرذمة من "الأئمة المضلين"، ومن أبرز الناطقين باسمها الفتان "عبد المحسن العبيكان"، ومحل عقد مؤتمراته الصحفية في قناة هز الوسط والعلاقات الحميمة، وكشف الصدور والنحور، اللبرالية المنهج، والعلمانية العقيدة، والتغريبية المشرب، والماجنة السلوك - أعني قناة المخنثين وأشباه الرجال، صاحبة السمعة السيئة "الأم بي سي"، فسبحان من جمع بين "دعاة الفتنة"، و"دعاة الفجور"!!
لقد ابتلى الله هذه الأمة في هذا الزمان بشرذمة من "الأئمة المضلين" أعداء الصحوة والدين أخذوا على عاتقهم تخذيل الأمة وتثبيطها عن الجهاد بشتى الوسائل والحيل، فتلقفتهم القنوات الفضائية الخبيثة أمثال (الأم بي سي) وشقيقتها (العربية)، وأفسحت لهم في مجالسها المنكرة، وبرامجهم الخبيثة، فاختلط ذكر الله مع معاقرة الخمور، وكشف البطون والصدور!!!
ولسنا بصدد الإنكار عليهم في مشاركتهم في هذه القنوات الخبيثة، ودخولهم بأقدامهم إلى استوديوهات الرذيلة؛ لأنهم يزعمون الاجتهاد في المسألة، ونحن نعتقد أن هذه المسألة لا تضر إلا أصحابها، فليذهبوا إلى الجحيم، وليقتحموا جراثيمها، فلسنا نبلي بهم.
أما ما نحن بصدده، فهو الاحتساب على هذا المنكر العظيم الذي يتفوه به الفتان "عبد المحسن العبيكان" في برنامجه المشبوه "حوار الطرشان"، ولسان حاله يقول: "إعانة الأمريكان على أهل الإيمان".
والحقيقة لقد سمعت منذ فترة عن هذا الرجل - "العبيكان"، وما يصدر عنه من فتاوى سياسية خطيرة تعم بها البلوى، وتؤثر سلبا على مجاهدة الأمريكان في بلاد العراق وأفغانستان، والصهاينة والروس في فلسطين والشيشان.
ولم أصدق أن يبلغ الشطط والهذيان ما بلغه هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" إلى هذا المبلغ حتى سمعت بعض أباطيله وترهاته بنفسي!!
فأُذكر هذا الرجل ومن على شاكلته من المثبطين والمخذلين، باسم الدعوة والدين بقول الإمام الأوزاعي - رحمه الله: "ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين للحرمات بالشبهات".
كفى حزنًا للدين أن حماته إذا خذلوه قل لنا كيف ينصر؟!!
متى يسلم الإسلام مما أصابه إذا كان من يرجى يخاف ويحذر؟!!
قال "محاضر محمد" رئيس وزراء ماليزيا السابق : قادة المسلمين مسؤولون عن تخلف المسلمين ومهانتهم، وأزيد على ما قال: بأن "الأئمة المضلين" هم من يشرع إذلال المؤمنين، وإهانة الموحدين، واحتلال بلاد المسلمين، وصدق الشاعر حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها؟
* * *
علماء السوء بين الأمس واليوم:
كما أسلفت آنفا أن من شر الفتن، "فتنة الأئمة والمشايخ المضلين"، الذين جعلوا القرآن والسنة عضين، بغية التزلف للسلاطين، والحكام المستبدين.
وهؤلاء تعرفهم بسيماهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} (محمد:30).
كما تعرفهم بترددهم المتكرر على عتبات السلاطين، وقصور الظالمين، وتقبيل الأنوف والكتوف، حتى آل الأمر بأحدهم أن زعم أن طاعة الحكام أوجب من طاعة الله تعالى؛ لأنه شرط في طاعته، فقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16)، وأطلق طاعة الحكام، فقال {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)!!!
بل لقد بلغ الغي والضلال ببعضهم أن بدل وحرف في شرع الله تعالى بغية نيل رضا مولاه، فها هو "غياث بن إبراهيم" يدخل على خليفة المسلمين "المهدي" فيجده يلعب بالحمام، فأراد التزلف إليه بوضع حديث يتناسب مع حاله، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر"، ثم زاد من عنده في الحديث "أو جناح"، ففطن المهدي لمكره، فترك الحمام، وأمر بذبحها، وقال: "أنا حملته على ذلك"، وذكر أنه لما قام قال: "أشهد أن قفاك قفا كذاب".
وكان "يحيى بن معاذ" يقول لعلماء الدنيا: "يا أصحاب القصور! قصوركم قيصرية، وبيوتكم كسروية، وأبوابكم ظاهرية، وأخفافكم جالوتية، ومراكبكم قارونية، وأوانيكم فرعونية، ومآثمكم جاهلية، ومذاهبكم شيطانية، فأين المحمدية، والعالمية؟!!".
وأكثر علماء الزمان ضربان: ضرب منكب على حطام الدنيا، لا يمل من جمعه، ونراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهج في المزابل يطير من عذرة إلى عذرة، وقد أخذت دنياه بمجامع قلبه ولزمه خوف الفقر وحب الإكثار، واتخذ المال عدة للنوائب لا يتنكر عليه تغلب الدنيا.
وضرب هم أهل تصنع ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام؛ شحا على رئاستهم، يلتقطون الرخص، ويخادعون الله بالحيل، دينهم المداهنة، وساكن قلوبهم المنى، طمأنينتهم إلى الدنيا، وسكونهم إلى أسبابها، اشتغلوا بالأقوال عن الأفعال، وسيكافئهم الجبار المتعال.
وروى الإمام أحمد عن "هشام الدستوائي" قال: بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم - عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل.
ويحكم يا علماء السوء!! الأجر تأخذون، والعمل تضيعون، توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه. والله - عز وجل - ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة، كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته، وهو في الدنيا أفضل رغبة؟!
كيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته، وهو مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه؟!
وكيف يكون من أهل العلم من سخط واحتقر منزلته، وهو يعلم أن ذلك من علم الله وقدرته؟!
كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله تعالى في قضاءه، فليس يرضى بشيء أصابه؟‍!
كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليتحدث، ولم يطلبه ليعمل به؟!
وروي عن أنس بن مالك مرفوعا بإسناد فيه مقال: "ويل لأمتي من علماء السوء يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم!!".
* * *

بالحجة والبيان نقطع لسان العبيكان
تنبيه : قد يأتي أحد الجهلة الذين اعتدنا عليهم ويقول لحوم العلماء مسمومة .
فنقول إن كان لحوم هؤلاء الضَّلال مسمومة فلا تخف علينا نحن لدينا مضادات لهذه السموم ولدينا ما يبطل مفعول هذا السم ويجعله برداً وسلاماً لكل من يأكل منه بإذن الله .
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

اضحك على العبيكان على هذا الرابط وتابع الرد
يقول أخينا محتسب في كتابه
"بين يدي العبيكان وحوار الطرشان":
قبل بيان بعض شبهات هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" أود الإشارة أولا إلى بعض المسائل ذات الصلة:
أولا - آمل تفهم ما ورد في ثنايا الرد من شدة وتعنيف، فمن فقه الاحتساب أن يتناسب الإنكار مع حجم المخالفة، وفي اعتقادي أن أمثال هذه الشبهات التي يوردها هذا اللدود الخصوم في غاية الخطورة؛ لأن أعداء الله والدين يتلقفونها ويوظفونها لتكريس احتلالهم لبلاد المسلمين، وهتك أعراض أبناء المؤمنين، فضلا عن هتك أعراض العفيفات الشريفات من بنات السلمين، وما "سجن أبو غريب" و"جوانتاناموا" عنا ببعيد، ومن أصدق من الله قيلا: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (النمل:34).
هذا ونصر الدين فرض لازم لا للكفاية بل على الأعيان
بيد وأما بلسان فإن عجزت فبالتوجه والدعا بجنان
ما بعد ذا والله للإيمان حبة خردل يا ناصر الإيمان
ثانيا - أنه من السهل جدا أن يفتي من له خبرة بالعلوم الشرعية بفتوى شاذة ويدعمها بشبهات شرعية، وترهات عقلية، ويجد ما يؤيدها من أقوال لأهل العلم من هنا وهناك؛ وذلك لأن فروع المسائل الفقهية تتعدد فيها الأقوال كما هو معلوم، أضف إلى ذلك أن دقائق الفروع الفقهية في السياسة الشرعية لا تستند على نصوص شرعية خاصة، وإنما تبنى على قواعد فقهية عامة، تختلف فيها التقديرات والتأويلات، كفقه الموازنات في باب المصالح والمفاسد.
فما أفتى به هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" ليس بجديد في جانب الكم الهائل من الفتاوى السلطانية البائسة، فقد سبقه أحدهم فحرم الدعاء على الأمريكان في الصلاة الجهرية، وهدد بقطع أرزاق الأئمة المخالفين، وآخر أفتى بمباركة قرار الحكومة الفرنسية في كشف العورات المؤمنات.
وأما الفتاوى الخبيثة التي تخدم النُظم العلمانية والمستبدة، فحدث عنها ولا حرج، فمنهم من أحل الربا وقننه!!
وآخر أباح بيع وشراء الخمور لدعم الاقتصاد الوطني!!
وآخر حرم تهرب الراقصات والعاهرات من دفع الضرائب للدولة، وأيد إنشاء نقابة لتنظيم عملهن!!
وآخر ما سمعته من هذه الفتاوى المضحكة والمبكية أن لبس المرأة للقبعة، بل وللباروكة يعد حجابا شرعيا!!
وكل هؤلاء يستندون في فتاواهم بنصوص شرعية، وأقوال لأهل العلم كما يفعل هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان"!!
وعند المقارنة، نجد أن بلاء النماذج التي ذكرتها آنفا أخف ضررا من بلايا وترهات "العبيكان"؛ لأن الأولى لا تلحق الضرر إلا بأصحابها، وأما الثانية فتضر الأمة بأكملها.
ثالثا - من يتتبع فتاوى بعض المشايخ الرسميين يجدها تدندن حول تقديس طاعة الحكام طاعة عمياء، كطاعة المريد الصوفي في يد شيخه، حتى آل الأمر - كما ذكرت آنفا - أن زُعم أن طاعة الحكام أوجب من طاعة الله تعالى؛ لأنه شرط في طاعته، فقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16)، وأطلق طاعة الحكام، فقال: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)!!!
ونحن في الجملة لا ننكر أبدا بأن طاعة الحاكم المسلم واجبة متى كانت تصب في مصلحة الأمة؛ لأن طاعته ليست غاية نتعبد الله بها، فنعدها ركنا سادسا من أركان الإسلام، بل هي قنطرة لغيرها، فهي غاية للحفاظ على وحدة الأمة وسلامتها، فمتى كانت طاعتهم تتناقض مع هذه الغاية، فلا سمع ولا طاعة، وإن لم نرى في ذلك كفرا بوحا، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا في محله.
رابعا - لعل أحدهم يسأل ويقول: لماذا لا يقوم "محتسب" بمحاورة "العبيكان" مباشرة عبر برنامجه المنتقد "الحوار الغائب"؛ ليهلك من هلك عن بينة؟!!
قال مقيده "محتسب":
أولا - الرد كتابة يعد أحد وسائل الإنكار المشروعة.
ثانيا - لا نستبعد وجود مؤامرة خبيثة تحاك من وراء الكواليس، و"العبيكان" أحد أقطابها مع "الإم بي سي"، وثالثهم "السي أي إيه"، فلعل من أهداف البرنامج اصطياد الأصوات المخالفة، ومن يسبح عكس التيار.
ثالثا - الكيس من اعتبر بغيره، فقد تأملت طريقة تعامل "العبيكان" والمذيع مع مداخلات الغيورين، فلاحظتما يتبعان أسلوب المقاطعة المستمرة حتى لا يستطيع المتدخل إكمال فكرته، أو بيان حجته، وبعد متابعة دقيقة لثلاث حلقات متتاليات خلصت إلى حقيقة بادية للعيان، لا يختلف فيها اثنان، إلا من ابتلاه الله بالعميان، أن برنامج الفتان، "عبد المحسن العبيكان"، موجه لتكريس احتلال الأمريكان، لبلاد العرب والإسلام، ومما يؤكد ذلك ما يلي:
1) أن برنامج "الحوار الغائب" يقوم برعايته ومباركته قناة تعمل جاهدة على أمركة أبناء المسلمين، ونشر ثقافة الغرب منذ سنوات من غير كلل أو ملل، من خلال الأفلام الإباحية، والمسلسلات الماجنة، أما ما يُسمّى ب "الفيديو كليب"، والبرامج التي تغسل أدمغة الشباب المسلم لاعتناق اللبرالية، والإيمان بالعلمانية، فحدث عنها ولا حرج؛ ولذلك لا تعجب إذا علمت أن أغلب طاقم العاملين في هذه القناة من مذيعين ومذيعات، ومخربين ومخربات، من نصارى لبنان، تجار الرقيق الأبيض في بلاد المسلمين، وأعوان المحتلين، وما تاريخ جيش لحد وميليشيات الكتائب عنا ببعيد.
ولم تكتف مافيا تجار الرقيق الأبيض في "الإم بي سي" بنشرها هذه القاذورات على قناة واحدة، حتى دشنت قناة أخرى مخصصة للأفلام الإباحية، ثم أتبعتها بثالثة الأثافي، وهي قناة إخبارية غير نقية، تسمى "العربية"، فكن منها على تقية! فقد انطلى خبثها - للأسف - على عامة المسلمين، وظنوها قناة مهنية ذات مصداقية، وفي الحقيقة هي قناة موجهة لأمركة المنطقة، وتقرير ذلك يطول شرحه.
2) ليس هدف البرنامج الحوار الجاد والمنصف، وإنما "حوار الطرشان من طرف واحد" على القاعدة الفرعونية {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر:29).
3) نلحظ ظاهرة تبادل الأدوار بين معد البرنامج و"العبيكان"، كأننا في صالة رقص، المعد يطبل ويزمر باستعراض قول المخالف بأسلوب ماكر ولئيم، ويقوم "العبيكان" بالرقص على إيقاع ألحانه، لذلك تلحظ أحيانا إفلاس "العبيكان"، فلا يجد ما يهذر به، فيلف ويدور في فلسفات كلامية، وترهات عقلية، فيدرك المعد إفلاسه، فيسعفه بتذكيره بمواقف تاريخية، وشبهات شرعية، فسرعان ما يلتقطها "العبيكان"، ويدندن حولها بما يمج الأسماع، مما يدفع أهل الكياسة والفطنة إلى الشك في نوايا هذا الرجل، وأنه ليس بمغفل، وإنما هو ضليع في مؤامرة خبيثة تستهدف الأمة الإسلامية - والله أعلم بخفايا الأمور .
فإذا تقرر ما سبق، فبالدليل والبرهان، نقطع لسان "العبيكان":
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الشبهة الأولى: تحريم الجهاد إلا بإذن الإمام:
يزعم هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" - عامله الله بما يستحق - بأن الجهاد بقسميه (الدفع والطلب) لا يجوز القيام به إلا بإذن الإمام، واستدل على ذلك بنُقول لأهل العلم من هنا وهناك، كحاطب ليل يجمع الحيات مع الحطب، فيتحفنا بما قاله ابن قدامة في "المغني"، وحكاه النووي في "شرح صحيح مسلم" الخ؛ لأنه باختصار لن يجد من النصوص الشرعية الصريحة والصحيحة التي تسعفه وتروي ظمأه في مشاغباته المكشوفة، ويا ليته ينقل أقوال العلماء بأمانة وتقوى، فينزلها منازلها الصحيحة، على مراد أصحابها، وإنما يعتمد في ذلك على التعميم والتلفيق.
ويهدف هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" من وراء تلفيقه إبطال الجهاد في البلاد التي احتلها الأمريكان في أفغانستان والعراق.
فمن يتأمل ما يجعجع به هذا الهَذِر يجده يلتقي صراحة مع مصلحة الأمريكان وأذنابهم من الغربان، فهل هذا الالتقاء مجرد مصادفة من غير ميعاد؟!! فالله أعلم بحقائق الأمور.
ولتفصيل الكلام حول هذه الشبهة الفاسدة أقول - وبالله تعالى التوفيق -
من المقرر بالإجماع أن "جهاد الدفع" آكد من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع" واجب عيني بإجماع المسلمين، وجهاد الطلب "واجب كفائي" في قول الجمهور، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فبداهة متى ظهر لنا مشروعية "جهاد الطلب" بغير إذن الإمام، فمن باب أولى بداهة يشرع "جهاد الدفع" بدون إذن الإمام.
نخلص من ذلك بسؤال محوري في هذه الشبهة: هل يلزم إذن الإمام في "جهاد الطلب"؟
قال مقيده "محتسب": القول المشهور عند المحققين من أهل العلم في حكم "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام "الكراهية"، وليس الوجوب كما يدندن الفتان "عبد المحسن العبيكان" في كل حلقه من حلقاته، بل وزعم في الجزء الأخير من حلقة يوم السبت 4/8/1425 هـ بأن القول بالوجوب هو بإجماع المسلمين - كذا قال! عامله الله بعدله، وكذب والله وافترى، ولم أصدق أن تصل جرأته في الباطل إلى هذا الحد، فقد قال قولا يدل على جهله المركب بأقوال أهل العلم إن لم نقل: إنه يتعامى، فها هو الإمام "النووي" من أبرز الفقهاء المحققين يقول في "منهاج الطالبين" 1/137: "يكره غزو بغير إذن الإمام"، وعلل ذلك الشربيني في "مغني المحتاج" 4/220، فقال: "تأدبا معه - أي مع الإمام؛ ولأنه أعرف من غيره بمصالح الجهاد، وإنما لم يحرم لأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفوس، وهو جائز في الجهاد".
فتأمل - رحمك الله - هذا النص جيدا تدرك مدى إفك هذا المتعالم "العبيكان"!!
تأمل كيف علل أهل العلم كراهية الجهاد بدون إذن الإمام؛ "لأنه الأعرف بمصالح الجهاد"، وهذه العلة متفق عليها بين أهل العلم، ومن المقرر أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فإذا انتفت معرفة الإمام بمصالح الجهاد، تسقط بداهة هذه الكراهية جملة واحدة، كأن يكون الإمام ممن أخلدوا إلى الأرض واتبعوا الهوى، أو لا يعبأ بمصلحة الأمة لإقباله على الشهوات الخفية والحسية، أو أحمق متسلط اتخذ بطانة سوء تملي عليه الباطل وتزينه، أو لعله أحد أحفاد "ابن العلقمي" صاحب التاريخ الأسود كما هو متحقق في العديد من الأنظمة، وعلى رأسها "إياد علاوي"، و"كرزاي"؟!!
وقد صرح العديد من أهل العلم بسقوط كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام، ومن هؤلاء العلامة "البُلقيني" رحمه الله، فقد استثنى من الكراهية صورًا كما في "مغني المحتاج" 4/220، وهذه الصور:
أحدها - أن يفوته المقصود بذهابه للاستئذان.
قال مقيده "محتسب": وتدخل تحت هذا الاستثناء صور عديدة، تختلف حسب المكان والزمان، وطبيعة الجهاد.
ثانيها - إذا عطل الإمام الغزو هو وجنوده على أمور الدنيا كما يشاهد.
فمتى انشغل الحاكم المسلم بأمور الدنيا، كبناء دور اللهو، والاهتمام ببناء القصور والمتنزهات، والبنايات الشامخات، وتسخير مقدرات الدولة للألعاب الرياضية والأولمبية، والمسابقات الترفيهية، فلا يكره للمجاهد التوجه لساحات "جهاد الطلب" بدون إذن إمامه.
ثالثها - إذا غلب على ظنه أنه لو استأذنه لم يأذن له.
كحال أغلب حكام اليوم الذين انبطحوا أرضا يقبلون نعل بوش، والغريب والعجيب أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أرغموا رعاياهم على الركوع والسجود أذلة صاغرين للأمريكان في كل مكان!!
والأعجب والأغرب من ذلك كله أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أوعزوا لمن لا خلاق له من مشايخ البنتاجون لحشد جهودهم العلمية؛ من أجل صبغ ذلك بصبغة شرعية، تنطلي على الرعية.
والحقيقة أني لا أعرف أي حاكم هذا الذي سيجترئ ويوافق على مجاهدة الأمريكان؟!! ورحم الله قائد طالبان - الملا عمر - فقد جسد لنا العزة في زمن الانكسار.
وما استثناه الإمام "البلقيني" - رحمه الله - من صور تسقط فيها كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام تابعه على ذلك الكثير من الفقهاء، فقد نقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن القاسم أنه إذا طمع قوم بفرصة في عدو قربهم، وخشوا إن أعلموا إمامهم منعهم، فواسع خروجهم، وأحب استئذانهم إياه، ثم قال ابن حبيب سمعت أهل العلم يقولون: "إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو".
فالمتأمل للنص السابق يلحظ أن أهل العلم علقوا "تحريم مخالفته" بتحقق مصلحة الأمة، فمتى انتفت هذه المصلحة في أمر الحاكم - كما هو حاصل الآن، بإذلال المسلمين في كل مكان، وهتك أعراضهم، وسلب أموالهم، وإزهاق أرواحهم، وخاصة في النقاط الساخنة المحتلة في "العراق"، و"فلسطين"، و"أفغانستان"، و"الشيشان"، و"كشمير"، و"الفلبين" الخ، فلا تحرم مخالفته، وكيف تحرم مخالفته ومصلحة الأمة (وليست الدويلات) على المحك؟ وهي بلا ريب أجل وأعظم من طاعته؟ بل ما شرعت طاعته أصلا إلا لمصلحة الأمة. فتأمل!!
نخلص من ذلك أنه يجوز خروج المسلم ل "جهاد طلب" الأمريكان، والروس، والصهاينة، سواء في العراق، أو أفغانستان، أو فلسطين بدون إذن حاكم بلده.
أما "جهاد الدفع"، فكما قلت آنفا هو آكد في الحكم من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع"، من قبيل دفع الصائل وكف المعتدي، وهو فرض عين على كل قادر على حمل السلاح من الرجال، والنساء، والشيوخ، والأطفال، فيخرج الابن بدون إذن أبيه، والزوجة بدون إذن زوجها، وكل الأمة بدون إذن حاكمها.
قال البابرتي في "العناية على الهداية بحاشية شرح فتح القدير" 5/440: "وأما العينية في النفير العام، فبالإجماع؛ لأنه من إغاثة الملهوف والمظلوم". اهـ.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" 4/312: "ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو، ولم تكن فيهم مقاومة لهم، فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين، وهذا لا خلاف فيه بين الأمة؛ إذ ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين، وسبي ذراريهم". اهـ.
قال مقيده "محتسب": رحم الله الجصاص، فقد خرج في زماننا بهلوان يسمى "عبد المحسن العبيكان" يحث المسلمين على القعود والاستسلام للأمريكان، والرضا والقناعة بالذل والهوان، حتى استباح عباد الصليب، أعراض بناتنا وأخواتنا في سجن "أبو غريب"، بل لقد استباحوا أعراض رجالنا - ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!
وما خفي كان أعظم، وما خرج للعلن يندى له جبين الشرفاء، والمؤمنين الأتقياء، فقد تسربت رسالة من سجن "أبو غريب" من امرأة مسلمة شريفة تستغيث: لقد هتك عباد الصليب عرضي 17 مرة، وأذاقونا أصناف العذاب، فيا أمة الإسلام!! لا نملك إلا الصريخ، دكوا السجن على رؤوسنا ورؤوسهم بالقنابل والصواريخ، نريد تطهير أرواحنا، بعدما تنجست أبداننا بنطف أولاد الحرام عباد الصلبان!!!
فيا بني الإسلام!! إن وراءكم وقائع يلحقن الذرى بالمناسم، أنائمة في ظل أمن وغبطة، وكيف تنام العين ملء جفونها على هبوات أيقظت كل نائم؟ وإخوانكم بالعراق يضحى مقيلهم، ظهور المذاكي، أو بطون القشاعم، يسومهم الأمريكان والعبيكان الهوان!! وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم، فكم من دماء قد أبيحت، ومن دمي توارى حياء حسنها بالمعاصم، بحيث السيوف البيض محمرة الظبا، وسمر العوالي داميات اللهازم، يكاد لهن المستجن بطيبة ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم! أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى رماحهم، والدين واهي الدعائم، ويجتنبون النار خوفا من الردى، ولا يحسبون العار ضربة لازم، أنرضي صناديد الأعراب بالأذى، وتغضى على ذل كماة الأعاجم، فليتهم إذا لم يذودوا حمية عن الدين، ضنوا غيرة بالمحارم والأعراض. والله المستعان على أهل الخذلان.
ونصوص الفقهاء في هذه المسألة كثيرة جدا، وهي واضحة وصريحة في الوجوب العيني على جميع المسلمين في "جهاد الدفع"، وأنه لا يفتقر لا لإذن إمام، ولا لفتوى من شيخ من هنا أو هناك، ولا يجحد مضمونها إلا مكابر عنيد، ومن ذلك:
ما قاله أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/517: "إذا كان النفير عاما لغلبة العدو على الحوزة أو استيلائه على الأسارى كان النفير عاما، ووجب الخروج خفافا وثقالا، وركبانا ورجالا، عبيدا وأحرارا، من كان له أب من غير إذنه، ومن لا أب له حتى يظهر دين الله، وتحمى البيضة، وتحفظ الحوزة، ويخزى العدو". اهـ.
وقال ابن عطية في "تفسيره" 8/346: "واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين يسقط عن الباقين إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام، فهو حينئذ فرض عين". اهـ.
وقال ابن بلبان الدمشقي في "أخصر المختصرات" ص161 عن الجهاد بشقيه (الطلب والدفع): "هو فرض كفاية إلا إذا حضره، أو حصره، أو باغته عدو، أو كان النفير عاما، ففرض عين... وعلى الإمام منع مخذل، ومرجف". اهـ.
وقال المرغياني في "الهداية شرح البداية" 2/135: "فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع، تخرج المرأة بغير إذن زوجها، والعبد بغير إذن المولى؛ لأنه صار فرض عين، وملك اليمين، ورق النكاح لا يظهر في حق فروض الأعيان كما في الصلاة والصوم". اهـ. ومثل ذلك قاله الكاساني في "بدائع الصنائع" 7/98، وزاد: "وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه؛ لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة". اهـ.
فانظر وتأمل كيف شبهوا فرض العين في "جهاد الدفع" بفرض العين في "الصوم" و"الصلاة".
ونقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن حبيب قال: " سمعت أهل العلم يقولون: إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو". اهـ.
فجمع الشيخ - رحمه الله - في هذا القول بين "جهاد الطلب"، وهو ما عناه بقوله: "حرمت مخالفته"، وقد سبق التعليق على ذلك، و"جهاد الدفع"، وهو الاستثناء في قوله: "إلا أن يدهمهم العدو"، ومقتضى هذا بمفهوم المخالفة أن العدو إذا داهم المسلمين، ومنعهم الحاكم من "جهاد الدفع" لم تحرم مخالفته. فتأمل!!!
تنبيهان:
الأول - المقصود بـ "النفير العام" أي دخول العدو بلاد المسلمين بغتة. وأصل "النفير" مفارقة مكان إلى مكان؛ لأمر حرك ذلك. انظر: "الفتح" 6/37، و"حاشية ابن عابدين" 4/127.
وقال المجددي في "قواعد الفقه" ص532: "النفير العام في الجهاد، هو قيام عامة الناس لقتال العدو، والنفير الخروج إلى العدو". اهـ.
الثاني - وردت بعض النقول عن بعض أهل العلم يفهم منها اشتراطهم إذن الإمام في "جهاد الدفع"، فاستغلها هذا البهلوان "عبد المحسن العبيكان"، وأطلق القول بها، ومن ذلك ما ورد في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله" 1/258: "سمعت أبي يقول: إذا أذن الإمام القوم يأتيهم النفير، فلا بأس أن يخرجوا. قلت: لأبي فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟!!
قال: لا، إلا أن يأذن الإمام، إلا أن يكون يفاجئهم أمر العدو، ولا يمكنهم أن يستأذنوا الإمام، فأرجو أن يكون ذلك دفعا من المسلمين.
وسألت أبي عن قوم من أهل خراسان بينهم وبين العدو حائط، ترى لهم أن يقاتلوا؟ فقال: إن كانوا يخافون على أنفسهم وذراريهم، فلا بأس أن يقاتلوا من قبل أن يأذن لهم الأمير، ولكن لا يقاتلوا إذا لم يخافوا على أنفسهم وذراريهم إلا أن يأذن الإمام". اهـ.
ويجاب على ذلك بأن: جواب الإمام أحمد واضح وصريح في أن الإذن مرهون بالخوف على أنفسهم، فمتى خافوا على أنفسهم، فلهم الحق في "جهاد الدفاع" بدون إذن الإمام؛ لأن دفع الصائل واجب، وهو مقدم على طاعة الإمام.
ثم "جهاد الدفع" له صور متعددة على أرض الواقع تختلف بحسب المكان والزمان، ومن هذه الصور الصورة التي يتكلم عنها الإمام أحمد، وهو أن يكون العدو خارج البلدة، والمسلمون يتحصنون داخل البلدة مع أميرهم، ومن المعلوم أن المدن حتى زمن قريب كانت تحصن بسور عظيم؛ ليحميها من هجمات الأعداء، وفي هذه حالة لو خرج المجاهدون من الحصن لملاقاة العدو قبل دخوله للبلدة، فإما أن يترتب على خروجهم إضعاف شوكة المسلمين داخل الحصن، كأن يتسببون في ثغرة في الحصن، أو إضعاف لأحد جوانبه، أو تشرذم لجماعة المسلمين، ففي هذه الحالة يجب إذن الإمام في "جهاد الدفع"؛ مراعاة لمصلحة الأمة، وليس لسواد عيون صاحب السمو.
أما إذا لم يترتب على خروج المجاهدين من الحصن مثل هذه المفاسد، فلا يشترط إذن الإمام مطلقا، وهذا معنى قول ابن قدامة في "المغني" 9/174: "وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا المقل منهم والمكثر، ولا يخرجوا إلى العدو إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه فلا يمكنهم أن يستأذنوه.
قوله المقل منهم والمكثر يعني به - والله أعلم -: الغني والفقير، أي: مقل من المال ومكثر منه، ومعناه: أن النفير يعم جميع الناس ممن كان من أهل القتال حين الحاجة إلى نفيرهم لمجيء العدو إليهم، ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه؛ لحفظ المكان، والأهل، والمال، ومن يمنعه الأمير من الخروج... ولأنهم إذا جاء العدو صار الجهاد عليهم فرض عين، فوجب على الجميع، فلم يجز لأحد التخلف عنه، فإذا ثبت هذا، فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو، وقلتهم، ومكامن العدو، وكيدهم، فينبغي أن يرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين، إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليهم؛ لتعين الفساد في تركهم؛ ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجا من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي، وقال: خير رجالتنا سلمة بن الأكوع، وأعطاه سهم فارس وراجل". اهـ.
قال مقيده "محتسب": فالمقصود بما ذكر هو مراعاة المصلحة العامة أثناء "جهاد الدفع"، وليس تعطيله كما يبهرج له هذا الفتان، فهذا لا يقوله عاقل!
وتأمل ما نقله صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن الإمام مالك أنه سئل عن العدو ينزل بساحل من سواحل المسلمين يقاتلونهم بغير استئمار الوالي؟
فقال: "أرى إن كان الوالي قريبا منهم أن يستأذنوه في قتالهم قبل أن يقاتلوهم، وإن كان بعيدا لم يتركوهم حتى يقعوا بهم، فقيل له: بل الوالي بعيد منهم. فقال: كيف يصنعون؟ أيدعوهم حتى يقعوا بهم؟!!! أرى أن يقاتلوهم". اهـ.
فتخيل أيها القارئ الكريم لو قيل للإمام مالك: إن الوالي لم يأذن لهؤلاء ب"جهاد الدفع"؛ لأن هذا الحاكم عينه البنتاجون على رقاب المسلمين، وقد بلغنا عن رجل أفتاهم بحرمة جهادهم حتى يأذن لهم هذا الوالي!! فتخيل كيف ستكون ردة فعل الإمام مالك نحو هذا الهذيان الذي جاء به "العبيكان"!!

هذا الرد نقلاً من كتاب الأخ محتسب وفر علينا مجهود الرد على هذا الضال , جزى الله الأخ محتسب خير الجزاء
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الشبهة الأولى: تحريم الجهاد إلا بإذن الإمام:
يزعم هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" - عامله الله بما يستحق - بأن الجهاد بقسميه (الدفع والطلب) لا يجوز القيام به إلا بإذن الإمام، واستدل على ذلك بنُقول لأهل العلم من هنا وهناك، كحاطب ليل يجمع الحيات مع الحطب، فيتحفنا بما قاله ابن قدامة في "المغني"، وحكاه النووي في "شرح صحيح مسلم" الخ؛ لأنه باختصار لن يجد من النصوص الشرعية الصريحة والصحيحة التي تسعفه وتروي ظمأه في مشاغباته المكشوفة، ويا ليته ينقل أقوال العلماء بأمانة وتقوى، فينزلها منازلها الصحيحة، على مراد أصحابها، وإنما يعتمد في ذلك على التعميم والتلفيق.
ويهدف هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" من وراء تلفيقه إبطال الجهاد في البلاد التي احتلها الأمريكان في أفغانستان والعراق.
فمن يتأمل ما يجعجع به هذا الهَذِر يجده يلتقي صراحة مع مصلحة الأمريكان وأذنابهم من الغربان، فهل هذا الالتقاء مجرد مصادفة من غير ميعاد؟!! فالله أعلم بحقائق الأمور.
ولتفصيل الكلام حول هذه الشبهة الفاسدة أقول - وبالله تعالى التوفيق -
من المقرر بالإجماع أن "جهاد الدفع" آكد من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع" واجب عيني بإجماع المسلمين، وجهاد الطلب "واجب كفائي" في قول الجمهور، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فبداهة متى ظهر لنا مشروعية "جهاد الطلب" بغير إذن الإمام، فمن باب أولى بداهة يشرع "جهاد الدفع" بدون إذن الإمام.
نخلص من ذلك بسؤال محوري في هذه الشبهة: هل يلزم إذن الإمام في "جهاد الطلب"؟
قال مقيده "محتسب": القول المشهور عند المحققين من أهل العلم في حكم "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام "الكراهية"، وليس الوجوب كما يدندن الفتان "عبد المحسن العبيكان" في كل حلقه من حلقاته، بل وزعم في الجزء الأخير من حلقة يوم السبت 4/8/1425 هـ بأن القول بالوجوب هو بإجماع المسلمين - كذا قال! عامله الله بعدله، وكذب والله وافترى، ولم أصدق أن تصل جرأته في الباطل إلى هذا الحد، فقد قال قولا يدل على جهله المركب بأقوال أهل العلم إن لم نقل: إنه يتعامى، فها هو الإمام "النووي" من أبرز الفقهاء المحققين يقول في "منهاج الطالبين" 1/137: "يكره غزو بغير إذن الإمام"، وعلل ذلك الشربيني في "مغني المحتاج" 4/220، فقال: "تأدبا معه - أي مع الإمام؛ ولأنه أعرف من غيره بمصالح الجهاد، وإنما لم يحرم لأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفوس، وهو جائز في الجهاد".
فتأمل - رحمك الله - هذا النص جيدا تدرك مدى إفك هذا المتعالم "العبيكان"!!
تأمل كيف علل أهل العلم كراهية الجهاد بدون إذن الإمام؛ "لأنه الأعرف بمصالح الجهاد"، وهذه العلة متفق عليها بين أهل العلم، ومن المقرر أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فإذا انتفت معرفة الإمام بمصالح الجهاد، تسقط بداهة هذه الكراهية جملة واحدة، كأن يكون الإمام ممن أخلدوا إلى الأرض واتبعوا الهوى، أو لا يعبأ بمصلحة الأمة لإقباله على الشهوات الخفية والحسية، أو أحمق متسلط اتخذ بطانة سوء تملي عليه الباطل وتزينه، أو لعله أحد أحفاد "ابن العلقمي" صاحب التاريخ الأسود كما هو متحقق في العديد من الأنظمة، وعلى رأسها "إياد علاوي"، و"كرزاي"؟!!
وقد صرح العديد من أهل العلم بسقوط كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام، ومن هؤلاء العلامة "البُلقيني" رحمه الله، فقد استثنى من الكراهية صورًا كما في "مغني المحتاج" 4/220، وهذه الصور:
أحدها - أن يفوته المقصود بذهابه للاستئذان.
قال مقيده "محتسب": وتدخل تحت هذا الاستثناء صور عديدة، تختلف حسب المكان والزمان، وطبيعة الجهاد.
ثانيها - إذا عطل الإمام الغزو هو وجنوده على أمور الدنيا كما يشاهد.
فمتى انشغل الحاكم المسلم بأمور الدنيا، كبناء دور اللهو، والاهتمام ببناء القصور والمتنزهات، والبنايات الشامخات، وتسخير مقدرات الدولة للألعاب الرياضية والأولمبية، والمسابقات الترفيهية، فلا يكره للمجاهد التوجه لساحات "جهاد الطلب" بدون إذن إمامه.
ثالثها - إذا غلب على ظنه أنه لو استأذنه لم يأذن له.
كحال أغلب حكام اليوم الذين انبطحوا أرضا يقبلون نعل بوش، والغريب والعجيب أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أرغموا رعاياهم على الركوع والسجود أذلة صاغرين للأمريكان في كل مكان!!
والأعجب والأغرب من ذلك كله أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أوعزوا لمن لا خلاق له من مشايخ البنتاجون لحشد جهودهم العلمية؛ من أجل صبغ ذلك بصبغة شرعية، تنطلي على الرعية.
والحقيقة أني لا أعرف أي حاكم هذا الذي سيجترئ ويوافق على مجاهدة الأمريكان؟!! ورحم الله قائد طالبان - الملا عمر - فقد جسد لنا العزة في زمن الانكسار.
وما استثناه الإمام "البلقيني" - رحمه الله - من صور تسقط فيها كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام تابعه على ذلك الكثير من الفقهاء، فقد نقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن القاسم أنه إذا طمع قوم بفرصة في عدو قربهم، وخشوا إن أعلموا إمامهم منعهم، فواسع خروجهم، وأحب استئذانهم إياه، ثم قال ابن حبيب سمعت أهل العلم يقولون: "إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو".
فالمتأمل للنص السابق يلحظ أن أهل العلم علقوا "تحريم مخالفته" بتحقق مصلحة الأمة، فمتى انتفت هذه المصلحة في أمر الحاكم - كما هو حاصل الآن، بإذلال المسلمين في كل مكان، وهتك أعراضهم، وسلب أموالهم، وإزهاق أرواحهم، وخاصة في النقاط الساخنة المحتلة في "العراق"، و"فلسطين"، و"أفغانستان"، و"الشيشان"، و"كشمير"، و"الفلبين" الخ، فلا تحرم مخالفته، وكيف تحرم مخالفته ومصلحة الأمة (وليست الدويلات) على المحك؟ وهي بلا ريب أجل وأعظم من طاعته؟ بل ما شرعت طاعته أصلا إلا لمصلحة الأمة. فتأمل!!
نخلص من ذلك أنه يجوز خروج المسلم ل "جهاد طلب" الأمريكان، والروس، والصهاينة، سواء في العراق، أو أفغانستان، أو فلسطين بدون إذن حاكم بلده.
أما "جهاد الدفع"، فكما قلت آنفا هو آكد في الحكم من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع"، من قبيل دفع الصائل وكف المعتدي، وهو فرض عين على كل قادر على حمل السلاح من الرجال، والنساء، والشيوخ، والأطفال، فيخرج الابن بدون إذن أبيه، والزوجة بدون إذن زوجها، وكل الأمة بدون إذن حاكمها.
قال البابرتي في "العناية على الهداية بحاشية شرح فتح القدير" 5/440: "وأما العينية في النفير العام، فبالإجماع؛ لأنه من إغاثة الملهوف والمظلوم". اهـ.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" 4/312: "ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو، ولم تكن فيهم مقاومة لهم، فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين، وهذا لا خلاف فيه بين الأمة؛ إذ ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين، وسبي ذراريهم". اهـ.
قال مقيده "محتسب": رحم الله الجصاص، فقد خرج في زماننا بهلوان يسمى "عبد المحسن العبيكان" يحث المسلمين على القعود والاستسلام للأمريكان، والرضا والقناعة بالذل والهوان، حتى استباح عباد الصليب، أعراض بناتنا وأخواتنا في سجن "أبو غريب"، بل لقد استباحوا أعراض رجالنا - ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!
وما خفي كان أعظم، وما خرج للعلن يندى له جبين الشرفاء، والمؤمنين الأتقياء، فقد تسربت رسالة من سجن "أبو غريب" من امرأة مسلمة شريفة تستغيث: لقد هتك عباد الصليب عرضي 17 مرة، وأذاقونا أصناف العذاب، فيا أمة الإسلام!! لا نملك إلا الصريخ، دكوا السجن على رؤوسنا ورؤوسهم بالقنابل والصواريخ، نريد تطهير أرواحنا، بعدما تنجست أبداننا بنطف أولاد الحرام عباد الصلبان!!!
فيا بني الإسلام!! إن وراءكم وقائع يلحقن الذرى بالمناسم، أنائمة في ظل أمن وغبطة، وكيف تنام العين ملء جفونها على هبوات أيقظت كل نائم؟ وإخوانكم بالعراق يضحى مقيلهم، ظهور المذاكي، أو بطون القشاعم، يسومهم الأمريكان والعبيكان الهوان!! وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم، فكم من دماء قد أبيحت، ومن دمي توارى حياء حسنها بالمعاصم، بحيث السيوف البيض محمرة الظبا، وسمر العوالي داميات اللهازم، يكاد لهن المستجن بطيبة ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم! أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى رماحهم، والدين واهي الدعائم، ويجتنبون النار خوفا من الردى، ولا يحسبون العار ضربة لازم، أنرضي صناديد الأعراب بالأذى، وتغضى على ذل كماة الأعاجم، فليتهم إذا لم يذودوا حمية عن الدين، ضنوا غيرة بالمحارم والأعراض. والله المستعان على أهل الخذلان.
ونصوص الفقهاء في هذه المسألة كثيرة جدا، وهي واضحة وصريحة في الوجوب العيني على جميع المسلمين في "جهاد الدفع"، وأنه لا يفتقر لا لإذن إمام، ولا لفتوى من شيخ من هنا أو هناك، ولا يجحد مضمونها إلا مكابر عنيد، ومن ذلك:
ما قاله أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/517: "إذا كان النفير عاما لغلبة العدو على الحوزة أو استيلائه على الأسارى كان النفير عاما، ووجب الخروج خفافا وثقالا، وركبانا ورجالا، عبيدا وأحرارا، من كان له أب من غير إذنه، ومن لا أب له حتى يظهر دين الله، وتحمى البيضة، وتحفظ الحوزة، ويخزى العدو". اهـ.
وقال ابن عطية في "تفسيره" 8/346: "واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين يسقط عن الباقين إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام، فهو حينئذ فرض عين". اهـ.
وقال ابن بلبان الدمشقي في "أخصر المختصرات" ص161 عن الجهاد بشقيه (الطلب والدفع): "هو فرض كفاية إلا إذا حضره، أو حصره، أو باغته عدو، أو كان النفير عاما، ففرض عين... وعلى الإمام منع مخذل، ومرجف". اهـ.
وقال المرغياني في "الهداية شرح البداية" 2/135: "فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع، تخرج المرأة بغير إذن زوجها، والعبد بغير إذن المولى؛ لأنه صار فرض عين، وملك اليمين، ورق النكاح لا يظهر في حق فروض الأعيان كما في الصلاة والصوم". اهـ. ومثل ذلك قاله الكاساني في "بدائع الصنائع" 7/98، وزاد: "وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه؛ لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة". اهـ.
فانظر وتأمل كيف شبهوا فرض العين في "جهاد الدفع" بفرض العين في "الصوم" و"الصلاة".
ونقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن حبيب قال: " سمعت أهل العلم يقولون: إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو". اهـ.
فجمع الشيخ - رحمه الله - في هذا القول بين "جهاد الطلب"، وهو ما عناه بقوله: "حرمت مخالفته"، وقد سبق التعليق على ذلك، و"جهاد الدفع"، وهو الاستثناء في قوله: "إلا أن يدهمهم العدو"، ومقتضى هذا بمفهوم المخالفة أن العدو إذا داهم المسلمين، ومنعهم الحاكم من "جهاد الدفع" لم تحرم مخالفته. فتأمل!!!


يتبع :19:
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

تنبيهان:
الأول - المقصود بـ "النفير العام" أي دخول العدو بلاد المسلمين بغتة. وأصل "النفير" مفارقة مكان إلى مكان؛ لأمر حرك ذلك. انظر: "الفتح" 6/37، و"حاشية ابن عابدين" 4/127.
وقال المجددي في "قواعد الفقه" ص532: "النفير العام في الجهاد، هو قيام عامة الناس لقتال العدو، والنفير الخروج إلى العدو". اهـ.
الثاني - وردت بعض النقول عن بعض أهل العلم يفهم منها اشتراطهم إذن الإمام في "جهاد الدفع"، فاستغلها هذا البهلوان "عبد المحسن العبيكان"، وأطلق القول بها، ومن ذلك ما ورد في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله" 1/258: "سمعت أبي يقول: إذا أذن الإمام القوم يأتيهم النفير، فلا بأس أن يخرجوا. قلت: لأبي فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟!!
قال: لا، إلا أن يأذن الإمام، إلا أن يكون يفاجئهم أمر العدو، ولا يمكنهم أن يستأذنوا الإمام، فأرجو أن يكون ذلك دفعا من المسلمين.
وسألت أبي عن قوم من أهل خراسان بينهم وبين العدو حائط، ترى لهم أن يقاتلوا؟ فقال: إن كانوا يخافون على أنفسهم وذراريهم، فلا بأس أن يقاتلوا من قبل أن يأذن لهم الأمير، ولكن لا يقاتلوا إذا لم يخافوا على أنفسهم وذراريهم إلا أن يأذن الإمام". اهـ.
ويجاب على ذلك بأن: جواب الإمام أحمد واضح وصريح في أن الإذن مرهون بالخوف على أنفسهم، فمتى خافوا على أنفسهم، فلهم الحق في "جهاد الدفاع" بدون إذن الإمام؛ لأن دفع الصائل واجب، وهو مقدم على طاعة الإمام.
ثم "جهاد الدفع" له صور متعددة على أرض الواقع تختلف بحسب المكان والزمان، ومن هذه الصور الصورة التي يتكلم عنها الإمام أحمد، وهو أن يكون العدو خارج البلدة، والمسلمون يتحصنون داخل البلدة مع أميرهم، ومن المعلوم أن المدن حتى زمن قريب كانت تحصن بسور عظيم؛ ليحميها من هجمات الأعداء، وفي هذه حالة لو خرج المجاهدون من الحصن لملاقاة العدو قبل دخوله للبلدة، فإما أن يترتب على خروجهم إضعاف شوكة المسلمين داخل الحصن، كأن يتسببون في ثغرة في الحصن، أو إضعاف لأحد جوانبه، أو تشرذم لجماعة المسلمين، ففي هذه الحالة يجب إذن الإمام في "جهاد الدفع"؛ مراعاة لمصلحة الأمة، وليس لسواد عيون صاحب السمو.
أما إذا لم يترتب على خروج المجاهدين من الحصن مثل هذه المفاسد، فلا يشترط إذن الإمام مطلقا، وهذا معنى قول ابن قدامة في "المغني" 9/174: "وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا المقل منهم والمكثر، ولا يخرجوا إلى العدو إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه فلا يمكنهم أن يستأذنوه.
قوله المقل منهم والمكثر يعني به - والله أعلم -: الغني والفقير، أي: مقل من المال ومكثر منه، ومعناه: أن النفير يعم جميع الناس ممن كان من أهل القتال حين الحاجة إلى نفيرهم لمجيء العدو إليهم، ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه؛ لحفظ المكان، والأهل، والمال، ومن يمنعه الأمير من الخروج... ولأنهم إذا جاء العدو صار الجهاد عليهم فرض عين، فوجب على الجميع، فلم يجز لأحد التخلف عنه، فإذا ثبت هذا، فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو، وقلتهم، ومكامن العدو، وكيدهم، فينبغي أن يرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين، إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليهم؛ لتعين الفساد في تركهم؛ ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجا من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي، وقال: خير رجالتنا سلمة بن الأكوع، وأعطاه سهم فارس وراجل". اهـ.
قال مقيده "محتسب": فالمقصود بما ذكر هو مراعاة المصلحة العامة أثناء "جهاد الدفع"، وليس تعطيله كما يبهرج له هذا الفتان، فهذا لا يقوله عاقل!
وتأمل ما نقله صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن الإمام مالك أنه سئل عن العدو ينزل بساحل من سواحل المسلمين يقاتلونهم بغير استئمار الوالي؟
فقال: "أرى إن كان الوالي قريبا منهم أن يستأذنوه في قتالهم قبل أن يقاتلوهم، وإن كان بعيدا لم يتركوهم حتى يقعوا بهم، فقيل له: بل الوالي بعيد منهم. فقال: كيف يصنعون؟ أيدعوهم حتى يقعوا بهم؟!!! أرى أن يقاتلوهم". اهـ.
فتخيل أيها القارئ الكريم لو قيل للإمام مالك: إن الوالي لم يأذن لهؤلاء ب"جهاد الدفع"؛ لأن هذا الحاكم عينه البنتاجون على رقاب المسلمين، وقد بلغنا عن رجل أفتاهم بحرمة جهادهم حتى يأذن لهم هذا الوالي!! فتخيل كيف ستكون ردة فعل الإمام مالك نحو هذا الهذيان الذي جاء به "العبيكان"!!
هذا الرد نقلاً من كتاب الأخ محتسب وفر علينا مجهود الرد على هذا الضال , جزى الله أخينا محتسب خير الجزاء
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الشبهة الثانية: وجوب طاعة الحاكم المتغلب:

ذكر هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" بأن طاعة الحاكم المتغلب واجبة، من غير أن يفصل في المسألة؛ لأن التفصيل يكدر عليه خطته في تكريس احتلال الأمريكان للعراق وأفغانستان.
فعامله الله بعدله يريد من وراء ذلك أن "إياد علاوي" و"كرازاي" حكما (العراق وأفغانستان) بالغلبة والقهر، فوجب على المسلمين في هذه البلاد طاعتهما وعدم الخروج عليهما، واستدل على ذلك بأقوال عامة لأهل العلم وردت في هذا الباب، ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 13/7: "وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب، والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها". اهـ.
قال مقيده "محتسب": هذا كلام مجمل يجب تفصيله، وإلا وقع الاشتباه في مناط الدليل، وهو ما يحتال به هذا البهلوان "عبد المحسن العبيكان".
ومقصود الأئمة أنه لو حدث في الدولة الإٍسلامية وثبة على كرسي الحكم من قبل أحد المسلمين، كما يحدث عادة في الانقلابات العسكرية في زماننا هذا، ففي مصر انقلب "محمد نجيب" على "الملك فاروق"، وانقلب "جمال عبد الناصر" على "محمد نجيب"، وفي السودان انقلب "سوار الذهب" على "النميري"، وانقلب "البشير" على "المهدي"، فنجح الانقلاب، وتغلب أحدهم على الحاكم الأول، فأسره، أو قتله، أو وضعه في الإقامة الجبرية، واستقر له الوضع، فما الحكم الشرعي في هذا الانقلاب؟!
الجواب: هو ما ذكره الحافظ في "الفتح"؛ لأن ذلك من مصلحة الأمة، وهو الحفاظ على بنيتها وتماسكها وأمنها القومي، فالأمة لا تتضرر بذهاب عمرو، ومجيء زيد؛ لأنهم سواسية في الجملة، وظلم الحاكم لرعيته، أو فسقه وفجوره غالبا ما يرجع إليه وحده، ولا يضر الأمن القومي غالبا؛ لذلك رجح أهل العلم مصلحة استقرار الحكم في ظل الحاكم الظالم والفاسق على تبعات الخروج عليه، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فلزم الصبر عليه، وهذا ما ندين الله به، وهو من لب عقيدة أهل السنة والجماعة، كما قال "الطحاوي": "ولا نرى الخروج على أئمتنا، وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله - عز وجل - فريضة، ما لم يأمروا بمعصية". اهـ. وقال الزرقاني في "شرحه" 3/12: "أما أهل السنة، فقالوا الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عدلا محسنا، فإن لم يكن، فالصبر على طاعة الجائر أولى من الخروج عليه؛ لما فيه من استبدال الأمن بالخوف، وهرق الدماء، وشن الغارات والفساد، وذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه، والأصول تشهد، والعقل، والدين أن أولى المكروهين أولاهما بالترك". اهـ.
هذا هو الفقه الصحيح الذي لا نحيد عنه قدر أنملة، ولا ينازع فيه سلفي العقيدة والمنهج، ولكن البلية تكمن في التعامل مع أمثال هذه النصوص بطريقة بهلوانية؛ بإلباس الحق بالباطل، وإضلال الناس على علم، كما يفعل "العبيكان" في هذه المسألة، فهو يريد إلحاق السيناريو العراقي والأفغاني بحكم السلطان المتغلب؛ لحاجة في نفس يعقوب، وكذب وافترى، فالفارق جلي، أما مسألة "السلطان المتغلب"، فقد سبق توضيحها، وأن محورها لا يمس "أمن الأمة"، لأنها من الشؤون الداخلية، فكم من وثبة جرت في العهد الأموي، والعباسي، والأيوبي، ومع ذلك ظلت الدولة الإسلامية في تمدد شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، وظل المسلمون في عزة وإباء؛ لذلك عندما عدد العلامة "محمد بن إبراهيم" - مفتي السعودية الأسبق - طرق ثبوت الولاية، وذكر منها أن يأخذها قهرا بسيفه ومن معه، علل ذلك بقوله: "والكل والمدار هو إقامة الشرع، وحفظ كيان الأمة، والقيام بحقوقهم". اهـ. "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم" 12/173. فهذه هي الحكمة من طاعة الولي المتغلب.
وأما السيناريو الحاصل الآن في العراق وأفغانستان، فهو سيناريو "ابن العلقمي" مع التتار، الذي كاد يتسبب في فناء الأمة الإسلامية بأسرها.
ولنقترب من هوية "ابن العلقمي" أكثر ونقارنها بهوية "إياد علاوي"، - الذي يدعونا "العبيكان" إلى طاعته!! - حتى تتضح لنا الأمور على حقيقتها، ويستبين سبيل المجرمين، ويتبين لنا الزائغين.
* * *
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

العمالة والخيانة بين الأمس واليوم:
إذن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق من هو: "ابن العلقمي"؟!
ومن هو: "إياد علاوي"؟!
أما "ابن العلقمي"، فقد ترجم له العلماء في مواطن كثيرة، لم أجد من ذكره بالخير أبدا إلا طائفته "الروافض"، فقد مجدوه في بعض كتبهم، ولا يخفى على اللبيب سر ذلك، أما أهل السنة، فقد أجمعوا على لعنه وذمه، بل وصار لقبا لكل غادر للأمة الإسلامية، كما صار "كرزاي" لقبا لعملاء هذا الزمان، فيقال ل"قديروف" الهالك: "كرزاي الشيشان"، ويقال ل"علاوي" المخزي: "كرزاي العراق"الخ.
وقد ترجم له الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/362، فقال بنصه: "هو محمد بن محمد بن علي بن أبي طالب ابن العلقمي البغدادي الرافضي وزير المستعصم، وكانت دولته أربع عشرة سنة، فأفشى الرفض، فعارضه السنة، وأكبت فتنمر ورأى أن هولاكو على قصد العراق، فكاتبه، وجسره، وقوى عزمه على قصد العراق؛ ليتخذ عنده يدا، وليتمكن من أغراضه، وحفر للأمة قليبا، فأوقع فيه قريبا، وذاق الهوان، وبقي يركب كديشا وحده بعد أن كانت ركبته تضاهي موكب سلطان، فمات غبنا وغما، وفي الآخرة أشد خزيا وأشد تنكيلا، وكان أبو بكر ابن المستعصم والدويدار الصغير قد شدا على أيدي السنة حتى نهب الكرخ تم على الشيعة بلاء عظيم، فحنق لذلك مؤيد الدين بالثأر بسيف التتار من السنة، بل ومن الشيعة واليهود والنصارى، وقتل الخليفة ونحو السبعين من أهل العقد والحل، وبذل السيف في بغداد تسعة وثلاثين نهارا، حتى جرت سيول الدماء، وبقيت البلدة كأمس الذاهب، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعاش ابن العلقمي بعد الكائنة ثلاثة أشهر وهلك". اهـ.
ويمكن تلخيص ترجمة هذا الخبيث "ابن العلقمي" كما وردت في "سير أعلام النبلاء" في العناصر التالية:
1) "رافضي" النشأة، والجذور، والهوية.
2) "تمتع بسيرة سيئة الذكر".
3) "تولى مناصب عليا في الحكومة التي غدر بها".
4) "وضع يده في يد الكفار (التتار)، وعمل معهم من أجل إسقاط الحكومة (دولة الخلافة)".
5) "كان يرعى بنفسه إبادة شعبه، وتدمير وطنه على يد المحتل".
6) "عينه المحتلون على رأس السلطة بعد إسقاط الحكومة (الخلافة)".
والآن نقارن هذه الترجمة بترجمة خليفته في السيناريو العراقي "إياد علاوي"، والذي يدعونا الفتان "عبد المحسن العبيكان" للدخول تحت طاعته طوعا أو كرها؛ لأنه إمام المسلمين.
أما ترجمة "إياد علاوي"، فيجدها القارئ الكريم على الرابط التالي([1]).
وباستقراء هذه الترجمة نجدها نسخة مطابقة 100% لترجمة جده "ابن العلقمي" وسبحان الله!! "من أشبه أباه فما ظلم!!".
ويمكن تلخيص ترجمة هذا الخبيث "إياد علاوي" في العناصر رئيسة على نحو ما قمنا به مع ترجمة "ابن العلقمي"، وهي كما يلي:
1) "رافضي" النشأة، والجذور، والهوية.
2) "تمتع بسيرة سيئة الذكر".
3) "تولى مناصب عليا في الحكومة البعثية التي غدر بها".
4) "وضع يده في يد الكفار (الأمريكان)، وعمل معهم من خلال وكالة المخابرات الأمريكية (السي أي إيه)، وذلك من أجل إسقاط حكومة صدام".
5) "هو يرعى بنفسه إبادة شعبه في الفلوجة، وسمراء، وبعقوبة .الخ، ويتوعد أهلها شرا، سرا وجهرا، كما ساهم بشكل مباشر في تدمير وطنه على يد المحتل الأمريكي".
6) "عينه المحتلون على (رئاسة الوزراء) بعد إسقاط حكومة صدام".
ولعل أحد الأفاضل يستدرك على ما سبق ذكره، ويقول: ولكن "إياد علاوي" رئيس وزراء، أما رئيس العراق، فهو "غازي الياور"؟!!
والجواب: أن هذا صحيح، ولا إشكال فيه؛ لأن المحتل طبق في مغتصبته "العراق" نظام الحكم "الوزاري"، كما هو مطبق في "دولة الصهاينة"، وليس الرئاسي كما هو مطبق في "مصر"، وهذا النظام - أعني الوزاري - يحكم فيه "رئيس الوزراء"، أما رئيس الدولة، فهو منصب شرفي، لا يهش ولا ينش، يعني بصريح العبارة "تيس مستعار"، ولعل هذا يظهر جليا عند مقارنة دور "كساف" بدور "شارون" عند الصهاينة.
قال مقيده "محتسب": نعود فنقول: إن تنصيب "إياد علاوي" في سدة الحكم في العراق، ليس من قبيل "السلطان المتغلب" حتى يلحق بحكمه؛ لأن الوثبات في الحكم تكون داخلية، أما "علاوي"، فقد نصبه المحتل الأمريكي، كما نصب التتار "ابن العلقمي"، وابن العلقمي لم يقل أحد من الفقهاء بأن طاعته واجبة؛ لأن تسلطه على رقاب المسلمين يضر بأمن الأمة الإسلامية، فضلا عن العراق نفسه؛ للأجندة الأمريكية المعلنة والتي سبقت الإشارة إليها!!!
فلو جدلا قام "إياد علاوي" بثورة داخلية - كالتي حدثت في التسعينات في جنوب العراق، فتمكن من إسقاط "صدام حسين" - والاستيلاء على الحكم، لقلنا: يمكن إلحاق هذه الحالة بحكم "السلطان المتغلب"، أما وقد قام المحتل الكافر بذلك، فلا وألف لا!! فكيف إذا انضاف إلى ذلك علمنا بأن المحتل لديه قائمة من الأهداف الصليبية البعيدة المدى؟!!
* * *

 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الشبهة الثالثة: وجوب طاعة الحاكم ولو عينه الكفار:
قال مقيده "محتسب": زعم "العبيكان" بأن الكافر إذا استولى على بلد مسلم، وتغلب عليه، تلزم طاعته؛ حقنا لدماء المسلمين، واستند على ذلك بأقوال بعض أهل العلم أنزلها كعادته البهلوانية على غير مراد أهل العلم، فألبس الحق بالباطل، وسيأتي ذكر أقوال أهل العلم في المسألة، وبيان زيغ هذا الرجل.

كذبت وما يكذب فإن جزاءه إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصدّقا


إذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذابا وإن كان صادقا


ومن آفة الكذاب نسيان كذبه وتلقاه إذا فِقْهٍ إذا كان حاذقا

المقصود أن كل هذيان "العبيكان" السابق في واد، وهذه الفرية التي بين أيدينا في واد آخر، وقد أخذت أتأمل وأبحث عن جذور هذه الفرية فترة من الزمان، فخلصت إلى حقيقة بادية للعيان، قد يستغرب منها بعض القراء، ومضمونها أن الفتان "عبد المحسن العبيكان" هو منظر لمذهب جديد لم يسبقه إليه أحد من مشايخ السلاطين - فيما أعلم -
مذهب يتناسب مع التوجهات الأمريكية في المنطقة، سميته مذهب "القديوسلفية"، وحقيقته "دعوة قاديانية بعباءة سلفية"، ومستندي في ذلك أن أول من دعا المسلمين إلى عدم مقاتلة المحتل الكافر، ونظّر وقعّد، وألف في ذلك عشرات المؤلفات، وجعله دينا يحمل الناس على التدين به، هو المرتد "ميرزا غلام أحمد" (الهالك سنة 1309هـ) مؤسس نحلة "القاديانية" الهندية، والقصة ترجع عندما احتل "الإنجليز" بلاد الهند سنة (1857م) وسقطت إحدى الدول الإسلامية الكبرى، انبطح "الهندوس"، ورضوا بالأمر الواقع عملا بفقه "العبيكان" (يجب طاعة المتغلب الكافر)، ولكن لم يقبل المسلمون بالذل والخضوع للمغتصب "الإنجليزي"، فحملوا السلاح وأعلنوا الجهاد، ولم ينتظروا فقه أمثال هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" من إذن إمام وما شاكل ذلك من هذيان، وتحولت مراكزهم الدينية، وزواياهم، ومساجدهم كلها إلى معسكرات للتدريب على شتى أنواع المقاومة، وإعداد المجاهدين لمحاربتهم. فأصابوا المحتل في مقتل، وتضررت مصالحه كثيرا، ففكر عقلاؤهم في الحل الأمثل لكبح جماح المسلمين، فأوحى إليهم الشيطان بأن عليكم البحث عن "العبيكان"، وكما هو معلوم أن لكل زمان "عبيكان"، فكان ما كان من توفر شروط الشيطان في "ميرزا غلام أحمد"، فأغدق عليه المحتل من كرمه، وبمنبر للدعوة كمنبر قناة الفسق والفجور "الإم بي سي"، فصال وجال بين أبناء المسلمين، يُنظّر ويُكرس للاحتلال الإنجليزي لبلاد الهند، وسرعان ما بزغ نجمه الآفل في فضاء الضلال، فأسس سوسة خبيثة تنخر في عظام الأمة إلى يوم الدين، سماها "الأحمدية"، وهي ما تعرف بـ "القاديانية"، انتشرت في أرجاء العالم كما ينتشر الدود في الجثث المنتنة.
وحتى نقترب أكثر من المشهد الهندي؛ لنقارنه بالمشهد العراقي، ننقل شهادة "شاهد عيان" وهو يصور لنا حال المسلمين إزاء هذا المحتل "الإنجليزي"، فقال "جمال الدين الأفغاني": "أحس الإنجليز أن المسلمين ما داموا على دينهم، وما دام القرآن يتلى بينهم، فمحالا أن يخلصوا لسلطة أجنبي عنهم، خصوصا إن كان ذلك الأجنبي خطف الملك منهم بالخديعة، أو المكر، تحت ستار المحبة، والصداقة، فطفقوا يفتشون بكل وسيلة لتوهين الاعتقاد الإسلامي... ومن جهة أخرى أخذوا في تضييق سبل العيش على المسلمين، وتشديد الوطأة عليهم، والإضرار بهم من كل وجه... فلما خاب أمل أولئك الحكام الجائرين... نزعوا إلى تدبير آخر في إزالة الإسلام من أرض الهند أو إضعافه؛ لأنهم لا يخافون إلا من المسلمين... فاتفق أن رجلا اسمه "أحمد خان" كان يحوم حول الإنجليز لينال فائدة مما لديهم، فعرض نفسه عليهم... ونادى بأن لا وجود إلا للطبيعة العمياء... ولقب نفسه بالطبيعي... فراق لحكام الإنجليز مشروبه، ورأوا فيه خير وسيلة لإفساد قلوب المسلمين، فأخذوا في تعزيزه وتكريمه، وساعدوه على بناء مدرسة "المحمدية"؛ لتكون فخا يصيون به أبناء المسلمين؛ ليربوهم على أفكار هذا الرجل". اهـ. نقلا عن "المذاهب المعاصرة" د. عبد الرحمن عميرة ص 275.
قال مقيده "محتسب": ومن يمعن النظر جيدا بتجرد وإنصاف، يجد ما يقوله "جمال الدين الأفغاني" كأنه يشهد على حال العراق، ودنس الأمريكان في أرض الرافدين.
وكان والد الشيطان المنتظر "ميرزا"، ممن أخلصوا عملهم للإنجليز، فيخبرنا "ميرزا" عن والده مفتخرا "المرجع السابق" ص 281: "فلقد ساعدهم - أي الإنجليز - والدي مساعدة كبيرة في قمع تمرد (1857م) - يقصد المجاهدين للاحتلال الإنجليزي. فتأمل ما أشبه اليوم بالأمس - ومدهم بخمسين فارسا مسلحا؛ لضرب الثوار؛ ولذلك تدفقت على والدي رسائل الشكر والامتنان من قبل الحكام". اهـ.
قال د. عبد الرحمن عميرة معلقا: "إن والده لم يكتف بأن يكون سلبيا ضد هؤلاء الغزاة، ويجلس في بيته، ويغلق عليه بابه، بل فعل ما لم يفعله أحد قبله أو بعده، لقد ترك أبناء جلدته يحاربون العدو، وأخذ في طعنهم من الخلف بغية فتح الطريق على جثث هؤلاء المجاهدين إلى داخل البلاد.
إن هذا الرجل الخائن لنفسه أولا، ولدينه ثانيا، ولوطنه ثالثا، كان يجب أن يلقى جزاءه، ولكن أسياده الإنجليز - على ما نعتقد - حالوا بينه وبين غضبة الثوار".
ونحن نكرر نفس مقالة د. عبد الرحمن عميرة: إن "عبد المحسن العبيكان" لم يكتف بأن يكون سلبيا ضد الغزاة الأمريكان، ويجلس في بيته، ويغلق عليه بابه، ويكفينا شره، بل فعل ما لم يفعله أحد قبله من مشايخ السلاطين، لقد ترك أبناء جلدته يحاربون العدو في الفلوجة، وبعقوبة، والموصل، وأخذ في طعنهم من الخلف بغية فتح الطريق على جثث هؤلاء المجاهدين إلى داخل البلاد. والله المستعان!!!
أما بيت القصيد مما مر، فهو اعتراف هذا القادياني "ميرزا" بجريمته التي أخفاها الآخرون، فقال - عامله الله بما يستحق - ص282: "لقد خطوت أكبر مرحلة من حياتي في نصرة الدولة البريطانية والدفاع عنها، وألفت كتبا أحرم فيها الجهاد ضدها، ووجوب الطاعة، والخضوع لها لو جمع كل ما كتبته في هذا الصدد، لبلغ خمسين كتابا، ووزعت هذه الكتب كلها في جميع أقطار العالم، مثل الجزيرة العربية، والشام، ومصر، وكابل، وبلاد الروم". اهـ.
وسبحان الله!! كأني أرى لسان حال هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" يردد نفس مقالة زعيم "القاديانية"، فيقول: لقد خطوت أكبر مرحلة من حياتي في نصرة الدولة الأمريكية والدفاع عنها، وقدمت برامج كثيرة عبر أشهر قناة علمانية لبرالية في العالم العربي "الإم بي سي"، تناصب الصحوة الإسلامية العداء السافر، أحرم فيها الجهاد ضدها، ووجوب الطاعة، والخضوع لها؛ مطيتي في ذلك وجوب طاعة الحاكم ولو عينة الكفار!!!
وقد علق "عبد الرحمن عميرة" على مثل هذا قائلا: "إن القادياني - أو العبيكاني - بهذه الدعوة ينكر آيات القرآن ويعطلها، ويطالب المسلمين بألا يعملوا بقول الله تعالى: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة:41)". اهـ.
ويصف لنا علامة الهند "أبو الحسن الندوي" - رحمه الله - الأدلة القاطعة التي ساعدت على قيام "السوسة القاديانية والعبيكانية"، فقال: "قد تحقق علميا وتاريخيا أن القاديانية وليدة السياسة الإنجليزية، فقد أهم بريطانيا وأقلقها حركة المجاهد الشهير السيد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد 1842م، وكيف ألهب شعلة الجهاد والفداء، وبث روح النخوة الإسلامية، والحماسة الدينية في صدور المسلمين في الربع الأول من القرن التاسع عشر المسيحي، وكيف التف حوله وحول دعاته آلاف المسلمين عانت منهم الحكومة الإنجليزية في الهند مصاعب عظيمة - كما هو حال الأمريكان في العراق - وكانوا موضع اهتمامها، ثم رأت دعوة الأفغاني تنتشر في العالم الإسلامي، كل ذلك رأته الحكومة الإنجليزية ودرسته، وعرفت أن طبيعة المسلمين طبيعة دينية، فالدين هو الذي يثيرهم... واقتنعت أخيرا بأنه لا يؤثر في المسلمين وفي اتجاههم مثل ما يؤثر قيام رجل منهم باسم منصب ديني رفيع - وما "العبيكان" عنا ببعيد - ويجمع حوله المسلمين، ويخدم سياسة الإنجليز - والأمريكان في زماننا هذا، ويؤمنهم من جهة المسلمين وغائلتهم، وفي شخص "ميرزا غلام أحمد" الذي كان مضطرب الأفكار والعقيدة، وكان طموحا إلى أن يؤسس ديانة جديدة، ويكون له أتباع ومؤمنون". اهـ. "الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي" د. البهي ص34.
هذا هو القادياني، وهذا هو ضلاله، فقارنه - رحمك الله وأضاء بصيرتك - على مهل بموقف الفتان "عبد المحسن العبيكان"، وتأمل أين اتفقوا؟! وهل افترقوا؟!
إننا لا نحمل عداء شخصيا نحو "العبيكان" وأشباهه ممن ركبوا موجة الأمريكان، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، وصاروا يلعبون فيما بينهم لعبة "الكراسي الموسيقية" في استوديوهات الرذيلة في "الإم بي سي"، يدخل "العبيكان" فيجلس على كرسي الفتنة في برنامج "الحوار الغائب"، ثم يخرج ويجلس آخر في برنامج "يللا يا شباب" ويكمل اللعبة، ولست أدري يللا يا شباب إلى أين؟! إلى إسلام بالمواصفات الأمريكية!! أو إلى الإسلام الممسوخ بعيون غربية!!
والمصيبة أن يستدرج إلى هذه البرامج دعاة كنا نعدهم من الأخيار، وكنا نظنهم أكثر ذكاء من الوقوع في فخ دعاة اللبرالية في "الإم بي سي" وأضرابها.
نحن لا نرى مانعا من نقد سلوك بعض الشباب المسلم، فمن منا بلغ الكمال؟ ولكن محل الإنكار أن نستدرج للطعن في شباب الصحوة بكلام مجمل يوظفه أعداء الصحوة لنيل مآرب خبيثة لا تخفى عن الأذكياء!!
 
التعديل الأخير:
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

نرجع فنقول لتقريب الرؤية، فقد علمت رأي "العبيكان" في "جهاد الطلب"، و"الدفع"، كما علمت محاولاته البائسة إلحاق الحكم الشرعي "للسلطان المتغلب" بـ "سلطان ابن العلقمي" المدعو "إياد علاوي" الذي عينه "الأمريكان"؛ حتى يصبغ على الاحتلال صبغة شرعية، ولم يكتف بذلك، حتى زعم في حلقة يوم السبت 4/8/1425 هـ، بأن الجهاد غير اللازم، وبرر ذلك بقوله: "إن الجهاد غير مقصود لذاته؛ فهو وسيلة وليس غاية"، كذا قال - فض الله فاه - على دربه إلباس الحق بالباطل، فعنده لا داعي للجهاد، فيغني عنه المراكز الإسلامية، والقنوات الفضائية، والمهرجانات الدعوية، ويُنظّر العبيكان لذلك جهارا نهارا، وللأسف أهل العلم في حلم من وساوسه، لا يحركون ساكنا للأخذ على يده، والحجر على كلامه.
ونقول "للعبيكان": أنت تشهد على نفسك بما يخشى الفاروق منه على نفسه، فلنا أن ترك الجهاد علامة من علامات النفاق - نسأل الله لنا ولجميع إخواننا السلامة منه - ففي صحيح مسلم، وغيره: "من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق"، فلست أدري أين "العبيكان" من هذا الحديث؟!! أم تصوف فرجع من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر؟!! فإن كان كذلك فـ "القاديانية" ربيبة "الصوفية"، و"الصوفية" بريد "الرافضية"، وثلاثتهم من مشاة واحدة، يخبر ذلك من وضع "سوس الملل والنِحل" تحت مجهر الكتاب والسنة.
والسيد قطب - رحمه الله - يعد مِن أبرز مَن خبر بمسالك هذا "السوس"، فقطع ألسنتهم بعبارة بليغة، فقال "في ظلال القرآن" 3/1662: "وهذه هي القاعدة التي لا تخطيء، فالذين يؤمنون بالله، ويعتقدون بيوم الجزاء لا ينتظرون أن يؤذن لهم في أداء فريضة الجهاد، ولا يتلكأون في تلبية داعي النفرة في سبيل الله بالأموال والأرواح، بل يسارعون إليها خفافا وثقالا، كما أمرهم الله؛ طاعة لأمره، ويقينا بلقائه، وثقة بجزائه، وابتغاء لرضاه، وإنهم ليتطوعون تطوعا، فلا يحتاجون إلى من يستحثهم فضلا عن الإذن لهم، إنما يستأذن أولئك الذين خلت قلوبهم من اليقين، فهم يتلكأون، ويتلمسون المعاذير؛ لعل عائقا من العوائق يحول بينهم، وبين النهوض بتكاليف العقيدة التي يتظاهرون بها، وهم يرتابون فيها ويترددون". اهـ. فتأمل!!
إن "العبيكان" يدعونا صراحة إلى تعطيل سنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - القائل فيها: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أبو داود، وغيره بإسناد صحيح من حديث ابن عمر مرفوعا.
إن "العبيكان" يدفع الأمة إلى سخط وغضب الله، فيتجاهل الوعيد الذي حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم: "من لم يغز أو يجهز غازيا، أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة" رواه أبو داود، وغيره بإسناد حسن من حديث أبي أمامة.
ويل للعرب من شر قد اقترب، ويل للمسلمين من المخذلين، ويل لعباد الرحمن من شبهات "العبيكان"!!
إذن فليشهد الأنام على مقالة "العبيكان"، ولنلقي نظرة على الجهاد في عيون "آل قاديان"، حتى نقارنه بمقالة أهل الإرجاف والروغان؛ ونرى أين يلتقيان، وهل يفترقان؟!
وخير من يطلعنا على عقيدة "القاديانية" في الجهاد، هو مؤسسها نفسه "ميرزا غلام"، فيقول - قاتله الله - في كتابه "الأربعين": "لقد ألغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاء باتا". اهـ.
ويقول: " لقد آن تفتح أبواب السماء، وقد عطل الجهاد في الأرض، وتوقفت الحروب، كما جاء في الأحاديث: إن الجهاد للدين يحرم في عهد المسيح، فيحرم الجهاد من هذا اليوم، وكل من يرفع السيف للدين، ويقتل الكفار - كالأمريكان عند العبيكان - باسم الغزو والجهاد، يكون عاصيا للسنة ولرسوله". اهـ. تأمل!!!
وأخيرا فضح "القاديان" مدرسة "العبيكان"، فقال: "إن الفرقة الإسلامية التي قلدني الله إمامتها وسيادتها، تمتاز - يقول محتسب: هل بالصلاة، أو بالزكاة؟ - بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره، بل إن الفرقة المباركة لا تستخفي سرا كان أو علانية، وتحرمه تحريما باتا". اهـ.
وأترك القارئ الكريم حق المقارنة، واستخلاص العبر، فالمؤمن كيس فطن.
غير أني أضرب مثلا في الخاتمة لكيفية تلاعب أمثال هؤلاء بكتاب الله، كما تلاعبوا بأقوال أهل العلم، فمن أبرز ما يحتج به على وجوب طاعة الكفار - كحال "العبيكان" - تأويله لقول الرحمن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59).
فقال "منكم" بمعنى "فيكم"!! وهذا يعم المؤمن والكافر.
قال الألباني - رحمه الله - في "تعليقه على العقيدة الطحاوية" ص 48: "وأما الكفار المستعمرون فلا طاعة لهم، بل يجب الاستعداد التام مادة ومعنى لطردهم، وتطهير البلاد من رجسهم، وأما تأويل قوله تعالى: أي: "فيكم"! فبدعة قاديانية، ودسيسة إنكليزية، ليضلوا المسلمين، ويحملوهم على طاعة الكفار المستعمرين، طهر الله بلاد المسلمين منهم أجمعين". اهـ. فتأمل!!
نخلص من ذلك كله أن لازم كلام "العبيكان" أن "عمر المختار" ضال؛ لأنه خرج عن طاعة إيطاليا!!!
و"الأمير عبد القادر الجزائري" مجرم؛ لأنه خرج عن طاعة فرنسا!!!
و"أحمد عرابي" خائن؛ لأنه خرج عن طاعة الإنجليز!!!
و"شامل الداغستاني" (ت 1871م) باغي؛ لأنه خرج عن طاعة روسيا القيصرية!!!
والشيخ "القسام" خارجي؛ لأنه خرج عن طاعة الصهاينة المحتلين لفلسطين!!!
وهكذا الحبل على الجرار لأهم رموز المسلمين المقاومين والمجاهدين للمحتلين عبر التاريخ والسنين؛ لأن كل هؤلاء جاهدوا "جهاد الدفع" بدون إذن الإمام، ولأنهم خرجوا عن طاعة السلطان "ابن العلقمي" المتغلب، ولم يطيعوا الكفار المحتلين!!! فتأمل أيها القارئ الكريم!!! واحمد الله على الهداية.
ولا تسأل "العبيكان" عن حكم المشايخ الذين كانوا يشدون من أزر المقاومين، ويفتوا لهم بوجوب الجهاد لطرد المحتلين أمثال "أحمد بن عرفان" في الهند، و"ابن باديس" في الجزائر، فكل هؤلاء عنده "دعاة فتنة" و"أئمة ضلال" و"أصحاب أهواء"، و"جهلة طويلبة للعلم"، و"أنصاف فقهاء"!! أما هذا الأفاك "العبيكان"، فهو شيخ الإسلام والمسلمين!!! الله المستعان.
أما ما ذكره الأئمة في هذا الباب، فقد قال النووي - رحمه الله - في "شرحه على صحيح مسلم" 12/229: "قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل، قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها، قال: وكذلك عند جمهورهم البدعة - أي ينعزل لو مبتدعا كأن يكون رافضيا ك"أياد علاوي"، قال: وقال بعض البصريين: تنعقد له وتستدام له - أي المبتدع وليس الكافر كما سيأتي تعليله؛ لأنه متأول، قال القاضي: فلو طرأ عليه كفر، وتغيير للشرع، أو بدعة - فما الحكم يا إمام لنقطع لسان "العبيكان"؟ - خرج عن حكم الولاية - ثم ماذا يا إمام؟ - وسقطت طاعته - ثم ماذا يا إمام رحمك الرحمن؟ - ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه - فأين طاعته يا صاحب الهذيان - ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر". اهـ. وهو عين ما يقوم به المجاهدون في "العراق" و"أفغانستان"، و"فلسطين" و"الشيشان"، رغم أنف "العبيكان"!!
وقال الشرواني في "حاشيته" 9/78: "الكافر إذا تغلب لا تنعقد إمامته؛ لقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، وقول الشيخ عز الدين لو استولى الكفار على إقليم فولوا للقضاء رجلا مسلما فالذي يظهر انعقاده ليس بظاهر. اه، والأقرب ما قاله الخطيب. اهـ. قوله (كلها) أي: إلا الإسلام، أما لو استولى كافر على الإمامة، فلا تنعقد إمامته". اهـ.
هذه هي نصوص أهل العلم واضحة وجلية بين يدي إخواني القراء، لم أدلسها، ولم ألوِ عنقها، وأنا على استعداد تام لمناقشتها لمن اشتبهت عليه الأمور، وأشهد الله أني راجع إلى الحق متى ظهر، ومن أي شخص خرج، فلا خير من لم يحتسب على نفسه قبل أن يحتسب على غيره، وغايتنا من ذلك كله الاحتساب ببيان الحق والصدع به، رضي الأمريكان، أو سخطوا، وأعجب الحكام، أو غضبوا. فوالله ما وضعنا سوداء في بيضاء إلا طلبا لرضاء الرحمن، والله على ما نقول وكيل.
فمن كان ذا عقل ولم يك ذا غنى يكون كذي رِجْلٍ وليست له نعلُ
ومن كان ذا مال ولم يك ذا حِجَى يكون كذي نعل وليست له رِجل
* * *
 
رد: عقلي الصغير يكاد أن يطير

الشبهة الرابعة والأخيرة ؛ التفريق بين جهاد الأفغان للروس، وجهاد العراقيين للأمريكان:
كلنا يعلم أن جهاد الأفغان للروس اكتسب شرعية مزدوجة: "شرعية دينية"، و"شرعية أمريكية".
أما "الشرعية الدينية"، فقد تجلت في فتاوى واضحة وجلية من علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فصار الجهاد وقتئذ بملء الفم "ذروة سنام الإسلام"، و"من أفضل الأعمال"، وبلا ريب أن العلماء الذين أفتوا بذلك ليسوا جميعا نياتهم واحدة، فمنهم الأفاضل الذين يعرف عنهم العلم والتقوى، والسيرة الحميدة، كالعلامة "ابن باز"، و"ابن عثيمين"، و"الألباني" - رحمهم الله جميعا - ومنهم من وافقت الفتوى هوى سلطانه، فرقص على إيقاع المفتين، وبصم عليها بالإبهام والجبين.
وأما "الشرعية الأمريكية"، فالكل يعلم سيناريو الحرب الباردة بين معسكر الأمريكان ومعسكر السوفيت، وكل من الطرفين كان يسعى لتحجيم نفوذ الطرف الآخر، وكانت بلاد البترول (دول الخليج، والعراق، وإيران) أحد أهم محاور التنافس بين القوتين، وبسقوط دولة شاه إيران، فقد الأمريكان أهم الحلفاء، وضعف نفوذها في المنطقة، فرأى الروس الفرصة سانحة للوصول للمياه الدافئة، فكان غزو أفغانستان لتأمين مصالحهم السياسية والاقتصادية، ولم يعجز الروس عن إيجاد حيلة في تشريع غزوهم لأفغانستان، كما يفعل الآن الأمريكان، فكانت الحيلة بأن أوعزوا لحكومة كابل وقتئذ بأن تعلن رسميا عن طلبها المساعدة من الحكومة السوفيتية لكبح جماح الخارجين على الحكومة الشرعية، فكان ما كان من إرسال السوفييت جيشا جرارا يقدر بأكثر من مائة ألف جندي لمساعدة حكومة كابل.
وبلا ريب أن هذا الغزو خلط أوراق الأمريكان، خاصة مع تغلغل الماركسية في كوبا، وعدة دول في أمريكا اللاتينية والتي تعد الحديقة الخلفية للبيت الأبيض.
فعمل الأمريكان على إنهاك الروس في أفغانستان من خلال طرف ثالث يسمى "المارد الإسلامي"، فأوعزت أمريكا لجميع أذنابها بعمل ما يلزم لتحقيق ذلك، ففتح الباكستانيون ذراعهم للمجاهدين، وقدمت جميع التسهيلات، كما انتشرت صناديق التبرعات في كل حارة وزقاق في بلاد الخليج لدعم المجهود الحربي للمجاهدين، كل ذلك تحت رعاية ومباركة الحكومات، وليس لوجه الله، وإنما لتحقيق مصالح الأمريكان، كما لم يبخل الأمريكان في تسريب كميات من صواريخ "استنجر" للمجاهدين عن طريق طرف ثالث (باكستان)، كما أُعطي الضوء الأخضر لمصر بتزويد المجاهدين بصواريخ "صقر"، المقصود التذكير بأن الجميع عمل كفريق واحد لتوريط الروس في أفغانستان، وبذلك اكتسب الجهاد في أفغانستان "الشرعية الأمريكية".
فالأستاذ "العبيكان"، يدرك جيدا أن قياس "جهاد العراق" على "جهاد أفغانستان" سيخلط عليه الأوراق، ويفسد عليه الخطة، فعمل جاهدا على جعل هذا القياس فاسدا، وذلك باختراع فوارق بين الحالتين ما أنزل الله بها من سلطان، فزعم أن الوضع في أفغانستان يختلف عن وضع في العراق، فالأول يشرع فيه الجهاد، والآخر لا يشرع، ولم يذكر لنا دليلا شرعيا واحدا يستوجب هذا التفريق، اللهم إلا سفسطائيات سخيفة، وعقليات هزيلة، تضحك العقلاء، ويتعجب منها الفقهاء، وملخص شبهته:
أن الروس دخلوا أفغانستان للاستيلاء على البلاد وعدم الخروج منها، بينما الأمريكان لم يأتوا للاستيلاء على العراق - على نفس الأنغام الأمريكية، وهم ينوون الخروج بمجرد استقرار الوضع السياسي، واستشهد على ذلك بما هو معلن من طرف الأمريكان، وأنهم أعلنوا - أي الأمريكان - أنهم سيرحلون فورا إذا طلبت منهم الحكومة العراقية ذلك!!
كذا قال!! - عامله الله بعدله - يبني حكما فقهيا خطيرا تعم به البلوى، وتتعلق به مصالح دولة، على نيات عباد الصليب الأمريكان وما يعلنون عنه في وسائل الإعلام!!
يرهن مستقبل الأمة بكاملها بناء على وعود أمريكية!!
لا يفزعنك قعاقع وفراقع وجعاجع صدرت عن العبيكان
ما عنده شيء يهولك غير ذاك الصراخ عبر وسائل الإعلام
لو قلت هذا البحر قال مكذبا هذا السراب يكون بالقيعان
أو قلت هذي الشمس قال مباهتا الشمس لم تطلع إلى ذا الآن
فالحق شمس والعيون نواظر لا تختفي إلا على العميان
ويجاب على هذيان "العبيكان" بما يلي:
أولا- أين دليلك المادي على عزم الروس البقاء في أفغانستان عندما غزوها؟!
فالبينة على من ادعى، فيلزمك أن توثق ما زعمته، فتأتي بتصريح سوفيتي رسمي يعلنون فيه أنهم عازمون على البقاء في أفغانستان بعد استقرار الوضع السياسي فيها!! وهيهات هيهات أن تقدر على إثبات ذلك؛ لأن الروس ليسوا بغباء أنصاف الفقهاء حتى يعلنوا خططهم وأهدافهم الحقيقية على رؤوس الأشهاد!!
أما إن كان حكمك هذا مبني على الظن والاستنتاج، فهو بداهة أولى في حق الأمريكان في العراق، وسيأتي برهانه المادي بعد قليل - إن شاء الله -
أما الثقة في وعود المحتلين، فهو دأب ضعاف العقل والدين، والحمقى والمغفلين، وتاريخ المحتلين يؤكد لنا ذلك، فعلى سبيل المثال: غزت فرنسا الجزائر تحت شعار (الثأر لكبرياء فرنسا)، وذلك بعدما أهان الحاكم الجزائري "الداي أحمد" سفير فرنسا في الجزائر، في قصة مشهورة، عندما ضربه على وجهه بمروحة يدوية، فأرسلت فرنسا جيوشا جرارة لغزو الجزائر لرد الاعتبار، فمكثت 132 سنة، ولم تخرج إلا تحت وطأة ضربات المجاهدين والمقاومين التي كلفت الشعب الجزائري مليون ونصف شهيد!!
أما ما يؤكد عزم الأمريكان على البقاء في العراق أمدا بعيدا، وكذب دعواهم أنهم سيخرجون إذا طلبت "الحكومة العراقية" ذلك، فما يلي:
أولا - كلنا يعلم أن أمريكا أكبر مستهلك للبترول في العالم (17 مليون برميل يوميا)، تأمن منه 60% من مخزونها الاحتياطي الذي لا يتجاوز (21 مليار برميل في أحسن تقدير)، و40% من الخارج، لذلك تعد أكبر مستورد للبترول في العالم، فهي تستورد أكثر من سبع ملايين برميل يوميا.
أيضا معلوم أن احتياطاتها البترولية سوف تنفد بشكل كامل سنة 2007م، وبذلك ستستورد جميع احتاجاتها البترولية من السوق العالمي بنسبة 100%، وبلا ريب أن أي خلل يطرأ على هذه الإمدادات سيتسبب في توقف الحياة في أمريكا، ومن ثَم تدمر بشكل كامل، فتخشى أمريكا أن تستخدم الدول المنتجة للبترول هذه السلعة كسلاح ضغط على السياسة الخارجية الأمريكية كما حدث سنة 1973م، أو يسيطر الصينيون أو الروس على منابع البترول بطريقة أو أخرى، فيهدد أمنها القومي.
أما العراق، فكلنا يعلم أنه يجلس على بحر من الذهب الأسود، فهو يملك أكبر احتياطي بترولي في العالم على الصحيح من تقارير المختصين، يقدر بأكثر من (130 مليار برميل)، وهذا يؤمن الإمدادات الأمريكية لمدة ربع قرن تقريبا، غير ما سيتم اكتشافه لاحقا في مناطق أخرى في العراق.
وفي المقابل لا تجلس أفغانستان إلا على أحجار وجبال بركانية، وجفاف وقحط وجدب في طول البلاد وعرضها، وهي أفقر دول العالم في الثروات الطبيعية، فأي البلدين أحق بوضع اليد عليها أيها العقلاء؟!! دولة تمتلك مخزونا هائلا من الذهب الأسود، أم بلد معدم لا يصدر إلا الفقر والبؤس؟!! أترك الجواب للعقلاء.
ثانيا - من المعلوم أن للأمريكان أجندة خطيرة في المنطقة العربية، تعمل على تحقيقها منذ زمن بعيد على مراحل، أشرت إليها آنفا، ومن ذلك أيضا تكريس ثقافة الغرب الصليبي، وضرب معاقل الإسلام وتجفيف منابعه، وبناء دولة "إسرائيل الكبرى"، وحمل المسلمين على التطبيع الكامل سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا مع "إسرائيل"، ويأتي في هذا السياق ما أعلنه الأمريكان عن عزمهم على إنشاء ما يسمى ب "الشرق الأوسط الكبير"، وهو عبارة عن تجمع وتكتل اقتصادي وسياسي ضخم تحت مظلة العولمة الأمريكية، يكون قطبه الرئيس ومحوره الأساسي دولة الصهاينة "إسرائيل"؛ لما تتمتع به - من وجهة النظر الغربية عامة، والأمريكية خاصة - من مؤهلات سياسية، واقتصادية، وعلمية تؤهلها عن جدارة واستحقاق لقيادة هذا المشروع.
ولكي تحقق أمريكا أهدافها عملت على إسكات أصوات المعترضين، وفي مقدمة هؤلاء "صدام حسين"، فكان غزو العراق لإسقاطه، ومن ثَم تنصيب حكومة عميلة تلبي المطالب الأمريكية، وعلى قاعدة "اضرب المربوط يخشاك السائب" سرعان ما خضعت "ليبيا" للمطالب الأمريكية، ولم يبق من الأنظمة المشاغبة للسياسة الأمريكية في المنطقة إلا "إيران"، و"سوريا"، وإن كانت النقاط التي تجمع هذه الأنظمة مع المشروع الأمريكي أكثر من نقاط الخلاف؛ لذلك نسمع بين الفينة والأخرى الغزل الأمريكي الإيراني السوري، ولذلك نحن على يقين أن المنطقة ستنبطح عن بكرة أبيها للمشروع الأمريكي فور إخضاع المجاهدين في العراق - لا سمح الله، وستعترف جميع الأنظمة بالكيان الصهيوني الخبيث طوعا أو كرها، ويتم نسف القضية الفلسطينية، وحينئذ سيبلغ المسلمون قمة الإذلال والضياع على موائد اللئام.
فيا أيها العقلاء! لقد جاء الأمريكان للمنطقة لتنفيذ أجندة معلنة وليست خفية، وهذا يستلزم تنصيب حكومات عميلة حتى النخاع على رقاب المسلمين في العراق وسائر المنطقة، كما يستلزم منه إبقاء قوة عسكرية لحماية هذا المشروع ودعمه، بجانب حماية آبار البترول في الجنوب والشرق والشمال، وتأمين سلامة الدولة الصهيونية في منطقة الأنبار، فهل هذا يدل من قريب أو بعيد على قرب خروج الأمريكان، ورحيلهم من العراق؟!!
ثالثا - أعلن الجيش الأمريكي في وقت سابق بعد إسقاط نظام صدام أنه بصدد بناء عشر قواعد عسكرية عملاقة، ويقال أن حصونها تقاوم القنابل النووية، وأن هذه القواعد أنفق عليها عشرات المليارات، فهل هذا سلوك من يعتزم الرحيل؟!!
رابعا - اعترفت وزارة الخارجية الأمريكية أنها عازمة على جعل السفارة الأمريكية في بغداد أكبر سفارة لها في العالم، يقدر عدد منسوبيها ب (5000 موظف أمريكي)، أي مع المرافقين يصبح العدد (20000 أمريكي).
كذلك أعلن السفير الأمريكي "بونتي" على عزم السفارة الأمريكية بافتتاح مكاتب لها في جميع مدن العراق، أضف إلى ذلك الطوابير المتوقعة من الخبراء والفنيين الأمريكان الذين سيعملون في مجال البترول والإنشاء وأمركة الهواء في العراق، وبذلك سيبلغ عدد المدنيين الأمريكان عشرات الألوف، فقل لي بربك كم سيلزمهم من قوات أمريكية لحمايتهم وحفظ أمنهم، خاصة في ظل وجودهم على أرض معادية تتربص بهم الدوائر مهما طال بهم الزمن أو قصر؟!!
أما ما يصرح به الأمريكان باستعدادهم للرحيل متى طلبت منهم الحكومة العراقية العميلة ذلك، فصدقوا بلا ريب، ولكن السؤال الأهم: ما حقيقة هذه الحكومة، وهل هي سترعى مصالح الأمة، أو مصالح المحتل الصليبي؟!!
فالحكومة جل أفرادها يحملون الجنسية الأمريكية، ورئيسها "إياد علاوي" يحمل الجنسية البريطانية، وأقر بلسانه بأنه أحد عملاء "السي أي إيه"، وأنه يتقاضى راتبا شهريا من الحكومة الأمريكية هو والعميل "أحمد جلبي"!! فهل يعقل أن عميل "السي أي إيه" سيطلب من أسياده الأمريكان الخروج من العراق {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم:36).
وهل بلغ من الحمق حتى يطلب ذلك وهم الذين يحمونه في حله وترحاله؟!!
فالمخطط له أن تضع الحكومة الأمريكية حكومة عراقية عميلة حتى النخاع، سواء معينة، أو منتخبة بنسبة 9، 99%، كما جرت العادة في الانتخابات في الدول العربية، المهم في نهاية الأمر أن تلبي هذه الحكومة العميلة بطريقة أو أخرى مطالب ومصالح عباد الصليب الأمريكان، ثم مصالحهم الخاصة، أما الأمة، والرعية، فلا بواكي لهم، والله المستعان.
* * *
 

عودة
أعلى