تحريم الغيبة ..

الصيفي

Well-known member
قال الله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )

وقال تعالى ( ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان )

وقال الله تعالى ( ويل لكل همزة ٍ لمزة )

وقال تعالى ( ولا تطع كل حلاف ٍ مهين همازٍ مشاءٍ بنميم )

وروى ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" أتدرون مالغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هي ذكرك أخاك بما يكره ،قيل : وإن كان في أخي ما أقول ، قال :

إن كان فيه ماتقول فقد إغتبته ، وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهته
"

والبهتان أعظم من الغيبة كونه ظلم الإنسان بما ليس فيه قال الله تعالى ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما أكتسبوا فقد إحتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً )


وكون موضوعنا يتحدث عن الغيبة نتابع تعريفاتها حسب ماجاء به أهل العلم ..

قال ابن منظور : الغيبة من الإغتياب أن يتكلم خلف إنسان مستور بسوء ..

وقال النووي :الغيبة هي ذكر الإنسان في غيبته بما يكره ..

والغيبة لغةً كما بينها بعض أهل العلم هي : من الغَيْب "وهو كل ما غاب عنك " وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور حين ذكره الآخرون ..

أعلم إن الغيبة من أقبح القبائح واكثرها إنتشاراً في الناس حتى لايكاد يسلم منها إلا القليل وهي ذكرك اخاك بما يكره ولو بما فيه ،سواء اكان في دينه او بدنه او نفسه او خلقه او

خُلقه او ماله او ولده او والده او زوجته او خادمه، او عمامته او ثوبه او مشيته او حركته او بشاشته اوخلاعته ،او غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته بلفظك او بكتابك او

رمزت إليه بعينك او يدك او راسك او نحو ذلك .

اما في الدين فكقولك : سارق ،خائن، متهاون بالصلاة،متساهل في النجاسات،ليس باراً بوالديه ، قليل الأدب،لايضع الزكاةمواضعها،لايجتنب الغيبة،

وأما البدن فكقولك : أعمى ،او أعرج ،او أعمش ،او قصير ،او طويل ،او اسود،او أصفر،،

وأما غيرها فكقولك : قليل الأدب ،متهاون بالناس، لايرى لأحد عليه حقاً ، كثير النوم كثير الأكل،او كقولك فلان أبوه نجار او إسكاف او حداد ،او حائك،تريد بذلك تنقيصه او فلان

سيئ الخلق متكبر مراء مُعجب ، عجول ،جبار ونحو ذلك ،او فلان واسع الكم ،طويل الذيل ،وسخ الثوب،ونحو ذلك ...

وروي ان عايشة رضي الله عنها قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفيه كذا وكذا فقال :" لقد قلتي كلمه لو مزجت بماء البحر لمزجته"

وقال صلى الله عليه وسلم :" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ، يرفع الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يلقي لها بالا ، يهوي بها

في نار جهنم
"

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :" لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخشمون بها وجوههم وصدورهم , فقلت : من هؤلاء ياجبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم "

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة "



وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في خطبة الوداع :" إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا "


روى سعيد بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :" إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن عز وجل فمن قطعها

حرم الله عليه الجنة
"


وروى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه "


وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه :" أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، وقد

شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناتهم أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار
"


وقال معاوبة بن قرة : أفضل الناس عند الله أسلمهم صدراً ، وأقلهم غيبة ..

وقال الأحنف في خصلتين ،لا أغتاب جليسي إذا غاب عني،ولاأدخل في أمر قوم ٍ لايدخلونني فيه ..

وقال عدي بن حاتم : الغيبة مرعى اللئام ..

وقال كعب الأحبار : الغيبة تحبط العمل ...

وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يسير مع أصحابه فمر على بغل ٍ ميت قد إنتفخ ، فقال : والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خيراً من أن يأكل لحم مسلم !!!!

وقال الحسن البصري : والله للغيبة أسرع في دين المسلم من الأكلة في جسد ابن آدم ...

وقال الحسن البصري أيضاً : كنا نتحدث أن من عير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله عز وجل به .

وقيل للربيع بن خيثم : مانراك تعيبُ أحداً فقال : لست عن نفسي راضياً فأتفرغ لذم الناس وأنشد :


لنفسي أبكي لست لغيرها

................لنفسي من نفسي عن الناس ِ شاغل


وقال محمد بن حزم :اول من عمل الصابون سليمان عليه السلام،وأول من عمل السويق ذو القرنين،وأول من عمل الحيس يوسف ،وأول من عمل خبز الجرداق النمروذ، وأول

من من كتب في القراطيس الحجاج ، وأول من إغتاب إبليس لعنه الله إغتاب آدم عليه السلام ،.


وقال أبو عاصم النبيل : لا يذكر الناس بما يكرهون إلا سفلة لا دين له !

وقد أوحى الله إلى موسى عليه السلام ان المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة ،وأن أصر فهو أول من يدخل النار !!

ويقال : لاتأمن من كذّب لك ان يكذب عليك،ومن أغتاب عندك غيرك أن يغتابك عند غيرك .

وقال سفيان بن عيينة : الغيبة أشد من الدّين ، الدّين يقضى ، والغيبة لا تقضى ..

وقيل للحسن البصري : إن فلاناً إغتابك ، فأهدى إليه طبقاً من رطب ! فاتاه الرجل وقال له : أغتبتك فاهديت إلي فقال الحسن : اهديت إلي حسناتك فأردت ان أكافئك ..

وعن المبارك قال : لو كنتُ مغتاباً أحداً لأغتبت والديّ لانهما أحق بحسناتي ..

وإذا حاكا إنسانٌ إنساناً بأن يمشي مُتعارجاً ،او متطأطئاً او غير ذلك من الهيئات يريد تنقيصه بذلك فهو حرام ..

وبعض المتفقهين يعرضون بالغيبة تعريضاً تفهم به كما تفهم بالتصريح فيقال لأحدهم كيف حال فلان فيقول : الله يصلحنا ، الله يغفر لنا ، الله يصلحه ،نسأل الله العافية ،نحمد الله

الذي لم يبتلينا بالدخول على الظلمه ، نعوذ بالله من الكبر، يعافينا الله من قلة الحياء،الله يتوب علينا ، وما أشبه ذلك ما يُفهم به تنقيصه فكل ذلك غيبة محرمة ..


وكما أنه يحرم على المغتاب ذكر الغيبة ،فإنه يحرم على السامع إستماعها ، فيجب على من يستمع إنساناً يبتدئ بغيبة أن ينهاه ، إن لم يخف ضرراً ، فإن خاف وجب عليه الإنكار

بقلبه ومفارقة ذلك المجلس إن تمكن ممن مفارقته ، فإن قال بلسانه أسكت وقلبه يشتهي سماع ذلك ، قال بعض العلماء ذلك من النفاق ،،


قال الشاعر :

وسمعك صن عن سماع القبيح

............... كصون اللسان عن النطق به

فإنك عند سمــــاع القبيـــــــــح

............... شريك لقائلــــــــه فانتبــــــه

وكم أزعج الحرص من طــــــالب

............... فوافي المنية في مطلبــــــه


فحريٌ بنا احبتي في الله ان نناى بأنفسنا عن تتبع عورات المسلمين وذكرهم بما فيهم وليس فيهم ولايتأتى ذلك إلا بتقوى الله عز وجل والاستحياء منه وتدبر آيات الوعيد قال الله

تعالى ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )

ولابأس بمجاهدة النفس ومجالسة الصالحين وشغل وقت الفراغ بما يجلب النفع ويمنع المرء من ان يتعرض للآخرين بخير ٍ او بشر ،..


قال حرملة : سمعت رسول ابن وهب يقول : نذرت أني كلما إغتبت إنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم،

فنويت أني كلما إغتبت إنساناً أني أتصدق بدرهم ، فمن حب الدراهم تركت الغيبة ..


هذا مع شدة حرصهم وخوفهم وعلمهم الشديد بعواقب الأمور،كيف ونحن مُيسر لنا سُبل الغيبة والبهتان بمساعدة الوسائل الحديثة حتى لاتكاد تمر ساعة دونما يكون هناك

ذكر ٍللآخرين بخير او بشر وكأنه نهج حياة يجب ان نسير عليه،والله إننا هالكون إلا مارحم ربي إن لم نتدارك ماتبقى من أعمارنا ونتناصح فيما بيننا ونحاول نصح من ولانا الله

رعايتهم ببيان مساوئ الغيبة على الفرد والمجتمع وشدة عقابها وإنها دليلٌ على ضعف الإيمان وتتبع لعورات المسلمين فكفا بالمرء ان يشتغل في عيوب نفسه وان يعمل على

إصلاحها ..


أسأل الله ان يبعد عني وعنكم الغيبة ،وان يطهر قلوبنا ،ويزكي أنفسنا، وأن يجعلنا هداة ٍمهتدين ،غير خزايا ولامفتونين، وأن يغفر لنا ماسلف من ذنوبنا ،وان يتقبلنا في

الصالحين، إنه ولي ذلك والقادر عليه ..


هذا وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ....




من مكتبتي
 
رد: تحريم الغيبة ..

جزاك الله خير
 
رد: تحريم الغيبة ..

في ميزااااااااااااااااااان حسنااااااتك
تقديري
 
رد: تحريم الغيبة ..

نسال الله ان يطهر قلوبنا
وان يعفو عنا
بارك الله فيك اخونا الصيفي
وفي ميزان اعمالك
 
رد: تحريم الغيبة ..

بارك الله فيك
 
رد: تحريم الغيبة ..

بارك الله فيك وأثابك ونفع بك المسلمين
 

عودة
أعلى